( الجمهورية العربية السوريّة ومنذ نشوئها لديها إعتراف متبادل مع دولة إسرائيل ، و الدولتين تعترفان ببعضهما وفق الأصول ، في كل المنظمات الدولية ذات الصِّلة ، خاصة منظمة الأمم المتحدة ، وقد أجرت الجمهورية العربية السوريّة بعهد الرئيس حافظ الأسد 1991 برعاية الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي جولة مفاوضات بين الدولتين عبر السيد فاروق الشرع وزير الخارجية السوري حينها، و السيد إسحاق شامير رئيس الوزراء الإسرائيلي ، ومن ثم عاودت الدولتين المفاوضات بينهما في 1992 برعاية السيد بيل كلينتون وحيث صرّح السيد إسحق رابين بوجود إمكانية للتنازل عن الجولان أو جزء منه مقابل السلام ، حيث صرّح التالي : ( عمق الإنسحاب كعمق السلام ) في أعقاب ذلك،استضافت مدينة واي بلانتيشن في ولاية مريلاند الأميركية أربع جولات من المفاوضات، بين 27 كانون الأول 1995 و19 شباط 1996،
في عام 1999، كشفت الصحافة الإسرائيلية وثيقة أعدها لاودر تلخص الاتصالات التي أدارها بين دمشق وتل أبيب وتظهر أن نتانياهو كان مُستعداً لإعادة الجولان إلى سوريا.
في 8 كانون الأول 1999، أعلن الرئيس الأميركي، بيل كلينتون، استئناف مفاوضات السلام بين إسرائيل وسوريا «انطلاقاً من النقطة التي توقفت عندها» من دون أن يحدد هذه النقطة، وذلك بعدما انتخب الزعيم العمالي إيهود باراك رئيساً للوزراء في إسرائيل في أيار من العام نفسه. في كانون الثاني 2000، انطلقت مفاوضات ماراتونية بين الجانبين في مدينة شيبردستاون الأميركية في ولاية فيرجينيا، أشرف عليهاالرئيس الأميركي ووزيرة خارجيته، مادلين أولبرايت، شخصياً، فيما تولى كل من باراك والشرع شخصياً تمثيل دولتيهما فيها .
في منتصف 2003 أعلنت الجمهورية العربية السوريّة رغبتها في استئناف العملية السلمية مع إسرائيل ، في نهاية العام ذاته جدد الرئيس بشار الأسد دعوته للسلام عبر صحيفة نيويورك تايمز ، كما أن وديعة رابين وهي محصّلة الإتفاق ، الذي تم التوقيع عليها بين ممثلي الدولتين وبالصفة الرسمية لطرفيها ! )
كل ما تقدم ، هو وقائع وحقائق جرت ، ليس لي بها أي رأي أو دور ، تم نسخها ولصقها هنا ، وما صرّح به الأسد الإبن البارحة ، حول إسرائيل لا يعكس واقع الحال القانوني بين الدولتين ولا رأيه الواقعي الذي يعمل عليه ، وفق الوقائع والإجراءات القانونية الملزمة له، التي تقدم ذكرها والمعلنة ، ولا أريد التحدث عن غير المعلن ، فما هو مُعلن كاف تماماً لمعرفة ما يجري فعلاً …
ما تقدم لا يُغطّيه الخطاب المزدوج الذي تمارسه السلطة الحاكمة في دمشق ، فهو واقع قانوني يُعطي إسرائيل كل مزايا السلام المعلن ، ولا يُحمّلها أي واجبات تجاه السلام ووقف الإعتداء ، وتجاه سوريا الدولة والشعب ، وبالوقت ذاته يستفيد منه الأسد الابن كشخص ، في تبرير الهروب من مستحقات التنمية واستمرار وجوده بالسلطة ، بمواجهة الشعب السوري ، على قاعدة الشرعية المستمدة من العداوة مع إسرائيل !
في حين الشعب السوري والدولة السوريّة تدفع ثمن الحرب المعلنة ، والمستهلكة لكل نشاط سوري ، الحرب ذاتها غير القائمة على أرض الواقع ، والتي لا مجال موضوعياً للقيام بها !
لذلك إعلان ما هو موجود فعلاً بين الدولتين ، سواء أُعتبر ما جرى خيانة أو بطولة ، إعلانه ووضعه فوق الطاولة وقوننته بدلاً من هذه الزعبرة والزعرنة لمصلحة سلطة حاكمة . يحدد لكلا الجانبين ، الدولتين ، حقوق وواجبات يُحتكم إليها عند أي خلاف أو تجاوز ، ويمنع اللعب على الحبال وتسويق وهم ، مختلف عن واقع ما يُمارس ، وما هو مُعاش فعلاً .
الأمر المُحيّر والملفت ، أن من قام بكل ماتقدم بالاعتراف بإسرائيل ، وقام بكل الأفعال الكارثية التي لا يجرؤ محتل على فعلها بحق الدولة والشعب السوري ، لديه ولدى أنصاره ومعارضيه على حد سواء ، سيف مُسلّط ،ومعيار مزدوج ، بحق كل شخص يكشف ما قام به هذا النظام من فعل ! ويدعو لقوننته وعلانيته ، تحقيقاً للعدالة بين طرفيه ، فيصبح خائناً !
ومن قام بالفعل غير العادل لطرفيه ، يُصبح رمزاً للوطنية والمقاومة والصمود !