التحويل مصدر للفعل ” حوّل ” . فالمرء يحوّل شيئاً من الأشياء إلى شخص من الأشخاص , سواء كان ذلك في التحليل النفسي أم في الحياة اليومية . ماذا نحول إذن و إلى من ؟
التحويل ضرب من ضروب الإسقاط
…. وأذكّر بأن المقصود سيرورة نفسية قوامها أن يعزو المرء إلى آخرين عواطف كامنة في ذاته. ويتصف الإسقاط بأنه أقوى بمقدار ما تكون الآليات اللاشعورية قوية أو بمقدار ما يكون العمر العقلي منخفضاً .
والشخص الذي يُسقط عواطفه شبيه بسراج يُرسل ضوءه على شخص . . . ولكنه يعتقد أن ” الآخر ” يُصدر أشعته الضوئية . في حين أنه يقتصر على أنه يعكسها . وسنرى إلى أي حد يتصف هذا المبدأ بأنه ذو أهمية في علم النفس السريري . والتحويل ضرب من الإسقاط , ولكنه أكثر اتساعاً بكثير . وهو يَظهر دائماً في أثناء التحليل النفسي على صورة أو على أخرى , ويبيّن إلى أي حد يحتاج كل إنسان إلى المطلق . . .
يقول مريضان :
الأول : حلمتُ أنني كنت أُشاطرك حياتك , وأرتب كتبك , وأعمل معك , وأنك كنت واثقاً بي ثقة مطلقة . . .
الثاني : حلمتُ الليل الماضي أن زوجتك كانت تفتح الباب لي . وكان وجهها مخيفاً , كما لو أنها احتست الخمر . وكانت طاعنة في السن وقبيحة . . .
والمريض الأول رجل يعاني العواطف القوية المؤلمة , عواطف الدونية . ويكابد الإحساس دونما انقطاع بأنه غير محبوب , وأن الآخرين ينبذونه , وبأن لا حق له في الوجود كالآخرين سواء بسواء .
وهو في حلمه يُشاطر المحلل حياته , المحلل الذي يمنحه ثقته . فأيها ” التحويل ” ؟
المحلّل يمثّل الأب ( بصورة عامة ) : ذلك الذي يعفو عفواً مطلقاً عن طفل لا يفلح أن يكون مستقلاً , ويكفله بصورة مطلقة . وهنا لا يحوّل المريض أباه إلى المحلّل , وإنما يحوّل الأب بالمعنى الواسع للكلمة , أي السلطة والقدرة والإله . . .
والمريض الثاني امرأة صبية تحوّل عقدة أوديب . ويمثّل المحلّل أباها , الذي ترغب في أن يكون لها وحدها . وزوجة المحلّل هي أمها , فهي إذن حاجز . والحاجز في الحلم تمّ ” استبعاده ” : فالزوجة قبيحة وطاعنة في السن . ومضمون ذلك أن الأب لا يمكن أن يحبها في هذه الشروط , وسيكون أبي لي وحدي . . .
وكما أن بإمكان المرء أن ” يُسقط ” العواطف , كذلك بإمكانه أن يحوّل إلى الغير تشكيلة كاملة ممكنة منها . ويمكن أيضاً تحويل الرموز , الخ .
من كتاب ” انتصارات التحليل النفسي” لـ ” بيير داكو ” .” ترجمة وجيه أسعد ” صادر عن الشركة المتحدة للتوزيع .دمشق.سوريا.
