°
, April 20, 2024 in
آخر الأخبار
ثقافة

العلاقة التشاكلية في الفكر الغيبي: البنى المشتركة للدين والسحر- جورين كيلو

قول الفيلسوف الألماني لودفيغ فيورباخ في تعريف الدين وأصوله: أن الدين هو الوعي الإنساني البدائي الأول للبحث عن الذات وماهية الوجود المادي تم تحويل جوهره الفيزيق إلى الميتافيزيق فانفصل عن أصله وأخذ جوهر مختلف، أسقط عليه الإنسان كل الصفات البشرية الكاملة التي فكت أرتباطه هو عن الطبيعة وعن ذواتهم المادية. وهذا الرأي الفيورباخي متأثر جداً بالجذور الهيغلية للدين الإنساني فهيغل يرى أنه لا جدوى من الدوغماطيقية والأنيمية في حياة الإنسان فتلك عوامل تدفع إلى غربة عن

الذات، وأن البرجوازيين المسيحيين نقلوا كل ما هو جميل وسام في هذه الطبيعة إلى الما وراء (السماء) حتى لم يستبقوا للإنسان إلّا كل ما هو حقير ودنيء، فقد نزعوا عنه خصائص الحرية وإمتلاك النفس وعكسوها على مرآة وهمية لا تتحقق من وجهة نظرهم إلا بأشخاص وهميين أعطوهم درجات عالية من التقديس وفصلوهم عن الطبيعة البشرية فانقرضت صفاته إنسانياً في الوعي مع الزمن. وفي حين أن تايلور يرى بان فكرة الله لم تظهر إلّا بعد تطور طويل بالفكر الحيوي والأنيمي وتايلور من العلماء الانتروبولوجيين الذين يعتقدون بأن الأشكال البدائية للحياة الإجتماعية لم تخلو من الدين فأن معظم أباء الأنتروبولوجيا وباختلاف مدارسهم حتى المعاصرين منهم لا يختلفون مع أساس فكرة أرتباط الدين بالسحر مطلقاً وبأن أحدهما سليل الأخر. بيد أن هناك بعض الإختلافات البسيطة في مسألة التقسيم النظري والعملي سيما ما بين تعريفي فن زائف أم علم زائف. العالم الأنتروبولوجي فريزر وتلاميذ مدرسته أيدوا نظرية أن يكون السحر علماً زائفاً سبق الفكر المتحضر للإنسان. لإن الفلسفة هي من عرفّت الأشياء، وطورت وحضرت الأفكار الهمجية مع الزمن وبذلك قال فريزر أن السحر شكل بدائي للدين فالقوة الغريزية الحادة التي كانت تربط الإنسان بيولوجياً بعالمه الحيواني حين كان صياداً يعيش بطريقة فردية قليلة المخالطة والإجتماع مع الأخرين لم يشغر ذهنه شيء كما فكرة قنص وهضم الطعام وليس من المنطقي أن يفكر بصديق خفي يسكن السماء ولم يعرف معنى الصداقة أولاً ومعدته تئن جوعاً في حين تقبع المائدة خارج كهفه ثانياً. وليست الطقوس والممارسات السحرية برأي فريزر وتلاميذه إلّا عادات همجية بربرية فجة نتيجة الفلسفة الساذجة لعمليات العقل البشري عن الحياة، ورغم أن العالم الأنتروبولوجي الفرنسي دوركايم كان أكثر تهذيباً في تناول مصطلحاته عن وصف الشعوب البدائية التي تؤمن بقوانين الإتصال بعالم الغيبيات والجن والروح الشريرة الشيطانية والتي أسماها بالشعوب التقليدية أو المتخلفة بنهجها العلمي فقد كانت أفكاره تؤدي لذات النظريات، وقال بأن الطقوس المتعلقة ببعض الأشياء بغض النظر عنها تعتبر ديناً لإنها تمارس على مستوى جماعي. أما ليفي شتراوس فقد نظر إلى الموضوع نظرة شفقة وعدمية مرعبة خاصة أنه من العلماء الذين فضلوا الترحال لتلك القبائل البدائية لدراستها ومعاينتها عن قرب بنفسه رغم كرهه الشديد للسفر. ولكون هذا المقال هو تعريف وتبسيط وأختصار لفكرة إرتباط السحر بالمعتقد الديني من ناحية، والحرص على دعمه بالأمثلة والمقارنات من أمكنة مختلفة وأزمان عدة، حجرية بدائية، قديمة وحديثة من ناحية أخرى فتوجب على القارئ التركيز مع الأفكار دون التقطيع بالقراءة أو القفز فوق ما لا يجده مهماً فالكثير من الأمثلة شائكة ببعضها البعض ومرتبطة إرتباط الألياف بالعظام، فمذ بدأ يظن الإنسان أن السحر يُخضع القوى الغيبية لقدراته ويجبرها على تلبية طلباته وتحقيق أمنياته وإذا فشل بالحصول على مراده فالسبب يعود لخطأ في تقدير بعض الأمور بشكل طارئ أو عفوي أو تدخل سحر أقوى مفعول منه، ثم تداعت أمام عينه الكثير من الأفكار الخاطئة وتطورت عمليات الفكر وقد ذهب السحر قديماً لإخضاع قوى الطبيعة الغير حية بالإجبار والقهر بدل الإسترضاء والإقناع ولم يفلح، عَرَفَ الإنسان جذور التضرع والإبتهال والدعاء وتقديم الصلوات والإستغفار والبخور والقرابين والترانيم والتسابيح بحلة متزلفة متقربة إلى القوى العليا التي توجه الطبيعة وتتحكم عبر الرجاء والإقناع لتغيير مجرى الأحداث التي لا تصب في الصالح العام أو الخاص وليكسي التعاويذ السحرية البدائية بعض الوقار ومحاولات الإرضاء في سبيل تحقيق المطالب دون تكليف النفس العناء وبذلك وجدت الكثير من الممارسات السحرية طريقها في الشعائر والطقوس الدينية في مرحلة أكثر تقدم من تاريخ الحضارة البشرية وكما أن السحر لا يخضع لقانون الخطأ فالإله بدوره لا يخطأ ولابد أن عدم إستجابته للمطالب هو خطأ في التقدير. إذن بعدما كان الساحر يتعالى على الارباب ويتصرف معهم بجحود أنقلبت الأحوال إلى النقيض حين تعقل الإنسان وتفكر بمفهوم الخشية والرهبة فنشأت بذلك علاقة متوترة وعداء عنيف بين الساحر ورجل الدين فالأخير أعتبر نفسه الشفيع والوسيط الوحيد الحقيقي وقد نجد أن هذا التنافر بين سلطة الشيخ والساحر ظهر في فترة متأخرة جداً من التاريخ الديني فالكاهن ساحر والساحر كاهن لم ينفصلا يوماً ويمارسان الشعائر الدينية والسحرية في آن معاً وعلى سبيل المثال لا الحصر، فأبرشية بروفينس كانت تُخضع راعي كنيستها الجديد للإختبار بهدف معرفة ما إذا كان يمتلك سلطة التأثير على تلك القوى أو لا، وفي أبرشيات أخرى قام الأساقفة بنقل بعض القساوسة إلى وظائف أخرى بسبب الغيرة من سمعة أحد الخوارنة الذين أمتلكوا تلك السلطة. والناس حقيقة لا تجد في هذه الممارسات خروجاً عن الدين. فقد يحدث أن تتوجه مسلمة أو يهودية إلى قس أو مسيحية إلى شيخ سمعوا بأمتلاكهم قوى تأثير على عناصر خفية. وقبل أن نقوم بتقسيم السحر وتعريف قواعده منذ ظهوره في العصور الحجرية القديمة وعلاقته بالمعتقد الإنساني نود أن ننوه من جهة أن السحر يظهر بوضوح في أشد المراحل التاريخية تأخراً والسحر السائد في أبسط ممارساتنا اليومية يشبه كثيراً ذلك السحر المتبع في مصر وبابل والهند وأستراليا وأوروبا منذ آلاف السنين وعلى القارئ أن يقارن. ومن جهة أخرى نشدد على التنويه أن السحر وبخلاف أشكاله ومراحله وعديد ممارساته وطقوسه لا يمت للعلم الحديث بصلة لا من قريب ولا بعيد لإنه لو حدث وأفلح السحر لخرج عن دائرة السحر ودخل دائرة العلم فالقواعد الصحيحة تؤلف مجموعة العلوم التطبيقية والقواعد الزائفة تؤلف السحر وكل من يمتهن هذه المهنة سواء كان حاخاماً، قساً، شيخاً، أو كاهن ليس سوى مجرد مبث أضاليل وخرافات وغش وإحتيال وخداع وإدعاءات باطلة وإذا كان قد عرف السحر عبر البعض على أنه فن زائف أو علم زائف فهو عقيم بالمطلق. أما وجود تلك الطبقة الصلبة من المؤمنين بالخرافة في المجتمعات المتدينة عموماً حتى يومنا هذا يؤكد أن الدين لم يحدث أي تغيير على المجال الثقافي فكان ولازال دائم التهديد للإنسان وحضارته فنحن نسير على حضارة تشبه القشرة الرقيقة إن تكسرت في أي لحظة ستهوي بنا الى أعماق بعيدة الغور وتجرفنا إلى جوف يرقد تحته همجية الطبقات المؤمنة الراكدة والتي نستدل إليها بين كل حين وأخر عندما يصدم شعورنا المهذب بعمليات غوغائية بدائية متوحشة لا إنسانية يرتكبها هؤلاء.
إذاً يقسم السحر إلى قسمين هما:
ــ السحر الأسود وهو السحر الضار الذي يراد به الإيذاء وتحقيق منافع شخصية على حساب الأخر.
ــ السحر الأبيض وهو الذي يستخدم للنفع العام والخاص ولا يتعارض مع قيم المجتمع مثل العلاج والاستطباب والتداوي والتنبؤ بالغيب والمستقبل والخ .
أما قاعدتي السحر هما:
1ــ التشابه: أي أن لكل معلول علة يشبهه أو لكل علة معلول وبذلك يستنتج الساحر أن باستطاعته الوصول للأهداف عبر تقليدها أو محاكاتها. ألتقطها الإنسان الحجري القديم من أن لكل شيء شبيه، فبيوض الطيور تفقس ثم تكبر الأجنة وتطير والإنسان يلد طفلاً يشبهه كما أن جنين الحيوان يشبهه وهكذا، أيضاً جزء من ماء النهر يشبه النهر وكذا حفنة تراب أو شعلة نار وهذه القاعدة تسمى بالسحر التشاكلي.
2 ــ الإتصال: وهي أن الأشياء متصلة ببعضها البعض فالشيء يؤثر بالكل والكل يؤثر بالشيء حتى بعد إنفصالهما فيزيقياً والقسم الكامل طاهر والجزء منه مدنس وبذلك أعتقد أنه يمكن التأثير المادي بالجزء في أن يتصل ميتافيزياً بالكل وهي قاعدة تشكلت بعد معرفة الأولى، فأسنان الإنسان هي جزء منه مثل ظفره، شعره، جلده، دمه، لعابه، عرقه وألخ وتسمى القاعدة بالسحر الاتصالي. وهاتين القاعدتين يطلق عليهما ككل بالسحر التعاطفي كون الشبه يؤثر بالشبه عبر قوة خفية عاطفية تساعد الساحر بغض النظر عن هدفه ما إن كان خيراً أو شريراً.
العقيدة السحرية بدورها تنقسم إلى ثلاث مراحل:
ــ المرحلة الفتيشية والفتيش هو شحن الشيء المادي كالخرز، الورق، الماء، الخشب، المعادن مثل الذهب والحديد، العظام، الحجارة، قرون الحيوان والخ باللغة وهذا الشيء يطلق عليه أسم Fetiche وهدفه دفع الشر وتحصين حامله وما فكرة إرتداء بعض الحجابات أو الأيات المنقوشة على الذهب ومواد أخرى كما الآلوان المتعددة للحجارة والخرز والماء المقري عليها إلّا من هذه الجذور.
ــ المرحلة الأراوحية وتشكلت بالتطور من الفتيشية أي بعدما أعتقد الإنسان بانتشار الروح والحياة في كل الموجودات
ــ الطوطمية وهو تجسيد وتقمص بعض الأرواح البشرية في الحيوانات أو العكس فكما نرى أن الكثير من الآلهة الكنعانية والرافدية تتجسد في الثور والجدي والسمكة وألخ نرى عند اليونان وقبائل أستراليا البدائية ذات الشيء فكان لدى كل الأقوام البشرية البدائية قبل التكيف الحضاري نظام ديني واحد من أقاصي الأرض لمغاربها يشبه بعضه.
وقبل أن نعرض بعض الأمثلة على القراء كي يتمكنوا من معرفة الفرق بين القاعدتين السحريتين نجد أنه من المهم الأخذ بالقول أن عامل الخوف من الموت والموتى هو أكبر وأهم عامل لنشأة الدين البدائي ولعله الأمر الذي دفع سيجموند فرويد لتعريف التابو بالخوف المقدس فالكثير من الممارسات السحرية لا تزال تحتفظ بقداستها بعدما ألبست ثوب الميتافيزيق السماوي. و لتقريب الفكرة أكثر فأن هذه المعتقدات البدائية والتصورات الخاطئة بعضها أصبحت مكروهة وبعضها مرهوبة وبعضها لا تزال مرغوبة.
((السحر التشاكلي))
ونتيجة لأرتباط الموت والموتى بعالم الخوف والرهبة فقد أعتقدت بعض قبائل الهنود الحمر أن رسم صورة بشري على طين، أو خشب أو تجسيده في دمية ثم وخزه بآلة حادة سيلحق الأذى بالشخص المقصود، فذاته تتمثل في تلك الصورة كما أن جمع سهام قبائل العدو بعد الهزائم أو الإنتصارات والتي تحمل أثار دمائهم أو عرقهم قد تستخدم ضدهم إذا أعيد دهنها ببعض المواد المشحونة بالتعاويذ، أما بعض القبائل الأخرى فراحت تجمع أجزاء صغيرة من ضحاياها كالأظافر والحواجب وتخلطها بشمع يعود لخلية نحل مهجورة ليصنعوا منها قالب على هيئة المراد تسحيره ثم يعرض المجسم الصغير للنار ببطء شديد عبر كاهن يردد أسم المسحور كي يعذبه وقد تتكرر العملية بالطعن أو الحرق الكامل أو الدفن أو خرقه بقطعة معدن من أسفل إلى أعلى أو تقطيع أطرافه إذا ما أريد إلحاق الأذى الجسدي والآلم الأبدي بالضحية دون القتل المباشر. هذه الطقوس والممارسات أستخدمت كذلك عند البابليين والأشوريين والمصريين القدماء. وفي حين ظل للموت والميت قدسية خاصة إن كان من العائلة سخرت العظام المتصلة بعالم الموت لأغراض ومآرب شخصية بسبب طبيعة الموت الصماء الخرساء العمياء، فتوهم الإنسان أن دفن عظمة إنسان ميت تحت مسكن أحدهم سيدفع أهل بيته إلى الإستغراق في نوم عميق كما يرقد الميت وبذلك يتمكن هو من سرقة بيته، أو إلتقاء أحدهم بعشيقته في اللحظة التي يستغرق أهلها في النوم كما الموتى، كذلك نثر حفنة تراب من قبر الميت قد تفي بالغرض وعند السحر الأسود يطلب الساحر من الشخص بعض الأمور التعجيزية والمستعصية كعظام رجل مات قتيلاً على يد امرأة عرجاء أو عظام امرأة حملت وهي عجوز فولدت وماتت أثناء الوضع أو عظام جنين مات بعد ولادته في ليلة مقمرة أو طرح قبل زمنه في نهر وألخ ومسألة دفن بعض مدخرات الميت الفقير معه في القبر هدفه دفن الحظ العاثر حتى ما يصيب الأبناء والأقرباء. وإن نبشت عظامه فيفضل أن تعاد إلى مكانها حتى ما ينتقل النحس. وكما أستخدم هذا السحر للشر فقد أعتقد الإنسان باستخدمه في المقابل بالخير وشفاء بعض الأمراض مثل اليرقان الذي يسبب الإصفرار وعالجه بنقل اللون الأصفر إلى الشمس أو الزهور الصفراء أو بعض الطيور الصفراء وحقن المريض برحيق الشفاء وهو صبغة ملونة أخرى قد يكون دم ثور بعد تلاوة الرقية عليه وجاء ذكر هذه العملية عند الإغريق عبر بلوتارخ وبليني كمؤرخين وطبيب بلاط ثيوديسيوس الأول مارسيلوس بيدرو وللتوضيح فأن بعض كتابات أمثال المدعو مارسيلوس وغيره قام بترجمتها اليهود والمسيحيين خاصة السريان عن اليونانية في العصور الوسطى وأسموها كتب طبية تحوي وصفات بدائية همجية للعلاج كإعادة المريض إلى كامل صحته عبر تمثيل سيناريو وفاة وهمية صامتة ولف المريض بحصيرة ثم تركه ملقياً في بيته بضع ساعات إلى أن يأتي المطبب ويحرره. أيضا ما يسمى عملية إعادة المعدة الساقطة عن الخطاف فقد كان يعتقد أن القيء بكثرة سببه سقوط المعدة عن مكانها فيقوم الخوري بأعادتها ثانية عبر الضغط على البطن والشد بعنف، وليس هذا فحسب بل أن السحر الذي أعتقد هؤلاء بقوة إستطبابه وصل لحد الإعتقاد بعلاجه للأورام الخبيثة والتي لا تزال تتبع بكثرة في ما يسمى الطب العربي فكانت جذور بعض النباتات تقطع إلى قسمين يعلق أحدها برقبة المريض ويعرض الأخر لدخان النار حتى يتغير لونه ويجف وبذلك يجف الورم ويختفي. وفي حين أن ليس كل الطقوس السحرية كان مرادها الشعوذة قديماً فقد وقف ورائها إعتقاد صادق وتعاطف بحت مع شخص المريض فاستخدم للخير أحيانا كثيرة ولذلك سمي بالسحر الشرعي فانسان العصر الحجري القديم أو إنسان الكهوف رسم أشكال حيوانية على حيطان كهوفه وغرزها بالسهام بهدف تقمص روح الحيوان الذي يتمناه كغذاء فيقدر على قتله بعد إستدراجه في اليوم الأخر أيضا أستعمل هذا النوع من السحر لحماية ذرية القبيلة عند بعض القبائل الأسترالية كالأرانتا والوارامونغا التي تؤمن بالطواطم والتي تكون عادة بغالبيتها عبارة عن حيوانات صالحة للغذاء يعمل على إكثار نوعها وما أن تصل لعدد كبير يقوم أفراد القبيلة بأكلها في جو من الطقوس الدينية المقلدة لحركة ذلك الطوطم الحيوان بعد إرتداء بعض الأقنعة أو الألبسة التي تصنع منها ليكون رمزا للقبيلة أو تقمصاً لقوة ذلك الحيوان وجماله وذكاءه وألخ مثل ريش الطائر وقرون الحيوانات أو المخالب أو الجلود. والبدو العرب كحلو أعينهم كبعض الطيور الحادة النظر مثل الصقر أعتقادا بزيادة قوى أبصارهم بل أن مسح زفر اليدين بعد أكل اللحمة بشعر الرأس والذقن وأسفل القدمين يمنحهم نعومة وباتت من عجائب السنة المتبعة عند السلف الصالح لدى المسلمين. وعند عرب مؤاب كانت المرأة تستعير رداء امرأة خصبة كثيرة الأولاد لتنجب مثلها. أيضاً عادة إستخدام اليد أو القدم اليمنى نجدها عند البراهمة الهنود في حفلات التكريس، وقد توارثها الدين بكثرة قبل الحمام وفي الإغتسال ووطء عتبة المنزل ومباركة العروس لحياتها الزوجية وبداية كتابة الطفل وألخ. وكذلك بعض الهنود الحمر الذين تغذوا على الأسماك في كولومبيا عمدوا إلى صنع تمثال على هيئة السمكة في حال تأخر ظهوره في موسمه المعتاد كما علق أبناء قبيلة تورادجا عظام بعض الحيوانات في بيوتهم بهدف جذب أقرانها إليهم. أيضا استعمل هذا السحر لمساعدة العاقر على الإنجاب بحيث يصنع الساحر دمية صغيرة تحتفظ بها العاقر في حضنها أو على سريرها أما الروح فتؤخذ من الحيوانات الدواجن عبر ذبح إحداها وسكب دمائها على العاقر وزوجها وقراءة بعض العبارات السحرية عليهما كأن يقول الساحر بأن روح هذا الداجن مقدمة للإله لتقديم روح بشرية بديلة لذرية هؤلاء الأزواج وما أن يحدث الحمل والولادة يذهب الزوجان لتقديم القرابين كتعبير عن الشكر والإمتنان ومنها أفكار عن قرابين وأضاحي لا تزال سائدة بكثرة في المجتمعات البدائية كالمجتمعات الإسلامية. أما عند بعض قبائل أستراليا وأفريقيا وحتى أمريكا ودول البلقان وأسيا الوسطى فنجد ساحرين يساعدان المرأة على الوضع أحدهما يقف على باب عتبة باب المرأة الحامل عند الوضع بعدما ربط ببطنه حجر ثقيل وحركه بايماءات تكرر حركات الساحر الأول داخل المسكن والذي يقوم بتحريك يديه على بطن المرأة التي تلد لضبط حركة الجنين وما أن توضع الطفل يُسقط الكاهن حجره أما إن كان المولود ميتا فقد يحدث بأن يرده الساحر إلى الحياة عبر حمل الحجر ثانية وترديد أسم أحد أفراد القبيلة فيصبح قانونياً طفل شرعي للمرأة التي وضعت للتو طفل ميت ولا تزال هذه العادة قائمة في وسط وجنوب أفريقيا بأن تثبت بنوة الطفل للوالد عبر قيامه بحركات المخاص لزوجته وتسمى العادة بالكوفاد، ونجد أن العادة تتجسد في أسطورة زيوس الذي عاشر بشرية فانية أنجبت له هيراكوليس ما سبب غيرة زوجته الإلهة هيرا التي رفضت تبنيه أو قبوله كأبن وحاولت قتله عبر وضعه في 12 أختبار تجاوزها جميعا بشجاعته وفطنته إلى أن رقدت الآلهة بفراشها ومررت هيراكوليس على صدرها ثم دفعته خارج ثيابها كتعبير عن المخاض والإنجاب كما يحدث في الولادة الطبيعية ولا زالت عادة إلباس الثوب أو تمرير الطفل عبر الثوب موجودة عند العرب والمسلمين وأيام مجازر الأرمن حدثت كثيراً بأن أدخل الأطفال الأيتام الذين فقدوا أهاليهم في المجازر إلى الإسلام بتلك الطريقة كذلك في حرب البوسنا والهرسك وإن قصدت شيوخ تل معروف الأكراد في سوريا مع طفل معاق ستجد بأن إحدى بناتهم ستجسد عملية المخاض مع الطفل بعد تلاوة بعض الدعوات وطلب الصحة والعافية لجسد الطفل بشفاعة روح أباءها وأجدادها وتمرر الطفل من ثوبها. كما تتبع العادة عند البلغار وأهل البوسنا.
أما مملكة الخزر التي قامت في جنوب روسيا فقد تعرض كل ملوكها للموت أما عند نهاية فترة زمنية أو تعرض المملكة للكوارث الطبيعية او الهزيمة في الحروب وحقيقة نظام قتل الملوك مستمدة من كتابات الرحالة العرب القدامى وأبرز مثال عن هذه الحالة في أفريقيا يأتينا من بونيورو Bunyoro بحيث تقوم العشائر مجتمعة على اختيار ملك زائف كل عام للإعتقاد بتقصمه لشخصية الملك الراحل وبذلك تحلل أرامله والإتصال بهن جنسياً في المعبد الذي دفن فيه الملك ثم يقتلونه بعدما يحكمهم لمدة اسبوع. وهذه العادة كانت موجودة عند البابليين فقد كانوا يختارون ملكا زائفا في عيد السكايا او السقاية sacaea ويلبسونه البسة الملك السابق ويبيحون له التمتع بمحظياته وادارة مقاليد الحكم لمدة خمسة ايام ثم يجردونه عن البسته وينزلون به اشد انواع العذاب حتى يموت. وفي النقوش الاشورية القاء للضوء اكثر على هذا العيد والذي تحول لعيد البوريم عند اليهود Purim ولا زال هذا النظام شائعا الى حد كبير وكذلك كان الحال مع كاهن ايريكا الخاص بعبادة الالهة ديانا ونظام شريعة الهيكل المقدس الذي لا يصل اليه شخص يحتل منصب الكاهن الا اذا قام بقتل الكاهن المسبق حتى يقتل هو نفسه على يد من هو أكثر شجاعة وجأش وذاك المنصب يحمل ايضا صفة واسم الملك .
ورغم ان الادلة التي تكشف فيها الطريقة المباشرة التي ادت الى ظهور هذا النظام لا ترقى الى البرهان لكنها تحقق شروط الاحتمال لتقديم التفسير فنرى في الكتابات الاغريقية ان تواس Thoas تمكن بعدما قتل ملك القرم Orestes حاكم tauric chersonese والذي دفن بعد موته في ايريكا مدينة اوديسيوس الشهيرة وهناك وفي ذاك المكان كانت بحيرة نيمي والارض المقدسة وشجرة الحياة التي تدور حولها معظم الاساطير القديمة والتي تعتبر ان قطع غصن من اغصانها كفيلة بان تحرر العبد من عبوديته وتمكنه فرصة مبارزة كاهن المكان وقتله وتولية كل شؤون الحكم وبذلك نرى ان فرجيل في كتاب الانياذة قد كتب عن غصن اينياس Aeneas الذي انتزعه من تلك الشجرة قبل ان يباشر رحلته في عالم الموتى وقد ظل نظام تولي الحاكم بالسيف حتى في عصور الامبراطوريات فالكيغوالا قتل كاهن نيمي بعدما اعتقد انه شغر منصبه اكثر من اللازم ولاجله هرع الامبراطور كلاوديوس لاشعال مشعل دائم في معبد نيمي ليحمي نفسه واسرته وبالمثل فعل الرعية عبر القناديل الطينية التي تحولت الى عادة اشعال الشموع في الكنائس.
ولدى أوفيد أشارة إلى عادة النساء اللاتي تقدمن الأضحاحي لبحيرة صافية بسبب أعتقادهن أن الأرباب هناك تساعدهن على تسهيل الولادة وهي وظيفة الإلهة ديانا ففي بحيرة ليمولي التي كانت موقع للربة ايجيريا وهي حورية الماء الصافي والتي كانت بدورها تشارك المكان مع الالهة ديانا صاحبة اللقب (فيستا في نيمي) وتقوم بذات الوظيفة فهي عشيقة الملك نوما الحكيم الذي باشر بها سراً في الغيضة المقدسة، وقد أكتشفت دلائل في غيضات نيمي عبارة عن بعض التماثيل لأشكال أو أعضاء بشرية تشير إلى المرض وتقدم كتعبير عن الشكر والعرفان ما يدل أن مياه البحيرة كانت تستخدم كذلك للشفاء من الأمراض ولا يزال المعتقد متداولاً حتى يومنا هذا ونجد في دمشق على سفح قاسيون وتحديداً جبل الأربعين حيث يعتقد أن أبني أدم تشاجرا عليه بسبب قربان دموي قبله الإله من أحدهما على قربان الأخ الزراعي يقع بئر ماء يتجه إليه المرضى للتداوي أما في نسخ التيفونساخ فنرى أن زيوس قتل تيفون الشرير فوق سفح جبل كاسيوس وهو ذاته قاسيون ولن يخفى على أحد مقارنة الأسطورتين للإستدلال إلى الحقيقة. وهنا لابد أن نشير إلى الرب الثاني المقيم في غضيات نيمي المقدسة إلى جانب ايجيريا وديانا فهو فيربيوس الذي يجسد شخصية البطل الإغريقي هيبوليتوس النادر الجمال تلميذ الإله اليوناني خيرون والذي أنحدر من أسمه لفظ قنطور وحنطور فخيرون كان نصف بشري ونصف حصان علم هيبوليتوس فنون الصيد ومطاردة الوحوش بحيث أن فيربيوس أو هيبولتوس كان بصحبته الدائمة الربة أرتميس (المقابلة لديانا وهي واحدة من أعظم ربات الخصوبة) الأمر الذي جعله أن يترفع عن حب النساء وتسبب ذلك باثارة غضب أفروديت التي اوعزت إلى زوجة أبيه فيدرا بأثارته جنسياً ولما رادوها عن نفسه أتهمته ظلماً أمام أبيه تيسيوس بمحاولة أغتصابها فتدخل الأب على بوسيدن إله البحر الإغريقي ليثأر لزوجته من أبنه فأرسل عليه بوسيدن ثوراً هائجاً دفعه للهرب بعربته من غضبه ما دفع لفزع الخيول التي دهسته حتى مات فحزنت أرتميس وتدخلت على أسكلابيوس ليرد عشيقها إلى الحياة فأغضب ذلك جوبيتير لتجاوز أرتيمس الحدود والنظم الإلهية في إعادة كائن بشري فانٍ إلى الحياة فحكم على أسلاكبيوس بالنفي إلى عالم الموتى في حين نجحت أرتميس في تخفية حبيبها بغيضات نيمي متخفياً تحت أسم فيربيوس وأنجب أبناً حمل لقبه أو أسمه الوهمي الذي عاش به في الغيضة وهو الأبن والصياد الذي قاد حملة اللاتينيين في حروبهم ضد اينياس بطل اسطورة الانياذة وأهل تروي (طروادة) فبات محرماً على الخيول والجياد أن تدس بأقدامها هيكل وغيضة أيريكا بسبب قتلها لهيبوليتوس ونرى هذا الإرتباط البشري ـ الإلهي يتجسد أو يعاد تجسيده بين أدونيس وفينوس وايريختينيوس ومينيرفا وآتيس وجيا أما هيبوليتوس فقد أعيد للحياة مرتين وتحول إلى سانت هيبوليتوس كقديس مسيحي خصص له يوم 13 أغسطس كعيد ديني وهو اليوم الذي دهس فيه تحت أقدم الخيول الهائجة والمرعوبة من غضب ثور بوسيدن. أما قصص العشق بين البشر والآلهة فقد قارن المؤرخ بلوتارخوس الكثير منها مثل كيبل واثنين آلهة القمر واتيس وانديميون اللذان يلتقيان في غابات نيمي.
يذكر أن الطقوس المتبعة في ذكرى وفاة هيبوليتوس من بكاء وترانيم حزينة ينشدنها العذارى وقيام الشبان والفتيات إلى تقديم بعض خصلات الشعر كقربان لمعبده قبل الزواج تظهر بكثرة في الدين القديم والحديث في آن معاً وتوضح هذه الخصلة من الشعر أرتباط الآلهة بالبشر وكيفية الإعتقاد بمنح إمتيازات من خصوبة جنسية وطبيعية للتربة والماشية وتقوية الأنوثة والذكورة وقد تكون هذه الفكرة إحدى تلك الأسباب التي أدت إلى تحريم إهمال الشعر وإلقاءه أينما كان فعلى المرأة أن تدفن شعرها في مكان سري لإنها قد تسأل عنه عند البعث فضلاً عن معتقدات السحر الفتيشي فنرى في أبيداوروس أنه وبعد القحط الذي أصاب أرضهم قام الشعب بصنع تمثالين للعذراواتين داميا وأوكزيا ودفنوهما تحت الأرض فأثمرت التربة مجددا وفي ترويزن قام الناس بقذف الأحجار تمجيداً لهما وتعبيراً عن رغبتهم بالحصول على محاصيل وفيرة. أما هيبوليتوس البالغ الجمال وحبيب أرتميس وفيدرا ومسبب غيرة أفروديت يتجسد أيضاً في قصة التنافس الإلهية بين بروسيربين وفينوس على حب أدونيس وتلك الشجرة المقدسة في غابات نيمي ليست حكر على اليونان وحسب بل حتى نجدها في الهند ودول الشرق حيث تقام لها طقوس خاصة كالتزيين بشرائط براقة وملونة عبر عاشقات عذراوات أو الحوامل وتقديم القرابين لها كسكب النبيذ على جذعها أو أضحية أو دفن بعض الحاجيات الخاصة تحت تربتها لاعتقادهم بمساعدة تلك الالهة المتجسدة بالشجرة للوضع والولادة والنسل والذرية ورعاية العشاق والابكار والخ.
((السحر الإتصالي))
وحقيقة يعد هذا الفرع أكبر بسبب أن خرافة قانون الإتصال شائعة في العالم كله لكننا سنختصر كثيراً.
ومن الأمثلة نجدها في جنوب السودان وقبائل النوير وعند قبائل نيوساوث ويلز بحيث أنهم يفرضون على الأطفال إقتلاع أسنان بعضهم البعض للدخول في سن الرشد وبما أن قانون الإتصال يقول بأن الأشياء تؤثر ببعضها فالسن تؤثر بالفرد حتى بعد الخلع، فيأخذ أهالي هؤلاء الأطفال الأسنان ويدفنونها في قشرة إحدى الأشجار الواقعة على ضفاف الأنهار وإن سقط السن في الماء فذلك فأل جيد ودلالة على أن الأمور تسير بخير أما إذا كشفته الحشرات وأسراب النمل فالفأل سيء ويعني بأن صاحبه سيعاني آلاما شديدة في فمه وفي ذات المنطقة حيث توجد قبائل المورينغ يخلع السن ويعطى لأحد شيوخ القبيلة الذي يعطيه لخلفه تباعاً حتى يصل لوالدي الطفل، وتحرص قبائل الباسوتو على دفن أسنان أبناءها كي ما تقع في أيادي كائنات أسطورية قد تلحق الأذى بالصبية وإن حدث وتشوهت أسنان أفراد تلك القبائل فالمسؤولية تقع على كاهل الأهل لأنهم لم يحفظوا الأسنان بعناية مطلقة. وقد أستمرت هذه المعتقدات حتى فترة قصيرة من زمننا ولا زالت موجودة في دول الشرق وشرق أسيا وأفريقيا، فعلى من يفقد أسنانه أن يدفنها في حجر فأر كي تكتسب أسنانه الجديدة صلابة أسنان القوارض وفي أوروبا وخارجها أخذ السن ونودي أيها الكائن الفلاني خذ هذه السن وعد لي بأخر جديد قوي ثم يرمى وحديثاً تقال لجنية الأسنان، الإحتفاظ بالسن ودفنه في مكان مميز لم يختلف أبداً عن عادة دفن مشيمية الوليد أو حبله السري حتى ما تبقى من سرة ناشفة في بطن المولود إعتقاداً بأن جزء من روح الطفل تبقى ساكنة للمشيمة وعليه يجب أن تدفن في مكان لا يعرفه أحد سوى جدة المولود أو أمه، أما أهالي بوناب فيضعون الحبل السري في إحدى الأصداف ويلقونها في أماكن يرغبون بأن تكون خير خلف لأطفالهم، وفي جزيرة كاي تعتبر المشيمة شقيق المولود الذي يتبعه كذلك عند قبائل الباتاك في سومطرة أما لدى بعض الشعوب السورية وأسيا الصغرى وميسوبوتاميا كالسريان والاشوريين والأكراد فتدفن المشيمية إما في إحدى شقوق المنزل أو تحته أو في شجرة قريبة بضع أيام ثم يتخلص منها بالدفن في مكان سري لا يصله أحد وكأمثلة أخرى مختلفة من معتقدات عدة نذكر أن الجنابة عند المسلمين تعود لذات الفكرة كما فكرة المخالفة العقدية أي النجاسة ونملك دلائل أن اليعاقبة المسيحيين لم يأكلوا من صحن الملكانيين كما لم يأكل الأثنين من صحن اليهودي والمسلم من صحنهما باعتبار أن جزء من روح الظلام والشيطان تسكن الكافر والروح صانعة الجسد.
القرين:
أعتقد الإنسان قديماً أن لكل فرد بشري روحين روح تبقى ساكنة به وروح تقطع مع المشيمة لكن تبقى على تواصل كما تعتقد قبائل الباغاندا والشيروكيس والإنكا في المرتفعات الغربية من أمريكا الشمالية، وفي بافاريا الألمانية وبرلين يعتقد جزء من السكان أن الإحتفاظ بمشيمة الطفل مدة زمنية ستحميه من الأذى وفي ميلانيزيا ذهب المريض الملتهب الجراح لمضغ نباتات تزيد من التهاب الجرح وتهييجه املاً بالتعافي وفي سوفولك اذا جرح شخص نفسه بشوكة دهنها بزيت حتى لا يتقرح الجرح وقد طور أهل بافاريا وريف إنجلترا هذه العادة إلى دهن السيوف والسكاكين والخناجر حتى ما إذا جرحوا بها أنفسهم تفادوا شر الإلتهاب أما سكان وسط أستراليا ذهبوا أبعد من ذلك فاذا ما مات أحد الأقارب غطوا أجسامهم كاملا بالشحوم والزيوت وفرضت بعض القيود الأخرى على مأكلهم ومشربهم وطريقة مجالاساتهم ومنها عادة لبس اقرباء الميت للون الاسود في الاديان الابراهيمية او اللون الابيض لارملة الميت عند الهندوس وفي احدى الجزر القريبة من غينيا يقوم اهالي الجريح بالقاء ضماداته في النهر كي ما يستخدمها احد في السحر ضده. عاشقات ثيوكرتيوس وهو شاعر يوناني من القرن الثالث ق.م كن يحرقن الشمع كي يذوب بهن عشاقهن واحراق بعض الخيوط والاثار التي سقطت من اثارهم. ذات المعتقد نجده في بروسيا فاذا ما تعرض منزل احدهم للسرقة ذهب للبحث عن اثار اللص ومعانفتها كي يقع في شر اعماله وهنا نود ان ننوه ان السحر الاتصالي لا يعني بالضرورة ان يكون الاثر مادي اي جزء من الانسان فقد يكون اثار خطى او بصمات على ريشة او شيء احتك به كالتراب، الماء، الالبسة، العشب والخ ففي tatungolung و Mecklenburg يسود الإعتقاد ان شك دبوس او غرز مسمار في أثار خطى احدهم كافية لتسبب العرج ويفضل ان يكون المسمار منزوعا من نعش ميت وهكذا تجمع فتيات السلاف التراب الذي طبع اثار احبائهن في انية وتزرع فيها زهورا لا تذبل كي ينمو حبهن داخل قلوب من تهواهن اما الاسكندناف الدنماركيين ابرموا بدمائهم المعاهدات على اثار خطى الرجال من الاطراف الموقعة للمعاهدة ونذكر ان هذه الخرافة شائعة جدا عند الاغريق فقد نسبوا الى فيثاغورس كي تكتسب الخرافة مصداقية اكثر انه كان ينهي الناس عن غرز الاشياء الحادة في اثار اقدام الاخرين كما اعتبر الفيثاغورثيين ان على المرء ترتيب فراشه بعد النهوض وازالة كل اثار جسده المطبوعة كاجراء وقائي ضد السحر. وفي معبد بعل ببابل وهو عبارة عن برج يقوم فوق معبد فسيح فوقه سرير كبير مفروش بارقى واغنى انواع الاقمشة والوسائد لم يسمح لاي انسان على الاطلاق دخوله سوى امرأة وحيدة اختارها بعل من بين نساء بابل فيأتِ إليها وينام معها وكونها قرينة الاله حرم عليها مجامعة البشر الفانين. وفي طيبة بمصر كانت احدى النساء تنام في معبد آمون باعتبارها قرينته ومحرم عليها الاتصال بالبشر وقد تكون ملكة مصر بحد ذاتها وبما أن المصريين أعتقدوا بانهم ينحدرون من نسل امون كانوا يتنكرون بصورة الملك ويجامعون الملكة وقد نقشت العملية في معبد الاقصر ودير البحري، اما ديونيسيوس اله الكروم في اثينا كان يتزوج بملكة وقد كتب عن الامر ارسطو لتوكيد وضمان خصوبة الكروم وفي حين هناك ايام عدة من السنة تعود أصول احتفالاتها لعدة طقوس يونانية قديمة مثل توحد زيوس والهة الحنطة ديميتير في اتصال جنسي يتكلل بانجاب المولود المقدس بريموس سنبلة القمح او زواج زيوس وهيرا كان الناس في السويد يصنعون تمثالا للاله فراي اله الخصوبة في الحيوان والنبات ويطوفون به القرى فوق عربة تركبه فتاة جميلة يعتبرونها قرينة فراي وتقوم تلك بدور كاهنته في معبده الكبير باوبسالا.
صلاة الإستسقاء
على اعتبار ان المياه من ضروريات الحياة كان الانسان دائم الخوف من فقدانه خاصة مياه المطر التي كان يعتقد قديما انها من تملئ الانهار والبحار فاستخدمت العديد من الاساليب لمهمة تنظيمها واستندت جميعها على مبدأ السحر التشاكلي أو المحاكاة. اما عبر رش بعض الماء لمحاكاة الغيوم والسحب وهكذا كان أهالي دوربات في روسيا يفعلون بحيث يتولى المهمة محدثوا المطر الثلاث أحدهم يتسلق شجرة ويطرق على الابريق لاحداث صوت كصوت الرعد في حين يحك الاخر الخشب ببعضه حتى يتطاير الشرر كي يحاكي البرق ويقوم الاخير بحمل وعاء مليء بالماء يغمس فيه حزمة من الاغصان ويرشها حوله. أما في بولسكا كانت النساء تخرجن ليلا عاريات وتصببن الماء على الارض، وفي هالماهيرا يغمس طالب المطر اغصان الشجر بوعاء ماء ويسقي به الارض لاحداث المطر أما قبائل الناتشيز الأمريكية الأصلية فقد عكف سحرتهم على الصوم والرقص وملئوا افواههم بالماء ونفثوه كالرذاذ اما اذا ارادوا ابطال المطر صعدوا الى اسطح الاكواخ ونفخوا في الهواء لتبديد الغيوم وانقشاع السحب وكذلك فعلت قبائل مارا وانغاميس. أما المقريزي فيورد في كتابه أن إحدى قبائل البدو في حضرموت كانوا يتبعون طقسا غريبا لمنع سقوط المطر فقد كان الناس يقطعون غصنا من الصحراء ويشعلون فيها النار ثم يرشونه بالماء رشات خفيفة وبذلك يختفي المطر كما تختفي قطرات الماء على خشب الغصن المتوهج اما قبائل التلوجو فقد ارسلوا باحدى بناتهم عارية تجري تحت المطر وتحمل غصنا مشتعلا تبرزه للمطر للمحاكاة. ورأت قبائل الديري أن الغشاء الرقيق الذي تنتزعه من الصبية أثناء عملية الختان تحدث أثراً كبيرا على المطر فكانوا يحتفظون به بعناية فائقة ولا يجوز للاناث رؤيته وقد كان الدم الذي يسيل من العضو الذكري نوع من القربان الذي يقدمه الاهالي لترضية الارواح ولاحقا الاله. أما كهنة بعل كانوا يمزقون أجسادهم بالالات الحادة عند طلب المطر
تابو التحريمات
وفي الواقع أن لهذه التحريمات جذور سحيقة عبر التاريخ وقد أنتهت في ثوب المخالفات العقدية أحياناً كثيرة فقد كره على المرأة في الإسلام أن تعقد شعرها الذي فقدته أو قصته ويفضل أن يدفن محلولًا، لتفادي بعض المشاكل الحياتية، كذلك على المرأة في اليونان أن تغزل في مكان مكشوف حتى ما حتى ما تتلف المحاصيل عند دوران المغزل، أيضاً تتجنب المرأة الحامل عند الإينوس عن الغزل لمدة شهرين حتى ما تتشابك أمعاء الجنين في رحمها بل أن بعض النساء المسلمات يقمن بحل بعض الخيوط المعقدة رهبة من الكوارث التي قد تحدث لهن بعد رؤيتهن لذلك الخيط الذي تمنعن عن حل عقده. وبذلك أبتعدت المرأة عن رؤية بعض الأخطاء الجينية أو ما تسمى بالعربية التشوهات الخلقية كي ما تنتقل إلى الجنين، وتعتقد بعض شعوب السودان أنه إذا تم بناء بعض البيوت من أشجار شوكية فحياتهم سكانها شائكة. ومن هذه التحريمات أيضاً فكرة الإمتناع عن أكل لحوم بعض الحيوانات حتى ما تنتقل خصائصهم مثل الخنزير عند المسلمين أو لحوم القنافذ على المحاربين في مدغشقر أو أكل ركبة الثور أو لحم الميتة المطعونة بالمحراب وألخ فقد أعتقد الإنسان القديم بأن الأشياء لا تؤثر ببعضها فحسب بل أن معظم ما يدور في حياته اليومية مرتبطة بأشياء وخصائص مفعول بها ففي حين يخرج ذكور القبيلة للصيد أو القنص تروح الإناث لممارسة بعض الطقوس الغريبة بحيث يعود إليهن الرجال سالمين كأن تحرصن على ان لا يمر ذكر من القبيلة مسن أو طفل خلف ظهورهن أو أمامهن حتى ما يقع أزواجهن ضحايا للفرائس ويتمنعن عن الجري بسرعة ودهن أجسادهن بالزيوت أو قص شعورهن أو تمشيطها ويتقلدن في ذات الوقت أدوات الصيد الحادة طيلة الليل والنهار حتى يظل رجالهن متأهبين بسلاحهم أو أن ينمن في وقت متأخر حتى ما يفاجئ العدو أزواجهن وأخواتهن أثناء النوم في حين تعمل أخريات على الإستيقاظ مبكراً كي ما يغط رجالهن الصيادين في النوم كنساء هنود الهايدا أو أن لا تنمن أبداُ كما نساء قبيلة يوكي في كاليفورنيا أو أن تدهن أجسادهن باللون الأبيض كما نساء قبائل التشي وكذلك بلدة فرامين ومن هذه الطقوس السحرية التشاكلية المتداولة كمعتقدات حتى اليوم نذكر قرصة العروس لبعض صديقاتها كي تتزوجن بعدها أو رمي باقة زهور تلتقطها إحداهن أو إبذار الأرض مع القيام ببعض الطقوس لتؤثر على الخضرة والثمر والزرع تأثيراً طيباً، أيضاً دفع البعض للمرأة التي أنجبت للتو على القيام ببعض الوسائط أو منعها من حضور بعض المناسبات كعقد القران أو الزواج أو إطلاق الأذان في أذني المولود أو على رأسه، أيضاً حجاب الماسكة الذي يكون عبارة عن آية الكرسي يعطى للحامل كي ما تفقد جنينها، حجاب القرين، الإدعاء بمعرفة جنس الجنين من بعض الأوصاف لبطن المرأة أو حركات سيرها، إستدعاء امرأة مسنة عند الولادة، بشارة المولود، الأسبوعية، الأربعينية، إطعام المولود الحديث الولادة الماء المحلى بالسكر، غسل الطفل بماء بعض النباتات كالزقوح والقضاب، ورقة اللبن التي تساعد باكثار حليب المرأة، العطبة التي تطرد العين وهي بلف قطعة قماش بضع مرات ثم إشعال طرفها بالنار، إحراق مادة الرصاص ثم صبها في الماء فوق الرأس، العقد التي تربط على ألبسة الطفل أو شعره وألخ. وعادة العقد تلك فتعود لطقوس سحرية تشاكلية للتطهر من ذنوب الرذيلة فقد عمدت النساء قديما على جلب خيط طويل بحيث يعقدن كل مرة أسم أحد العشاق وما أن تنتهين من عقد كل الأسماء الذين مارسن معهم الفاحشة ذهبن إلى معبد الآلهة وأحرقنه بعد الإعتراف بأسماءهم أثناء الحرق وبذلك تتطهرن وتغسل جميع ذنوبهن. أما الرجال فقد عقدوا مع كل هفوة ومعصية أرتبكوها عقدة في الخيط حتى تحول الخيط إلى مسبحة مليئة بعقد الذنوب فيقوم الأثام بدلو أعترافه للريح ثم حرق الخيط المعقود، وهي فكرة السبحة والتعاويذ من الشيطان والإستغفار وأيضاً عقدة رد العين والحسد. فهناك تفاسير لمعظم الدعوات على الأعداء كانحدار من السحر التشاكلي مثل جملة (أجعل رصاصنا يصيب ورصاصهم يخيب) ففي جزيرة كاي كن النساء يلوحن بمراوحهن خلف المحاربين الرجال باتجاه الاعداء وتلاوة بعض الأناشيد التي تتضرع للإله برد سلاح الأعداء إلى الأعداء وحماية ظهور الأزواج. وفي الواقع أن الأمثلة لا تنتهي فهذه الطقوس تشابكت في معظم مناحي الحياة الإنسانية كما ذكرنا بحيث أن بعض أبسط الأمور التي ورثها الإنسان سواء لغة، تصور حي، وممارسات خلفيتها سحر تشاكلي وإن عكفنا على بحث ودراسة وتقصي كل العقائد الحديثة وإعادتها للجذور السحرية فالمسألة ليست هينّة والطريق شاقة جدا ويحتاج ان نبحث في الكثير من المسائل وان نفرد لها جوانب لمناقشتها ومنها مسائل لم تكد تحظى بعناية احد من الدارسين حتى اليوم خلا دراسات الانتربولوجيين الغرب كما ان المقال الذي نضعه بين أيديكم قد يتضخم ويتحول الى كتاب من عدة طبعات وثم مجلدات.
وأخيراً لابد من الإشارة إلى أن الساحر وعلى مر الازمان والتاريخ أحتل مكانة مميزة وعالية وبعض النفوذ بل لدرجة انه ارتقى لمرتبة الملك والآمر الاول والناهي فجذبت مهنة الساحر ورجل الدين دوما الطامعين بالمال والمجد والشهرة وخاصة اولئك الذين يتمتعون ببعض الفطنة واستغلال النزاعات لبث اضاليلهم وخرافاتهم فكانوا اقدر على تجاوزر مغالاطاتهم واباطيلهم ببعض الدهاء وبذلك خدعوا وغشوا عن عمد. بيد ان ذلك لا يكفي لايصالههم الى القمة فالطريق الى السلطة والقيادة شائك وبحاجة هدوء وقوة في اللغة وقبل ان تتحول هذه المهنة ليد رجال الدين كانت تتمتع ببعض الشرف لدى الانسان البدائي القديم فاذا ما فشلت تعاويذ الساحر في انقاذ بعض المواقف اجهر بالفشل واودي بحياته الا ان الميل الى السلطة العليا واولغاريشية الكهنة والشيوخ نهت الكثير من المجتمعات عن الخروج والتحول من مرحلة التوحش والهمجية وعصور الغوغاء الى مرحلة الحداثة والفردانية فبقيت خاضعة للعادات والتقاليد القديمة وعبيدة للماضي وارواح الاسلاف الموتى في حين تحكم برقابهم بضع همج بسياسة الموتوقراطية أي نظام حكم الأنبياء الموتى والاسلاف، فخضع لهم خضوع الاعمى وتقبل كل سيئاتهم وهمجيتهم دون اي نقاش خوفا من ملاحقة ارواحهم له هكذا اعتقد الانسان قبل ألاف السنين ولا زال فالتقليل من قدرات الشباب وكفاءاتهم من أحب ممارساتهم حيث يولد الفرد في قالب حديدي من العادات والممارسات والطقوس الموروثة .

المصادر:
شتراوس: الانثروبولوجيا البنيوية
السير جيمس فريزر: الغصن الذهبي
خزعل الماجدي: بخور الآلهة
سيجموند فرويد: الطوطم والحرام
فرجيل: الإنياذه
مجتمع أوغاريت: شيفمان
أديان العرب وخرافاتهم: ماري الكرملي
أصل الدين: فيورباخ
مداريات حزينة: كلود ليفي شتراو

 

المصدر :http://www.m.ahewar.org