متوسط القراءة في العالم العربي وضمناً سوريا ، وفق لجنة متابعة شؤون النشر التابعة للمجلس الأعلى للثقافة في مصر، متوسط القراءة ربع صفحة للفرد سنوياً ، مُتراجعاً عن 2003 حيث كان كل 80 شخص يتكلم العربية يقرأون سوية ما معدله كتاب واحد وفق تقرير التنمية البشرية الصادر عن اليونسكو ، في حين الأوربي يقرأ 35 كتاباً.والاسرائيلي يقرأ 40 كتاباً …وتقرير التنمية البشرية 2012 الصادر عن مؤسسة الفكر العربي يشير أن الناطق بالعربية يقرأ بمعدل 6 دقائق يومياً ، مع تنويهي هنا لضرورة التَّنبه لنوعية النصوص المقروءة خلال هذه الست دقائق أو الربع صفحة .! التي أغلبها ديني فئوي أو طبخ أو مجلات أو غوغل أو عن إعرابي .!
هنا ألاحظ عدة نقاط لدينا في سوريا وسائر المشرق :
- الثقة والتأكيد المُطلق الصادر عن الفرد الناطق بالعربية في تقييمه الشخصيات والوقائع، في ظل مدة وطبيعة القراءة المذكورة أنفاً .
- غياب منهج البحث العلمي ،المُعتمد مقاربات موضوعية متوازنة للحد المقبول لتناول تلك الشخصيات والوقائع ، بسبب غياب الاختصاص ، وبنفس الوقت حضور طبقة من مستسهلي القراءة ومُنظّريها من الفيسبوكيين الذي يعتمدون الحكايا والتأويل ، والذين ينطلقون من هاجس فئوي لديهم ، مع أو ضد ،تلك الشخصيات والوقائع ، فيعمدون الى عملية أشبه بالنسخ واللصق لبناء الصورة التي يريدون إيصالها للجمهور .
- يُساعد هؤلاء المستسهلين لذلك ، دون مسؤولية علمية أو أخلاقية ، يساعدهم لعبة لغة وبلاغة ، وجمهور– بالأغلب الأعم – مُحبط ليس لديه مستوى مقبول من التعليم أو توازن المعلومة ، فيعمدون الى تأويل الواقعة الواحدة عينها حسب اصطفافهم الفئوي الأيدلوجي ، فيكون الفعل عينه بطولة وخيانة بذات الوقت ، حسب تقاطعهم أيدلوجياً مع من قام بالفعل .
- الفهم الصنمي في لعبة مفاهيم الخير والشر ، مما يُفقد الحياة بُعدها الواقعي ،فتصير الحياة مُعاشة و مُؤَوْلَة ومُؤجلة بالوقت عينه ، تقف عند مستوى الوعي الطفالي الأول حيث يعمد صاحب الوعي هذا الى التعميم في كل أمر فيصبح كل أمر لديه “صابون “…!
- يساعد في انتشار كل تقدم وتعميمه ، وسائل الاتصال من فيسبوك وغيره ،باعتبارها أدوات محايدة ، فتقوم بدورها بتعميم نموذج “مثقفين “من مجتمع لديه تلك النسب في القراءة. “مثقفين” يُصبحون مصدر المعرفة ! مستخدمين النسخ واللصق من وسائل الاتصال تلك، التي هي مرمى لكل معلومة ، بمعزل عن انسجامها العلمي المنهجي وجدّيتها.
- ينعكس ما تقدم حتى في الترجمة فيتم التلاعب باللغة وتقويل الكاتب أو القائل مالم يقله ، من أجل الاستشهاد بالفكرة المسبقة للمترجم المؤدلج ، وكذا في إجتزاء الصورة المرئية أو التسجيل الصوتي أو إجتزاء محاضرة من تلفزيون أو من مركز ثقافي أو واتس أب … الخ من أجل تثبيت فكرة مسبقة .
ما تقدم جزء من مأساة ثقافية عامة لدينا كبشر سوريين، تمظهرها سياسي وواقعها قتل وموت وخراب ، لذلك أقولها مراراً ، تنظيم الأسد الإبن هو رأس جبل الجليد لدينا وما دونه أعظم وأخطر وأكثر كارثية ، نحن خطر على أنفسنا وعلى الوجود الإنساني عامة ، في الأغلب الأعم .