°
, April 25, 2024 in
آخر الأخبار
عيـســـى ابــراهـيـم

سوريا والعالم ينتظران منا إجابة صادقة – شجاعة – مسؤولة .

من الأسئلة المُلحّة في سوريا :

ما هو الموقف من ( دولة إسرائيل ) ?
هذا السؤال يحتاج اجابة واضحة محددة غير ملتبسة ، أيّاً كانت الإجابة ، وليست إجابة،  هذه الحالة التي نحن فيها ،

ما هي هذه الحالة التي نحن فيها الآن ؟

نحن الآن في حالة حرب مُعلنة  ضدالعدو الصهيوني

وبنفس الوقت نحن في ظل اتفاقية الهدنة 1949  واتفاقهدنة موقعة في 31 أيار 1974 تنفيذاً لقرار  مجلس الأمن في الأمم  المتحدة رقم 338 تاريخ 22  تشرينأول  1973م ،  اتفاقية موقعة بين (الجمهورية العربية السورية ) و ( دولة اسرائيل ) في جنيف بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحادالسوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية .  أي أننا أمام اعتراف رسمي متبادل بين الدولتين الموقعتين ، ولا يمكن التعتيم على ذلك ودحضه بلعبة استخدام  مصطلحات لغوية ، والاتفاقية محترمة احترام كامل من تاريخه من قبل حكومة الجمهورية العربية السورية ولَم تُخرق منها ولا مرةواحدة طيلة هذه المدة .

إذاً نحن أمام حالة تاريخية فريدة تُشبه الفانتازيا ،  حيث (الجمهورية العربية السورية )، التي تمثل رأس (جبهة الصمود والتصدي ) ورافعة( راية المقاومة )  غير المعترفة

،وفق الخطاب الرسمي  المعلن،  ب( الكيان الغاصب )  وبنفس الوقت وفي الإجراء الرسمي غير المُعلن والمحترم والمستمر عبر احترام اتفاقية الهدنة ،وعضوية كلا البلدين بالأمم المتحدة ، الذي يعني قانوناً وضمناً احترام الدول الأعضاء لسيادة بعضها البعض !

هذا الواقع الفانتازي يمكن تفهمه لحد ما ، لو أن توقيع اتفاقية الهدنة واحترامها تم ويتم دون رفع ( راية المقاومة والممانعة وتحرير الأراضيالمحتلة ) باعتبار كما يقول الخطاب الرسمي للدولة السورية عند تذكيره بواجباته  بالتحرير  بأن : (ميزان القوى بين الدولتين لا يسمحلسوريا باستعادة الجولان ، مع الاحتفاظ بالمطالبة بتحريرها للأجيال القادمة)  فما بالك ببقية الأراضي العربية المحتلة ! وهذا القولالرسمي للدولة السورية صحيح لجهة عدم التوازن بين قوة كل من الدولتين ،  وأيضاً يمكن تفهم  تبرير اعتبار هذه المهمة متروكة للإجيالالقادمةبيد أن المُلفت هو أن 75%  على الأقل من موازنة الدولة السورية ، وفق التصريح الرسمي ، مخصص للجيش والقوات المسلحةالسورية  في سبيل استعادة الجولان السوري  وبقية الأراضي العربية المحتلة ، مع أن هذه الأخيرة هي أراضي تابعة لدول تعترف سوريارسمياً ووفق عضويتها بالأمم المتحدة  بأنها دول ذات سيادة ، لا يجوز التدخل بشؤونها ، بما في ذلك تحرير أراضيها ، فما بالك أن أراضيتلك الدول استرجعت  سواء فيما يخص جمهورية مصر العربية ، أو المملكة الأردنية الهاشمية ، وكذلك قيام دولة معترف بها في الأمم المتحدةهي دولة فلسطين ، التي تمثل قانونياً وسياسيا  الشعب الفلسطيني ، الأمر الذي يعتبر عدم جواز  التدخل بشؤون هذه الدول المعترف بها منالأمم المتحدة  وسوريا ضمناً

ومع ذلك يمكن أيضاً تفهم ذلك في مسار الصراع السياسي ومآلاته ، بيد إن ترافق ذلك مع احترام اتفاقية الهدنة المبرر واقعياً بسبب عدمتوازن القوى ، وحالة ( الجيش العربي السوري )  المزرية سواء لجهة عدته أو مستوى تدريبه أو رواتب أفراده لدرجة أن يُطلق عليه من قبلكثير من السوريين  ذلك التعبير المؤلم والمهين بسبب سوء ظروفه وظروف المستخدمين فيه ( جيش أبو شحاطة )  فذلك يشكل  بدء فارقة مرعبةتنبيء عن واقعنا الحقيقي وواقعنا المفترض ، فنحن بموجب هذه الفارقة ، نعيش  كشعب سوري بظل أوضاع معيشية غاية في السوء ، فيحين تم الاستئثار بالسلطة وتوريثها  واستثمارها من قبيل الأب الذي كان وزيرًا لدفاع الجمهورية العربية السورية حين احتلاله ، بمعزل عنالنية سواء أكان عميل حينها أو شخص مقصر في عمله أو طيب ووطني ولم ينجح بوقف الاحتلال

وبحجة هذا الاحتلال للجولان لم يتم فقط الحكم وتوريثه وحصره بأب وابنه دون أي مشروع حضاري ممسوك وقابل للقياس  والتّحقّق مننسب الإنجاز فيه ، بل تجاوز الأمر للإستئثار بالثروة والسلطة وكامل الصلاحية الدستورية من تنفيذية وتشريعية وقضائية  بيد شخص واحد  يملك مجمل ثروة سوريا بالشراكة مع مجموعة أشخاص يشاركونه إدارة البلاد والاستثمار في الشعارات ،  شخص بمعزل عن نجاحه  الإعلامي بتسويق نفسه عبر إطلالات تلفزيونية ناجحة ،  لم ينجح عبر ذلك بتغطية واقع سوري مزري في البنية التحتية والتعليم والصحةوالتربية  والكهرباء والمياه و إدارة الموارد  وضعف الدخل  وقرى  ومدن ومجتمع كامل متروك ترك شبه كامل ، هذا قبل هذه الكارثة ، فكيفبُعدها ، بل هناك تصرف يُعتبر هذه الكارثة فرصة تاريخية جديدة لوضع كل تبعات كوارث إدارة المجتمع طيلة خمسين سنة ، بضهر هذهالكارثة الأخيرة ، وكذلك للإستمرار بالحكم بذريعة مكافحة ( الاٍرهاب ) و لخمسين سنة أخرى ..

لدرجة أصبح التساؤل  مشروعاً عن أهمية العداوة  مع اسرائيل  وضرورة بقاء الإرهاب كمشرعن لبقاء هذا النظام …! وخطر السلام عليه …!

حالة اللاسلام واللاحرب هذه  تحصد لإسرائيل ، بفريق فيها يستثمر بالحرب ، والأسد الابن كل تبعات السلام من حيث استقرار الهدوء فيالجبهة وتأمين متطلبات اسرائيل في المياه وغيرها وكذلك استمرار السلطة للأسد ، ويحصد السوريين وسوريا كدولة كل تبعات الحرب ، فيلوحة مضحكة مبكية من الفانتازيا غير القابلة للتصديق ..

لذلك الصدق مع أنفسنا كسوريين بمعزل عن مفهومي المعارضة أو الموالاة أو العمالة أو البطولة أو الوطنيةالصدق يقتضي اتخاذ موقفشجاع :

إما بإعلان حرب صريحة لاسترجاع الجولان السوري المحتل ، وهذا خيار أحمق في ظل ميزان القوى غير المتوازن  بين الدولتين ، فكيفبحالة مستوى المعيشة الذي يعيشها  السوريين هناك بمختلف طوائفهم  تحتالاحتلال  مقارنة بحالة السوريين في ظلالحكم الوطنيداخل سوريا قبل هذه الكارثة فكيف بالحري بعد حوالي ثماني سنوات منها ..!

وإما بإعلان حالة السلام  الواقعية بين الدولتين وتحمل تبعاتها الإيجابية والسلبية بآن وعلى الجميع كل الجميع أفراداً وجهات ، بحيث يكونالجميع شركاء بالغنم والغرم معاً دون تخصيص أحدهم بطرف من المعادلة من دون طرفها الأخر ، بتكاذب لا يمكنه واقعياً الاستمرار بعد الآن. مع بقاء إمكانية  استرجاع الجولان وفق قرارات الشرعية الدولية وليست الحرب وسيلة في ذلك .

وإما الابقاء على الحالة المعاشة الآن ومنذ خمسين سنة ، دون أن تكون العداوة المفترضة المعلنة مع اسرائيل ، وسيلة للإسترزاق السياسييوالمالي والسلطوي من قبل شخص أو جماعة سوريّة ، أي ابقاء المعادلة عينها دون  تحويل أغلب المال العام للجيش ومن ثم سرقته بحجةالتحرير  ، والبدء بتداول السلطة  وفصل السلطات دون التذرع بالعدو الصهيوني الغاشموالكف عن الإستثمار بالإرهاب بإطلاق قادتهأو استقدامه أو تسهيله عبوره لسوريا بالتعاون مع جهات  دولية ، وإعلان سوريا دولة محايدة تقوم باسترجاع أراضيها المحتلة وفق الطرقالدبلوماسية والقرارات الدولية ذات الصلة ..

لا استقرار مُعوّل عليه في سوريا والمنطقة دون تبني أحد هذه الخيارات وتحمل نتائج الخيار المراد بشجاعة و مسؤولية تجاه أنفسنا قبلالأخر .

لا مجال لأي تذاكي مخادع في اختيار خيارات أخرى مخادعة غير المطروحة ، فسرعان ما سيظهر الواقع السوري حقيقة زيفها وخداعها

المستقبل يحتاج أفكار جديدة وسردية جديدة،  ولا يمكن  البدء به أو عيشه بالسردية القديمة .

سوريا والعالم ينتظر منا إجابة  صادقةشجاعةمسؤولة  .