°
, April 19, 2024 in
آخر الأخبار
دراسات اجتماعية

العوامل المؤثرة في النمو – الوراثة والبيئة :

تتفاعل العوامل الوراثية المختلفة مع عوامل البيئة عضوية أو غذائية أو نفسية عقلية أو اجتماعية أو غير ذلك من الألوان المختلفة للبيئة في تحديد صفات الفرد وفى تباين نموه ومسالك حياته ومستويات نضجه ومدى تكيفه وشذوذه .

وتختلف صفات الفرد اختلافاً بينياًَ في مدى تأثرها بتلك العوامل المختلفة ، فالصفات التي لا تكاد تتأثر بالبيئة تسمى الصفات الوراثية الأصلية وأهمها لون العين ، ولون ونوع الشعر سبطاً كان أم جعداً ، ونوع الدم ، وهيئة الوجه ومعالمه ، وشكل الجسم .

والصفات التي تعتمد في جوهرها على البيئة ولا تكاد تتأثر بالمورثات تسمى صفات مكتسبة ومن أهمها الخلق والمعايير الاجتماعية والقيم المرعية .

والصفات التي ترجع في جوهرها إلى الوراثة وتتأثر بالبيئة تأثراً يتفاوت في مداه بين الضعف والشدة ، تسمى صفات وراثية بيئية ، أو استعدادات فطرية تعتمد على البيئة في نضجها وتتأثر بها في قصورها وعجزها عن بلوغ هذا النضج ، ولعل أهم هذه الصفات هي لون البشرة ، وذلك لتفاوت تأثير أشعة الشمس في هذا اللون كما يحدث عادة لمصطافين . والذكاء ، والمواهب العقلية المختلفة وسمات الشخصية والقدرة على التحصيل المدرسي.

هذا ، ويمكن اكتشاف الأثر النسبي لكل من الوراثة والبيئة في نمو الأطفال وذلك بدراسة صفات التوأمين المتماثلين حينما يعيشان في بيئة واحدة وحينما يعيش كل منهما في بيئة تختلف عن بيئة أخرى ،وبما أن التوائم المتماثلة تنتج من تلقيح بيضة أنثوية واحدة بحيوان ذكرى واحد ، إذن تصبح الصفات الوراثية لكل توأمين من هولاء التوائم المتماثلة . فإذا عاش توأمان متماثلان في بيئتين مختلفتين ظهر أثر البيئة في التفرقة بينهما في الصفات التي تتأثر بالبيئة . هذا ويمكن أيضاً إجراء مثل هذه التجربة على توأمين متماثلين أخريين يعيشان في بيئة واحدة ، وعلى توأمين غير متماثلين يعيشان معاً في بيئة واحدة . وهكذا قد نصل من مقارنة نتائج هذه التجارب إلى معرفة الأثر النسبي لكل من الوراثة والبيئة في النمو ، ومدى اعتماد الصفات الجسمية والعقلية المختلفة على الوراثة من ناحية وعلى البيئة من ناحية أخرى .

وهكذا نرى أن النمو يكاد يتأثر في بعض مظاهره تأثراً كلياً بالوراثة ثم تخف حدة الوراثة في بعض المظاهر الأخرى ، وتزداد أهمية البيئة ثم يبلغ أثر البيئة أشده في مظاهر أخرى من مظاهر النمو . وبذلك فحياة الفرد في تفاعل دائم مستمر بين الوراثة والبيئة ، ويصعب علينا أن نفصل بينهما فصلا حاداً قاطعاً ، ذلك لأن الوراثة لا توجد بمعزل تام عن البيئة ، فالمورثات التي تتآلف بعضها مع بعض وتنتظم على خيوط الصبغات تحيى في بيئة تؤثر فيها وتتأثر بها بدرجات تتفاوت في شدتها .

هدف الوراثة :

تعمل الوراثة على المحافظة على الصفات العامة للنوع ، وذلك بنقل هذه الصفات من جيل لآخر ، فالإنسان لا يلد إلا إنساناً ، والفأر لا يلد إلا فأراً .

وتعمل الوراثة أيضاً على المحافظة على الصفات العامة لكل سلالات النوع وبذلك يختلف سكان القطب الشمالي عن سكان خط الاستواء في الشكل واللون وغير ذلك من الصفات .

وتستطرد الوراثة في أثرها حتى تقارب بين الوالدين والأبناء في صفاتهما الوراثية ، حتى ذهب الناس في أمثلتهم المأثورة إلى القول بأن ” الولد سر أبيه ” وبأن ” ما شابه أباه فما ظلم ” هذا وتدل نتائج الأبحاث العلمية على أن الطفل يرث نصف صفاته الوراثية من والديه. وأن بعض صفات الأب قد تتغلب على بعض صفات الأم ، أو أن بعض صفات الأم قد تتغلب على بعض صفات الأب . وأياَ كان أثر الأب والأم في صفات الطفل فإن المجموع النهائي لأثرهما معا يساوى نصف الصفات التي يرثها الطفل عامة . ويرث الطفل ربع صفاته الوراثية من أجداده المباشرين .

وتهدف الوراثة من زاوية أخرى إلى المحافظة على الاتزان القائم في حياة النوع عامة وحياة الأفراد خاصة . فهي كما تعمل على المحافظة على الصفات العامة للنوع والسلالة والأجيال ، تعمل أيضاً على الاحتفاظ بالحياة الوسطى المتزنة ، فالوالدان الطويلان ينجبان أطفالاً طوالاً ، لكن متوسط طول الأطفال لا يساوى متوسط طول الوالدين بل ينقص عنه بمقدار صغير . والوالدان القصيران ينجبان أطفالاً قصاراً ، لكن متوسط قصر الأطفال لا يساوى متوسط قصر الوالدين بل يزيد عنه بمقدار صغير . هذا ويستطرد أثر هذه الظاهرة حتى يشمل جميع الصفات الوراثية ، حتى العقلية منها . ويرجع الفضل إلى جولتون F.Galton في الكشف عن هذه الظاهرة الغريبة المسماة بالانحدار Regression .

ولهذا كانت نسبة الضعف العقلي ونسبة العبقرية نسبة صغيرة في كل تعداد عام للسكان ، وذلك لأن النسبة الغالبة هي نسبة المتوسطين في جميع الصفات .

فالوراثة بهذا المعنى عامل من أهم عوامل النمو لأنها تؤثر على صفاته ومظاهره من حيث نوعها ومداها وزيادتها ونقصانها وسرعتها ونضجها وقصورها عن بلوغ هذا النضج .

هذا ، وتختلف سرعة النمو باختلاف نسب الذكاء ، فالأذكياء ينمون أسرع من الأغبياء . وكذلك تختلف سرعة النمو باختلاف الجنس ، فللإناث سرعة خاصة في نموهن . تختلف في جوهرها عن سرعة الذكور . والذكاء والجنس صفات وراثية . وبذلك تؤثر الوراثة على النمو بطريق غير مباشر خلال هاتين الصفتين .

ومن هنا نرى أن الوراثة لا تصل إلى مداها الصحيح إلا في البيئة المناسبة لها . من أجل ذلك كان المربين أن يهيئوا للفرد العوامل المساعدة على ظهور خواصه الوراثية .

عن موقع :

kids-psychology.com علم نفس الطفل