°
, March 29, 2024 in
آخر الأخبار
عيـســـى ابــراهـيـم

قانون الأحزاب الجديد في سوريا من منظور المعايير الدستورية

إن الدستور الحالي لا يلاحظ في مواده ما يستدل منه على سماحه بتعدد الأحزاب أو السماح بقانون أحزاب , ومن المفيد أن نوضح :

الدستور وفق الفقه القانوني هو القانون الأسمى للدولة وهو يحدد ملامح الدولة العامة من خلال قواعد وقيم عامة مشتركة .

قانون الأحزاب الصادر في مادته الخامسة

أولا : يشترط لتأسيس أي حزب أن يقوم على الأهداف والمبادئ الآتية:

‌أ- الالتزام بأحكام الدستور ومبادئ الديمقراطية وسيادة القانون واحترام الحريات والحقوق الأساسية والإعلانات العالمية لحقوق الإنسان والاتفاقيات المصادق عليها من الجمهورية العربية السورية.

……

1- فقانون الأحزاب المقترح في كل فقرة منه يخالف الدستور وبالتالي لا يمكن من الناحية القانونية ترخيصه . إلا وفق آلية العمل السابقة بإعمال مفهومي السماح والمنحة .

2- لا يمكن وفق ذلك الركون إلى جدية واستقلالية الجهة المانحة للترخيص باعتبار أن ” الدستور السوري ” الحالي لا يحترم مبدأ فصل السلطات – وهو مبدأ دستوري عام متعارف عليه “ فالسلطة التنفيذية تسيطر – على الأقل ممثلة بصلاحيات السيد رئيس الجمهورية المطلقة في هذا الشأن – على السلطتين التشريعية والقضائية بشكل كامل وفق مواد واضحة وصريحة في الدستور الحالي على سبيل المثال :

المادة مائة وسبعة

1- لرئيس الجمهورية أن يحل مجلس الشعب بقرار معلل يصدر عنه وتجري الانتخابات خلال تسعين يوماً من تاريخ الحل.

3- لا يجوز حل مجلس الشعب أكثر من مرة لسبب واحد.

….

المادة مائة وإحدى عشر

1- يتولى رئيس الجمهورية سلطة التشريع خارج انعقاد دورات مجلس الشعب على أن تعرض جميع التشريعات التي يصدرها على المجلس في أول دورة انعقاد له.

2- يتولى رئيس الجمهورية سلطة التشريع أثناء انعقاد دورات المجلس إذا استدعت ذلك الضرورة القصوى المتعلقة بمصالح البلاد القومية أو بمقتضيات الأمن القومي على أن تعرض هذه التشريعات على المجلس في أول جلسة له.

المادة مائة وخمس وعشرون

يجوز الجمع بين الوزارة وعضوية مجلس الشعب.

المادة المائة والثانية والثلاثون

يرأس رئيس الجمهورية مجلس القضاء الأعلى ويبين القانون طريقة تشكيله واختصاصاته وقواعد سير العمل فيه.

المادة المائة والسابعة والثلاثون

النيابة العامة مؤسسة قضائية واحدة يرأسها وزير العدل وينظم القانون وظيفتها واختصاصاتها.

المادة المائة والتاسعة والثلاثون

تؤلف المحكمة الدستورية العليا من خمسة أعضاء يكون أحدهم رئيسا يسميهم رئيس الجمهورية بمرسوم.

المادة مائة والسادسة والأربعون

لا يحق للمحكمة الدستورية العليا أن تنظر في القوانين التي يطرحها رئيس الجمهورية على الاستفتاء الشعبي وتنال موافقة الشعب.

ثانيا : تنص المادة (5) فقرة د- عدم قيام الحزب على أساس ديني أو مذهبي أو قبلي أو مناطقي أو على أساس التمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللون. .

وهنا يجب التساؤل جديا حول كيف يمكن وفق ذلك قبول طلب ترخيص ” حزب البعث العربي الاشتراكي ” حيث أنه حزب يحمل اسم ” عرقي . فئوي ” باعتباره يتبنى مفهوم العنصر العربي إضافة إلى مواد متعددة تضاف إلى المقدمة التي تعتبر الشعب السوري جزء من الأمة العربية ويجب عليه العمل لتحقيق أهدافها . تحت طائلة اعتبار ذلك مخالفة للدستور ..

فهل يسمح مثلا بترخيص ” حزب البعث الكردي الاشتراكي “ …. ” حزب البعث الأشوري الاشتراكي “ . و” حزب البعث التركماني الاشتراكي

ثالثا :

المادة (7) من قانون الأحزاب

أ‌- . تشكل لجنة شؤون الأحزاب على النحو الأتي

/1/ وزير الداخلية رئيساً

/2/قاض يسميه رئيس محكمة النقض عضوا

/3/ ثلاث من الشخصيات العامة المستقلة يسميهم رئيس الجمهورية

لمدة ثلاث سنوات أعضاء

ب.. تبت اللجنة بطلبات تأسيس الأحزاب أو تعديل أنظمتها الداخلية إضافة إلى الاختصاصات الأخرى المحددة لها في هذا القانون.

ب‌- تبت اللجنة بطلبات تأسيس الأحزاب أو بتعديل أنظمتها الداخلية فضلاً عن الاختصاصات الأخر الواردة لأحكام هذا القانون.

أين الحيادية والاستقلالية في عمل لجنة شؤون الأحزاب إذا كانت السلطة التنفيذية تعين مباشرة كامل أعضاء اللجنة .

رابعا : المادة (10)

فقرة

‌ب- عنوان المقر الرئيس للحزب ومقاره الفرعية إن وجدت ويجب أن تكون جميع مقار الحزب داخل الجمهورية العربية السورية ومعلنة وألا يكون أي منها ضمن أبنية إحدى الجهات العامة أو المؤسسات الخاصة أو التعليمية أو الأماكن الدينية أو الجمعيات الخيرية.

كيف يمكن تكييف هذه الفقرة مع واقع ” حزب البعث العربي الاشتراكي ” الذي يبني مقراته من أموال دافعي الضرائب السوريين بمعزل عن أفكارهم تجاهه . ويستولي في بعض مقراته على مباني حكومية داخل الجامعات وغيرها من المؤسسات العامة .

خامسا :

كيف يمكن احترام قرارات المحكمة الإدارية العليا في ظل عدم وجود استقلال للسلطة القضائية والتحكم بهذه الأخيرة من قبل السلطة التنفيذية .

مما سبق يتضح أن قيام قانون أحزاب في ظل الدستور الحالي . هو تسمية جديدة لما يسمى ” الجبهة الوطنية التقدمية “ التي تضم أحزاب ملحقة لا تؤسس لحراك سياسي.

من أخطر ما ينتج عن هذا القانون ” غير الدستوري ” وفق الدستور الحالي . هو الاستمرار في تفعيل مفهومي السماح والمنحة كمفهومين خاصين بالأنظمة الأميرية والملكية حيث الفيصل فيهما لصاحب السلطة . كبديلين مضمرين عن مفهومي الحق والواجب الذين يكون الفيصل فيهما للقانون . وغني عن البيان التداعيات الحقوقية لمفهومي السماح والمنحة عن التداعيات الحقوقية لمفهومي الحق والواجب .

ومن الأمثلة العملية على شرح ما سلف هو القانون المتعلق بتنظيم عمل الشركات القابضة في سوريا وهي شركات خاصة بالمجتمعات التي تتبنى الطريق الرأسمالي في الاقتصاد .

فهو قانون مخالف للدستور الحالي المعمول به حاليا وخاصة المادة الثالثة عشر

1- الاقتصاد في الدولة اقتصاد اشتراكي مخطط يهدف إلى القضاء على جميع أشكال الاستغلال.

ومع ذلك أسست هذه الشركات المخالفة للدستور رغم أنه يمكن واقعيا وقانونيا وبموجب نفس المادة ملاحقة أي شخص بمخالفتها ولو كان يمارس بيع ” البسطة “

من الناحية القانونية ووفقا للمفهوم الدستوري البدء بإصلاح في سوريا يقتضي اعتماد دستور جديد يحترم مبدأ فصل السلطات ويجعل الفيصل للسلطة القضائية التي تعتمد معايير السلطة التشريعية المنبثقة وفق الأصول المتعارف عليها من ناحية الانتخاب والشفافية وغيرها مما يعطي الشرعية المجتمعية للتشريعات العامة المطبقة .

فإذا لم تؤسس سوريا على دستور جديد يراعي المعايير المتعارف عليها دستوريا , فان ” الإصلاحات ” ما هي إلا سلوك لفظي يقرر وضع عناوين ” قانونية ” براقة ومعاصرة على صيغ ” غير قانونية ” مأخوذة من مرحلة ما قبل نشوء مفهوم الدولة . معتمدا بهذا السلوك على الضخ الإعلامي الموجه للتبشير بها كـ ” إصلاحات ” فوق عادية . مغتنما عدم اختصاص الرأي العام بهكذا مسائل وفي ظل أحادية في طرح هكذا ” إصلاحات ” . تجعل الجمهور العام – غير المتبصر – يستغرب الرفض لهذه ” الإصلاحات ” من قبل من يرفضها .

ع . إ

عن صفحتي على الفيس بوك في 8 آب 2011