عندما نقوم تحت الضغط اللحظي بتبني موقف منفعل مباشرة على النت , يأخذ منحى طائفي أو عنصري في سوريا , اعتماداً على معطيات قد تكون صحيحة وبالتأكيد غير كاملة , فيجب أن نُدرك أن لدى الطائفة أو العنصر الأخر معطيات مثلنا و بما يخصه وبالتأكيد غير كاملة أيضاً , ومن شأن موقفنا
استفزاز ما لديه – وبما يمكن أن يبدأ بالتوافر لدى آخرين بسبب كلامنا المنفعل – لنبدأ بسجال غير متناه , لن ينتهي حتى مع انتهاء هذه البلاد , إننا بموقفنا نبني رأي عام , سرعان ما يصبح ” مربط الفرس ” لكل صاحب مصلحة .. وعندها يُصبح التقسيم على أساس طائفي أو عنصري أمراً مطلوباً بل ومتحققاً يجب عندها أن لا نلوم ( الاستعمار والصهيونية والإمبريالية العالمية وبرتوكولات حكماء صهيون والمؤامرة الكونية والعنصر الأخر والطائفة الأخرى والوهابية والمجوس والعثمانيين والحكام العرب والتخلف و الله أيضاً ) فيما إلنا إليه من تقسيم أو خراب بل أن نُدرك بمسؤولية تليق بالبشر , أن ذلك فعل يدنا ,وبعض فعل يدنا حماس آني رميناه قبلاً على صفحات النت – في أحسن حالات صدقه – رميناه بدون مسؤولية في خضم وجدان الأخرين. وما نحن عليه – بالأعم الأغلب – ما هو إلا صنيعة أنفسنا و آبائنا وأجدادنا كل وفق نسبة , الذين لم يكونوا دائماً على قدر المسؤولية , والدليل ما نحن الآن …
إننا بتبني هكذا مواقف فنحن بالتأكيد أفضل خادم لنظام الاستبداد وللتطرف اللذين يديران اللعبة لمصلحتهما في سوريا وحيث نحن كسوريين ضحايا للعبة قذرة ,يمارسانها ويبرران وجودهما معا علينا , أو التناوب على حكمنا ولكل أسبابه ” الوجيهة ” لقتلنا … فهما وجهان قذران لعملة خراب واحدة .
وهكذا في متوالية غير منتهية لحكمنا ولموتنا مرة بحكم الاستبداد بذريعة مكافحة التطرف , ومرة بالتطرف للكفاح ضد الحكم المستبد …آن لنا كبشر أولاً وكسوريين ثانياً أن نعي ذلك وقبل فوات كل الوقت ,بعد أن فات قسم كبير منه , إن مستوى وكمية ” الخدمات ” التي يُقدمها كل من هذا الحكم المستبد و جماعة التطرف لبعضهما مذهل وكبير. وطبعا ً على حسابنا كبشر أولاً وكسوريين ثانياً , وما زال بعضنا مُصر على أن المشكلة دائما في الأخر , فلننظر جيداً وملياً لوضعنا كل على حدا لطائفتنا وعنصرنا من الداخل – لنحيِّد الأخر قليلا ً – لنرى حجم الخراب الذي نعيشه داخل طائفتنا أو عنصرنا , والذي بمجمله ليس للعنصر أو الطائفة الأخرى أي علاقة به, على الأقل من الناحية الثقافية والتاريخية والتراكمية . ليس أبشع و لا أشنع من أن يكون اتفاقنا الوحيد فيما بيننا كعنصر أو كطائفة قائم على كراهية الأخر عنصراً وطائفةً, وعندما نعود من كراهيته , نعود لندخل بكراهية أنفسنا بنفس الطائفة والعنصر حتى نصل لأن يكون كل واحد منا بالطريق لكراهية نفسه . ولا يجمع نفسه إلا على كراهية الأخر …. ولك أن تتخيل مواطني أي بشر نحن إذا أكملنا الحياة بهذه الطريقة .
عيسى ابراهيم ..عن صفحتي ع الفيس بوك 19 كانون أول 2013