إن الديموقراطية هي أعمق وأشمل من كونها نظام حكم فقط. في المقام الأول،هي فلسفة تتعلق بكيان المواطن الفرد، بحقه في الحياة، وحقه في العمل، وتمتعه بكامل حقوقه المدنية والسياسية، مثل حرية الاعتقاد والتعبير والكتابة والاجتماع والانتماء والتنظيم. والتعددية باعتبارها سمة أساسية في الديموقراطية، فهي ليست كمية أو عددية فقط، إنما هي كم ونوع في آن.
إن الديموقراطية فصل للسلطات، وعدم طغيان السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية. وكذلك الديموقراطية عدم عبودية الفرد للسلطة السياسية أو أي سلطة أخرى دينية كانت أو حزبية أو طائفية أو عشائرية أو عائلية.
كذلك الديموقراطية تحيل إلى سيادة القانون والمساواة في الحقوق والواجبات وتضمن تكافؤ الفرص، وكذلك تضمن إنصاف المرأة كشريك متساوي مع الرجل وتفعيل دورها في المجتمع و تكريس حقها في اختيار شريكها بغض النظر عن دينه أو مذهبه.
وكما أن قوة المجتمع المدني تسهم كعامل أساس في بناء الديموقراطية ، فكذلك هي الضمانة الوحيدة لبقاء المجتمع المدني كعنصر توازن مع الدولة، ليحصن المجتمع من إمكانية تسلطها عليه. هذا هو العام في الديموقراطية الذي تناضل شعوبنا العربية من أجله. والمهم في الديموقراطية أنها تحوي في طياتها العلمانية التي حجر الزاوية فيها فصل الدين عن الدولة.
من جانبٍ أخر، لا ننفي أن الديموقراطية تتمايز عند تطبيقها في بلدان مختلفة عبر تفاعلاتها مع الجغرافية والتاريخ والأديان والأعراف والتقاليد ،ولكن هذه التمايزات والخصوصيات المختلفة تبقى في حدود عدم القطع مع هذا العام الديموقراطي الذي ذكرناه. وهي وتحيل إلى تلاوين nuancesوتنوعات varietee وفروق ثانوية، وإلا فقدت انتمائها إلى مفهوم الديموقراطية. وفي الواقع هذه التلاوين والفروق يمكن أن نشاهدها في الدول الديموقراطية الأوربية ويمكن أن نشاهدها في دولة واحدة مثل الولايات المتحدة الأميركية التي تختلف القوانين فيها بين ولاية وولاية. ويمكن أن نشاهدها في أحد أبرز أوجه الديموقراطية الأساسية وهي العلمانية التي تختلف نسبياً بين دولة ديموقراطية وأخرى، وبالفعل هنالك فروق بين العلمانية الفرنسية والعلمانية البريطانية أو الهولندية أو الأميركية أو اليابانية…… فهنالك فروق بين حرية تعاطي المخدرات بين دولة ديموقراطية وأخرى، ففي هولندا يسمح بتعاطي الماريغوانا والقنب الهندي(الحشيشة) ولا يسمح بمثل هذا التعاطي في فرنسا أو ألمانيا، وكذلك هنالك فروق بين الدول الديموقراطية فيما يتعلق بحرية الإجهاض، أو فيما يتعلق بحرية الموت الرحيم أو زواج المثليين، وهنالك العشرات من الفروق والتلاوين بين الدول الديموقراطية، هي تنتمي للخاص الديموقراطي وليس للعام الديموقراطي السائد في كل الديموقراطيات. ….
المصدر : صفحة فيس بوك : حوار الجمهورية https://www.facebook.com/groups/526029060876987/?fref=ts