°
, April 20, 2024 in
آخر الأخبار
تفاصيل

عصفور الحرية.

كان يا ما كان في قديم الزمان…. طائر يغني بفرح وشوق وهو حر طليق يطير تحت السماء الزرقاء وفي يوم سمعه الملك وطلب أن يضعونه في قفص ذهبي مرصع حتى يستطيع أن يسمعه كل يوم. وُضع الطائر المسكين في القفص.

إذا كنت في المكان ومع الشخص غير المناسب فحتى الغناء والفرح غير مسموح .

فقد الطائر حريته وأصبح يبكي ويبكي ولكن لم يشعر ببكائه أحد لأن الكثير منا لا يستطيع أن يميز بين البكاء وغناء الفرح…

ما فائدة القفص الذهبي المرصع إذا كنت محبوساً فيه؟ صار الطائر يفكر هل سأظل هنا كثيراً؟ هل ستفقد أجنحتي مرونتها؟ من عرف الحرية والطيران نحو السماء لا يمكنه أن يفرح بقفص حتى وإن كان ذهبياً ومرصعاً.

وفي يوم من الأيام سمع الطائر درويشاً يغني ويقول: من يبحث عن الحرية فهناك طريقة واحدة للوصول إليها… طريق الحقيقة. ولكن ما هي الحقيقة؟

الحقيقة هي أن ترى الأشياء على ذاتها وأن تتعرف على كل شيء بالطريقة التي وُجد فيها وأن تتناغم معها وتظهرها كما هي… هذه هي الحقيقة التي تجلب لك الحرية.

هذه كانت الكلمات التي ردّدها الدرويش في ذلك اليوم ولم يهتم أحد بكلماته إلا هذا الطائر الصغير لأنه هو الوحيد الذي كان يتذكر جمال الحرية والانطلاق أما بالنسبة للبشر فهم لا يفكرون بالحرية .. أو في الحقيقة لا يعرفونها وكأنهم فقدوا الأمل بأجنحتهم التي كانت تهديهم إلى أبعاد بعيدة ومختلفة…

من هنا أحس الطائر أن هذه الكلمات هي رسالة له ويجب أن يحاول حتى يسترد حريته المفقودة.

وفي يوم جاء شخص ليقابل الملك وطلب الملك من أحد الخدم أن يقول للضيف أنه ليس موجوداً فصرخ الطائر قائلاً: لا، لا، الملك موجود وهذا الخادم يكذب لأن الملك طلب منه ذلك.

غضب الملك…

الكثير منا لا يحب الحقيقة لأننا نرى أن الحياة هي خدعة وحسب… خاصة بالنسبة للملوك والأغنياء لأنهم يعتمدون على الخدع في حياتهم ولأنهم من ألوف السنين صلبوا الحقيقة وحكموا العالم….

أصدر الملك قراراً بطرد الطائر من القصر. لا يمكن للحقيقة أن تتعايش مع القصور. طُرد الطائر من القصر وهذا ما كان يتمناه فصار يرقص في الفضاء ويقول: صدق الدرويش؛ الطريقة الوحيدة للوصول للحرية هي الحقيقة.

كان هناك ببغاء يراقبه فقال له: يا أيها الأحمق… لقد فقدت القفص الذهبي وأنت تغني وترقص؟ القليل منا يحظي بمثل هذه الحياة وأنت تجاهلت كل هذا؟ أنت لا تعرف فن الحياة في القصور الذهبية. الشرط الأول هو أن تكون بالضبط كما قال المرشد دون أن تفكر بصحته أو خطأه. الفكر يولد التمرد ومن يقع في هذه الغلطة لن يستمر.. لماذا وقعت في غلطة الفكر أيها الأحمق؟ الفكر خطر جداً والعاقل هو الذي لا يفكر ويبقى في سجنه ويسميه “البيت” أو “المعبد”…. كنت تستطيع أن تغير الأثاث فيه وتجعله كما تحب… تذكر غالبية الناس يغيرون ما بداخل سجونهم حتى يحسوا أنهم في بيوتهم..

لم يعر الطائر للبغاء أهمية لأنه كان سكراناً بالهواء الطلق والحرية التي حصل عليها ولكن استمر الببغاء بإعطاء نصائحه غير المطلوبة وقال: تذكر؛ الطريقة الوحيدة للعودة للقفص الذهبي هي أن تقول دائماً ما يقوله المرشد؛ نحن لا نقول الحقيقة ولا نهتم بها نحن نرى بعين المرشد ونسمع بأذنيه ونفكر بطريقته ولا نستخدم أدمغتنا.

هكذا أنهى الببغاء حديثه وعاد إلى القفص وغلق السجان بابه.

هذا ينطبق على البشر أيضاً؛ أصبحنا ببغاء ونتبع المرشد فقط. لا نفكر، نتبع الكلمات سواء أن كانت من الكتب المقدسة أو من فرقة أو حزب سياسي. لقد امتلأت عقولنا وأذهاننا وآذاننا من الكلمات التي يرددونها ونحن لا نفكر بل نرددها مثل الببغاء ونسينا أن لنا أجنحة وأن هناك سماء ومساحه كبيره للطيران ولم نعد نعي جمال الروح التي نحتويها…

إذا كنت تريد أن تكون أسيراً وآمناً فلا تتكلم عن الحقيقة؛ اقبل الحياة وكأنها تريدك مطيعاً وأسيراً ولا تغلط وتتطلع للحقيقة لأن الحقيقة خطرة وغير آمنه والقفص هو آمن أنت في القفص لا تخاف المطر ولا العواصف ولا الغيوم ولا البرد.

لا يوجد خوف في القفص كل الخوف يكمن في الحرية؛ الحرية هي أن تكون في خطر…

في الحرية أخطار كثيرة . تأمل السماء وسعتها وهذا الطائر الصغير, كل أنواع الخطر وكل المجازفات مقبولة, الرياح؛ العواصف الطيور الجارحة؛ كل شيء كل شيء. ولا سبيل ليحمي نفسه منها…. لهذا نفضل أن نكون مقيدين وآمنين.

إذا كنت تريد أن نكون آمناً فسأل نفسك: هل تريد أن تكون أسيراً ومقيداً؟ إذن لا تتكلم عن الحقيقة أبداً؛ أن تكون أسيراً ومقيدا هو الجواب الوحيد للأمان.

حتى تأمن شر السياسيين والمتدينين والأغنياء كن معتمداً عليهم لأنهم سيقدمون لك الحماية والأمن اللازمين..

الحرية هي ليست للآمنين والمحميين هي للمشتاقين الشجعان الذين لم ينسوا أجنحتهم ولم ينسوا السماء ووسعتها تركوا الجنازير والجدران وحلقوا فوق العالم وانصهروا في الفضاء…

الحرية موجودة في فطرتنا لكننا لا نستطيع أن نراها في أعين البشر اليوم.

عِش بأمان وموت بأمان هذا هو شعارنا.

عن الفيس بوك : حائط منذر الهوشي .