°
, April 19, 2024 in
آخر الأخبار
الشــيخ صالح العلي

تفاصيل من حياة الشيخ في قرية مصيات

من حياة الشيخ في قرية مصيات

( ……. بعد طول قتال مع الفرنسيين في منطقة الشيخ بدر وجنوب الجبال وسيطرتهم على بلدة الشيخ بدر وحرق منازل الشيخ وقيام الفرنسيين بتوزيع عدد كبير من الجواسيس في كل مكان من أجل العثور على الشيخ أو الدلالة عليه . شعر الشيخ بالخطر مما اضطره إلى الانتقال والتخفي عن الأنظار وتنقل مع أسرته من قرية إلى قرية إلى أن وجد المسكن الآمن له في قرية مصيات , حيث استقبله أهلها بالترحيب وحسن الضيافة نذكر منهم الشيخ عباس غانم , الشيخ حبيب بدور , الشيخ صالح بدور , الشيخ عبد الله بدور وخليل محفوض حيث تم تخصيص بيت له ولأسرته حيث كان معه زوجته فضه ” فضه أحمد حسين “ يعرف البيت ب ” قصر المجاهد “ وهو قصر قديم ينسب للشيخ عيسى مصيات ابن الشيخ بدر الغفير وكلفوا مجموعة من الشبان لحراسته ومنهم ” حسن محفوض “ لكنه كان يضطر للخروج وكان قلقا أن ينكشف أمره فقال للشيوخ المذكورين إنني أفضل أن تبنوا بيتا خارج القرية بعيدا عن الأنظار لأنني أحس هنا وكأني داخل السجن . فبنوا له بيتا في مكان يعرف ب ” مقل يسدا ” وكان لديه عدد من المواشي ” الماعز “ وخصصوا لرعايتها كلا من محمد عباس حمود وأخوه إسماعيل . وبعد أن استقر الشيخ مع زوجته فضه في بيته الجديد كان أهل القرية يترددون عليه باستمرار ويقدمون له كل ما يحتاج فأحس بالأمان وطيب الإقامة . فقام الشيخ بجمع الثوار من القرى المجاورة ” مصيات , بيت جاش , دير الجرد , الجديدة , خربة السنديانة , نحل الجرد . الشندخة , بلوسين ” وقام بتوجيههم وتهيئتهم بعد أن أخبر بوجود طابور من العسكر الفرنسي وعدده ” 1000″ ألف عسكري في منطقة وادي جهنم بالقرب من قرية التمازي التي تقع على طريق بيت ياشوط نهر البارد التابع حاليا لمحافظة حماه . بعد أن رسم الشيخ الخطة للثوار لملاقاة الطابور الفرنسي انتظر الشيخ خبر مروره في الوادي باليوم فانطلق مع الثوار إلى الموقع المذكور وهو واد وسيع وموحش حيث وزع الثوار ميمنة وميسرة ومقدمة ومؤخرة وقال للثوار : لا تطلقوا رصاصة واحدة إلا بعد سماع الإشارة المتفق عليها وهي ” رصاصة من بندقيته ” كانت مميزة بصوتها ومعروفة لدى جميع الثوار ويكون القتال على الشكل التالي .. حيث يكون الطابور الفرنسي قد دخل في بطن الوادي فتقوم المقدمة بضربه فيتراجع , فتقوم المؤخرة بضربه فيتراجع إما للميسرة أو للميمنة فتطلق الجهة التي يتوجه إليها الطابور الرصاص عليه فيتراجع للجهة الأخرى فتكونون له بالمرصاد …. وهذا ما حصل حيث استمر القتال بين الطرفين منذ الصباح وحتى غروب الشمس , وكان قائد الجيش الفرنسي على ظهر حصان أحمر اللون يحمل بوقا يوجه من خلاله جنوده لكنهم كانوا محاصرين فقتل معظمهم وبقي عدد قليل مع القائد لم يتمكن الثوار من قتلهم . أبلغهم الشيخ من خلال مراقبته لهم ” كان بحوزة الشيخ منظار “ أن القائد الفرنسي سوف يمر في مكان ضيق يصعب عليه السير فيه بسرعة عندها أطلقوا عليه النار جميعا ودفعة واحدة وفعلا بدأ الثوار بالانتظار والمراقبة حتى أتت اللحظة المناسبة كما وجههم الشيخ فقتل … عند ذلك نزل الشيخ من مكمنه وتجمع الثوار حوله حيث استشهد مجاهد واحد من الثوار من قرية دير الجرد اسمه ” حامد الكعدي ” وقد انتهى الرصاص من بنادقهم فأخذوا المخازن من بنادق الفرنسيين حيث لم يبق منهم إلا تسعة جنود وهم من السنغال السود فعندما راءوا الثوار نطقوا بالشهادتين فقال لهم الثوار ” أنتم مسلمون وتحاربون إخوانكم المسلمين “. فأخذ الثوار أسلحتهم وعفوا عنهم .

وعاد المجاهد الكبير مع ثواره إلى قرية مصيات يكللهم النصر وبقي الشيخ في القرية سنتين كاملتين ثم رحل متجها إلى الجنوب الغربي بعد أن شعر بالأمان وانقطاع الفرنسيين عن هذه المنطقة حيث ودع الشيخ بالحب والإخلاص .)

( ….. وهناك حادثتين صغيرتين يتم تداولها بقرية مصيات :

الحادثة الأولى : إن زوجة الشيخ ” فضه ” وأثناء السكن في بيتهم الأول الذي بني في داخل قرية مصيات خرجت اثر خروج الشيخ من البيت ورأت طفل صغير أمام البيت فسألته ” شفتلي الشيخ صالح وين راح ” فجاوبها الطفل الصغير ” هس … ما تخبري حدا انو الشيخ هون فقالت ” بارك الله فيكن يا أهل مصييت إذا كان زغيركن حريص هيك فكيف بكبيركن “

الحادثة الثانية : بعد انتقال الشيخ إلى بيت جديد خارج القرية في الأحراج وقيامه بتربية الماعز من أجل العيش , كانت زوجته فضه قد غسلت ثيابها وثياب زوجها الشيخ وقامت كما هي عادة تلك الأيام بنشر الغسيل على سور البيت المغطى بنبات البلان اليابس من أجل تنشيف الثياب بما في ذلك منديلها المنسوج من الحرير ” حيث كان الشيخ يقوم بتربية دودة القز أثناء إقامته في بلدته الشيخ بدر ” ولدى قيامها مرة أخرى بجمع الغسيل فوجئت بأن منديلها الحرير غير موجود فعمدت إلى إخبار الشيخ عندما أراد أحد حراس الشيخ البحث عنه عند امرأة مرت وكانت تحطب فنهاه الشيخ عن ذلك معتبرا أن المرأة قد أعجبت بالمنديل ليس أكثر و إرجاع المنديل قد يؤدي إلى انكشاف المخبأ ….” )

هذه الوقائع  متداولة في قرية مصيات ومنقولة كما رواها المجاهد الشيخ حبيب على بدور من القرية ذاتها .

المصدر : أحمد علي غانم . قرية مصيات .