°
, March 29, 2024 in
آخر الأخبار
تفاصيل

سنة وشيعة.. العشق الممنوع

ديانا مقلد

قبل عامين تقريبا احتفينا في لبنان بشابين لبنانيين هما (نضال درويش وخلود سكرية) لأنهما تزوجا مدنيا هنا في البلد فلم يسافرا إلى قبرص أو أي مكان أوروبي وارتبطا في بيروت متجاوزين تباين مذاهبهما (سنة وشيعة)، فكانا أول حالة زواج مدني في تاريخ لبنان.

أتاح إمكانية عقد ذلك الزواج قاض منفتح فاجتهد وعقد قران نضال وخلود متحديا قوانين الأحوال الشخصية اللبنانية التي تكرس سطوة الطوائف والمذاهب على حياة اللبنانيين.. وضع هذا الزواج دوائر وزارة الداخلية والمحاكم الروحية أمام مأزق مخافة أن يتكرَّس مبدأ الزواج المدني، فتخسر الطوائف في لبنان موقعها وقدرتها على التحكم في حياة أفرادها وضبط خياراتهم في الخروج بقرارتهم الشخصية والعاطفية عن سلطتها.

يبدو أننا وبعد عامين من تلك البارقة نعود لنعيش انتكاسة في تجاوز المذاهب. فاليوم في لبنان نعيش مأساة محزنة حيال معنى التوتر المذهبي الحاصل وانعكاس ذلك على حياة الأفراد والأسر بحيث بات نموذج خلود ونضال نموذجا خجولا أمام الانفعالات الكبرى التي تعتمل داخل الجماعات المحتقنة في المجتمع اللبناني.

فها هي رنا الفليطي وهي شابة سنية من بلدة عرسال تعجز عن حضور جنازة زوجها الشيعي الجندي علي البزال الذي أعدمته جبهة النصرة الأسبوع الماضي. نقل الإعلام اللبناني احتقانا مذهبيا كبيرا أصابت سهامه علاقة الحب التي جمعت بين رنا وعلي والتي أثمرت طفلة صغيرة.

فمأساة أسر على مع جنود لبنانيين آخرين من قبل مجرمي جبهة النصرة حولت علاقة الزوجين رغما عنهما إلى صراع طوائف. فرنا تنتمي الى قرية عرسال التي يتهمها اهالي قرية الجندي الضحية علي وهي قرية البزالية بانها تدعم جبهة النصرة. هذا الواقع جرد الزوجين من خصوصيتهما ومن خيارهما الشـخصي بالحب والارتباط وتحولا إلى هدف في معركة الطوائف الكبرى التي نعيشها في لبنان وفي هذا الجحيم العربي الكبير.

رنا التي حاولت إنقاذ زوجها، سبق وأن رأيناها في الأسابيع الماضية تذهب إلى الجرود، حيث الخاطفين لترى زوجها وتفاوض عليه. هاجمت رنا حزب الله محاولة تجنيب زوجها غضب موتوري النصرة وبالتالي موته لكنها لم تفلح، بل ظهر من يتهمها بأن عائلتها تدعم الجبهة الارهابية.. قالت حينها رنا إنها ستفعل أي شيء لتجنب علي الموت الذي هددت به مرارا جبهة النصرة لكن جهودها لم تحفظ حياة علي للأسف، وأقدمت الجبهة المجرمة على قتله فيتمت طفلته وأشعلت نارا من الحزن والحقد والكراهية.

لقد قتل علي ومنعت رنا بفعل الشحن الطائفي من حضور جنازته فيما طفلتهما الصغيرة تعيش على وقع الاحتقان المذهبي فتتردد أنباء عن منعها من الالتحاق بامها..

باتت الحسابات واضحة وحاسمة.. انتم سنة يعني أنتم نصرة وأنتم شيعة فأنتم حزب الله..لا شيء آخر..

 في كل احتقان أهلي تعلو مؤشرات الصدام الاجتماعي. وفي لبنان يجري الهمس دون الإعلان صراحة عن انخفاض معدلات الزواج المختلط، وربما ارتفاع نسب الطلاق في هذا النوع من الزواج .إن صح ذلك فهذا يعني أن التوتر  الطائفي وصل إلى عمق العلاقات الاجتماعية.

تقول رنا إنها حين أحبت علي لم تفكر هي واياه بالطوائف والاختلافات، فقد كان الحب والعشق بينهما مذللا لحساسيات المحيط والأهل. ولعلنا إذا بقينا على هذا الحال من الحقن والاقتتال فستصبح حكاية من نوع العشق الذي جمع علي ورنا ليس سوى غراما ممنوعا لا مكان له في جبهات الحقد المفتوحة.

المصدر :http://dotmsr.com