°
, April 18, 2024 in
آخر الأخبار
عيـســـى ابــراهـيـم

“كلنا شركاء” تحاور حفيد الشيخ “صالح العلي” حول المعارضة والعلويين والساحل

10653468_650586641722920_994971056212973172_n

حاوره فادي.أ.سعد: كلنا شركاء *

” عيسى ابراهيم – حفيد الشيخ صالح العلي- محامي وسياسي من منطقة جبلة التابعة لمحافظة اللاذقية سكانها من الطائفة العلوية، مارس نشاطه السياسي في الحزب السوري القومي الاجتماعي منذ سنوات طويلة، إلى أن أصبح وكيلاً لعميد الثقافة في الحزب، لكن تأييده للثورة السورية التي انطلقت في 18 آذار 2011 دفعه للاستقاله من الحزب القومي بسبب موقف الاخير المؤيد للنظام”.

س  : استاذ عيسى يقول البعض أن على المعارضين العلمانيين في الساحل ( لاسيما الذين هم خارج سورية قسرياً ومنذ زمن طويل) أن يعترفوا بفشلهم في وعي الواقع الساحلي والتأثير فيه . سياسة الأبراج العاجية للمعارضة حولت قسم من الشباب هناك إلى شبيحة . على رؤوس المعارضة في الساحل أن تعترف بعجزها عن وعي واقع الشعب السوري والتحولات الكبرى التي حدثت منذ عام ونصف . والعجز عن وعي الواقع يؤدي ببساطة إلى اتخاذ مواقف خاطئة بالضرورة ما رأيك في المسألة أستاذ عيسى ؟

ثمن التحالف بين السلطة والتجار ورجال الدين:

ج- أحدثت السلطة تغييرات في بنية النسيج المجتمعي السوري أعاقت نموه الطبيعي, وضمّت إليها البنى الجديدة عبر مواقع مسؤولية ومنافع, مما جعل النمو الطبيعي للحياة السياسية أمر شبه مُتعذّر, المعارضون لهذه السلطة في الساحل موجودون منذ نشوئها في انقلاب 1970, وتعرض المئات منهم إلى الاعتقال والسجن لمدد تجاوز بعضها خمس وعشرين سنة ليخرجوا محرومين من مصدر عيشهم, وبعضهم خرج ليموت فقط أو خرج جثة .. وقتها دفع هؤلاء المعارضون ثمن تحالف هذا السلطة مع التجار وخاصة في دمشق وحلب ومع رجال الدين في الداخل السوري .

س: هل يمكن ان تسقط المنظومة المعقدة التي بناها النظام طوال اربع عقود في وقت قصير ؟

منظومة السلطة التي بنيت لعقود- وهي في الساحل أكثر تكثيفاً – لا يمكن لها أن تسقط بوقت قصير, أما من الناحية الوجدانية فالناس هنا أصبحت في مسار مختلف عن السلطة, وإن كانت ضرورة الحدث السوري تُقسرها – لحين – على البقاء في نفس السياق ” للناظر من بعيد ” بسبب الخوف من المجهول و من بعض خطاب غير مُتوازن .

كان من الممكن الحد من ظاهرة الشبيحة لو توفر مصدر مالي:

كثير من ” الشبيحة ” فقراء كان من الممكن منع تورطهم لو توافرت فرص عمل أو دعم, يُضاف إليهم مجرمون خرجوا بموجب مراسيم عفو … وهم بالأصل جميعاً موجودون لمنع أي حراك داخل الساحل ويقومون بعمليات خطف وقتل وترهيب وترويع لسكان الساحل .

توريط الشباب الساحلي عبر الحاجة:

تم توريط الناس ورهنهم بالحاجة وبموت أقربائهم الذين كانوا يؤدون عملهم الوظيفي في الجيش . وبالتوازي ليس لدى المعارضة في الساحل إمكانية لتأمين حاجات الناس لبلورة هذا الوعي وأخذه باتجاه عملي يخدم الثورة السورية.

لماذا استعان بمليشيات غير سورية ؟

انتظرنا كسوريين عقوداً لتشكّل الوعي المجتمعي تجاه هذه السلطة غير الشرعية, فلا بأس – بالمعنى التاريخي  – أن نتأخر قليلاً هنا لتحويل هذا الوعي لموقف وفعل, والسلطة تُدرك ذلك وأخذت تتلمس خطورته عليها فبدأت تستعين بميليشيا من خارج الحدود . .

الوعي الآن في الساحل السوري مختلف عما مضى, و دور المعارضين في الساحل ذا أثر مهم في ذلك ولو كان دوراً بطيئاً . . بالأرجح لضعف الخبرة بإدارة الشأن المجتمعي العام, عند المعارضة السورية وكذا المعارضة في الساحل, وهي الآن تقوم ببناء تجربتها ولكن بثمن كبير ووقت طويل بسبب ظرف موضوعي لا يمكن تجاوزه دون الوقت والجهد اللائقين به .

هل من معارضة علوية في الساحل ؟

استاذ عيسى يرى البعض انه لا توجد معارضة في الساحل كما هو الحال في سورية، بل يوجد معارضين وهم معزولون عن وسطهم الاجتماعي بفعل عملية التطويق الأمني والعزل الاجتماعي، مع ذلك كان هناك فرصة بعد سنة ألفين في خرق ما للمجتمع، ومع بداية الثورة كان هناك فرصة في فهم الثورة كما هي وفي إفهام المجتمع الساحلي بالتالي حقيقة الثورة، لكن العطب هذه المرة كان في هؤلاء “الرؤساء” . نظرتهم كانت سطحية تماماً غاب عنهم منطق التاريخ وحركة الأعماق كونهم مستلبين من ثقافة حزبية جامدة، فما رأيك أستاذ عيسى ؟

“غيب” سياسي وغياب سياسي:

ج –  المعارضة السورية- بالأعم الأغلب – هي معارضة قائمة على أفراد  والساحل من ضمن ذلك, ولهذا الأمر أسبابه القائمة على  أن هذه السلطة  قامت خلال خمسة عقود بإعاقة النمو الطبيعي للمجتمع عبر شعارات كبيرة غير قابلة للقياس وغير ممسوكة, شكّلت جزء من غيب سياسي عُلّق به السوريين, ومارست ” حياة سياسية ” قائمة على الولاء,

وحدة وطنية مصطنعة أدت الى تفتيت المجتمع:  

استخدمت السلطة التنوع السوري  الديني  والأثني  لتشكيل  ” وحدة وطنية  ” غير حقيقية بل هي وحدة منتفعين  متنوعين يجمعهم الولاء للسلطة ولا شيء غير ذلك – بالأعم الأغلب – حيث لا مسؤولية أخلاقية عند هولاء المنتفعون  – ساهم ذلك بتفتيت المجتمع وخلق الريبة بين فئاته المتنوعة حتى داخل المذهب أو الطائفة الواحدة أو الأثنية الواحدة, وهو أمر انعكس على  واقع المعارضة التي بقيت عبر أفراد سوريين كُثر قدموا حياتهم وجهدهم  وتعبهم  من أجل  ارتقاء المجتمع  السوري  نحو مستوى لائق بالحياة السياسية

كيف تحكم النظام بالعمل السياسي و”بالمعارضة” المسموح بها ؟

ومن ضمن هؤلاء  المعارضون في الساحل السوري منحدرون من أحزاب وقوى سياسية  بعثية أو قومية أو ماركسية أو شيوعية  تم  تدجينها – كبنى حزبية  من قبل السلطة عبر  تجفيف مصادر  نموها ( من أطر عمل هيكلية أو  مناخ  عمل أو مال حتى يمكن لهذه البنى الحزبية ممارسة عملها ) وربطت  مسؤولية هذه الأحزاب  بها وبعجلة السلطة, ومدَّتهم بفتات المال  والحيّز المخنوق للعمل, وبالتالي استلاب  العمل الحزبي  العام كفعالية مجتمعة ضامنة , …. من استطاع الخروج من هذه الشرانق الحزبية  وأخذ على عاتقة العمل المعارض أصبح بالمآل معزولاّ بحكم  وضعه في خارج السياق المسموح به من قبل السلطة  مضافا إليه  الثقافة  السائدة في سوريا والتي هي تكريس ممنهج من هذه السلطة والمتجلية  بسيطرة عقلية عبادة الفرد وبالتالي النزوع الفردي, وهو ما  سميتموه  أستاذ فادي ذهنية  ” الرؤساء  ” داخل رأس بعض المعارضين .

إمكانية العمل في الساحل مدمرة بشكل شبه نهائي:

في الساحل  كل شي ممسوك وبقبضة  حديدية  وكل أمر يمكن أن يُشكل  إمكانية ما للعمل مُدَّمر بشكل شبه نهائي، وبالتالي من الصعوبة بمكان  الانتصار السريع  في تحويل قناعات الناس, فكيف  إذا كان المعارضون هنا – بالأعم  الأغلب – غير منتبهين بالقدر الممكن التعويل عليه للتحولات الكبيرة في الذهن المجتمعي المتنامي, وغير مدركين بنفس القدر لمنطق الصيرورة التاريخية, وحركة عمق المجتمع الناتجة عن عقلية حزبية مُنع عنها هواء الحياة الطبيعية السياسية  , ومضاف إليها  ظروف هولاء المعارضين  الذين  قدموا تضحيات باهظة جراء معارضتهم للسلطة  من وقت  وجهد  بل وحياة  كاملة  ووضعهم المعيشي  الهش, ووضع الناس هنا المربطون كأجراء  لدى ” الدولة – الإقطاعي الجديد  ” حيث الذي يدفع – ولو لقمة العيش  الضئيلة لسد الرمق-  يأمر, بل  ويمكن الموت  في سبيل ذلك  وفق مناخ كامل  من بروبغاندا إعلامية هائلة  تطن بأذن المواطن  وتريه بعينه  طيلة خمسة عقود  ؟

معارضة الداخل انعكاس للسلطة:

قد يبدو المشهد للوهلة الأولى في الداخل السوري مختلف, من حيث وجود معارضين  ومعارضة,.. أميل للاعتقاد أنه ليس مختلف بالكثير بل أن معارضة الداخل  أيضاً هي معارضة أفراد  وكلا المعارضتين انعكاس للسلطة فهذه السلطة  أفراد أيضاً وليست دولة بالمعنى الحقوقي والسياسي لمفهوم الدولة, أما إذا كنا نقصد وجود  جمهور قام بالتظاهر فأميل للاعتقاد أن  الخروج  في التظاهرات  ليس وفق نفس البرنامج الذي يتبناه معارضوا  الداخل  بل لكل متظاهر “مناخه”  الذي خرج تبعاً له  و إن كان يأخذ لدى النظر من بعيد  بُعداً  مشتركاً مع المعارضين في الداخل,

العامل الديني لعب دور في تجميع الناس:

وهناك العامل الديني  الذي لعب دور  في تجميع الناس, وهو شأن لا يقلل من فضل وأهمية  هذه التظاهرات  بل يوضح حجم الخراب المجتمعي الذي اشتغلت عليه هذه السلطة  خلال عقود  والذي بدأ  يظهر عند فتح هذا  ” الكيس  الأسود  ”  بواسطة الثورة السورية الحالية . . .

 المصدر :http://www.all4syria.info/

*   مقتطف من حوار كامل جرى في 2013