°
, April 20, 2024 in
آخر الأخبار
ثقافة

في تعريف العقل والعقلانية

عرف المعجم الفلسفي وموسوعة لالاند العقل والعقلانية على النحو الآتي:

العقل في الإنكليزية: Reason, intelligence, intellect, understanding, intellectual powers. وفي اللاتينية Ratio, intelligentia، وفي العربية هو الحجر والنهي،

وقد سمي بذلك تشبيهاً بعقل الناقة أو عقالها، لأنه يمنع صاحبه عن العدول عن سواء السبيل، كما يمنع الناقة من الشرود. والجمهور يطلق العقل على ثلاثة أوجه: الأول يرجع إلى وقار الإنسان، وحده أنه هيئة محمودة للإنسان في كلامه واختياره وحركاته. والثاني يراد به ما يكتسبه الإنسان بالتجارب من الأحكام الكلية، فحده أنه معان مجتمعة في الذهن تكون مقدمات تستنبط منها الأغراض والمصالح. والثالث يراد به صحة الفطرة الأولى في الإنسان فحده قوة تدرك صفات الأشياء من حسنها وقبحها وكمالها ونقصانها. أما الفلاسفة فيطلقون العقل على المعاني الآتية:

 

1 –  العقل جوهر بسيط مدرك للأشياء بحقائقها. (الكندي)، وهذا الجوهر “ليس مركباً من قوة قابلة للفساد”. (ابن سينا) إنما هو “مجرد عن المادة في ذاته مقارن لها في فعله” (تعريفات الجرجاني). وهذا القول بجوهرية العقل موجود في أكثر كتب الفلاسفة؛ فالفارابي يقول: “إن القوة العاقلة جوهر بسيط مقارن للمادة يبقى بعد موت البدن، وهو جوهري أحدي، وهو الإنسان على الحقيقة. وابن سينا لا يتحدث عن القوة العاقلة إلا ليطلق عليها اسم الجوهر، وهو يسمي الجوهر المتبرئ من المواد من كل جهة عقلاً، وهو النفس الناطقة التي يشير إليها كل أحد بقوله: أنا.

2 – العقل قوة النفس التي بها يحصل تصور المعاني، وتأليف القضايا والأقيسة. والفرق بينه وبين الحس أن العقل يستطيع أن يجرد الصورة عن المادة وعن لواحقها بخلاف الحس. فالعقل إذاً قوة تجريد تنتزع الصور من المادة، وتدرك المعاني الكلية، كالجوهر والعرض والعلة والمعلول والغاية والوسيلة والخير والشر … ولهذه القوة عند الفلاسفة المسلمين عدة مراتب: أولها، مرتبة العقل الهيولاني، وهو الاستعداد المحض لإدراك المعقولات؛ “وإنما نسب إلى الهيولى لأن النفس في هذه المرتبة تشبه الهيولى الأولى الخالية من الصور”، وهو العقل الذي يشبه الصفحة البيضاء التي لم ينقش عليها شيء بالفعل. وثانيها مرتبة العقل بالملكة، وهو العلم بالضروريات واستعداد النفس بذلك لاكتساب النظريات. وثالثتها مرتبة العقل بالفعل، وهو أن تصير النظريات مخزونة عند القوة العاقلة بتكرار الاكتساب، بحيث تحصل لها ملكة الاستحضار متى شاءت من غير تجشم كسب جديد، لكنها لا تشاهدها بالفعل. (تعريفات الجرجاني). ورابعتها مرتبة العقل المستفاد، “وهو أن تكون النظريات حاضرة عند العقل لا تغيب عنه”. وفوق العقل الإنساني عندهم عقل مفارق وهو العقل الفعال الذي تفيض عنه الصور على عالم الكون والفساد، فتكون موجودة فيه من حيث هي فاعلة، أما في عالم الكون والفساد فلا توجد إلا من جهة الانفعال، وإذا أصبح العقل الإنساني شديد الاتصال بالعقل الفعال كأنه يعرف كل شيء من نفسه سمي بالعقل القدسي. وهذا كله يذكرنا بقول أرسطو: إن العقل الفاعل هو العقل الذي يجرد المعاني أو الصور الكلية من لواحقها الحسية الجزئية، على حين أن العقل المنفعل هو الذي تنطبع فيه هذه الصور.

3 – العقل هو “قوة الإصابة في الحكم”، أي تمييز الحق من الباطل والخير من الشر والحسن من القبيح. (ديكارت).

4 – العقل هو قوة طبيعية للنفس متهيئة لتحصيل المعرفة العلمية، وهذه المعرفة مختلفة عن المعرفة الدينية المستندة إلى الوحي والإيمان. قال ابن خلدون: “إن العلوم التي يخوض فيها البشر ويتداولونها في الأمصار تحصيلاً وتعليماً على صنفين: صنف طبيعي للإنسان يهتدي إليه بفكره، وصنف نقلي يأخذه عمن وضعه. والأول هو العلوم الحكمية والفلسفية، وهي التي يمكن أن يقف عليها الإنسان بطبيعة فكره، ويهتدي بمداركه البشرية إلى موضوعاتها ومسائلها وأنحاء براهينها ووجوه تعليمها، حتى يقف نظره وبحثه على الصواب من الخطأ فيها من حيث هو إنسان ذو فكر، والثاني هو العلوم النقلية الوضعية، وهي كلها مستندة إلى الخبر عن الواضع الشرعي، ولا مجال فيها للعقل إلا في إلحاق الفروع من مسائلها بالأصول”. ومعنى ذلك أن الدين مشتمل على الحقائق التي أوحى بها الله، أما موضوع العلم فهو مشتمل على الحقائق التي يستطيع الإنسان أن يحصلها بعقله الطبيعي. ولهذا العقل الطبيعي عند ابن خلدون ثلاث درجات: أولاها العقل التمييزي وثانيتها العقل التجريبي وثالثتها العقل النظري.

5 – العقل هو مجموع المبادئ القبلية المنظمة للمعرفة، كمبدأ عدم التناقض ومبدأ السببية والغائية .. وتتميز هذه المبادئ بضرورتها وكليتها واستقلالها عن التجربة. قال ليبنتز: ” يتميز الإنسان عن الحيوان بإدراك الحقائق الضرورية والأبدية، فهي التي تولد فيه العقل والعلم وتسمو به إلى معرفة ذاته، ومعرفة الله”. وقد انتشر هذا المعنى في الفلسفة الحديثة بتأثير كانط حتى أصبح الفلاسفة يقولون إن إدراك العالم لا يتم بما يحصل للعقل من مدركات تجريبية فحسب، يل يتم بما لديه من معان فطرية. فإدا قال الفلاسفة التجربيون: لا يوجد في العقل شيء لم يكن قبل في التجربة والحس، صحح الفلاسفة العقليون لهم هذا القول بإضافة قيد واحد عليه وهو قولهم: إلا العقل نفسه. ومعنى ذلك أن المبادئ والمعاني الأولية التي يكشف عنها الفكر موجودة في العقل قبل اتصاله بالحس، وأن العقل الغريزي ليس صفحة بيضاء لم تنقش بنقش وإنما هو ذو رسوم فطرية تنظم معطيات التجربة. وبعض المعاني الكلية كمعنى الكمال واللانهاية ملازمة للعقل لا تفارقه، وبعضها الآخر كمعنى الزمان والمكان والعلة والوحدة حاصلة للعقل بوساطة الفكر. والفرق بين العقل والفكر أن العقل مجموع المبادئ الضرورية والمعاني الكلية التي تنظم المعرفة، في حين أن الفكر حركة النفس في المعقولات من المطالب إلى المبادئ تارة ومن المبادئ إلى المطالب أخرى. أما الفرق بين العقل والاستدلال فهو أن العقل نور يدرك المبادئ الضرورية بذاته إدراكاً مباشراً على حين أن الاستدلال هو النظر في شروط انطباق هذه المبادئ على موضوعات الفكر لاستخراج النتائج الصحيحة من المقدمات الصادقة.

6 – العقل هو الملكة التي يحصل بها للنفس علم مباشر بالحقائق المطلقة. وإذا قلنا بوحدة العقل وموضوعه دل العقل حينئذ على المطلق نفسه، فكأن هذا العقل شيء مستقل عنا ونحن نتلقاه من الخارج، كما نستنشق الهواء المحيط بنا، وكل واحد منا يشعر بأن في داخله عقلاً محدوداً لا يصحح أحكامه إلا باستلهام عقل كلي ثابت لا يتغير فأين يوجد العقل الكلي؟ إنه الله الذي أتوجه إليه، الموجود اللانهائي الكامل الذي يتجلى لنفسي مباشرة فكأن هذا شبيه بالعقل الفعال الذي تكلم عليه الفارابي وابن سينا.

ومع أن كانط يعلن أن معرفة هذا العقل المطلق ممتنعة فإن خلفاءه، ولا سيما شيلنغ يقولون بإمكان معرفته، وهكذا يتدرجون إلى القول بعقل مستقل عن الفكر أي بحدس شبيه بإلهام الشاعر يكافح الشك أو الباطل أو الضلال الذي يظهر على مسرح الفكر، كأن هنالك فوق الفكر منطقة نورانية أو منطقة سلام دائم يقبض فيها العقل على الحقائق دون الاستعانة بالفكر. وقد خلق الله العقل لإدراك هذه الحقائق، كما خلق العين لإدراك الألوان والأشكال والأذن لإدراك الأصوات.

7 – ويطلق لفظ العقل أيضاً على مجموع الوظائف النفسية المتعلقة بتحصيل المعرفة، كالإدراك والتداعي والتذكر والتخيل والحكم والاستدلال .. إلخ ويقابله بالفرنسية لفظ Intelligece ويرادفه الذهن والفهم وهو مضاد للحدس والغريزة، أما ملكة الفهم السريع فتسمى ذكاء.

8 – العقل المحض والعقل العملي: يطلق كانط هذين الاصطلاحين على كل ما هو قبلي في الفكر، أي على الملكة المتعالية التي تتضمن مبادئ المعرفة القبلية المستقلة عن التجربة؛ فإذا نظرت إلى العقل من جهة اشتماله على المبادئ القبلية للمدركات العلمية كان عقلاً نظرياً أو تأملياً، وإذا نظرت إليه من جهة اشتماله على المبادئ القبلية لقواعد الأخلاق كان عقلاً عملياً. وللعقل عند كانط معنى أخص هو الملكة الفكرية العالية التي تولد فينا المعاني المجردة كمعنى النفس والعالم والله، وهو بهذا المعنى ليس مقابلاً للتجربة إنما هو مقابل الذهن أو الفهم، وله ناحية عملية خاصة، وهي أن مسلمات الأخلاق كمعنى الحرية وخلود النفس ووجود الله متعلقة به.

9 – العقل المؤلِّف والعقل المؤلَّف، عند لالاند، الملكة التي يستطيع بها كل إنسان أن يستخرج من إدراك العلاقات مبادئ كلية وضرورية، وهي واحدة عند جميع الناس، أما العقل المؤلَّف فهو مجموع المبادئ والقواعد التي نعتمد عليها في استدلالاتنا وهذه تتغير بتغير الزمان والأفراد إلا أنها تتجه مع ذلك إلى الوحدة، فكأن العقل المؤلِّف هو العاقل والعقل المؤلَّف هو المعقول.

العقلي Rational, Intellectual هو المنسوب إلى العقل، نقول: المبادئ العقلية والعلوم العقلية، قال هيغل كل ما هو موجود فهو عقلي وكل ما هو عقلي فهو موجود. والعقلي أيضاً هو المنطقي Logice والنظري Theoric. والحياة العقلية في علم النفس مقابلة للحياة الانفعالية أو الوجدانية والحياة الفاعلة. والقيم العقلية مقابلة للقيم الأخلاقية والفنية.

العقلانية Reasonalisme هي القول بأولية العقل وتطلق على عدة معان: الأول هو القول إن كل موجود له علة في وجوده بحيث لا يحدث في العالم شيء إلا وله مرجع معقول. والثاني هو القول إن المعرفة تنشأ عن المبادئ العقلية والقبلية والضرورية، لا عن التجارب الحسية، لأن هذه التجارب لا تفيد علماً كلياً. والمذهب العقلي بهذا المعنى مقابل المذهب التجربي الذي يزعم أن كل ما في العقل متولد من الحس والتجربة. والثالث هو القول إن وجود العقلي شرط في إمكان التجربة فلا تكون التجربة ممكنة إلا إذا كان هنالك مبادئ عقلية تنظم معطيات الحس. مثال ذلك أن المثل عند أفلاطون والمعاني النظرية عند ديكارت متقدمة على التجربة. فإذا عددت هذه المثل وتلك المعاني والصور شرطاً ضرورياً وكافياً لحصول المعرفة كانت العقلانية مطلقة، وإذا عددتها شرطاً ضرورياً فقط كانت العقلانية نسبية. والرابع هو الإيمان بالعقل وبقدرته على إدراك الحقيقة وسبب ذلك في نظر العقلانيين أن قوانين العقل مطابقة لقوانين الأشياء الخارجية وأن كل موجود معقول، فإذا قالوا إن العقل قادر على الإحاطة بكل شيء دونما عون خارجي يأتيه من القلب أو الغريزة أو الدين كان مذهبهم مضاداً لمذهب الإيمانيين الذين يعتقدون أن العقل لا يكشف عن الحقيقة وإنما يكشف عنها الوحي والإلهام.

والعقلانية عند بعض علماء الدين هي القول إن العقائد الإيمانية مطابقة لأحكام العقل. ولهذه العقلانية ثلاثة أوجه: الأول هو القول إن العقل شرط ضروري وكاف لمعرفة الحقائق الدينية. والثاني هو الإعراض عن جميع العقائد التي لا يمكن إثباتها بالمبادئ العقلية. والثالث هو الدفاع عن المبادئ الإيمانية بعد فرضها صحيحة من الشرع من حيث يمكن أن يستدل عليها بالأدلة العقلية (ابن خلدون، المقدمة).

المذهب العقلي Intellectualism هو القول إن كل ما هو موجود فهو مردود إلى مبادئ عقلية وهو مذهب ديكارت واسبينوزا وليبنتز وفولف وهيغل، ويطلق بوجه خاص على النظرية التي ترجع الحكم إلى الذهن لا إلى الإرادة، فلا تفسح في المجال للظواهر الوجدانية ولا الإرادية في الأعمال الذهنية (مج) وهو بهذا المعنى مقابل للمذهب الإرادي الذي يجعل تأثير الإرادة في الحياة النفسية أعظم من تأثير العقل. (انتهى الاقتباس من المعجم الفلسفي)

أما في موسوعة لالاند:

عقل (ملكة، سبب، نشاط، علة) Reason، من المرجح أن أقدم معنى للكمة يتعلق بـ ratus من reor بمعنى ظن واعتقد وفكر، ويبدو أنه كان دالاً، قبل العصر المأثور، على حساب وعلاقة بنحو خاص. وأدخله لوكريس وشيشرون في اللسان الفلسفي.

آ – بوصفه ملكة: هو ملكة الاستدلال نظرياً بالعقل، ملكة تركيب المفاهيم والقضايا والعبارات والمقترحات، وبهذا المعنى يكاد يكون خاصاً بالإنسان. وعند بعضهم يتعارض العقل ratio مع العاقلة intellectus على الرغم من تجذرهما المشترك في طبيعة النفس. وكان بوسويه يستعمله بهذا المعنى ويمزجه بالمعنى ب (عقل معياري) وهذا المعنى باق عند بعض الحديثين إذ يقال عقل عاقل، معقِلن، كما نجده في تعبير كائن عقلي، كينونة وهمية مخلوقة من قبل الفكر لحاجات الخطاب. وطبق كورنو هذا التعبير على “كينونات قوامها طبيعة الأشياء وعلتها” في مقابل “كينونات صنعية ليست سوى العلامات المنطقية”.

ب – ملكة (الحكم السليم)، أي ملكة تمييز الخير والشر، الصحيح والفاسد (أو حتى الجميل والبشع) بشعور داخلي فطري وتلقائي. “ما دام الإدراك العقلي يبدع ويخترق فإنه يدعى روحاً، وإذ يوجه إلى الحق والخير فإنه يدعى عقلاً وحكماً .. وما دام يجنبنا شر الإنسان وداءه الحقيقي، وهو الخطيئة، فإنه يدعى الوعي”؛ وبهذا المعنى يتعارض العقل إما مع الجنون وإما مع الانفعال، إذ لا يحسن المنفعل الحكم.

ج – معرفة طبيعية تتعارض مع المعرفة المنزلة التي هي موضوع الإيمان. “موضوع الإيمان هو الحقيقة التي نزلها الله بكيفية استثنائية” أما العقل فهو تسلسل الحقائق، لكن بنحو خاص. عندما يقارن بالإيمان هو تسلسل الحقائق التي يمكن أن يبلغها الفكر البشري بلوغاً طبيعياً من دون عون من أنوار الإيمان.

د – منظومة مبادئ قبلية، لا تتوقف حقيقتها على التجربة، يمكن صوغها منطقياً ونحن نعرفها معرفة عقلية، فإن معرفة الحقائق الضرورية والأزلية هي ما تميزنا من البهائم العادية وتجعلنا نملك العقل والعلوم وذلك يرفعنا إلى معرفة أنفسنا ومعرفة الله. “ليس للعقل المحض والعاري والمتميز من التجربة سوى التعاطي مع حقائق مستقلة عن الحواس”. هذا المعنى الذي تؤيده الكانطية كان متداولاً منذ نحو قرن في التعليم الكلاسيكي. (المذهب التجربي يرفض وجود العقل وأطروحته العامة أن العاقلة البشرية تتحدر برمتها من التجربة).

هـ – بنحو خاص، ملكة معرفة الواقع والمطلق بنظرة مطلقة، في مقابل ما هو ظاهري أو عرضي وأحياناً (بعد التماهي بين الفكر وموضوعه) هذا المطلق عينه. (نتلقى بلا انقطاع وفي كل آن عقلاً أرفع منا مثلما نتنفس الهواء باستمرار، وهو جسم غريب عنا”) .. هذا المعنى الذي استبعده كانط، المؤمن باستحالة معرفة كهذه، جرى استرجاعه مع بعض التعديلات لاسيما من قبل شلنغ.

2 – بوصفه موضوع معرفة:

و – علاقة. “عقل أوسط وأقصى. عقل متوالية” – يعتبر العقل كيف يكون عدد مضمناً في آخر، أو كيف يحتويه … يمكن تمثله بكسر سيكون عدد ما صورته وعدد أخر مخرجه”. (كوندياك، لغة الحساب)

ز – مبدأ تفسيري، بالمعنى النظري؛ موجب: ما يحيط بنتيجة. ” لنفترض زوجاً ما من أية معطيات؛ إما أن يترابطا فعلياً، فيكون هناك عقل حتى يكون هناك لأن، وسيط يفسر، يبرهن ويستلزم ترابطهما” (تيين). (وهو أيضاً) “من الملكات التي يتخطى الإنسان بها الحيوان، ملكة تصور عقل الأشياء” (كورنو) بهذا المعنى يعارِض العقل إما مع السببية الفعالة وإما مع البرهان المنطقي الذي يلزم بالموافقة لكن دون تنوير الفكر.

ح – بالمعنى المعياري، سبب أو دافع شرعي، تبرير أو تسويغ (راجع المعنى ب) “للقلب أسبابه” “ليس بلا سبب” ومن ثم حجة ترمي إلى البرهان على أن المرء محق حتى وإن لم تكن حجته صالحة. “حجة الأقوى دائماً هي الفضلى”. سبب كاف، حجة كافية.

في علم تأصيل المعاني (إيتمولوجيا) تعين أن يوجد في اللاتينية جذر rat ( المماثل ربما بجذر art من artus,ars ) المعبر عن شيء مما يتناسق، يتجانس ويغدو صلباً إثر هذا التجانس، من هنا اسم المفعول ratus مؤكد مثبت، سواء في الكلام على شيء أم على شخص. ومن هنا ratis طوف، مجموعة قطع خشبية، و ratio منظومة أفكار مترابطة، حساب، استدلال. (ج. لاشلييه).

يبدو أن المعنى الأصلي هو ذلك الذي يوحي به التعبير القديم “كتاب العقل” بما يعني كتاب حسابات وتحقق مفصل من العائدات والنفقات لمجرى حياة بيتية كاملة. انطلاقاً من هذه الدلالة الأولى تطور اللفظ في اتجاهين مختلفين، أفضيا لا إلى إبراز المفاهيم التي يتضمنها في اللسان الفلسفي فقط، بل إلى تعارضها أيضاً: من هنا كانت ملابسات من الضروري أن نتنبه إليها، فالعقل بحسب ما ينظر خصوصاً في الطابع التحليلي لعملياته الإجرائية أو في الوضوح الأكيد لتقريراته يقال تارة على الملكة العقلية أساساً القادرة على تنظيم الاختبارات أو الأدلة وإقامة براهينه؛ ويقال تارة أخرى على ملكة تقرير المطلق ومعرفة الكون كما هو وأسره إذا جاز القول وتقديم الأسس وبلوغ الحقائق الضرورية والكافية للفكر والحياة. في المعنى الأول يكون العقل مجرد أداة (أداة كلية) كما كان يقول ديكارت، لخدمة، لمساعدة أو لمحاكاة إنجاز ملكة حدسية أرفع؛ في المعنى الثاني يؤدي الدور الأول؛ فهو يدعي بصراحة نسبية، أنه يعزو قيمة واقعية لعمل الفكر النظري ويرمم الواقع بواسطة أجزاء مصطنعة من التحليل. (م. بلونديل)

للبحث صلة : جاد الكريم الجباعي . عن موقع سؤال التنوير