الحل السياسي وفق التصور الدولي يتم وفق مرجعية بيان جنيف 1 لعام 2012 والقرارات الدولية ذات الصلة بالمسألة السورية ، وخاصة منها القرار 2254 لعام 2015 .
وهي مرجعية حمّالة أوجه و رهينة مراكز القوى المؤثرة ، وكذلك هي رهينة قدرة طرفيها المحليين :
الطرف الأول :
(النظام ( وهو التعبير السياسيي عن ” سيريا تل ” بدلالتها المتنوعة والتي هي الرأس المنظم لمافيا تحكم سوريا ، مافيا مؤلفة من عسكرتاريا ، أغلبها النسبي علوي ، ورجال إكليروس ديني أغلبها النسبي سني وبرجوازية أغلبها النسبي سني )
الطرف الثاني :
المعارضة ( مفهوم ليس له دلالة محددة يمكن ضبطها، فهو خليط غير متجانس البتة ، بالأغلب الأعم . من سوريين يمثلون دول تمتلك ، بكل معنى الكلمة ، منصات أو مؤسسات ” معارضة ” ، أغلبها المطلق سني ، مع شخصيات نسائية أو من فئات إثنية ودينية ، تُحقق بعد ” جندري ” و “وطني” )
وكلا الطرفين يتضمن أفراد لديهم هم وطني ، أي الاهتمام بالسوريين كل السوريين ، بيد أنهم ، واقعياً، لا يملكون أي تأثير يمكن قياسه والتحقق منه ، في بلورة هيكلية أي من الطرفين !.
– وفق لقاءات متتابعة بين السيد ستيفان ديمستورا والأمين العام للإمم المتحدة والدول ذات الصِّلة وبتأثير ملفت من السيد ديمستورا ، تمّ اعتماد تقسيم ، أُعتبر حينها إجرائي لتنفيذ العملية السياسية التفاوضية ، يتضمن مفهوم ( السلال الأربعة ) وهي :
1- سلّة هيئة الحكم الانتقالي .
2- سلّة العملية الدستورية .
3- سلّة العملية الانتخابية .
4- سلّة الأمن ومكافحة الاٍرهاب . هذه الأخيرة تمّت بتأثير ضاغط من النظام – سيرياتل ، وأظنه غير راغب بها الآن !
أوراق الأمم المتحدة جميعها تُشير الى كون تلك السلال الأربعة واحدة لتحقيق العملية السياسية في سوريا ، ولا يمكن النظر الى أي منها على أنها سلّة مستقلة أو منفردة ، أو سابقة أو لاحقة . أي هي مسارات متوازنة مع بعضها .
بعض النقاط التي تُعطي قوة لطرف “المعارضة “هي النقطة المتعلقة بالبيئة الآمنة المحايدة في بيان جينيف تاريخ 30/6/2012 و الذي تضمن إقامة هيئة حكم انتقالي، باستطاعتها أن تُهيئ بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية ، وهذه تعني ضمناً وبشكل واضح بدلالة العبارة أن النظام -سيرياتل ، لايستطيع أن يتولى هذه الفترة لتشكيل هيئة حكم انتقالي ، فهو لايمكنه موضوعياً تأمين (بيئة آمنة محايدة ) لإجرائها .
اللجنة الدستورية السورية هي فكرة أطلقتها الأمم المتحدة ، بناء على صياغة شبه كاملة من السيد ستيفان ديمستورا من أجل البدء بالعملية السياسية في سوريا ، حيث اقترح أن تضم عضويتها ممثلين عن النظام والمعارضة، و كذلك ممثلين عن المجتمع المدني والمنظمات الأهلية، وتقسم إلى ثلاثة أثلاث:
الثلث الأول : يمثّل النظام-سيرياتل .
الثلث الثاني : المعارضة -مفهوم مبهم لجمهور من الأشخاص غير متجانسين أغلبهم النسبي يمثل دول ، ويمكن حصرهم بالأشخاص الذين هم أعضاء بتجمعات معارضة تعترف بها جزئياً وإجرائياً الأمم المتحدة والمؤسسات ذات الصِّلة .
الثلث الثالث : شخصيات يختارها المبعوث الأممي كممثل للأمم المتحدة. وهنا ملعب النظام- سيرياتل ، الحاسم .
فإضافة لثلثه ، وممثليه في ثلث ” المعارضة ” ، يمكنه هنا أخذ حصة إضافية -غالبة ، طالما الخيار لممثل الأمم المتحدة ، في إنتقاء الثلث الثالث .
النظام-سيرياتل ، حتى تاريخه لا يقر بمرجعية جينيف ويعتبر نفسه غير معني بها ، وبنفس الوقت يتسقط ثغراتها وقابليتها للفهم المزدوج ويستخدمها ، وبذا فقد عمد مع الطرف الروسي -السيد بوتين شخصياً ، الى ” تقطير ” السلال الأربعة عبر تبني مفهوم سلة العملية الدستورية ، التي تعني حُكماً بهذا الاسم” العملية الدستورية ” سلة من ضمن سلال أربعة بمسارات متوازنة تُشكّل مجمل العملية السياسية المراد لها إفتراضاً أن تؤدي للسلام في سوريا …الخ
ولتفريغها من دلالتها تلك ، أطلق عليها التظام -سيرياتل وحلفائه تعبير تعديل الدستور ، واللجنة الدستورية ، وهو التعبير ذاته الذي استخدمه السيد ستيفان ديمستورا في جولة المفاوضات الثامنة في جينيف ، وهذا يعني أن ذلك مسار مختلف لا علاقة له البتة بالعملية الدستورية كسلة من السلال الأربعة التي ذكرتها أنفاً ، بل هو إجراء لتعديل الدستور أو لتبني دستور جديد ، يمكن للنظام – سيرياتل ، إجراؤه من طرف واحد ، أو مع أخرين ، يُفترض أنهم ” المعارضة ” وهذا الإجراء الأخير هو ما يريده ، بإعتبار سابقاً عمل دستور صدر بموجب مرسوم رقم 94 تاريخ 27 /2/2012 ، ولكنها محاولة تبين لاحقاً عدم قدرتها على تنفيس الاحتقان المجتمعي ، فكان لا بد وفق ذلك ، من شراكة لاحقة ، من شراكة مع الطرف الأخر بشكل واضح ، حيث كان عمد سابقا الى شراكة مع السيد قدري جميل وأخرين باعتبارهم معارضة داخلية قبل أن يُقال من منصبه الحكومي 2013 .! ويصبح مسؤول عن منصة معارضة خارجية ستكون بدورها جزء مفترض في اللجنة الدستورية والتعديل الدستوري الجديد …
إذاً واقعياَ وبمآل وسياق الأمور أصبحنا جميعاً وبمعزل عن النوايا ، نتحدث عن أمر خارج العملية السياسية لمرجعية جينيف وتداعياتها في السلال ، خاصة سلة العملية السياسية ..
أمر هو تعديل الدستور الحالي، أو عمل دستور جديد ولا علاقة له البتة بمرجعية جينيف بل مرجعيته سوتشي ولاحقاً إستانا ، حيث قام السيد طبيب الأسنان الدكتور أحمد طعمة عبر مؤتمر صحفي ، وهو لايملك صفة قانونية لذلك ، فام بتفويض تركيا ، تركيا بهذا التصريح انتقلت من إدارة أغلب ملف المعارضة ،، الى إدارة الملف كاملاً وتولي ذلك التظهير واستخدام الوقت في إستانا ، التي هي مكان من أمكنة عدة في العالم يستخدمها النظام – سيرياتل في استثماراته المالية ، عبر ( صناديق هرمز ) ، إضافة لإستثماره السياسي الجديد نسبيا لتلك .
السؤال هل يجوز وفق الدستور السوري عمل دستور وفق هذه الآلية “الدولية ” ؟
(المادة الخمسون بعد المئة) من الدستور الحالي تقول:
1 لرئيس الجمھورية كما لثلث أعضاء مجلس الشعب حق اقتراح تعديل الدستور. 2 يتضمن اقتراح التعديل النصوص المراد تعديلھا والأسباب الموجبة لذلك. 3 يشكل مجلس الشعب فور ورود اقتراح التعديل إليه لجنة خاصة لبحثه.
4 يناقش المجلس اقتراح التعديل فإذا أقره بأكثرية ثلاثة أرباع أعضائه ع ًد التعديل نھائياً
شريطة اقترانه بموافقة رئيس الجمھورية.)
هذا يعني أن هذا الإجراء المتبع الآن باطل قانونا ً ، وفق الدستور الذي استحدثه النظام-سيرياتل ، بإرادته المنفردة ، إضافة لكونه غير ممكن قانونياً ، بإعتبار عدم وجود وصاية دولية أو صك انتداب على سوريا يخول جهات دولية إجراء دستور لسوريا ، ولا يوجد قرار دولي يُشير لذلك أو يمكن تبريره وفق النظام الداخلي للإمم المتحدة أو قوانينها الضابطة لعملها ، وذات الصِّلة !.
والجهات “المعارضة ” لا تستطيع إعطاء شرعية دستورية لذلك ووفقه ، فهي ليست طرف معترف به دستوريا ً وفق الدستور الحالي ، ولا سياسياً من النظام-سيرياتل ، الحالي .
وأقصى ما تقدمه هو إخراج المشهد الدولي -الدولي – الداخلي، في عملية الدستور المفترض .
المُقترح من قبلي :
المشكلة السورية الحالية ليست دستورية وإن كان لها جانب دستوري يحتاج علاجه الى تعديل الدستور الحالي ، وهذا التعديل يمكن للنظام -سيرياتل ، أن يقوم به بمفرده ، ولا يحتاج عناء ، فقط يحتاج تطبيق معيار فصل السلطات ، الذي هو أهم معيار دستوري ، مُعتمد في الدساتير ، وبدونه ، يكون “الدستور ” لائحة تعليمات تنفيذية وإن حمل أسم ” دستور ” كما هو شأن الدستور الحالي .!
تطبيق معيار فصل السلطات يعني تحديد صلاحيات كل من السلطات الثلاث :
السلطة التنفيذية : التي يرأسها موظف يسمى رسمياً رئيس الجمهورية، وهو إجرائياً رأس هذه السلطة ، وتحديد صلاحياته دون طغيان على صلاحيات السلطتين القضائية والتشريعية التي يستحوذ عليها كاملة وفق الدستور الحالي المعمول به ، وهذا أمر واضح ومُتاح لطالب سنة ثالثة قانون ولا يحتاج عناء في تحديد صلاحية كل منها .
السلطة التشريعية : إعادة صلاحياتها المأخوذة منها لمصلحة الموظف المسمى رسمياً رئيس الجمهورية .
السلطة القضائية : أيضاً إعادة صلاحياتها من ذات الموظف المذكور أنفاً .
و تبويب صلاحيات كل سلطة مما تقدم ، وفق الأصول العلمية المعروفة وفق المعايير الدستورية الناظمة، وضعها وتبويبها فيما يخص كل سلطة ، بما في ذلك توزيع الصلاحيات داخل كل سلطة بما فيها صلاحية رئيس الجمهورية ، رئيس الوزراء والوزراء وبيان كل منها …الخ
مع الانتباه الى ضرورة وضع بعض التفاصيل بسياقها الطبيعي من قبيل خضوع رئيس الجمهورية باعتباره موظف وأثناء قيامه بوظيفت…خضوعه للقانون ، وكذلك إلغاء نص هذه المادة المضحكة المبكية :
المادة الثامنة والأربعين بعد المئة من الدستور الحالي المعمول به :
( لا يحق للمحكمة الدستورية العليا أن تنظر في دستورية القوانين التي يطرحھا رئيس
الجمھورية على الاستفتاء الشعبي وتنال موافقة الشعب.)
وإعمال صلاحيات المحكمة الدستورية المشكلة وفق المعيار القانوني الطبيعي ، لضمان تفاصيل كل ما تقدم واللجوء إليها كحكم في حل أي خلاف دستوري يحصل .
عند تحقق الاقتراح الأخير ، لا يحتاج الأمر حينها ، تغيير سياسي خارجي ولا قيام ثورة ثانية ولا تدخل عسكري لتغيير النظام ، بل يصبح التغيير ، مسألة وقت قصير ،حيث يتم وضع الأفراد المرتكببن جرائم حرب من النظام – سيرياتل وقوى التطرف والارهاب -المعارضة “المعنى المبهم غير المحدد ”
وضع واضح ، لجهة الإحالة الى السجن للبدء بإجراءات العدالة القانونية للبدء بسلم أهلي مستدام عماده العدالة الانتقالية بحق مجرمي الحرب من أي طرف كان ، وتحت أي شعار برّاق مارسوا جرائمهم .