°
, April 20, 2024 in
آخر الأخبار
تفاصيل

يوم العرس التقليدي في قرية الدالية . للباحث عيسى أبو علوش

… في ضحى ذلك النهار تحمم نفسها – كالعادة – أو تحممها أمها الحمام الأخير في بيتها , وكذلك يفعل العريس , لأنه لا طقوس تتبع للحمام في هذه المناسبة بضيعتنا , ويرتدي العريس ملابسه الجديدة , ثم يأتيه زملاؤه وأصدقاؤه وأقرباؤه ويبقون معه حتى موعد الانطلاق إلى بيت العروس . أما العروس فتتجمع حولها رفيقاتها وصديقاتها , يرقصن عندها و يغنين إلى عصر ذلك اليوم حيث يقترب موعد حضور العريس وأهله والعرَّاسين , فيمشطن لها شعرها على إيقاع هذه الأغنية :

 

يا مِشَّاطا امْشِيطِيَّا

دِخْلِكْ لا تُوَجيِّعِيَّا


هادي سَعْدَا الغالِيَّا

أُمَّـا وَصّــَتْنَا فِيَّـــا


ثم يلبسنها ثوب العرس , وهو ليس أبيض بالضرورة , بل هو ثوب جديد مزركش بألوانه الزاهية , لأنها سوف تلبسه بعد يوم العرس كأي ثوب من أثوابها القليلة , وهو طويل ومحتشم , بكمين طويلين , يداعب أسفله كعبيها .

كان لباس رأس الفتاة العازبة منديلاً حريرياً جميلاً تلفه على رأسها , ولكن اعتباراً من الآن – يوم زفافها – سوف يصبح لباس رأسها كما يلي :

أ – الطربوش : لونه أحمر , واطيء ملتصق بالشعر .

ب- الحطاطَة : من الحرير الملوُّن , ناعمة , تتماهى ألوانها المتقاربة مع بعضها لتعطي بان لونها أسود فاتح , تُلَفُّ حول الطربوش وفوقه بطريقة خاصة .

المنديل : من الحرير الأبيض , طويل , يُلَفُّ قسم كبير منه فوق الحطاطة بأسلوب جميل , ويُتْرَكُ طرف الآخر منساباً على ظهرها لإلى ما تحت ركبتيها .

د – النقاب , أول الجلية : قطعة رقيقة شفافة تغطي كامل الرأس والوجه , ولا تحجب الرؤية عن عينيها . بهذه الكيفية يصبح رأسها أكبر من حجماً من رأس الجندي الذاهب بخُوذته إلى الحرب .

بعدما تصبح العروس جاهزة للزفة , يرسل والدها من يخبر أهل العريس الذين يتوجهون حالاً إلى بيت العروس بتنظيم خاص , يتقدمهم العريس بين والديه اللذين يمسكان بذراعيه , وخلفهم إخوته وأخواته , فوجهاء العائلة , ثم بقية المشاركين , يسيرون على إيقاع الأغاني والأهازيج والزغاريد , وصوت الطبل والمزمار .

وما إن يصلوا إلى أمام بين العروس وهم يرددون :


بْعَوْن الله نحن قْصَدْنا فْضَالْكُنْ

رِيت الفَرَحْ دايمٍْ في دْيـــــارْكُنْ


إِلْنــــا فــــيها عروس مْشَنْشَالي

سَعْدَه الحلوه يا زهرة وَرْدَاتْكُنْ


حتى يقف قبالتهم أهلها مُرَحَّبين , على لسان أم العروس :


أهْلا وْسهْلا فـيــكن يالْجيتونا

عروستكن والكـحـلة عَجْفُونَا


لْزين الشباب ومْنَكَّسْ بْريمُو

سَعْدَه تْحِطُّو في جوَّات عْيونا


ثم تتقدم أم العروس من صهرها العتيد , وتقبله كما تقبل ابنها , ثم تأخذ مكان والده , وتتقدم به مع أمه إلى داخل البيت حيث تستقبله الصبايا بالزغردات الصاخبة المتواصلة , وتقف عروسه منتصبة باسمة على استحياء , فيطبع على وجنتها أو قبلة علنية حلال . . . بعد ذلك ينطلق صوت المغنيات من الخارج , طالباً بدء مسير العروس إلى عشها الزوجي :


نَخَّ الجَمَل قُومي اركبي نــايْفي

غَبْشِتْ الــدَّنْي والأوَادِمْ وَاقْفــي


يا نُـــورْ عَيـــْني مِنْشُو خَــايْفي

بِـــيد وْلاْد عَـمَّكْ زَلْــغَط المَرْتيني


يتقدم الجمع وجيه الحارة , يليه شيخ الحارة , فحامل الراية , فالعروس وفرسها وقائد الفرس ( من يمسكها برسنها ) , وخلفها يسير العريس محاطاً بأهله وأهل عروسه , وفي مؤخرتهم شاب من أهلها يحمل صندوق العروس . ثم بقية المشاركين يتقدمهم الطَّبال والزمَّار . . .


مقتطف من كتاب : ” في رحاب الدالية” . للباحث عيسى أبو علّوش .

الدالية : قرية من قضاء جبله في جبال سوريا الغربية .