فهرس :
أ- واقع اللجنة منذ تأسست وحتى الآن .
ب- طموح اللجنة في المستقبل .
ج بعض من نشاطات اللجنة .
1- من أجل لاذقية يتكامل فيها الريف مع المدينة .
2- بيان عن اعتقال نصر سعيد .
3- مرفأ اللاذقية خطأ تاريخي .
4- حيرة ( عن قرية بشراغي ) .
5- عن المنسي فراس سعد .
6- الاسلام السياسي والمستقبل .
أ- واقع اللجنة منذ أن تأسست وحتى الآن :
عرفت سوريا بداية هذا القرن ما سمي ربيع دمشق – ربما تيمناً بربيع براغ – وكانت ثمرته الأولى وثيقة اعلان دمشق التاريخية االتي ظهرت بتاريخ 16/10/2005 وهي كانت وما تزال تعد من أعمق الوثائق الذي عرفها التاريخ السوري الحديث , وهي برنامج متكامل من أجل التغيير الديمقراطي في سوريا , تغيير سلمي وهادئ وتدريجي لا يستثني أحدا بمن فيهم أهل النظام باتجاه دولة القانون .
على هذه الأرضية تشكلت لجنة اعلان دمشق في اللاذقية بعد انعقاد المجلس الوطني للاعلان في اوائل كانون الأول عام 2007 .
ضمت اللجنة أربعة من أعضاء المجلس الوطني واثنان من خارجه , وباشرت لقاءات دورية تميزت بحرارة وتنوع وغنى بين أعضائها . كان همن تلك الاجتماعات فهم خصوصية المدينة المدينة الحالي والانطلاق منه لتحريك بحيرتها الراكدة باتجاه خلق مجتمع مدني فيها , يكون الى جانب المجتمعات المدنية في بقية المحافظات قادرا على دفع سوريا نحو تغيير يصل الى دولة مدنية تعددية تقوم ديمقراطيتها على الموطنة كما ينص برنامج اعلان دمشق .
أول وأهم خصوصية للمدينة شغلت اللجنة هو انتشار الأفكار التحررية ضمن الأقليات , خاصة في الريف بوجود اقلية طائفية أقرب للانعتاق من المدينة المحافظة , والمشكلة ان اليسار بغالبيته ما زال أسيرا لمفهوم الديمقراطية المركزية , ويلتقي مع النظام في أولوياته السياسية – مواجهة الأمبريالية – وضد اعلان دمشق بمشروعه الديمقراطي اللبرالي .
خصوصية اللاذقية تتكثف في اللجنة ذاتها وتُعبٍر عنها بنفس الوقت , فاللجنة بالكامل من أصول ريفية , واغلب اعضاؤها سجناء يساريون ولا يوجد فيها شخص من أبنا المدينة .
اتفقت اللجنة بعد مداولات عديدة على خطة قد تكون متأثرة الى حد ما بربيع براغ وما جرى في الدول الاشتراكية , تقوم الخطة على رصد واقع اللاذقية عيانيا بالمعنى الثقافي والسياسي والاجتماعي , ويمكن الاعتماد على أي شخص يرغب في المساهمة بهذا الرصد بغض النظر عن انتمائه السياسي .
لم تمض سوى بضعة أشهر على تلك الاجتماعات الغنية حتى استدعي ثلاثة من أعضائها الى فروع الأمن , ( في سوريا الأمن يعرف ما يدور بين الزوج وزجته في فراش الزوجية , وبالتالي بديهي أن يعرف ما يدور داخل اللجنة )
تم ابلاغنا بان الاجتماعات ممنوعة , ومسموح العلاقات الفردية والاتصال بدمشق , ولم تكن اللجنة ترغب بالعمل السري .
ومن منتصف عام 2008 الى منتصف عام 2011 كان نشاط اللجنة فرديا تقريبا وبدون حرارة تلك الاجتماعات , ولكنها لم تقّصر أبدا في نشر خط اعلان دمشق وبياناته القائمة على شرح ضرورة التغيير الاجتماعي في سوريا على أرضية فهم الديمقراطية كمعطى انساني لكل الطبقات وليس للطبقات الشعبية فقط كما يريده نشطاء اليسار فيها .
من نشاطها المتفرق نذكر ما يلي
انفجر الوضع في سوريا أواسط آذار 2011 . كان رد فعل السلطة كالعادة محاولة إخضاع المجتمع بالقوة وعبر البسطار رغم المتغيرات الدولية ’ ( حقيقة لوأن السلطة تعاملت مع اعلان دمشق وغيره من قوى المعارضة الوطنية من اجل تغيير هادئ وسلمي وتدريجي لما حصل الانفجار ) . لم تقرأ لجنة اللاذقية الانفجار على الطريقة الماركسية كونه ثورة ستنتهي بإحلال طبقة محل اخرى , ولم تراهن يوما على ان الوصول الى السلطة قد يتم عبر شهر او سنة كما توّهمالكثيرون . المهم عندها هو الاستفادة ما أمكن من الحراك الشعبي لنشر خط الاعلان , ولذلك دعت للعودة الى لاجتماعات الدورية , وفي تقديرها أن أجهزة الأمن ستكون مشغولة عن تلك الاجتماعات , ولكن اثنان من أعضائها رفضوا ذلك خوفا على لقمة أطفالهم .
ومن أجل توسيع نشاطها بادرت اللجنة الى عقد ندوات ثقافية , ومن أجل انجاح الندوات تعهدت اللجنة بتوزيع ورقه حول الموضوع المطروح للنقاش في كل ندوة للمدعوين هي عبارة عن رأي أولي تساعدهم فيها على بلورة أفكارهم بشكل مكتوب او شفهي, وفعلا عقدت اللجنة أكثر من ندوة بهذه الطريقة , وجمعت وبوّبت ولخصت محاور النقاش ونشرتها مرة أخرى مع الورقة الأصلية في موقع اعلان دمشق – النداء –
استغرقت ندوة الطائفية أكثر من جلسة وتركزت حول وضع الطائفة العلوية وموقعها من الحراك الشعبي الحالي , وقد اتفق المجتمعون أن الطائفة في وضع لا تحسد عليه، وأنها تستحق الشفقة والرحمة بدلا من اللوم والتقريع ويجب مّد اليد لها من المعارضة السورية ومساعدتها لتجاوز محنتها .
أمّا في ندوة العلمانية فقد توزع الحضور بين تيارين
حول ندوة المعارضة والثورة :
قدمت اللجنة كالعادة ورقة حول المعارضة بشقيها الكلاسيكي والحديث وزيلتها بهذا الهامش ( فضلنا في هذه الورقة الإبقاء على مصطلح اليسار واليمين بمعناه التاريخي حيث اليسار معني بدفع عربة التقدم الاجتماعي الى الأمام ’ واليمين يضع العصي في دواليب التطور الاجتماعي . مع قناعتنا بان كثيرا من القوى العربية الحالية المصنفة يمينا تخدم التطور الاجتماعي أكثر من قوى عربية مصنفة يسارية ) . وقد انتهت الورقة بالفقرة التالية :
( العتب كبير على المعارضة الكلاسيكية وبخاصة على مثقفيها ومهاتراتهم الفضائية حول طريقة سلخ جلد الدب قبل اصطياده. كنا وما زلنا نأمل من المعارضة الكلاسيكية أن تكون بمستوى ثورة شعبها وأن تفتش فيما بينها على نقاط اللقاء وان تترك نقاط الخلاف لتحل عبر الزمن بروح ديمقراطية وما يسفر عنه التطور الاجتماعي, بمعنى أن تصل إلى تفاهمات تخدم الثورة بدلا من عرقلتها كما هو حاصل على الأرض , وان تعمل ما بوسعها للالتحام مع المعارضة الحديثة .
ان النظام يلعب لعبة قذرة هي الفصل بين المعارضتين , فيتساهل مع الأولى ويقدمها الى محاكم وجلسات علنية , في حين يعدم كوادر الثانية ميدانيا , يجب ان ننتبه الى ذلك ونعمل بكل قوة لدمج المعارضتين من أجل خبرة الشيوخ التي لا غنى عنها للشباب الجدد الممتلئين حماسة وطاقة. وإذا كان دور المعارضة الحديثة في صنع الثورة هو الأقوى فإننا نعتقد أن دور المعارضة القديمة سيكون مطلوبا أكثر بعد سقوط النظام وتكالب قوى عديدة في الداخل والخارج لإجهاض ثورتنا وإقامة نظام يقوم على المحاصصة كما هو قائم في لبنان والعراق .
ان تلاحم المعارضة الجديدة والقديمة رغم كل الظروف الصعبة المحيطة بالثورة يجعل من الممكن وصول المرحلة الانتقالية في سوريا الى دولة وطنية تعددية لها قرارها الوطني المستقل كما كانت في خمسينات القرن الماضي .)
حشدت اللجنة كل إمكانياتها من اجل ندوة متميزة يحضرها إسلاميون وعلمانيون ومن المدينة والريف, ولكنها فشلت كالعادة حيث لم يحضرها سوى يساريون وسجناء سابقون من الريف, ربما نجحت في جلب كردي واحد وامرأة واحدة إليها عكس الندوات السابقة, وقد جرى حوار جدي وحقيقي بين الحاضرين المنقسمين إلى نصفين نصف مؤيد لإعلان دمشق ونصف مؤيد لهيئة التنسيق ورغم الخلاف الذي يصل إلى التضاد – 180 درجة – إلا أنه لم يسجل أي كلمة نابية أو عدم احترام الطرفين لبعضهما على عكس ما كان متداولا تلك الأيام على الفضائيات من مهاترات بين شخصيات مؤيده للإعلان وشخصيات مؤيدة لهيئة التنسيق وعلى رأسهم هيثم مناع .
حول ندوة عسكرة الثورة :
برز خلاف داخل اللجنة حول ورقة ندوة – عسكرة الثورة – الأسباب والنتائج – فالعضو الذي كلف بتقديم الورقة , كتب فيها فقرة بعنوان – بين العسكرة والأسلمة للثورة –
جاء في الفقرة ما يلي :
, الاسلام دين التسامح والتنوير ودعوته للتعايش السلمي بين الشعوب واضحة في عنوانه – السلام عليكم – وفي نصوصه على عكس ما يحكى عنه كدين وعلاقته بالتزمت والحض على حمل السلاح . أما في التطبيق فيكفي ان نذكر هنا ان الخليفة الأموي عبد الرحمن الثالث اتخذ مطران قرطبة المسيحي ريسموند صديقا ومستشارا له , ومن اليهودي هسّادي بن اتبورت طبيبا له ’ لكن الاسلام تحوّل من دين التنوير الى دين التزمت والتكفير بعد سقوط قرطبة عام 1492 وما تلاها من عصور انحطاطية وصلت الى القاع في ايامنا هذه .
الحاجة ماسة لرد روح التنوير الى الدين الاسلامي . في هذا المجال يستحسن بقوى التنوير العربية الاسلامية أن تستأنس بتجربة الدين المسيحي في اوروبا .
لقد شهدت اوروبا حرب الثلاثين عاما ( 1647- 1681) بين الكاثوليك والبروتستانط الى جانب محاكم التفتيش وحرق الهرطوقيين وهم أحياء بحطب الجماهير المتزمتة , كان المذهب الكاثوليكي الرسمي يعتبر كل من خرج عن تعاليمه ملحدا يجب تصفيته سواء كان من الأقليات المسيحية أو العرقية , ولكن تلك الحرب مهدت لعصر الأنوار وما أعطى من فلاسفة تنويريين مثل فولتير وديدرو ومالبرانش وسبينوزا وغيرهم , اولئك لهم الفضل في تصالح الدين المسيحي مع الحداثة وبالتالي الوصول الى مجمع الفاتيكان الشهير عام 1965تحت رئاسة البابا يوحنا الثالث الذي توج تلك المصالحة
تحتاج قوى التنوير العربية – التي أعطتها ثورات الربيع العربي زخما جديدا – الى الدعم من كل أحرار العالم بدلا من تركها لإسلام البترو دولار وحلفائه المتزمتين من وهابيين وسلفيين سنة ام شيعه من أنصار الولي الفقيه , في هذا المجال يؤسفنا القول: ان الغرب خان حلفاؤه التنويريين الاسلاميين منذ ان غلب مصالحه على مبادئه في المنطقة , بدأت تلك الخيانة باحتلال فرنسا للجزائر وتوجيه ضربة موجعة لمبادئ الثورة الفرنسية ومرّت بدعم الأمريكيين والأوروبيين لاغتصاب فلسطين وانتهت بالتحالف غير المقدس مع اسلام البترو دولار .
المعركة في منطقتنا ستكون شاقة وطويلة قبل ان نصل الى عصر أنوار عربي , والتغيير في بلداننا لن يكون ايجابيا اذا لم يقترن بمعركة التنوير , وواهم من يظن أن مشاكلنا ستنتهي بسقوط النظام وهو ماكشفت عنه ثورات مصر وتونس وليبيا .
لم ترق الفقرة لغالبية أعضاء اللجنة , لا بل رأوا فيها خروجا عن خط اعلان دمشق والمجلس الوطني الموجود فيه الاعلان والذي يرفع شعار اسقاط النظام بكل رموزه وأدواته , وطالبوابحذفها والتركيز صراحة على اسقاط النظام اولا ومن ثم تنفتح الطريق نحو معركة التنوير , وفعلا صيغت الورقة بتلك الروح وتم توزيعها على المدعوين .
ورقة تلك الندوة أخرجت رجال الأمن في اللاذقية عن طورهم , خصيصاً ما ورد فيها عن الأسد ودعوتها الصريحة لاسقاطه – ليلحق برفيقيه كما جاء في الورقة حسني مبارك وبن علي .
وفي اليوم المخصص لعقد الندوة في 17 /11/2012 تم اعتقال أحد أعضائها التي كانت الندوة ستعقد في بيته , وبعد أسبوع أعتقل عضو آخر ,
تم الادعاء على العضوين من قبل جهاز امن الدولة وتقديمهما للمحاكمة بتهمة التحريض على اسقاط النظام , ولم تشفع لهما محاولتهما اقناع الفرع قبل تحويلهما الى المحكمة , أن هذا ليس تحريضاً . التحريض يتم بطباعة آلاف النسخ , والورقة تقول حرفياً أنها لا تستثني أحداً من عرض وجهة نظره حتى من أهل النظام .
على العكس من ذلك اعتبر الفرع أن رأس العضوين حامي ويجب تبريده , من اجل ذلك أرسلت توصية من الفرع بمعاملة قاسية وغير انسانية لهما .
خرج الاثنان في 7 شباط 2013 بكفالة واستمرت محاكمتهما حتى صدر عفو رئاسي أنهى تلك المهزلة .
للأمانة والانصاف . لم يتعرض أحد من المحققين او من قضاة المحكمة لإعلان دمشق بسوء , ولم يقال لهما أنه ممنوع من العمل , لا بل قيل لهما ان كل الندوات السابقة تفهمناها أما التحريض على إسقاط النظام فهو خط أحمر .
: توقف عمل اللجنة كلياً في المدينة بعد اعتقال كادرين منها بسبب الظرف الأمني .
خرج العضوان من السجن واستراحا فترة من الزمن قبل ان يستأنفا نشاطهما .ولكن الاستراحة لم تكن تامة , فقد وجدا نفسيهما داخل اللجنة القديمة إزاء حدث يكاد يكون مركزه مدينة اللاذقية تمّثل بولادة ما سمي – مسيحيون سوريون من اجل الديمقراطية – وحركة أخرى هي بشكل غير مباشر تحمل يافطة – علويون سوريون من اجل الديمقراطية تحت اسم – كلنا سوريون – وكان الأبرز في التشكيل الأول هو ميشيل كيلو من اللاذقية , وبسام يوسف في التشكيل الثاني من اللاذقية , والفصيلان الجديدان يصح القول عنهما ان اصحاب المشروعين فيهما من اللاذقية -وهو ماجعل الكثير من أنصار اللجنة يطالبونها بموقف من عمل كهذا , وهل يجوز للعلماني أن يتصدر عملاً طائفياً ؟
لم تتمكن اللجنة من اصدار بيان رسمي بالموضوع بسبب خصوصية وضعها الانتقالي تلك الفترة , ولكن خلاصة ردها الشفهي حول الاستفسارات تمحور على الشكل التالي .
يفترض بالعلماني أن يكون عابراً للطوائف , ولكن حقيقة يبقى العلماني متأثراً الى هذا الحد أو ذاك بتأثير بيئته الطائفية التي ترعرع فيها وليس غلطاً على ما نعتقد الاشارة الى منبت العلماني بالقول : علماني من أصل علوي او مسيحي او سني الخ . لكن أن يتصدر العلماني عملا يحمل عنوانا طائفيا مثل – مسيحيون سوريون من اجل الديمقراطية , فهو لا يعدو كونه وجه العملة الأخر لممارسة اليساريين السابقة التي كان يهمها الغاية على حساب الوسيلة . المفترض على العلماني أن يدعم من الخارج أي تشكيل طائفي متنور ويقر بحق الاختلاف واحترام الرأي والرأي الآخر , أما أن ينخرط فيه وهو يقوم على أساس طائفي فذلك ضار بالشخص أولاً حتى ولو كان مفيداً للحركة .