°
, December 8, 2024 in
آخر الأخبار
عيـســـى ابــراهـيـم

نحتاج ثقافة مناسبة للحياة .

تتنازع لدينا في سوريا ثقافتين :

ثقافة رعوية : غير مؤمنة بشيء وتدعو للإيمان الحر قسراً !. أممية – إمبراطورية – حالمة لا تعترف بالحدود ولا بالواقع وتغدو الدنيا لديها خطوات غير عسيرة … في ذهن أشخاص منتظرين لا يتحركون من مكانهم ، يعمدون للسهل في نيل الحصة الأكبر عبر الغزو لإنتاج الآخرين ..

إنها خيالات راعي ينتظر ماشيته وهو مغمض عينيه غافلاً عما لديه، هارباً من واقعه الممل والمؤلم والمزري .. حالماً هارباً مذعوراً لغيب قريب وجنة موعودة … وكلاهما لم ولن يأتي .. وهو ينتظر المعجزة والفعل الرسولي من غيره ، الذي سيقتنصه حالما يتحقق وقبل الأخرين كلهم ، بعقل مُخادع .

ثقافية زراعية : تعتني بهوس ، وتحرس بضغينة وتربص ، وتؤمن بالحدود وتموت دونها ، وتنتظر النتائج من أعمال بدأتها يوماَ بيوم ،وسنة بسنة وتكتفي بالقليل القليل ، وتُقدّم الكثير الكثير ،وتعيد التجربة عينها مع ثبوت فشلها ، بعقل عنيد.

وكلا الثقافتين ليست خاصة بدين أو إثنية أو منطقة أو طبقة أو تعلّم أو عدم تعلّم ، بل ثقافتين عابرتين لكثير من السوريين ومناطقهم بالأغلب الأعم ..

لا وجود للمدينة في سوريا وفق مفهومها الحديث ” المديني – نمط الحياة المعاصر ، التمدن ” فالمدن لدينا ، وحتى قبل ما يُسمّى ” التّرييف ” فكيف بالحري بُعدها ….هي عبارة عن قرى كبيرة … بيوت كثيرة بعضها جنب بعض ، من دافع الخوف ، المنقلب عند الاقتراب إلى كراهية، لا من دافع المحبة بالأغلب الأعم ، في عملية تنافر أزلي يستحضر وحدة مزعومة عند التواطؤ بمواجهة أخرين ، كراهيتهم ألح وأحق وأولى الآن …

فلا شوارع بين أحيائها للتواصل بل مساحات متروكة قسراً منهم بين ممتلكاتهم الخاصة للتّربص ببعضهم …

وهم في ذلك كما شأن البقية من السوريين في الأغلب الأعم .. خائفين مذعورين ، تحت قناع الشجاعة .

لذلك فالمدينية كمفهوم حيوي وفق علم الاجتماع الإنساني، والتي هي المؤسس الحضاري لمفاهيم المواطنة وكل تداعياتها في النظام السياسي والتكافل الاجتماعي وغير ذلك من تداعيات الفعل المديني المتحضر … بما في ذلك العَلمَانية ..

تلك المدينية كفعل مُتحضّر، ليست موجودة في سوريا كفعل مؤثر …

لذلك نرى هذه الخلطة الثقافية العجائبية الفجة تجاه الحياة الطبيعية ، خلطة ثقافية عجائبية مهترئة لا تخفيها ذقن حليقة ولا ربطة عنق ولا عمامة ولباس نظيف ولا الحديث عن إصلاح أو تمدّن أو عطر …الخ

وحده واقعنا يكشفها كما هي ، بدون خداع تثاقفي وفذلكة معرفية وتخابث وتشاطر مشرقي مقيت وممل ..

والمستقبل القادم رهين إما أقلية مختصة شجاعة غير خائفة تأخذ الوجود السوري نحو مستوى أرقى يليق بالحياة وتليق به …

أو أكثرية هائمة نائمة تُعيد رواية أحلامهما بصخب ، وهي غير القادرة بذات الوقت على ازاحة حجرة  عن  طريق تسير به ..

” قراءة ما تقدم بدون معاني تفاضلية بل كمفردات لها معنى دلالي في الاجتماع الإنساني ، يُساعد بفهم المراد قوله مني