°
, April 25, 2024 in
آخر الأخبار
تفاصيل

تربية الماشية ثروة أهل الساحل السوري الضائعة – أليمار لاذقاني

ريف اللاذقية ـ «القدس العربي» : شهدت السنوات الأربعون الماضية ظاهرة اختفاء تربية الماشية من جبال الساحل التي كانت ترتكز على هذه المهنة كأساس لعيشها فكيف اختفت وهل بتنا نشهد في أيامنا الحالية عودة هذه الثروة كريكزة أساسيّة للعيش في جبال لا تعرف الزراعة البعليّة فيها أماناً للعيش الكريم، وقابلت «القدس العربي» عدداً من المزارعين ممن يقطنون قرى جبليّة في الساحل السوري واستطاعت استبيان الكثير من الأشياء التي قد توضح الحياة اليومية التي يعيشها أهالي هذه القرى.
يقول المهندس الزراعي سميح والذي يقطن في إحدى تلك القرى أنه أجرى عدّة إحصائيات عن تربية الماشية، ويضيف: كانت ثروة الفلّاح في خمسينيّات القرن الماضي تقدّر بعدد الماشية أولاً، وحجم أرضه الزراعيّة ثانياً والتي كانت تستخدم أصلاً لخدمة الماشية, فكانت تزرع الحبوب والبقول لإطعامها في فصول الشتاء, حيث أن العدد الوسطي لحيازة الماشية لكل عائلة كانت تصل لخمس وعشرين رأس متنوعة، فالماعز والأبقار كانت تشكّل النسبة الأكبر, بالإضافة لتربية الدجاج البلدي والنحل، لكنّ عوامل عديدة أدت إلى اختفاء هذه الثروات من أبرزها قوانين حماية الأحراج التي حرّمت اقتناء الماعز في الأرياف، وكذلك قوانين البيئة التي دأبت البلديات على تطبيقها ومنعت اقتناء الماشية في المناطق السكنيّة.
ويقول عدنان: أنه أحد الفلاحين الذين عادوا إلى القرية بعد غياب دام لأكثر من عشرين عاماً ويضيف: كنت أعمل كمزارع بالحصّة في المناطق القريبة من البحر والتي تعتمد الزراعات المرويّة، رغم أنّني أمتلك أراضي في قريتي تفوق المساحة التي كنت أزرعها لكنّ شحّ المياه فيها وصعوبة استثمار الأرض جعلتني أعمل في مكان آخر لأطعم أولادي، ولم أستطع الاستقرار في القرية إلّا بعد أن أشتريت بقرةً تعينني في حياتي، لأنفق على أولادي».
في هذه الأيام بدأت ظاهرة تربية المواشي بالعودة تدريجيّاً إلى القرى لعدة أسباب من أهمّها الفقر، وعزوف الشباب عن التطوّع والقتال مع جيش نظام بشار الأسد, وأكثر الأمثلة وضوحاً على هذا هو ما قام به «حسن» منذ ثلاث شهور فقد ترك القتال مع ميليشيا الدفاع الوطني، واشترى ما يقارب العشرة الأغنام ويقوم الآن برعيها، ويقول لـ «القدس العربي»: أعتني بأرضي، وأربي الأغنام وبهذا أستطيع تأمين قوت يومي أنا وعائلتي، فلست مضطراً من الآن فصاعداً أن أجابه الموت لأعيش.
بنى حسن حظيرة للأغنام في منطقةٍ متاخمة للقرية، وهو يقوم بحراستها وحمايتها من وحوش الليل، وبهذا يتمكن من التملّص من القوانين التي تمنع التدجين بين البيوت السكنيّة, وهذه إحدى الطرق التي بدأ أهل الريف بالقيام بها للالتفاف على القوانين الصارمة بهذا الشأن.
ومن الجدير بالذكر أنّ مشاريع مثل معامل الأجبان والألبان بدأت ترى النور في هذه الأرياف لتكون بديلاً عن اعتماد أهل الريف على رواتب الدولة، إلى جانب تربية المواشي والزراعة, سيما أنّ الفقر بات يحاصر الجميع بعد ارتفاع الأسعار، وخصوصاً المنتجات الحيوانيّة التي يشعر ابن الريف بأنّ ثمنها التي يدفعه الآن يجب أن تكون من حقّه.

7 آيار 2015

أليمار لاذقاني

المصدر : http://www.alquds.co.uk