مقدمة
في شباط 2014م، تعرفت على كتاب (8 دقائق تأمل – فيكتور دافيتش)، وبقدر ما شدني العنوان فقد كنت مُهتمّاً بهذه الأمور من قبل، ولم تسبق لي تجربة تذكر مع (التأمل) بشكله المعروف.
بدأت قراءة الكتاب، وتميز بأنه سهل بسيط ويعرض فكرة أنك مهما كنت مشغولاً، فبإمكانك الاستثمار في شيء قد يغير حياتك، فقط بتخصيصك لفترة 8 دقائق كل يوم من لوقت لتجلس فيه بهدوء… وتتأمل.
المختلف في الموضوع أن التأمل المذكور ليس متطابقاً مع التأمل المعروف في اليوغا، فلم يطلب المؤلف أن تجلس في وضعية اللوتس ولا أن تهمهم همهمات غريبة وتصدر أصواتاً معينة، كل المطلوب هو أن تجلس على كرسي مريح، قدماك على الأرض، وظهرك باستقامة واحدة مع الرقبة والرأس، وأن تغمض عينيك وتسترخي وتقوم بتمرين محدد تكرره كل يوم ولمدة أسبوع، وكل أسبوع لديك تمرين مختلف حتى تنتهي من 8 أسابيع .. 8 دقائق يومياً، وإن وجدت هناك فرقاً في حياتك (وستجد فرقاً صدقني) فستفعل مثلي، ستنتقل تلقائياً للمرحلة التالية، وهي الاستمرار ولكن برفع المدة تدريجياً، وتختار التمرين الذي يناسبك وتغيره كل أسبوعين.
ما المطلوب:
- كرسي قائم الظهر ومريح.
- مكان هادئ بعيد عن المقاطعات.
- ساعة توقيت، يمكنك استخدام منبه الجوال، ولكن احرص على أن تضع الجوال على الصامت حتى لا يقاطع تأملك.
الوقت المقترح:
حاول أن تلتزم بوقت معين وتستمر فيه، ادرس برنامجك اليومي وحاول أن تعرف متى يمكنك أن توفر وبشكل مستمر 8 دقائق بدون مقاطعات وبدون إزعاج، هل هي في الصباح الباكر؟ هل هي قبل نومك مباشرة؟ الأمر يعود إليك.
بعض الأساسيات:
- قبل أن تبدأ، خذ بعض الأنفاس الطويلة وأنت مغمض عينيك، وتخيل فيها أنك تجمع كل همومك وأفكارك اليومية، وأنك تخرجها من جسمك مع الزفير، بعد ذلك ابدأ التوقيت، وابدأ بممارسة التمرين المطلوب للأسبوع الحالي.
- هناك دائماً نقطة بداية، نقطة المرساة (Anchor Point) وهي النقطة التي مهما ذهبت بك الأفكار، يجب أن تعود إليه، وفي كل تمرين هناك نقطة مرساة محددة، فستأتيك أفكار تأخذك بعيداً أحياناً، تعرف على هذه الحقيقة، تعرف على هذه الأفكار واقبلها كما هي، وقل لها (أعطيتك من وقتي، ولكن يجب أن أعود الآن) وعد إلى نقطة تركيزك في بداية التمرين، وحاول أن تبقى فيها بقدر المستطاع. لا يوجد مشكلة في الأفكار التي تأتيك، اقبل كل شيء، ثم ودعه وعد إلى نقطة البداية.
- لا يوجد شيء (خطأ) في عملية تأملك، كل ما تفعله طبيعي وجيد، مهما فعلت فإنك ستتحسن تدريجياً وستتقن العملية بشكل أفضل يوما بعد يوم، لا تقلق، الأمر ليس صعباً أبداً.
التمارين للأسابيع الثمانية الأولى
تمرين الأسبوع الأول: ركز على عملية التنفس لديك
- أغمض عينيك.
- اجمع كل أفكارك وهمومك وما يقلقك وما يهمك وما تحلم به في شهيق، ثم أطلقه في الزفير وتخيل أنه يغادرك ليسترخي جسمك وتشعل بالسلام الداخلي.
- كرر هذا النفس مرتين أو ثلاثة.
- ابدأ ساعة التوقيت.
- قم بملاحظة إن كنت تتحكم في تنفسك، تخل عن ذلك التحكم واترك تنفسك يأخذ مجراه الطبيعي بشكل تلقائي وبدون تكلف.
- حاول أن تلاحظ مكاناً معيناً في جسمك هو المكان الذي يمكنك أن تحس فيه بالنفس، قد يكون في مدخل الأنف، قد يكون في حركة الصدر والبطن، قد يكون في الحلق، حاول أن تتعرف على المكان الذي يمكنك أن تحس فيه فعلاً بعملية التنفس، وركّز على ذلك المكان وراقب عملية الشهيق والزفير فيه. هذا المكان هو نقطة المرساة بالنسبة إليك. مهما شطحت بك الأفكار، حاول دائماً أن تعود لتلك النقطة وتراقب تنفسك.
- حاول أن تراقب عملية شهيق كاملة، وعملية زفير كاملة، تخيل كمية الطاقة التي تدخل جسمك مع الأكسجين الذي يصل لكل خلية فيك ويمدها بالطاقة الحيوية وتخيل تلك الخلايا وهي تنتج ثاني أكسيد الكربون الذي يخرجه الزفير من جسدك. راقب هذه العملية مرة بعد مرة، واشكر الله في داخلك على ما حباك من صحة لتقوم بهذه العملية بتلقائية كل لحظة من حياتك.
- شعرت بالضيق؟ بالحكة في مكان من جسمك؟ لا بأس، تعرف على الشعور ثم عد إلى نقطة المرساة الخاصة بك.
- واصل هذه العملية حتى يعطيك المنبه إشارة بانتهاء الوقت.
تمرين الأسبوع الثاني: الصوت المجرّد
- أغمض عينيك.
- اجمع كل أفكارك وهمومك وما يقلقك وما يهمك وما تحلم به في شهيق، ثم أطلقه في الزفير وتخيل أنه يغادرك ليسترخي جسمك وتشعل بالسلام الداخلي.
- كرر هذا النفس مرتين أو ثلاثة.
- ابدأ ساعة التوقيت.
- وأنت مغمض عينيك، أصغ سمعك للأصوات من حولك، لا تحاول أن تحلل ماهيتها، فقط استمع لها.
- هناك أصوات ستعلو تدريجياً حتى تخفت وتبتعد، حاول أن تصنّف الأصوات داخلياً لديك بقولك في السر (تعلو) أو (تخفت).
- إن كان هناك صوت بدأ يعلو، في نفس الأثناء الذي كان هناك صوت آخر يخفت، حاول أن تتعرف على الاثنين وتتابعهم في سرك، وتصنف من فيهم الذي يعلو ومن فيهم الذي يخفت.
- الصوت هو مجرد صوت، ليس من الضروري أن تربطه في مخيلتك بشيء معين. تعامل مع الصوت بأنه صوت مجرد.
- تابع هذه العملية حتى يعطيك المنبه إشارة بانتهاء الوقت.
تمرين الأسبوع الثالث: التعرف على أحاسيس الجسم
- أغمض عينيك.
- اجمع كل أفكارك وهمومك وما يقلقك وما يهمك وما تحلم به في شهيق، ثم أطلقه في الزفير وتخيل أنه يغادرك ليسترخي جسمك وتشعل بالسلام الداخلي.
- كرر هذا النفس مرتين أو ثلاثة.
- ابدأ ساعة التوقيت.
- حاول أن تسترخي، وأنت تقوم بذلك، لاحظ أي شعور قد تحس به في أي عضو في جسمك.
- استمر في حالة الاسترخاء، وأنت تلاحظ جسمك، ستلاحظ بعد فترة قليلة بأن هناك مكاناً ما في جسمك، وكأنه يصدر إشارات معينة، تعرف على ذلك المكان، ليس من الضروري أن تربط ذلك الإحساس بعضو معين في الجسم، فقط راقب الإحساس.
- ركز على ذلك المكان في جسمك، وأعطه انتباهك، فهذا سيكون نقطة المرساة الخاصة بك في هذه اللحظة.
- بعد قليل سيضيء لك مكان جديد في جسمك بإحساس جديد، حول انتباهك إلى ذلك المكان الجديد، تعرف على نوع الإحساس، وركز في ذلك المكان وانقل نقطة المرساة إليه، تعرف على نوع الاحساس وراقبه فقط.
- إذا جاءتك أفكار، تقبلها، تعرف عليها ثم عد إلى نقطة المرساة التي كنت بها.
- استمر حتى يعطيك المنبه إشارة انتهاء الوقت.
تمرين الأسبوع الرابع: هذه اللحظة السحرية
- أغمض عينيك.
- اجمع كل أفكارك وهمومك وما يقلقك وما يهمك وما تحلم به في شهيق، ثم أطلقه في الزفير وتخيل أنه يغادرك ليسترخي جسمك وتشعل بالسلام الداخلي.
- كرر هذا النفس مرتين أو ثلاثة.
- ابدأ ساعة التوقيت.
- استرخ بجسمك وعقلك.
- ستأتيك فكرة، ستكون إما عن شيء في الماضي، أو المستقبل.
- تعرف على تلك الفكرة وأعطها ملصقاً (الماضي) أو (المستقبل) .. ثم اتركها تسبح في محيط الأفكار، إنها عملية شبيهة بأولئك الذي يمسكون السمكة، ينزعون منها الشص، ثم يعيدونها للماء، إن أتتك فكرة، أعطها الملصق التعريفي بها (ماضي) أو (مستقبل) ثم اتركها لتواصل سباحتها في عقلك.
- هناك فترة سكون بين كل فكرة تأتيك والأخرى، ركز تفكيرك في هذه النقطة .. نقطة السكون والهدوء، هذه هي نقطة المرساة بالنسبة لك.
- ستأتيك أفكار كثيرة، كل فكرة تأخذ ملصقها التعريفي وتتركها لتواصل سباحتها، عد إلى نقطة المرساة بقدر المستطاع.
- الأفكار، وأحاسيس الجسد، لا تعطها أكثر من حجمها، فقط تعرف عليها واتركها تمضي في سبيلها.
- استمر في ذلك حتى يعطيك المنبه إشارة انتهاء الوقت.
تمرين الأسبوع الخامس: لباقة الرفض!
- أغمض عينيك.
- اجمع كل أفكارك وهمومك وما يقلقك وما يهمك وما تحلم به في شهيق، ثم أطلقه في الزفير وتخيل أنه يغادرك ليسترخي جسمك وتشعل بالسلام الداخلي.
- كرر هذا النفس مرتين أو ثلاثة.
- ابدأ ساعة التوقيت.
- ابدأ بالتركيز على التنفس.
- ستأتيك فكرة .. تخيل أنها مندوب مبيعات يدق بابك ويعرض عليك شيئاً لا تحتاجه. ستعتذر منه بلباقة وتقول له (شكراً، لا أحتاج ما تقدمه لي) ثم تغلق الباب.. هذا ما ستفعله في كل فكرة تأتيك.. ستعتذر منها بلباقة، وتقول لها (شكراً، لا أحتاج لما تقدمينه لي) ثم تتركها تذهب وتعود للتركيز على تنفسك. نقطة المرساة هنا هي التركيز على التنفس.
- ستعاودك الأفكار وتعاودك، وتتعامل معها جميعا بنفس الطريقة.
- استمر في ذلك حتى يعطيك المنبه اشارة انتهاء الوقت.
تمرين الأسبوع السادس: العرض المسرحي الخاص
- أغمض عينيك.
- اجمع كل أفكارك وهمومك وما يقلقك وما يهمك وما تحلم به في شهيق، ثم أطلقه في الزفير وتخيل أنه يغادرك ليسترخي جسمك وتشعل بالسلام الداخلي.
- كرر هذا النفس مرتين أو ثلاثة.
- ابدأ ساعة التوقيت.
- تخيل أن هناك شاشة عرض مسرحي داخل رأسك في منطقة خلف العينين، وأن كل أفكارك تأتي بشكل مصور على تلك الشاشة البيضاء. هذه الشاشة البيضاء هي نقطة المرساة لهذا التمرين، أبق تركيزك على ما يُعرض عليها.
- ستعرض على الشاشة صور لأشياء عديدة ومختلفة وقد تكون واضحة أو مشوشة أو بالأبيض والأسود، لا تعط أهمية لذلك، فقط راقب تلك الصور وكيف تعرض نفسها على الشاشة، واتركها تذهب في حال سبيلها عندما ينتهي عرضها.
- لا تتدخل في عرض الصور، ولا تقم بأي شيء سوى المرافقة فقط .. راقب بدون أن تحلل أو تتدخل في سير الأمور، أنت مجرد مشاهد لتلك الأفلام.
- قد تأتي أفكار أخرى تأخذ اهتمامك عن تلك الشاشة، تعرف على تلك الأفكار، وأطلقها لتكمل طريقها وعد أنت إلى نقطة المرساة.. إلى شاشة العرض السينمائي الخاصة بك والتي لا يحضرها غيرك.
- استمر حتى يعطيك المنبه إشارة انتهاء الوقت.
تمرين الأسبوع السابع: طيبة الحب!
- أغمض عينيك.
- اجمع كل أفكارك وهمومك وما يقلقك وما يهمك وما تحلم به في شهيق، ثم أطلقه في الزفير وتخيل أنه يغادرك ليسترخي جسمك وتشعل بالسلام الداخلي.
- كرر هذا النفس مرتين أو ثلاثة.
- ابدأ ساعة التوقيت.
- استرجع في ذاكرتك أي عمل طيب قمت به، صغيرا كان أم كبيرا، حتى لو كان فتحك الباب لشخص ليدخل قبلك.
- استرجع شعورك الداخلي بعد أن قمت بذلك العمل، وتفحص ذلك الشعور باستخدام عدسة مكبرة وباستخدام تصوير بطئ، استرجع كل ما شعرت به في تلك اللحظة من سعادة، ورضى، وشعور بالحب والكرم، وما شعر به جسدك في ذلك الوقت من نشاط وحيوية.. تعرف على ذلك الشعور وكأنك تعيشه مرة أخرى.
- ردد في داخلك الجملة التالية: هل أستطيع أن أعيش بسعادة؟ هل أستطيع أن أحظى بسهولة العيش؟ قلها وأنت تتعرف على معانيها، قلها وكأنها تخرج من داخل قلبك ليتردد صداها في كامل جسمك.
- كرر الجملة السابقة ثلاثة مرات بطيئة، وأنت تعيش في معناها الجميل.
- الآن أعد الجملة مع تغيير بسيط فيها: هل نستطيع كلنا أن نعيش بسعادة؟ هل نستطيع كلنا أن نحظى بسهولة العيش؟ استرخ وأنت تذكر ذلك في سرك، وتشعر بذبذباته وهي تنتقل منك وتصدر عنك وتبث السعادة والفرح في بيتك، حيك، مدينتك، دولتك، والعالم كله.
- قم بتكرار الجملة الأولى، ثم الثانية، حتى يعطيك المنبه إشارة بانتهاء الوقت.
تمرين الأسبوع الثامن: طبق الاختيارات!
- أغمض عينيك.
- اجمع كل أفكارك وهمومك وما يقلقك وما يهمك وما تحلم به في شهيق، ثم أطلقه في الزفير وتخيل أنه يغادرك ليسترخي جسمك وتشعل بالسلام الداخلي.
- كرر هذا النفس مرتين أو ثلاثة.
- ابدأ ساعة التوقيت.
- ستتصاعد ظاهرة في عقلك، قم بوضع ملصق تعريفي عليها: (حديث) أو (إحساس) أو (صورة).
- راقب صعود واضمحلال تلك الظاهرة.
- ستتصاعد ظاهرة أخرى، راقبها وأعطها التعريف المناسب. قد يكون هناك ظاهرتان في نفس الوقت، صورة معينة مع إحساس في مكان في الجسم، أعط كل واحد منهما الملصق التعريفي الخاص به، ثم راقب زوالهما بنفس السرعة التي ظهروا فيها.
- لا ترهق نفسك بمحاولة اللحاق بما يظهر، لا بأس إن فات عليك شيء، فقط راقب ما يظهر تاليا وقم بتعريفه ومراقبة ظهوره وزواله.
- لا تشعر بالقلق من كثر ما يظهر، ذلك طبيعي، فقط ركز على مراقبتك لهم وإعطائهم التصنيفات المناسبة وتركهم لمراقبة ما يصدر بعدهم.
- استمر في ذلك حتى يعطيك المنبه إشارة انتهاء الوقت.
في حال انتهت الأسابيع الثمانية وأعجبك الموضوع وأحببت بالاستمرار، أنصحك باستخدام البرنامج التالي:
قم بتمديد الوقت ليصبح 10 دقائق واستمر على ذلك لمدة أسبوعين.
قم بتمديد الوقت ليصبح 12 دقيقة واستمر على ذلك لمدة أسبوعين.
قم بتمديد الوقت ليصبح 14 دقيقة واستمر على ذلك لمدة أسبوعين.
قم بتمديد الوقت ليصبح 16 دقيقة واستمر على ذلك لمدة أسبوعين.
قم بتمديد الوقت ليصبح 18 دقيقة واستمر على ذلك بشكل مستمر.
مع أصدق أمنياتي لكم بأن يجلب لكم هذا الكتاب السعادة وسعة الصدر التي جلبها لي، ولكم مني دائماً أطيب تحية.
أنس حيدر
الخبر – 22 نيسان 2014
المصدر : http://iqraa.me