القضية المحقة ( وهو تعبير مُلتبس إذا لم يُحدد بمفاهيم قانونية مجردة ، بعيداً عن الشعارات الأيديولوجية الفضفاضة ) لا تصنع إنتصار في الحياة ، بل هي بحاجة لتسويق كامل ( المعنى الإصطلاحي للكلمة ) يبدأ من فكرة القضية عينها، الى كافة التفاصيل العديدة ،ومن ضمن ذلك مراعاة مصالح وإحتياجات الناس والمؤسسات والدول ..
فالنوايا الطيبة هي قدام الرب وليس في معرض صراع المصالح والحياة …
وفي هذا المضمار تغيير ” النظام ” في سوريا ،لا يتم ولا يدعمك أحد به فقط لكونه ” نظام ” مجرم قاتل وفاسد وخطر على الإنسانية… بل تبعاً لمدى نجاح تسويق فكرة التغيير الجديدة لديك وإنسجامك معها..
كل الناس تُحب التغيير وتريده وبنفس الوقت قلة تستطيع دفع تكاليفه وتحتاج في ذلك أيضاً لتحفيز !
لو قُتِل ملايين السوريين أيضاً ، بعد هذا المليون الذي تمّ من القتلى السوريين ، وحرُقت ودُمّرت سوريا كاملة ، بعد هذا الخراب شبه الكامل ، فالدول ليست أكرم من الله الذي لم يتدخل رغم ما جرى ، ولن يتدخل مهما جرى ” إذا كان لدينا هذا الفهم الطفالي لله ” ..
وبالتالي فهي بالتأكيد لن تتدخل من أجلي وأجلك وأجل” قضيتنا المحقة ” !
فكيف إذا كانت الأمور التي تدل علينا كأصحاب ” قضية محقة” للتغيير لا توحي بالثقة للأخر ، من تلك اللغة الفئوية سواء الدينية أو الإثنية في تناول القضايا العامة الى تلك اللغة البذيئة التي نُعبّر بها ونتتذرع أنها ناجمة عنا بسبب المظلومية والقهر وردات الفعل ..!
الى عدم مراعاتنا مصالح الناس والدول وحاجاتها ، بل إلى كراهيتنا المفرطة لكل ما في بلدنا بعد نسبته للأسد !
وكذا تمتعنا بمستوى للوعي السياسي يجعلنا نظن إبتسامة الدولة والجماعات الداعمة وفتات المساعدة بإشعال الفتيل وكذلك الجماعات الإرهابية هي عوامل طمأنة لإنتصار قضيتنا المحقة !
ومن ذلك أيضاً تشجيع بعضنا للإرهاب بذريعة مكافحة الديكتاتورية ! وكأننا نحتاج سبع سنوات أخرى وعمر أخر حتى نعرف القاعدة الحيوية بأن : المتطرف يُحارب بالمعتدل من جنسه بالنسبة لحالتنا مع ” النظام ” ، و النقيض المفترض يساعد نقيضه المفترض في حالة الإرهاب لدينا !.
العالم مُستعد للتحالف مائة عام أخرى مع الأسد الإبن ودعمه ، ولو أصبحت سوريا قاعاً صفصفاً ، فالناس والدول شأنها شأني وشأنك تؤخذ بالصورة والتسويق للفكرة المُنمّقة والمقدمة بشكل مُعتنى به بمعزل عن صدقها أو أحقيتها فكيف مع صدقها! ..
ولا يمكن إعتبار بعض الكلام المعسول والنفاق الاجتماعي أو التدين المخادع أو غيره من الحزلقات الشعبية التي نجيدها …
لا يمكن إعتبارها مما تقدم في مفهوم التسويق !
نظرة عين محايدة لما يكتب السوريون، بالأغلب الأعم ، سواء على الفيسبوك أو الواتس أو الصحف والوسائل الأخرى .. والإنفعال الذي يرافقهم في ذلك وفي أحاديثهم ، فيبدون كشخص أحمق لا يؤتمن يضع يده دائماً على مسدسه ، لا يوحون بالطمأنينة للناظر والُمتابع لهم ولا يشجعونه على تقديم مساعدة . رغم أن الوضع في سوريا من أكثر القضايا الإنسانية المعاصرة الملحة والعادلة !
12 تشرين أول 2017