°
, April 18, 2024 in
آخر الأخبار
تفاصيل

المعلمة فريدة شيخ الشباب

توطئة:

يأتي هذا المقال كجزء من محاولة للإحاطة بملف التعليم و تاريخ هذه العملية الهامة في محردة و ضمن هذا الإطار أتى اللقاء مع المعلمة فريدة و هي المعلمة الأولى في مدرسة محردة الرسمية للبنات, و لكن طال اللقاء و أدهشتنا ذاكرتها الوقادة و عواطفها الجياشة و رصانة شخصية المدرس لديها فلم أجد بداً من التوقف عند هذا اللقاء لأطرحه بشكل مستقل قبل أن أطرحه بشكل متكامل مع ملف “تاريخ التعلم و التعليم في محردة”

قبل أن أذكر التفاصيل أود أن أذكر أجمل عبارة قالتها لي المعلمة فريدة في آخر لقائنا و هي محادثة هاتفية بينها و بين ابنتها التي تقيم خارج سوريا حيث قالت لأبنتها ” انظري إلى سوريا, شكلها يشبه شكل القلب و هي قلب العالم بالفعل, لماذا لا تعودي إلى سوريا, إلى القلب, إنها أجمل بلاد العالم , لا أعتقد أن هناك مكاناً في العالم أجمل من سوريا”. كان هذا في آخر لقائي معها, تركتها مغرورق العينين مدهوشاً مشدوهاً, خصوصاً بعد أن أخرجت مجلة تحتفظ بها تحوي قصيدة قديمة لشوقي استشهدت منها ببيت يقول فيه شوقي:
يا فاتِحَ القُدسِ خَلِّ السَيفَ ناحِيَةً لَيسَ الصَليبُ حَديداً كانَ بَل خَشَبا
لتختصر المعلمة فريدة ما آمنت به من محبة و إعلاء لقيم التسامح و ما نقلته بأمانة للأجيال التي تربت على يديها.

ولدت المعلمة فريدة بنت يوسف حنا شيخ الشباب عام 1927و هو نفس العام الذي قررت فيه الحكومة آنذاك تأسيس مدرسة محردة للبنات و التي كان مقرها غرفة تابعة لكنيسة السيدة.

مع تأسيس هذه المدرسة تم الاستعانة بمدرسة من حماه تدعى نور عازار و التي سكنت في دار دعبول, ثم أتت بعدها مدرسة تدعى لوريس درغام و سكنت في دار درغام جراد, و في عام 1936 تم تأسيس الصف الثالث الابتدائي في محردة لتعود المدرسة لوريس إلى حماه و تأتي مكانها المدرسة الحمصية نازلي نقرور.

في هذه الأثناء كانت المعلمة فريدة تتابع دراستها في مدرسة الروم الأرثوذكس بحماه و هو شيء بالغ الشجاعة في ذالك الوقت حيث أنه و بعد ذلك بزمن طويل و لأكثر من عشرين عام لاحقة كان التعليم الإعدادي حصراً بحماه و يستلزم ذلك الإقامة بحماه فكيف بفتاة صغيرة تصر و أهلها على نيل العلم في تلك الأيام التي لم يكن تعليم حتى الذكور (حسب مفاهيم تلك الأيام) بذي أهمية.

في عام 1941 حصلت المعلمة فريدة على شهادة الخامس الابتدائي الفرنسية ( الصورة أعلاه)

في عام 1943 حصلت على شهادة الصف التاسع لتكون أول شهادة تاسع لأمرأة في محردة على الإطلاق.

في نفس عام نيل الشهادة تقرر تعيينها كمعلمة وحيدة في محردة, و كان يتم في ذلك الحين تدريس البنات حتى الثالث الابتدائي و المضني في الموضوع أنه كانت الصفوف الثلاثة مجموعة في غرفة واحدة, فكان يتعين على المعلمة فريدة التوليف بين الصفوف الثلاثة معاً كأن تعطي درس رسم للصف الأول و تمرين كتابي للصف الثاني ليتسنى لها شرح بحث ما للصف الثالث.

أثناء قيامها بمهامها كمعلمة و مديرة للمدرسة تابعت المعلمة فريدة تحصيلها العلمي لتنال شهادة البكالوريا عام 1949

فتحت تجربة المعلمة فريدة الباب واسعاً أمام الأهالي للتشجع لإرسال بناتهم إلى المدرسة فكان من نتيجة ذلك ازدياد الأعداد بشكل كبير مما أدى إلى الاستعانة بالآنسة رضى قاورما في العام الدراسي 1945-1946 و الأنسة رضى كانت تحمل شهادة خامس حصلت عليها من الكنيسة الإنجيلية بمحردة.

لا أعرف بالضبط ما الذي يمكن أن يقال كتكريم للمعلمة فريدة, و التي بشجاعتها و شجاعة أهلها شقت الخطوات الأولى في طريق تعليم المرأة في محردة, هذا الأمر الذي أدى إلى تغيير المجتمع المحرداوي بشكل كبير و حاسم فوجود الأم المتعلمة يقود إلى إعطاء وزن هائل لأهمية العلم في العائلة , و هذا ما كما أكده الشاعر الكبير أحمد شوقي:
و إذا النساء نشأن في أمية رضع الرجال جهالة و خمولا

أترك لكم تدقيق ما أوردته من معلومات أو إضافة معلومات قد أغفلتها
و أتمنى أن نحاول معاً استعادة هوية غالية على قلوبنا كان روادها أناساً رائعين مثل المعلمة فريدة.
مني كل التقدير و الاحترام و التبجيل للمعلمة فريدة متمنياً لها دوام الصحة و العافية
و كل الشكر لشبكة أخبار محردة لإتاحة الفرصة لنشر هذا العمل

ملاحظات:
– تم استخدام لقب المعلمة فريدة بناء على طلبها.
– ساعد في إنجاز هذا العمل:
o الاستاذ عزيز نجار ( القاضي)
o الاستاذ بهيج أبو فضة
o السيدة رشا خوري
– كانت رغبة المعلمة فريدة ألا ننشر هذا اللقاء إلا بعد وفاتها و لكن تحت إلحاحنا رضيت بنشره في هذا الوقت.

جورج حنا فلاحة

 

المصدر : شبكة أخبار محردة