°
, March 29, 2024 in
آخر الأخبار
عيـســـى ابــراهـيـم

أنظر في هذا اليوم : عيد الجلاء . عيـسى ابـــراهيــم

بهذا اليوم الوطني الذي أُنجر بجهود أجدادنا السوريين جميعاً مُستفيدين من المناخ الدولي العام أنذاك  , أستذكر الجلاء وأنظر لسوريا بعد حوالي خمسين سنة من الانقلاب العسكري الذي سرق حلم الأباء المؤسسون ببناء دولة ,انقلاب أسّس حكم الفرد وأنتج الخراب ….

 

خمس سنوات هُجّر أكثر من نصف السكان داخلاً  وخارجاً  وخسرنا فيها كسوريين  أكثر من مليون ضحية وأكثر من مليون ونصف المليون مُعاق ومئات الألاف من الأرامل ومئات الألاف من اليتامى  ومئات الألاف من المفقودين  ومئات ألاف المسجونين  من طرفي الخراب  ديكتاتورية الأسد  وإرهاب التطرف الديني والعنصري …

خمس سنوات هو و قادة فصائل متطرفة أطلقهم في مرسوم عفو في أيار 2011 يتناوبون على قتلنا  في كلا طرفي الصراع تحت عناوين الوطن  والحرية والدين …

 

خمس سنوات نموت تحت براميله وصواريخه  في دمشق وريفها وحلب وريفها وحماه وحمص  وريفهما  وفي درعا وجبل الزاوية وادلب  … كما يُسلّمنا  للموت بيد داعش مُساقين  في اللواء 93 ومطار الطبقة والفرقة 17  و جسر الشغور …  أو  كما يُسلّمنا في قرى صلنفة أو مساكن عدرا العمالية  …  حيث يستفيد من اللعب  بنقيضي اللعبة  ونحن الخاسرون دوما وهو الرابح دوما  ؟1 ..

خمسً خسرنا فيها أيضاً ما بُني في سوريا  بالمال المُتبقي من سرقة النفط والخليوي وبقية الثروات , فلا  بـ ” الأمان ” أمتلكنا  وطناً ولا مالاً ولا كرامة , وفي حرب ” الكرسي ” هذه  نخسر رويداً رويداً المُتبقي من وطننا ..

خمس سنوات من الموت دون  ” الكرسي ” لنا جميعاً ..وأطفالنا يعانون الشقاء والعوز وأطفاله يتحضرون لوراثة ” الكرسي  ”  و وراثة مالنا العام المسروق …

خمس سنوات مرّت علينا  هكذا… ومرّت عليه سلطة  ومزرعة وطمأنينة وتجارة بقضايانا وثروة ومال وفير وعدة مئات من مليارات الدولارات  في بنوك الغرب  وصروح اقتصادية  تُبنى هناك – مسروقة من هنا  –  تراها في لندن  وباريس  وفيينا …..

إذا كانت مصلحته ومصلحتهم في بقاء السلطة  والكرسي والمزرعة  والمال المتدفق من المال العام السوري ومن  مال قوى الظلام من كل صوب – المُتدفق إليه كديكتاتور يُخرب بلاده ليبقى , والمُتدفق إليهم كإرهابيين يمتطون حق السوريين بالحرية  والكرامة  ويساعدونه في اتمام الخراب –

 إذا كانت مصلحتهم  ومصلحته هي تلك  …

 فأين مصلحتنا  كسوريين أن نكون موتى وفقراء  في وطننا أو مشردين عبر الحدود أو نكون يتامى وأرامل  ومُعاقي حرب وخائفين  من الموت  القادم الينا في كل لحظة ؟!

هل يُعوِّض لقب ” شهيد ”  أو ترفيع  ” رتبة شرف ”  الميّت  ؟! … أم يُعوّض أرملة عن زوجها ؟!… أم يُعوض طفل عن أبيه ؟!…أم يُعوض أم أو أب عن ابنيهما ؟!…أم يُعوض حبيبة عن حبيب …

ولماذا لا يشاركنا الديكتاتور, و أصحاب اللحى , ” الشهادة ” التي يُطالبونا بها  من أجل ” الوطن ” والحرية  ” و” الدين ”  ؟!….

لماذا الحياة والسلطة والثروة  مطلب وحق له  و لهم  لبقاء الوطن ؟!…  والموت والفقر لنا  شرط لازم لنكون  ” وطنيين ” ؟!…

لماذا مطلوب منا وضع البوط العسكري فوق رؤوسنا ؟!  ونساؤنا الأرامل يُسْتَعْبَدْنّ في الوطن وعبر الحدود من أجل لقمة  خبز, وغير مطلوب منه ارجاع المال العام المسروق منه ومن عائلته  الى خزينة الدولة  للصرف على زوجات  وأبناء  وأهل  السوري  الضحية المدني و العسكري ؟!…

هل لدينا ما نخسره بعد ذلك إلاعبوديتنا لتجار الدين والوطن  المُتخفين بعباءة الله والوطن !!! … وهل زوال العبودية  ونوال الحرية  ودولة القانون الا حق وربح .!!!!

إن السوري العلوي شأنه في سوريا , شأن أي سوري فيما سبق وفيما هو لاحق ,فلا مِنّة له ولا مِنّة عليه , يُستَحق له,ويجب عليه ,ما يسري على السوريين جميعاً , وانخراط بعض أبنائه في سلك الجيش والأمن جاء لأسباب موضوعية  منها مستوى النضج التاريخي لديهم كما لأي جماعة بشرية في سوريا  ولحالة الفقر الشديد وقلة الموارد  الخ , وهو أمر قابله سلوك أخرين من الجماعات البشرية  في هذين المجالين  وفي غيرهما من المجالات  من تجارة  وزراعة  وعمل حر الخ … تبعاً لظروف كل جماعة بشرية سوريّة , وهم في هذا الانخراط لم يأخذوا  دخلاً أعلى مقابل استخدامهم من العائلة الحاكمة في هذا السلك كما اُستخدمم غيرهم في التجارة  والدين والسياسية  …. في دمشق وحلب وبقية المدن السورية .

 فالعلويون كما السنة ليسوا مسؤولين عن مجرم منهم , بل كل  مجرم مسؤول عن نفسه , ويُحاكم المجرم لارتكابه الفعل الجرمي , لا لانتمائه الديني أو الاثني  , و تظهير الصراع في سوريا على أنه  صراع سني – علوي   , عربي  – كردي  ….وليس صراع بدأ بين شعب  وديكتاتور  و حُمّلت عليه لاحقاً مشاريع اقليمية  ودولية ولكل غايته   , هو تظهير يخدم الديكتاتورية ويخدم  المشاريع الاقليمية  والدولية على حساب مصلحة سوريا  العليا   ….

 لينظر السوري والعلوي  ضمناً – على سبيل المثال – لطرفي الدعم  الاقليمي لما يسمى نظام  ولما يسمى معارضة , ايران وتركيا , و في الوقت عينه  لينظر مقدار حجم التبادل التجاري الهائل  بينهما…  ومقدار  المصالح الكبيرة التي حققاها  كدولتين على حساب  دم  ومال السوريين  موالين – معارضين  وعلى حساب الوطن السوري  … ليُدرك حجم المأساة  التي أوقعتنا بها مافيا حكم عندما تصرفت بشكل  اجرامي غير مسؤول ..

وكما وعى وأدرك السوريين السنة – بأثنياتهم جميعاً كعرب وكرد وتركمان وشركس  الخ – مخاطر الاستخدام الديني لهم وكانوا الأغلبية من قادة سوريا للتحرر من العثمانيين , والأغلبية في  النخب الوطنية التي أسّست لفترة الديموقراطية السورية حتى الخمسينات  , وهم يَعون ذلك حتى الآن بكل تأكيد رغم هول المأساة… فكذا العلويون يَعون ويُدركون أنهم جزء أصيل وعريق من الوطن السوري , ولن يكونوا أداة بيد عصبة رجال دين ايرانية…  على حساب سوريا والمشرق , فلسوريا وبلاد الشام  والمشرق  ارثهم الحضاري الغني  و مكانتهم  المميزة ,  التي يجب  استحضارهما لمصلحة أبنائهم, فنحن أصحاب الرسالة ,ورسالتنا  كسوريين ودول ناطقة بالعربية في المشرق وغيره ليست لخدمة أخرين  , بل هي رسالة حضارية لخدمتنا نحن هذه  أبناء المنطقة .   

إن دولة قائمة على عقد اجتماعي جديد بين كل السوريين بمختلف مكوناتهم ,دولة علمانية ديموقراطية تحترم القانون والاعتقاد ,هي ضمانة أساسية لجميع السوريين , دولة تحترم الأديان وتضمن التّدين , دولة تعمل كجهاز  مُحايد لخدمة  المواطنين السوريين بمعزل عن انتماءاتهم الدينية والاثنية  , دولة  على مسافة واحدة من الجميع  …

أُدرك وأعي جيّداً حجم  التسويق الاعلامي المُضلل عن العَلمَانية  , غير أنها – أي العَلمَانية –  تبقى المفهوم الأرقى حتى الآن , كمناخ  عام لآليات عمل  وادارة في المجتمعات المتنوعة كسوريا , التي يستطيع فيها المؤمن ممارسة ايمانه بحماية القانون دون طغيان, ويستفيد الجميع من خدمات الدولة  التي تقدمها  هذه الأخيرة  للمواطنين دون تمييز ديني أو اثني  في ظل مفهوم مُحايد غير ايديولوجي للدولة  سواء أكان ايدلوجيا دينية أو اثنية , فالعَلمَانية  شرط لازم لصحة التمثيل  وتداول السلطة  وحرية وحماية الاعتقاد و حرية التعبير وتوزيع الثروة  وتقديم الخدمات العامة  على قاعدة الحق والواجب  تِبعاً للمواطنة  …

ولعل اللامركزية الادراية المُوسّعة  تُحقق للسوريين الاستفادة من الامكانيات الانسانية المحلية  وتُخفف من حدة المركزية , التي أستخدمت قبلاً ولعقود في ادارة البلاد لمصلحة فرد وعائلة وخدمة الديكتاتورية والاستبداد  والسرقة , منوهاً الى  أن المواقف المُعلنة لرأس السلطة غير الشرعية وبقية القوى الدولية لا تعكس صدقية في واقع  الحال , فقراءة مُتأنية لما حدث في الشمال والشرق من سوريا في مناطق سيطرة السلطة وتواجد قوات روسية وأمريكية  وايرانية تدحض هذه المواقف المزعومة , مجريات اعلان فصيل مسلح مدعوم  بالسلاح من السلطة السورية تؤكد ذلك ,  فالاعلان  لتلك الخطوة من أفراد قلائل في صالة مُغلقة , بموضوع يمس كل السوريين ,على خلفية المظلومية لم يكن ليتم هناك لولا الموافقة الضمنية لتلك القوى الموجودة هناك كمحاولة  أخرى لابتزاز السوريين  بعد ابتزازهم بداعش . حتى لا تكون الدلوة والقانون والحرية المطلوبة

 وهنا من المهم التأكيد أن مظلومية السوريين جميعاً سببها عدم وجود دولة  بل مزرعة” سوريا الأسد “,  وعدم وجود حقوق  وواحبات, بل غياب للقانون وسيطرة مفاهيم السماح و العطايا والهبات ,وكذا عدم وجود سيادة , بل بازار دائم على المصالح السورية العليا لضمان بقاء فرد وعائلة دمّرت سوريا وما زالت, وبالتالي فالحل ليس بتقسيم المُقسم مما بناه أجدادنا السوريين من كل المكونات بل  ببناء دولة وطنية  ديموقراطية علمانية  تحترم الحقوق الفردية والثقافية  لكل  المواطنين  والجماعات  البشرية الموجودة سواء الدينية منها أو الأثنية  , احترام الحقوق الانسانية كاملة غير منقوصة لجهة  الحق  في التعلّم والتعليم  باللغة الخاصة  واستخدم وسائل الاعلام  بها وهنا أطالب باقرار اللغات الثلاثة  العربية والكردية والسوريانية  كلغات رسمية في الدولة السورية الجديدة , والزواج وفق قانون الأحوال الشخصية الخاص , وكذا أطالب بوجود قانون زراج مدني اختياري لمن يريدون الخروج من المساحات الفرعية الضيّقة  الى مساحة الانسان و الوطن  الواسعة .

كما أننا بحاحة لاصلاح هوياتي ديني فيما يخص أدياننا جميعاً , يتناول اعادة ضبط السياسة  وعدم تدخلها في الدين ليبقى الدين علاقة بين الانسان وربّه  وليس أداة لكيد الانسان بالانسان الأخر  , مُستخدماً ما يعتقده  من كلام ربّه بصدد ذلك  . فداعش لم لتكن موجودة لولا العنف الموجود داخل ثقافتنا النامية برعاية الاستبداد والتطرف, ولا فرق  هنا بين الاجرام الُملتحي والاجرام الحليق  , فكلاهما  يؤدي للنتيجة عينها  .

إن جهادنا الأكبر هو سعينا لبناء مساحتنا المشتركة – الواسعة : سوريا , وهو تجاوزنا لاختلافنا الثقافي لنبني مشترك انساني وطني ..  تحت طائلة  بقاء شبكة تحالف الارهاب و الديكتاتورية والاحتلال  وبقاؤنا وقود لسلطة الكرسي  وتدفق المال  الأجنبي على بعضنا  فقط وتحقيق مصالح الاقليم والعالم  على حسابنا  جميعاً…..

لقد آن الآوان للمطالبة بإحالة  شبكة الارهاب  السادة  : بشار الأسد  وأبو بكر البغدادي  وأبو محمد الجولاني  وعبد الله المحيسني  الخ … كمجرمي حرب الى محكمة العدل الدولية في لاهاي لقيامهم بقتل مدنيين في المدن والبلدات السورية أو قتل أفراد من الجيش السوري – عبر  تسليم قطع عسكرية أو بالقتل المباشر-  واثارة النعرات الطائفية والعنصرية وتقسيم الدولة السورية , وتخريب ممتلكات عامة وسرقة مال عام والاستيلاء على السلطة أو محاولة السيطرة عليها  بطرق غير مشروعة والاستعانة بقوة  خارجية  والاتصال بالعدو  واستجلاب مرتزقة أجانب  لقتل سوريين   … الخ  وكذا مع من يثبت لاحقاً مشاركتهم أولئك  المجرمون بأفعال جرمية بحق سوريين ومال عام سوري …

 فذلك ضرورة لبدء مسار العدالة  التي يُمكن أن تُخفف من سوء الفهم التاريخي بين المكونات السورية  وتُزيل الاحتقان والاقتتال بين أفراد الأمة السورية..والعدالة  لا تعني بأي حال افلات المجرمين من العقاب  …

 وبهذه المناسبة أتوجه بإسمي أنا عيسى ابراهيم كمواطن سوري , بهويتي الإنسانية الأساسية ,وبهويتي الفرعية , كعلوي يعتز عالياً بالقيم الانسانية العلوية ,التي تتبناها الثقافة الروحية العلوية  كثقافة  فرعية لثقافتنا الانسانية السورية العريقة .

 أتوجه بهذه الهوية  المتناغمة التفاصيل  : بالمحبة  والسلام لكل سوريّة وسوري ولروح كل ضحية سوريّة  جرّاء الديكتاتورية  والارهاب  و لكل سيدة أرملة وطفلة يتيمة وسيد  مُعاق وطفل  مٌشرّد …

آملاً لكل سوريّة وسوريّ وقتاً أفضل يليق بنا كبشر .. و آملاً التأمل والتفكُّر لوقت قصير في حجم الموت والخراب لدى كل منا …

حتى نستطيع العيش في وقت الحياة القادم كبشر لا أن نموت كحمقى ….