°
, December 7, 2024 in
آخر الأخبار
الشــيخ صالح العلي

تفاصيل وأحداث مجهولة عن الشيخ صالح العلي والثورة السورية 1918 رَفَضَ الدولة العلوّية فهدموا بيته وقتلوا أولاده

أجرى الحوار فادي . أ . سعد

حفيد الشيخ صالح العلي المحامي عيسى ابراهيم، يتحدث عن تفاصيل وأحداث مجهولة في تاريخ جده والثورة السورية الأولى 1918 ضد الفرنسيين. بداية من مؤتمر الشيخ بدر والحرب على الثورة، ومحاولات فرنسا شق الصف الوطني ودعم انصارها الانفصاليين في الساحل. كما يتطرق إلى وثيقة مجهولة ترفض الدولة العلوية والانفصال عن سوريا كتبها الشيخ صالح، ولماذا اعتبر البعض ومنهم رجال دين، ثورة العلي خروجاً على ولي الأمر الفرنسي، واعتبروه «قاطع طريق»، إضافة إلى حديثه عن اشتباكات بين علويين انفصاليين وعلويين وحدويين، وما هي نظرة ديغول للعلويين، وموقف صالح من العثمانيين، وكيف هدم «البعث» بيته، وقتل كل أولاده الذكور بالسم وحاولوا قتل زوجته. وماذا قال عن السنة السوريين، وماذا جرى في لقاء الرئيس شكري القوتلي؟ كما تحدث ابراهيم عن علاقة جده بالسياسيين السوريين أمثال هاشم الأتاسي، وكذلك الملك فيصل. ولماذا رفض عرض ديغول له بتولي رئاسة الدولة السورية، وكيف تم اغتياله في النهاية، اضافة الى تفاصيل أخرى غير معروفة عموماً عن تاريخ الثورة وسوريا والساحل السوري والعلويين.

الآتي نص الحوار:

[ يتهم بعضهم الشيخ صالح بأنه لم يقد ثورة…

ـ في الأغلب الأعم لا يوجد في سوريا منهج علمي في تناول التاريخ بما في ذلك فترة الاحتلالين العثماني والفرنسي، ففي هاتين الفترتين نشأ في سوريا استقطاب سياسي وعسكري على خلفية الموقف من الاحتلالين. وهو استقطاب عابر للمكونات السورية الدينية والإثنية، شمل العدد الاقل من السوريين لجهة الفاعلية، وبقي العدد الأكبر من السوريين في منأى عن هذا الاستقطاب في ظل الجمود التاريخي المغلف بعناوين متعددة، منها ما هو مصلحي بالمعنى الضيق للكلمة، ومنها ما هو عميق في النفس.

[ مؤتمر الشيخ بدر في كانون الأول 1918 يؤكد ان الساحل جزء من سوريا..

ـ حيث لا توثيق ولا منهج علمياً في تناول ما جرى ابتداء من سنة 1918، فقد كان مصدر المعلومة الاساس خليطاً غير متجانس من الأسطرة والطهرانية والشيطنة والريبة وسوء الظن والتربص وذهنية المؤامرة المدبرة لكل الأحداث أو الشخصيات الفاعلة، ويتضمن ذلك الشائعات والأكاذيب والتهم وكل تداعيات الاصطفاف السياسي. ولا يشذ عن تلك القاعدة تناول تجربة جدي الشيخ صالح العلي الإنسانية، على خلفية موقفه من الاحتلالين العثماني والفرنسي وصراعه معهما. فما ان انتهى صراعه ضد العثمانيين حتى دخل الفرنسيون الساحل السوري، فدعا الشيخ صالح الى مؤتمر الشيخ بدر الذي انعقد في 15 كانون الأول 1918، وضم شخصيات من مختلف مناطق الجبل والساحل السوري ومن مختلف المكونات، ولعل أبرز المبادرين ـ ككتلة بشرية ـ للاجتماع من اجل الثورة، كان سنة قرية قلعة الخوابي وزمرين بالقرب من بلدة الشيخ بدر، الامر الذي يفسر ان يقوم المجاهد عبد الرزاق المحمود من قلعة الخوابي، بكتابة محضر هذا الاجتماع الذي استمر ثلاثة ايام ونتج عنه عدة مقررات من أهمها: اعلان ان الجبل والساحل السوري جزء لا يتجزأ من سوريا الداخلية؛ ارسال وفد الى دمشق من اجل البدء بالتنسيق مع الحكومة الوطنية، انتخاب الشيخ صالح العلي لقيادة الثورة السورية الاولى.

ثورة الشيخ صالح

[ ماذا عن الاصطفاف العسكري بين ثورة صالح العلي والفرنسيين..

ـ إثر ذلك بدأ صراع عسكري مع الفرنسيين استمر بقيادة الشيخ صالح ثلاث سنوات ونصف السنة، وحصل في هذا الصراع اصطفاف عسكري ايضا لمصلحة الشيخ وثورته. وكان الى جانب فرنسا اصطفاف عسكري شمل افرادا من مجمل مكونات المجتمع السوري بالجبل والساحل. فقد ايد وقاتل مع الفرنسيين رجال دين وشخصيات وبنى اجتماعية من مختلف الطوائف والمذاهب، بمن فيهم علويون وبعضهم من اقرباء الشيخ. ووقف مع الشيخ وثورته ايضا شخصيات من مختلف المشارب الدينية والمناطقية، ووجد الشيخ صعوبة بالغة في اقناع الناس في الجبل والساحل، الخارجين تواً من قهر وتسلط عثماني، بان «المستجير بالفرنسيين هرباً من العثمانيين، كالمستجير من الرمضاء بالنار».

[ سوريون من كل الطوائف ساعدوا فرنسا في محاربة ثورة الشيخ صالح العلي..

ـ بعض قادة القوات الفرنسية وكذلك عدد كبير من الجنود الذين يساعدون الفرنسيين ضد الثورة السورية الأولى، كانوا سوريين من كافة الطوائف، كما كان هناك من دول الجوار. فمثلاً الحملة التي ارسلها الفرنسيون للهجوم على بلدة قدموس، هاجمت الثوار فيها وكان في صفوف هذه الحملة سوريون ومن دول الجوار وأفارقة وسواهم.

[ ماذا عن اسباب قرار الشيخ عقد تسوية مع الفرنسيين، وهل صحيح انهم عرضوا عليه اعلان دولة علوية يكون هو رئيسها؟

ـ عندما انتهى هذا التناقض بين القوى الاستعمارية باتفاق تقاسم نفوذ ومصالح وقطع اي دعم عن الثورة، اضافة لحرق القرى والبلدات الداعمة لها وقصفها بالطيران وحرق البيادر والمحاصيل الزراعية ورمي موالي الثورة او من يشك بأمرهم، احياء من اعلى البرج الابيض في صافيتا، اصبح عبء الثورة على المواطنين اكثر من قدرتهم على التحمل بسبب اختلال ميزان القوى. وانفضاض الناس من حول الشيخ جراء ذلك وصدور حكم بإعدام الشيخ. واصبحت الخسائر المتنوعة اكثر من النتائج المأمولة. وحقناً للدماء، وحفاظاً على الممتلكات العامة، جرت تسوية سياسية مع الفرنسيين وخضع الشيخ لما يشبه الاقامة الجبرية في بيته بالشيخ بدر. بعد ان عرض عليه الفرنسيون قيادة «دولة العلويين» ورفض ذلك في مقر الحاكم في اللاذقية. ثم شكلت حكومة «اللاتقية» وضم المجلس التمثيلي فيها شخصيات تنوعت بنسبة الجماعة التي ينتمي اليها هؤلاء ومن مختلف الطوائف كما هو واضح من اسماء الشخصيات وخلفياتها خلافا لما يعممه البعض من انها بلون طائفي واحد.

[ ماذا عن لقاء صالح العلي مع الأتاسي والقوتلي في حوران؟

ـ بعدها، في عام 1925 حضر الشيخ اجتماعا ضمه مع هاشم الأتاسي وشكري القوتلي ورشيد طليع وغيرهم من الشخصيات الوطنية السورية في حوران. حيث اتفق على دعم ثورة المجاهد سلطان باشا الأطرش من قبل المجتمعين. وهو المجاهد الرافض لقيام الدولة الدرزية ولتقسيم سوريا. الى ان استنزفت ثورة الأطرش وانتهت في اواخر العام 1926، وبدأت تسوية سياسية بين القوى الفاعلة السورية وبين الفرنسيين، وبدأت مرحلة الصراع السياسي بين الجانبين، وانخرط الشيخ بهذا الصراع ايضاً، الى جانب الشخصيات السياسية الأخرى خصوصاً في الكتلة الوطنية، من بينهم المجاهد الزعيم ابراهيم قائد ثورة الشمال السوري الذي تعاون معه سابقاً بثورته، كما المجاهد عمر البيطار قائد ثورة جبل صهيون والرئيس هاشم الأتاسي والرئيس شكري القوتلي والسياسي السوري فارس الخوري والمجاهد رشيد طليع والسياسي السوري عبدالرحمن الشهبندر وغيرهم.

معارضة الدولة العلوية

[ ما هي وثيقة الشيخ صالح المعارضة لدولة علوية وللانفصال عن سوريا؟

ـ تُوّج النشاط السياسي للشيخ صالح بالوثيقة الاتحادية الشهيرة التي أرسلها الشيخ بالتنسيق مع الوفد السوري المفاوض إلى مؤتمر باريس مع الحكومة الفرنسية. وتضمنت الوثيقة تواقيع شخصيات وفعاليات من الجبل والساحل السوري بمواجهة وثيقة الانفصال التي وقعها الراغبون بالانفصال عن سوريا، وهم من مُختلف الطوائف. وسبقت وأعقبت ذلك اشتباكات مُسلحة بين طرفي الوحدة والانفصال خلّفت خسائر، كانت فرنسا والدول الفاعلة الأخرى حاضرة وبقوة فيها. ومشروع الانفصال حينها كان جاهزاً ابتداء من أسماء مرشحي المسؤوليات العامة ومسؤولي السلطات الثلاث بالدولة المرتقبة، إلى سجلات النفوس والسجلات العقارية والطوابع التي طبعت باسم الدولة.

[ هل صحيح أن الجنرال غورو التقى وجهاء ورجال دين من الساحل؟

ـ الجنرال غورو اجتمع برجال الدين بالجبل والساحل ومن كل الطوائف، ومن بين الاجتماعات لقاء موقع «جوفين الأرز» قرب بلدة الدالية في قضاء جبله، حيث أصدر المشائخ المجتمعون بعد الغداء على طاولة غورو، بياناً اعتبروا فيه أن فرنسا هي الأم الحنون للسوريين عامة وللعلويين خاصة، وهي التي ستحميهم من العثمانيين، وأن الدولة الفرنسية هي بمنزلة «ولي الأمر» وأن الشيخ صالح بحربه هذه يخرج على ولي الأمر. وصدرت فتوى منهم باعتباره «قاطع طريق»، وبعض المشائخ أفتى بسبه بالأعياد الدينية لأنه ضد «الدولة»، كما قامت فرنسا ابتداء من دخول سوريا بمنح المتحالفين معها مزايا بالإدارات العامة وقطع الشجر واقطاعات من الأراضي والوكالات والبعثات العلمية لأبنائهم والدعم المالي لرجال دين ووجهاء وكثير من المزايا الأخرى.

[ كيف جرى التعامل مع الشيخ صالح من قبل الفرنسيين والبعث؟

ـ تعرض الشيخ صالح أثناء ثورته ضد العثمانيين لعمليات عدة للقبض عليه أو قتله، وصودرت ممتلكاته ومكتبته من قبل الدرك العثماني وأحرق منزله مرات عدة. وكذلك في ثورته ضد الفرنسيين حُرق بيته وحُرقت ممتلكاته مرات عدة، وتعرض لعمليات عدة لإلقاء القبض عليه حياً ومحاولات لاغتياله بالسم وبالسلاح. كما تعرضت زوجته حبابة للسم وهي حبلى بتوأم ونجت من الموت المحتّم بعد إجهاضها في مشفى الدكتور عبداللطيف البيسار صديق الشيخ صالح في طرابلس الشام، ومات التوأمان وأنقذت حياتها، وبقيت مُنهكة حتى توفيت. كما سممت زوجته فضة التي نجت من الموت ولم ينج أطفالها السبعة الآخرون، وآخرهم ابنه علي الذي تم خنقه بُعيد ولادته في منزل الشيخ صالح في الأندروسة الشيخ بدر. أما المنزل الحجر الذي أهداه الشيخ صالح للدولة السورية ليكون مقراً للبلدية والشرطة، قامت حكومة البعث لاحقاً بهدمه وبناء مقر مديرية المنطقة الحالية فيه. وكانت فاطمة ابنته البكر من زوجته فضة، قد قُتلت بالسم وهي بعمر قرابة الـ12 عاماً في عام 1927، ولم يبق لزوجته هذه من الأطفال إلا حفيظة. وفي سنة 1927 خرج الشيخ صالح من بيروت بحراً إلى مدينة جنوى الإيطالية وعاد من هناك بعد تلقيه تحذيراً من أصدقائه بأن الباخرة التي تُقلّه إلى أميركا الجنوبية ستمر بميناء مرسيليا الفرنسي، وهناك قد يتعرض للاعتقال من قبل السلطات الفرنسية لوجود ادعاء عليه بالتسبب بمقتل جنود فرنسيين في سوريا. وبسبب ذلك لم يستطع تلبية دعوة الجالية السورية في الارجنتين وأقفل راجعاً إلى سوريا.

[ ما هي تفاصيل اللقاء بين ديغول والشيخ صالح؟

ـ عندما التقى الشيخ صالح الجنرال ديغول عقب بدء الحرب العالمية الثانية في قصر بيت تحوف في بانياس الساحل في أواخر 1939، (هناك مصادر تؤكد أن اللقاء جرى سنة 1941)، أبدى ديغول قلقه من محاولة تركيا الحليفة السابقة لألمانيا استغلال الطائفة السنية لمصلحتها في سوريا، معتبراً أن المسلمين العلويين هم ضمانة استمرار وضع ديموقراطي في سوريا، وأن الشيخ صالح هو الأقدر على قيادة هذه الخطة ورئاسة الدولة السورية الجديدة في حال انتصر الحلفاء على خصومهم. رفض الشيخ العرض الفرنسي معتبراً أن وعي السنة الوطني هو الذي ساهم في تحرير سوريا من العثمانيين بعد أن تبيّن لهم استغلال هؤلاء لهم بادعائهم تبني الإسلام السني واعتمادهم المذهب الحنفي، وأن قتالهم مع الثورة السورية الأولى أو ثورة الشمال السوري بقيادة الزعيم هنانو أو المجاهد عمر البيطار أو المجاهد حسن الخرّاط أو المجاهد أحمد مريود، كان استمراراً لهذا الوعي الوطني. من هنا، الخلفية الوطنية لقتالهم ضد الفرنسيين وليس الخلفية الدينية. وقال الشيخ كلمته الشهيرة بعما لاحظ محاولة تهميش السنة «إذا كان المستهدف هم السنة في سوريا فكلنا سنة».

[ ماذا جرى في لقاء الرئيس شكري القوتلي والشيخ صالح العلي؟

ـ عندما استقلت سوريا في 1943 وانتخب شكري القوتلي رئيساً للجمهورية السورية، قام هذا الأخير، عقب فوزه، بزيارة للشيخ صالح الذي استضافه على طاولة الغداء في منطقة نبع عين بحسان بجانب بيت الشيخ في مزرعة بيت النبع قرية كاف الجاع. ودار الحديث عن الإصلاح الزراعي واستصلاح أراضي الغابات، واستصلاح أراضي الدولة المتروكة البائرة وتوزيعها على الناس. وشارك الشيخ أثناء ذلك بالحياة السياسية عبر دعمه كتلة برلمانية في الجبل والساحل السوري من ضمنها البرلماني السوري المعروف المرحوم الدكتور عبداللطيف اليونس. وفي العام 1945، أصدر رئيس الجمهورية، القوتلي، مرسوماً قلّد بموجبه الشيخ صالح العلي وسام الشرف السوري من الدرجة الأولى «وسام الاستحقاق السوري»، «تقديراً للخدمات الجُلى» التي قدمها للجمهورية السورية، واقترح القوتلي أن يتم حفل رسمي لذلك حُدد موعده في 27 نيسان 1945.

بين الانفصاليين والوحدويين

[ كيف كان الصراع بين الانفصاليين والوحدويين في الساحل؟

ـ في لقاء الرئيس القوتلي بالشيخ صالح، قال القوتلي أن وحدة الأمة السورية والجمهورية السورية في خطر، بعد زيادة نشاط أنصار الانفصال في الجبل والساحل السوري، وتذرع هؤلاء بتقصير الجمهورية الوليدة عن القيام بمهامها، بسبب فراغ الخزينة العامة وانعكاس ذلك على ضعف تقديم الخدمات العامة. وأضاف القوتلي «أن هؤلاء الانفصاليين يتلقون دعماً من بعض أعضاء الحكومة الفرنسية وشخصيات أوروبية أخرى، ومن حكومة تركيا، والخشية كل الخشية أن الناس هنا بسبب وضع الحكومة قد ينساقون لدعاوى كهذه معتبراً ما جرى مؤشراً خطيراً على هذا التحول، وأن حفل تقليد الشيخ وسام الاستحقاق سيكون استقطاباً واستنهاضاً لهمم أنصار الوحدة السورية وإعلان قوة وتعبئة لدعم الجمهورية. وهدد انفصاليون علويون الشيخ صالح بالقتل في حال قبل الوسام من الرئيس القوتلي.

ووافق الشيخ على التكريم تبعاً لتوضيحات القوتلي. إثر ذلك تلقى تهديداً بالقتل في حال حضر الاحتفال. وتعرض للتسميم بالقهوة عبر أحد المنخرطين معه بالعمل، نجا منه بعد علاج لم يشفِ كل آثار السم. لكن الاحتفال تم، وتم تقليد الشيخ «وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الأولى» بحضور رسمي سوري وشخصيات من دول عربية، وحضور شعبي كثيف لأنصار الوحدة السورية.

[ ماذا دار بين الشيخ صالح ووجهاء الجبل والساحل الذين هنأوه بجلاء الفرنسيين؟

ـ بادروه بالقول: «لقد فهمنا رفضك سابقاً للدولة العلوية، ولكننا لم نفهم رفضك عرض ديغول بتسلم الدولة السورية، خصوصاً وأنت ترى وضع العلويين الآن وفقرهم». أجاب: «في ظل وعي سياسي غير كاف فالأغلبية ستكون دينية لا سياسية. إن أي أقلية دينية أو عنصرية أو حزبية لن تتمكن من قيادة سوريا، باعتبارها لا تمثل غالبية من مجموع السوريين. وبالتالي لن تستطيع النهوض بسوريا، وفي حال تم ذلك حكم الأقلية فإن استمرارها رهنٌ بالدعم من قوى خارجية، ما يُضعف هذه الأقلية ويُضعف بقية السوريين، ويضعها في مواجهة الأكثرية، ويجعل سوريا مرهونة للخارج وفي حالة ضعف وتداع«. وبعد ذلك بقي الشيخ في منزله يعاني بعض آثار السم ثم أصابه مرض القلب. عُولج ابتداء من الشهر الاول للعام 1950 في مستشفى «أوتيل ديو» في بيروت، ومن ثم في المشفى «الأهلي» في طرابلس الشام، ليعود إلى طرطوس في بيت قريبه الشيخ محمود الحامد. وأرسل إليه الرئيس هاشم الأتاسي الطبيب الألماني كارل كورت الذي شخّص مرضه باحتقان رئوي حاد يسبب ضعف قلبه. ودار حديث ودي بين الشيخ وطبيبه الألماني تناول في جانب منه خطورة إعلان دولة إسرائيل. وتوفي الشيخ في 13 نيسان 1950. وكانت حالته الصحية قد تدهورت إثر دس السم له.

نوافذ
المصدر : http://www.almustaqbal.com

الرابط :

http://www.almustaqbal.com/v4/article.aspx?Type=NP&ArticleID=651736

النص الأصلي للحوار كاملاً :

تاريخ مجهول عن سورية والعلويين أثناء ثورة الشيخ صالح العلي

حفيد الشيخ صالح العلي المحامي الاستاذ عيسى ابراهيم يتحدث عن تفاصيل واحداث مجهولة في تاريخ الشيخ صالح العلي والثورة السورية الاولى 1918 ضد الفرنسيين  بداية من مؤتمر الشيخ بدر والحرب على الثورة ومحاولات فرنسا لشق الصف الوطني ودعم انصارها الانفصاليين في الساحل، كما يتحدث الاستاذ عيسى ابراهيم عن وثيقة مجهولة ترفض الدولة العلوية والانفصال عن سورية كتبها الشيخ صالح ،ولماذا اعتبر البعض ومنهم رجال دين ثورة الشيخ صالح العلي خروج عن ولي الامر الفرنسي واعتبروه “قاطع طريق”، إضافة للحديث عن اشتباكات بين علويين انفصاليين وعلويين وحدويين، وماهي نظرة ديغول للعلويين، وعن موقف الشيخ صالح من العثمانيين، وكيف هدم البعث بيته، وكيف تم قتل كل اولاده الذكور بالسم وحاولوا قتل زوجته، وماذا قال الشيخ صالح عن السنة السوريين، وماذا جرى في لقاء الرئيس شكري القوتلي مع الشيخ، كما تحدث الاستاذ عيسى ابراهيم حفيد الشيخ صالح العلي عن علاقة جده الشيخ صالح مع السياسيين السوريين امثال هاشم الاتاسي وكذلك مع الملك فيصل، ولماذا رفض الشيخ صالح العلي عرض  ديغول له لرئاسة الدولة السورية،  وكيف تم اغتيال الشيخ في النهاية وتفاصيل اخرى غير معروفة عموما من تاريخ الثورة وسورية والساحل السوري والعلويين …         

أحييك استاذ عيسى ابراهيم …

 السؤال الأول هو عن هجوم يتعرض له المغفور له جدكم الشيخ صالح العلي والثورة السورية الاولى سنة 1918 التي أطلقها الشيخ صالح ضد الفرنسيين .

لخلفيات متعددة لكن بالمجمل لأسباب غير منصفة وغير منطقية يتهم البعض الشيخ صالح بأنه لم يقد ثورة ؟؟؟؟ هذا الانكار المجحف بحق التاريخ السوري وبحق قامة كبيرة كمثل الشيخ صالح في تاريخ العلويين … وراءه ما يريب بلا شك ؟؟؟

أستاذ عيسى ابراهيم وأنت حفيد الشيخ صالح العلي وباحث ومفكر سوري ماردك على هؤلاء وماذا تقول بهذا الشأن ؟

جواب الاستاذ المحامي عيسى ابراهيم:

في الأغلب الأعم لا يوجد في سوريا منهج علمي في تناول التاريخ بما في ذلك فترة الاحتلالين العثماني والفرنسي ففي هاتين الفترتين نشأ في سوريا استقطاب سياسي وعسكري على خلفية الموقف من الاحتلالين

وهو استقطاب عابر للمكونات السورية الدينية والإثنية , استقطاب شمل العدد الأقل من السوريين لجهة الفاعلية , وبقي العدد الأكبر من السوريين في منأى عن هذا الاستقطاب في ظل العطالة التاريخية المُغلفة بعناوين مُتعددة, منها ما هو مصلحي بالمعنى الضيق للكلمة, ومنها ما هو عميق في النفس, عِمَادُهُ الثقافة الغيبية التي تعتقد أن كل ما في الحياة مُقرر لا مفر منه والعيش مرور مؤقت مكتوب فانٍ ,حياة مرذولة يجب التخلص منها الى الحياة الأبدية حيث العدالة الإلهية , غير عابئين بـ ” أن تنصروا الله ينصركم” … وهؤلاء عادة يخضغون للأقوى الغالب ويُعَمِمُون دعواه …

2

مؤتمر الشيخ بدر كانون أول 1918 يؤكد أن الساحل جزء من سورية:

وحيث لا توثيق ولا منهج علمي في تناول ما جرى ابتداءً من سنة 1918 فقد كان مصدر المعلومة الأساس خليط غير متجانس من الأسطرة و الطهرانية والشيطنة والريبة وسوء الظن والتربص و ذهنية المؤامرة المُدبرة لكل الأحداث أو الشخصيات الفاعلة , مُتضمِّناً ذلك الشائعات والأكاذيب والتهم وكل تداعيات الإصطفاف السياسي وما يقتضيه ” الإنتصار ” بين طرفيه ,ولا يَشْذّ عن تلك القاعدة تناول تجربة جدي الشيخ صالح العلي الإنسانية , على خلفية موقفه من الاحتلالين العثماني والإفرنسي وصراعه معهما , فما إن انتهى صراعه مع العثمانيين حتى دخل الإفرنسيين الساحل السوري فدعى الشيخ صالح العلي الى مؤتمر الشيخ بدر الذي انعقد في 15 كانون أول 1918 ضامّاً شخصيات مجتمعية من مختلف مناطق الجبل والساحل السوري ومن مختلف المكونات , ولعل أبرز المبادرين – ككتلة بشرية- للإجتماع من أجل الثورة كان سنة قرية قلعة الخوابي وزمرين …جانب بلدة الشيخ بدر وهو الأمر الذي يُفسر أن يقوم المجاهد عبد الرزاق المحمود من قلعة الخوابي بكتابة محضر هذا الاجتماع الذي استمر ثلاثة أيام ونتج عنه عدة مقرارات من أهمها:1- إعلان أن الجبل والساحل السوري جزء لا يتجزأ من سوريا الداخلية ,2- ارسال وفد الى دمشق من أجل البدء بالتنسيق مع الحكومة الوطنية هناك 3- إنتخاب الشيخ صالح العلي لقيادة الثورة السورية الأولى ..

3

الاصطفاف العسكري بين ثورة صالح العلي والفرنسيين:

إثر ذلك بدأ صراع عسكري مع الإفرنسيين استمر بقيادة الشيخ صالح لثلاث سنوات ونصف , حصل في هذا الصراع اصطفاف عسكري أيضاً لجانب الشيخ وثورته.. ولجانب فرنسا اصطفاف عسكري شمل أفراد من مجمل مكونات المجتمع السوري بالجبل والساحل , فقد أيّد , أو قاتل مع الإفرنسيين رجال دين وشخصيات وبنى اجتماعية من مختلف الطوائف والمذاهب بمن فيهم علويين وبعضهم من أقرباء الشيخ , ووقف مع الشيخ وثورته أيضاً شخصيات من مختلف المشارب الدينية والمناطقية , ووجد الشيخ صعوبة بالغة في اقناع الناس في الجبل والساحل – الخارجين تواً من قهر وتسلط عثماني استخدم الدين للحكم والسيطرة طيلة أربعمائة سنة ونيف – بأن ” المستجير بالإفرنسيين هرباً من العثمانيين ,كالمستجير من الرمضاء بالنار ” .. واستمرت الثورة طيلة هذه الفترة بسبب إصرار سوريين من كل الطوائف هنا في الدفاع عن قناعاتهم ,ودعم الحكومة الوطنية في دمشق , وبعد سقوط الحكومة اعتمدت الثورة على تناقضات القوى الاستعمارية فيما بينها بخصوص سوريا حيث خلق ذلك هامشاً كبيراً لتحصيل مكاسب للثورة..

سوريون من كل الطوائف ساعدوا فرنسا على محاربة ثورة الشيخ صالح العلي:

أمر أخر أود إضافته أن بعض قادة القوات الفرنسية وكذلك عدد كبير من الجنود الذين يساعدون الفرنسيين ضد الثورة السورية الأولى كانوا سوريين من كافة الطوائف كما كان هناك من دول الجوار فمثلاً كان على رأس الحملة التي أرسلها الفرنسيون للهجوم على بلدة قدموس المرحوم ع ب الذي هاجم الثوار فيها وكان معه اضافة للفرنسيين سوريين ومن دول الجوار وأفارقة الخ

حرق قرى ورمي احياء من برج صافيتا و”دولة علوية” :

سألنا الاستاذ عيسى عن اسباب قرار الشيخ عقد تسوية مع الفرنسيين وهل صحيح انهم عرضوا عليه إعلان دولة علوية يكون هو رئيسها ؟ فقال:

 عندما انتهى هذا التناقض  بين هؤلاء -القوى الاستعمارية – باتفاق تقاسم نفوذ ومصالح,وقُطع أي دعم عن الثورة , إضافة لحرق القرى والبلدات الداعمة لها وقصفها بالطيران وحرق البيادر والمحاصيل الزراعية ,ورمي مواليّ الثورة أو من يُشك بأمره معها, أحياء من أعلى البرج الأبيض في صافيتا , وبعد أن أصبح عبء الثورة على المواطنين أكثر من قدرتهم على التحمل بسبب ميزان القوى, وإنفضاض الناس من حول الشيخ جرّاء ذلك ,وصدور حكم إعدام بحق الشيخ , وأصبحت الخسائر المتنوعة أكثر من النتائج المأمولة وحقناً للدماء والممتلكات العامة ,جرت تسوية سياسة مع الإفرنسيين وخضع الشيخ لما يُشبه الإقامة الجبرية في بيته بالشيخ بدر, بعد أن عرض عليه الإفرانسيين قيادة ” دولة العلويين “ورفض ذلك في مقر الحاكم في اللاذقية . ثم شُكّلت حكومة اللاتقية و ضم المجلس التمثيلي فيها شخصيات كُلٍ بنسبة الجماعة التي ينتمي إليها هنا ومن مختلف الطوائف كما واضح من أسماء الشخصيات وخلفياتها خلافاً لما يُعممه البعض من تنميطها بلون طائفي واحد …

4

لقاء صالح العلي مع الاتاسي والقوتلي في حوران

بعدها في عام 1925 حضر الشيخ إجتماعاً ضمه مع السيد هاشم الأتاسي وشكري القوتلي ورشيد طليع وغيرهم من الشخصيات الوطنية السورية في حوران, حيث إتُفِقَ على دعم ثورة المجاهد سلطان باشا الأطرش من قبل المجتمعين , وهو المجاهد الرافض لقيام الدولة الدرزية ولتقسيم سوريا , الى أن استنزفت ثورة المجاهد سلطان الاطرش وانتهت في نهاية 1926 وبدأت تسوية سياسية بين القوى الفاعلة السورية وبين الإفرنسيين وبدأت مرحلة الصراع السياسي بين الجانبين , و انخرط الشيخ بهذا الصراع أيضاً ,الى جانب الشخصيات السياسية الأخرى خاصة في الكتلة الوطنية حيث المجاهد الزعيم ابراهيم قائد ثورة الشمال السوري الذي تعاون معه سابقاً بثورته, كما المرحوم المجاهد عمر البيطار قائد ثورة جبل صهيون ,المرحوم الرئيس هاشم الأتاسي والمرحوم الرئيس شكري القوتلي والسياسي السوري المرحوم فارس الخوري والمرحوم المجاهد رشيد طليع والسياسي السوري المرحوم عبد الرحمن الشهبندر وغيرهم.

وثيقة الشيخ صالح المعارضة لدولة علوية وللانفصال عن سورية

سألنا الاستاذ عيسى ابراهيم عن وثيقة تتعلق بالشيخ الصالح والعلويين الوحدويين كان أرسلها الى مؤتمر باريس فأجاب :

 تُوّج النشاط السياسي للشيخ صالح العلي بالوثيقة الاتحادية الشهيرة التي أرسلها الشيخ بالتنسيق مع الوفد السوري المفاوض إلى مؤتمر باريس مع الحكومة الفرنسية , وتضمنت الوثيقة تواقيع شخصيات وفعاليات من الجبل والساحل السوري بمواجهة وثيقة الإنفصال التي وقعها الراغبين بالانفصال عن سوريا , وهم من مُختلف الطوائف هنا كما هو واضح من أسمائهم وخلفياتهم العائلية , خلافاً للتنميط المطروح ,

اشتباكات بين العلويين الانفصاليين والعلويين الاتحاديين:

و سبق وعقب ذلك اشتباكات مُسلّحة بين طرفي الوحدة والانفصال خلّفت خسائر , كانت فرنسا والدول الفاعلة الأخرى حاضرة وبقوة فيها , ومشروع الإنفصال حينها كان جاهزاً ابتداءً من أسماء مُرشّحي المسؤوليات العامة و مسؤولي السلطات الثلاث بالدولة القادمة , الى ترويسة سجلات النفوس,و السجلات العقارية والطوابع التي طبعت باسم الدولة… الخ ..

رجال دين التقوا غورو اعتبروا الشيخ صالح العلي “قاطع طريق”:

استاذ عيسى هل صحيح ان الجنرال غورو التقى وجهاء ورجال دين من الساحل ؟

يجيب الاستاذ عيسى بالقول : أن الجنرال غورو اجتمع برجال الدين بالجبل والساحل ومن كل الطوائف ومن بين الاجتماعات اجتماع موقع جوفين الإرز ” قرب بلدة الدالية في قضاء جبله حيث أصدر المشائخ المجتمعون بعد الغداء على طاولة غورو بيان اعتبروا فيه إن فرانسا هي الأم الحنون للسوريين عامة وللعلويين خاصة وهي التي ستحميهم من العثمانيين وأن الدولة الافرانسية هي بمنزلة ” ولي الأمر ” وأن الشيخ صالح بحربه هذه يخرج على ولي الأمر خلافاً للقرآن الكريم و صدرت فتوى منهم باعتباره ” قاطع طريقوبعض المشائخ أفتى بسبه بالأعياد الدينية لأنه ضد ” الدولة ” كما قامت فرانسا ابتداء من دخول سوريا بمنح المتحالفين معها

مزايا بالادارات العامة وقطع الشجر واقطاعات من الأراضي والوكالات والبعثات العلمية لابنائهم والدعم المالي لرجال دين ووجهاء وكثير من المزايا الأخرى

5

الشيخ صالح العلي بين الفرنسيين والبعث : قتلوا أولاده وسمموا زوجتيه:

وعدنا في التاريخ مع الاستاذ المحامي عيسى ابراهيم حفيد الشيخ صالح العلي للحديث عن موقف الشيخ صالح –رحمه الله- من العثمانيين وتاريخ معاناته واسرته من الفرنسيين اثناء الثورة وما بعد الثورة حيث كانت هناك معاناة من عملاء فرنسا في الجبل .فقال عن جده :

تعرض الشيخ صالح أثناء ثورته ضد العثمانيين لعدة عمليات للقبض عليه أو قتله ,و صودرت ممتلكاته ومكتبته من قبل الدرك العثماني وأحرق منزله عدة مرات . وكذلك في ثورته ضد الإفرنسيين ,حُرق بيته و حُرقت ممتلكاته مرّات عدة , و لعدة عمليات إلقاء قبض عليه حياً واغتيال بالسم و بالسلاح … ,

سمموا زوجة الشيخ ومات جنينها وخنقوا ابنه علي:

كما تعرضت زوجته المرحومة ” حبابة ” للتسميم وهي حبلي بتوأم ونجت من الموت المحتّم بعد إستئصال – في مشفى الدكتور عبد اللطيف البيسار صديق الشيخ صالح في طرابلس الشام – للطفلين ميتين وإنقاذ حياتها, وبقيت مُنهَكَة بسبب ذلك حتى توفيت .. , كما تم تسميم زوجته المرحومة ” فضة ” التي نجت من الموت ولم يَنْج أطفالها السبعة الأخرين الذي أخرهم ابنه ” علي ” الذي تم خنقه بُعيد ولادته في منزل الشيخ صالح في ” الأندروسة ” الشيخ بدر –

حكومة البعث هدمت بيت الشيخ صالح العلي:

 المنزل الحجر الذي أهداه الشيخ صالح العلي للدولة السورية من أجل مقر بلدية وشرطة درك , والذي قامت حكومة البعث لاحقاً بهدمه وبناء مقر مديرية المنطقة الحالية فيه – وكانت فاطمة ابنته البكر من زوجته فضة قد قُتلت بالسم وهي بعمر حوالي 12 عاماً في عام 1927 ولم يبقَ لزوجته هذه من الأطفال إلا ابنته ” حفيظة “…,

من بيروت الى ايطاليا تلبية لدعوة الجالية السورية في الارجنتين:

سنة 1927 خرج فيه الشيخ صالح من بيروت بحراً الى جنوى الإيطالية وعاد من هناك بعد تلقيه تحذيراً من أصدقائه بأن الباخرة التي تُقلّه الى أمريكا الجنوبية ستمر بميناء مرسيليا الفرنسي وهناك قد يتعرض للإعتقال من قبل السلطات الفرنسية لوجود إدعاء عليه بالتسبب بمقتل جنود فرنسيين في سوريا , وبسبب ذلك لم يستطع تلبية دعوة الجالية السورية في الإرجنتين وقفل راجعاً الى سوريا …

6

ديغول يريد العلويين لضمان الديمقراطية في سورية … 

استاذ عيسى التقى الشيخ صالح العلي مع الجنرال ديغول لماذا كان اللقاء هل يمكنك اطلاعنا على بعض تفاصيله ؟

يجيب الاستاذ عيسى بالقول:

 عندما التقى الشيخ صالح الجنرال دي غول عقب بدء الحرب العالمية في قصر بيت تحوف في بانياس الساحل في أواخر 1939 “هناك مصادر تؤكد ان اللقاء جرى سنة 1941”, أبدى ديغول قلقه من محاولة تركيا الحليفة لألمانيا من استغلال الطائفة السنية لمصلحتها في سوريا – وكانت تركيا أتاتورك قد خَطَتْ فعلاً بذلك – مُعتبراً – دي غول – أن المسلمين العلويين هم ضمانة استمرار وضع ديموقراطي في سوريا , وأن الشيخ صالح وبما يُمثّل هو الأقدر على قيادة هذا الطريق ورئاسة الدولة السورية الجديدة في حال انتصر الحلفاء على خصومهم …بما فيهم القوات الإفرنسية في سوريا ولبنان التابعة لحكومة فيشي الموالية لألمانيا…

الشيخ صالح العلي راهن على وعي السنة السوريين الوطني:

فرفض الشيخ العرض الفرنسي مُعتبراً أن وعي السنة الوطني هو الذي ساهم بتحرير سوريا من العثمانيين بعد أن تبين لهم استغلال هؤلاء لهم بإدعائهم تبني الاسلام السني وإعتمادهم المذهب الحنفي ,وأن قتالهم مع الثورة السورية الأولى أو ثورة الشمال السوري بقيادة الزعيم هنانو أو المجاهد عمر البيطار أو المجاهد حسن الخرّاط أو المجاهد أحمد مريود …الخ كان استمراراً لهذا الوعي الوطني وبالتالي الخلفية وطنية لقتالهم ضد الإفرنسيين , وليست خلفية دينية …

وقال كلمته الشهيرة بعدما لاحظ محاولة تهميش السنة ” إذا كان المستهدف السنة في سوريا فكلنا سنة ” ….

7

ماذا جرى في لقاء الرئيس شكري القوتلي والشيخ صالح العلي ؟

سألنا الاستاذ عيسى ابراهيم عن لقاء جده بالرئيس شكري القوتلي هذا اللقاء الذي جرى قرب القدموس فقال:

عندما استقلت سوريا في 1943 و انتخب السيد شكري القوتلي رئيساً للجمهورية السورية, قام الرئيس القوتلي ,عقب فوزه ,بزيارة للشيخ صالح الذي استضافه على طاولة الغداء على نبع عين بحسان بجانب بيت الشيخ في مزرعة بيت النبع قرية كاف الجاع … ودار الحديث عن الإصلاح الزراعي و استصلاح أراضي الغاب واستصلاح أراضي الدولة المتروكة البائرة نوع أميري وتوزيعها على الناس والبدء بذلك …. الخ

وشارك الشيخ أثناء ذلك بالحياة السياسية عبر دعمه كتلة برلمانية في الجبل والساحل السوري من ضمنها البرلماني السوري المعروف المرحوم الدكتور عبد اللطيف اليونس …

8

الرئيس شكري القوتلي يقلد الشيخ صالح العلي وسام الاستحقاق السوري:

الى أن جاء عام 1945 عندما أصدر رئيس الجمهورية السورية السيد شكري القوتلي مرسوماً قلّد بموجبه الشيخ صالح العلي نوط الشرف السوري من الدرجة الاولى ” وسام الإستحقاق السوري ” , ” تقديراً للخدمات الجُلى ” التي قدمها الشيخ للجمهورية السورية , و إقترح حضرة الرئيس القوتلي أن يتم حفل رسمي لذلك حُدد موعده في 27 نيسان 1945 , بعد أن أوضح الرئيس للشيخ أنه” يُكْبِرُ بالشيخ إيثاره الحياة البسيطة والبعد عن الظهور و التبجح ..”

فرنسا وتركيا تدعمان الانفصاليين العلويين الذين حاولوا قتل الشيخ صالح:

صراع بين الانفصاليين والوحدويين في الساحل :

أستاذ عيسى هل صحيح ان محاولات فرنسا استمرت لخلق بلبلة في الساحل وسورية عبر دعم بعض المغامرين والباحثين عن ادوار زعامة ولو على حساب وحدة سورية ؟

يجيب الاستاذ عيسى قائلاً : في لقاء الرئيس شكري القوتلي بالشيخ صالح تمّ التطرق الى هذا الموضوع حيث قال الرئيس شكري القوتلي أن وحدة الأمة السورية والجمهورية السورية في خطر ,بعد زيادة نشاط أنصار الإنفصال في الجبل والساحل السوري واستخدام هؤلاء تقصير الجمهورية الوليدة عن القيام بمهامها , بسبب فراغ الخزينة العامة و إنعكاس ذلك على ضعف تقديم الخدمات العامة ,و تمظهر ذلك كما لو أنه قلة إهتمام من الجمهورية السورية تجاه مواطنيها بشكل عام وبمواطنيها من أبناء الطائفة الاسلامية العلوية بشكل خاص ..” ويضيف حضرة الرئيس القوتلي ” أن هؤلاء الإنفصاليون يتلقون دعم من بعض أعضاء الحكومة الفرنسية وشخصيات أوربية أخرى , ومن حكومة تركيا.. , والخشية كل الخشية أن الناس هنا بسبب وضع الحكومة غير المُدْرَك لديهم قد ينساقون لهكذا دعاوى مُعتبراً ما جرى في منطقة ” …. ” مؤشر خطير على هذا التحول .. وأن حفل تقليد وسام الاستحقاق للشيخ سيكون استقطاب واستنهاض لهمم أنصار الوحدة السورية وإعلان قوة وتعبئة لدعم الجمهورية…” …

انفصاليون علويون يهددون الشيخ صالح بالقتل في حال قبل الوسام من الرئيس القوتلي ؟؟

وافق الشيخ على التكريم تبعاً لتوضيحات حضرة الرئيس القوتلي, إثر ذلك تلقى تهديداً بالقتل في حال حضر الإحتفال ….وتعرض للتسميم بالقهوة عبر أحد المنخرطين معه بالعمل نجى منه بعد علاج لم يشف كل أثار السم ..

لكن الإحتفال تم , وتم تقليد الشيخ “وسام الإستحقاق السوري من الدرجة الأولى” بحضور رسمي سوري وشخصيات من دول عربية , وحضور شعبي كثيف لأنصار الوحدة السورية …

9

مرسل الملك فيصل يسمي ابنة الشيخ صالح “حفيظة” :

وليحضر الشيخ بعد جلاء أخر قطعة عسكرية فرنسية عن سوريا إلى دمشق نازلاً بأوتيل ” أوريان بالاس ” الشرق حالياً في ساحة الحجاز برفقة صهره الشيخ محمد عيسى ابراهيم , زوج ابنته الكبرى حفيظة , الذي سماها بهذا الإسم صديقه ومستشاره بالثورة المُرسل من الحكومة الوطنية بدمشق ومن الملك فيصل : القائد غالب بك الشعلان …

خطاب الشيخ صالح العلي في عيد الجلاء الاول:

ومن ثم يُلقي في 17 نيسان 1946 عيد الجلاء الأول كلمته هناك مُتحدثاً عن ثورته ذات الثلاث سنين ونصف قائلاً من ضمن ما قال :

” أيها السادة :

أحب أن لا تقعد بكم سلافة الفوز عن القيام بالواجبات المفروضة على كل منكم تجاه أمته وبلاده , وهي واجبات جسيمة تتطلب منكم السهر والحذر . والعمل بلا إبطاء , والجد بلا تهاون . فالبلاد الآن بأمس الحاجة إلى جهود أبنائها العاملين . ورجالها المخلصين . لإصلاح ما أفسده المستعمر . وللقضاء على طائفية بغيضة . ورجعية مقيتة .فنحن لا نزال في صميم الجهاد . ولقد انتهينا من جهاد أصغر , إلى جهاد أكبر ….”

وخاتماً بقوله  “حيّوا معي هذا العلم المفدى . واهتفوا باسم سوريا الحبيبة , وباسم فخامة السيد شكري القوتلي قائد نهضتها الجبارة المُظفرة .

والسلام عليكم”

يقول الاستاذ عيسى معقباً على خطاب جده الشيخ صالح : وبذلك ثبّت الاتحاديون السوريون في الجبل والساحل السوري نجمتهم من النجمات الثلاث السورية في علم الجمهورية السورية الحديثة

10

الشيخ صالح العلي يرفض عرض ديغول برئاسة سورية ؟؟

ويقول : لا يمكن لأي اقلية ان تحكم سورية لأنها لا تمثل غالبية السوريين:

في 1947 أثناء استقباله بعض وجهاء الجبل والساحل السوري من الطائفة الإسلامية العلوية في دارته في الرستي بلدة الشيخ بدر لتهنئته بعيد الجلاء بعد حضور عيد “الرابع” الزهورية وهو عيد بدء الربيع و بدء السنة السورية القديمة حيث يحتفل به سنوياً هنا عند مقام والده الشيخ علي سلمان في ” المريقب “…

وقولهم له: ” لقد فهمنا رفضك سابقاً للدولة العلوية , ولكنا لم نفهم رفضك عرض دي غول باستلام الدولة السورية,خاصة وأنت ترى وضع العلويين الآن وفقرهم ,” فقال : “في ظل وعي سياسي غير كاف فالأغلبية ستكون دينية لا سياسية” و ” أن أية أقلية دينية أو عنصرية أو حزبية لن تتمكن من قيادة سوريا , باعتبارها لا تمثل غالبية من مجموع السوريين . وبالتالي لن تستطيع النهوض بسوريا , وفي حال تم ذلك – حكم الأقلية – فإن استمرارها رهنٌ بالدعم من قوى خارجية مما يُضعف هذه الأقلية ويُضعف بقية السوريين , ويضعها في مواجهة الأكثرية , ويجعل سوريا مرهونة للخارج وفي حالة ضعف وتداعي “….

11

هاشم الاتاسي يرسل طبيب الماني للشيخ صالح:

وبعد ذلك بقي في منزله يعاني بعض أثار السم ومن ثم مرض القلب ,عُولج ابتداءاً من الشهر الأول 1950 في مستشفى ” أوتيل ديو ” في بيروت , ومن ثم في المشفى ” الأهلي ” في طرابلس الشام , ليعود الى طرطوس في بيت قريبه الشيخ محمود الحامد , مُرسلاً إليه حضرة الرئيس هاشم الاتاسي برفقة النائب الدكتور عبد اللطبف اليونس الطبيب الالماني” كارل كورت” الذي شخّص مرضه باحتقان رئوي حاد بسبب ضعف قلبه , ودار حديث ودي بين الشيخ وطبيبه الألماني تناول في جانب منه خطورة إعلان دولة ” إسرائيل ” ….الخ ترجمت الحديث السيدة الألمانية الأصل الأرجنتنية المولد والنشأة زوجة قريب الشيخ صالح , المغترب الشيخ محمود الحامد ..

أخيرا وفاة الشيخ صالح بالسم في نيسان 1950 ووصيته :

يموت الشيخ في منزل قريبه في حي المشبكة – طرطوس في 13 نيسان 1950 عبر تسريع موته بدس السم من قبل “……… ” قبل تحرير وصية بتوقيعه تضمنت لصحتها – بعضاً مما قام به فعلاً ومن ذلك تخصيص أخوته ببعض ما يملك … وذُكرَ ما قام به فعلاً من البدء ببناء المدرسة الداخلية التي كان يريد اتمامها من أجل التعليم والمسجد الذي بناه ولم يتم تشييده وقت وفاته – وصية تاريخها قبل وفاته بحوالي ثلاثين يوماً أثناء مرض الموت ……

12

تاركاً ديوانه الشعري و ثلاث بنات أكبرهن ابنته حفيظة التي لديها بنتها البكر ” تباشير ” , وبنتيه الأُخْريين الصغيرتين الوسطى سعاد بعمر حوالي 12 سنة و الصغرى سهام بعمر 9 سنوات وكل واحدة منهن لأم …. وهن الباقيات من كل أولاده الذي قضوا جميعاً بالقتل قبل أن يبلغ أغلبهم عامه الأول …..

وكان يتم رفع النعش على الأيدي لدى وصوله لكل قرية بين طرطوس والشيخ بدر

أكرم الحوراني ينظم أول مهرجان في الشيخ بدر تكريما للشيخ صالح العلي:

وسبق للشيخ أن قام باستصلاح أراضي وتوزيعها على الناس ,واعتمد مبدأ التخميس وهو من التطبيقات التي اعتمدت في الأنظمة الاشتراكية وأدخل زراعة التفاح الى الجبل وكان يٌربي الماعز والغنم ويتاجر بشعرها وصوفها مع مدينة حماه والبادية السورية و تربية الخيول ودودة القز لإنتاج الحرير ويقوم بفلاحة أرضه بنفسه في كثير من الأحيان …. وهو الأمر الذي يُفسر تنظيم المرحوم أكرم الحوراني لأول مهرجان للفلاحين والمزارعين في بلدة الشيخ بدر تكريماً للشيخ صالح بجانبه الانساني هذا …

في الختام استاذ عيسى ابراهيم هل ترغب بإضافة بعض المعلومات الخاصة عن الشيخ صالح العلي ؟

نعم أود أن أذكر دور عائلتي حرفوش وهواش في دعم الثورة وفي نهوض الجبل في العهد العثماني والفرنسي وتعاونهما مع الشيخ صالح في بناء المدارس التي يبنيها . أرغب بذكر أن الشيخ  كان يدعم تعليم الاناث خلافاً لرأي المشائخ وقد بدأ بتعليم بناته الثلاثة .وأن لقب شيخ هو لقب اجتماعي وديني وقد بدأ الثورة ضد العثمانيين وهو في بداية العشرينات من عمره والفرنسيين وهو في الثالثة والثلاثين من عمره وخلافاً للتنميط فهو لم يطلق لحية أبداً في حياته بل كان حليق الذقن وله شارب مُشذّب خلافاً لما صور بمسلسلات تناولت حياته في هذه الناحية الشكلية .

أجرى الحوار فادي .أ. سعد