°
, April 20, 2024 in
آخر الأخبار
تفاصيل

“وادي السرامطة”… تجمع قرى خطباء اللغة العربية . نورس محمد علي

ضمن تجمع سبع قرى ريفية، وعلى امتداد حوالي عشرة كيلومترات تابعة لمنطقة “جبلة” محافظة “اللاذقية” يقع ما يسمى وادي “السرامطة”.

تكبير الصورة

وهو الوادي المقابل لقرية “وادي البركة” من الجهة الشمالية لمنطقة “جبلة” ، حيث يمتاز بنخبة سكانه المتعلمين على مدى قرون طويلة، فهو منبع ومصدر خطباء “الساحل السوري” الذين كان همهم الوحيد تعليم وتثقيف أبناء هذا الساحل عبر قراءة القرآن الكريم.

 

 

وللتعرف أكثر على هذا المكان الجغرافي والتاريخي والثقافي التقى موقع eSyria بتاريخ 10/5/2012 عدداً من المعمرين في قرية “وادي البركة” الذين تنحدر أصولهم من هذا الوادي، والبداية مع الجد “علي إبراهيم” الذي حدثنا عن حدود هذا الوادي، فقال: «وادي “السرامطه” هو الوادي المقابل لقرية “وادي البركة” ويشمل حوالي سبع قرى ومنها قرية “الدالية” وقرية “التلازيق” وقرية “القصيبية” وقرية “وادي القلع” وقرية “الفويرسات” وقرية “حرف الساري” وقرية “السلمية”، وجميعها قرى تتبع لمدينة “جبلة” محافظة “اللاذقية”، وهي في نهاية الحدود الإدارية لمحافظة “طرطوس”. ويقع هذا الوادي في السفح الشرقي الجنوبي من منطقة “جبلة” ويبدأ من نهاية الجهة الجنوبية الشرقية لمنطقة “جبلة”، حيث يمتد على مسافة حوالي عشرة كيلومترات طولا على هذا السفح، وعرض حوالي ثلاثة كيلومترات».

ويتابع عن حدود الوادي قائلاً: «يحد وادي “السرامطه” من الجهة الشرقية جبال منطقة “الغاب” ومن الجهة الغربية منطقة “جبلة” ومن الجهة الجنوبية جبال منطقة “بانياس”، أما من الجهة الشمالية فيحد الوادي عدة قرى منها قرية

تكبير الصورة
الجد “محمد حبابة”

“بيت عانا وقرية “بيت العلوني” وقرية “دوير بعبدة” وقرية “بسنه” وقرية “بحربوق”».

أما الجد “محمد حبابة” فيحدثنا عن بعض حقائق هذا الوادي فيقول: «كثير من الناس لا تعلم حقيقة وادي “السرامطة” وما سبب تسميته، ولماذا كان مهددا من قبل الاحتلال العثماني، لأن قصته وحقيقته حفظت مع عدد قليل من السكان بسبب السرية التي كانت تعتمد فيه لمتابعة تعليم وتثقيف الأهالي في المنطقة. ففي زمن الاحتلال العثماني قرر هذا الاحتلال نشر الثقافة التركية وتتريك الشعب، فبدؤوا بملاحقة كل من يكتب أو يقرأ العربية، وخاصة منهم من يعلم الناس القراءة والكتابة باللغة العربية “الخطباء”، وهم من انتشروا في هذا الوادي. فالمنطقة أو الوادي كانت مراقبة من قبل العثمانيين بشكل كبير، وكانت السلطات العثمانية تلاحق “السرامطه” فيها، ومنهم من تقتله ومنهم من تهجره، منعاً من متابعة تعليم الناس القراءة والكتابة».

وفي لقاء مع الباحث التراثي “حسن اسماعيل” حدثنا عن حقيقة هذا الوادي وسبب تسميته، فقال: «يمكن القول أنه في عصر ما قبل العصر المدرسي كان خطيب القرية يعلم الناس القراءة والكتابة والهجاء والتشكيل والعمليات الحسابية أو ما كان يعرف ب “الهندي”، دون أن يكون هناك شيء اسمه مدرسة، لذلك كنا نرى الكثير من أجدادنا القدامى يقرؤون ويكتبون، ويكتبون الشعر ويجرون العمليات الحسابية

تكبير الصورة
صورة تظهر امتداد تجمع القرى المشكلة ل”وادي السرامطة” ضمن المستطيل الأسود

بكل حرفية، ومنهم الشيخ “سلمان حيدر” الذي يضاهي في اللغة العربية أي مثقف يحمل شهادات جامعية اختصاصية.

ونتيجة لسياسية التتريك التي انتهجها الاحتلال العثماني توزع أبناء وادي “السرامطه” أي الخطباء في مختلف أنحاء المنطقة، فمنهم من ذهب إلى قرية “الشيخ بدر”، ومنهم من ذهب إلى قرى “الدريكيش” و”صافيتا” و”حمص” و”اللاذقية” والكثير من المناطق والقرى الساحلية الآخرى، بهدف البقاء أحياء ومتابعة رسالتهم الثقافية، لذلك لم يتوقف الخطباء بعد تهجيرهم عن تقديم العلم والمعرفة في المناطق الجديدة التي سكنوها».
ويتابع في تعريف كلمة “السرماط”: «السرامطه كلمة أطلقت على من يعلم القراءة والكتابة وارتبطت بخطباء القرية منذ زمن بعيد جداً، ومن هنا استقى الوادي أو تجمع القرى الريفية على سفح الجبل التسمية القديمة التي قلما عرفها الناس والسكان الحاليون».

ويضيف: «فيما مضى وحتى بداية سبعينيات القرن الماضي كانت محافظتي “طرطوس” و”اللاذقية” محافظة واحدة يطلق عليها اسم قضاء محافظة “اللاذقية”، وكانت عاصمة القرى الريفية الجبلية قرية “الدالية” وقرية “وادي القلع” المتجاورتين، وهما مركز وادي “السرامطة”، حيث كانتا مقصد الجميع للتبضع وشراء حاجيات المنزل، لذلك كان مركز لأعداد كبيرة من السكان الريفيين، فكانت عمليات التعليم والقراءة فيه تتم في أماكن بعيدة عن المشاهدة كالكهوف وتحت الأشجار في الغابة أو بجانب الينابيع، وهذا كان

تكبير الصورة
الباحث التراثي “حسن اسماعيل”

بمثابة تحدياً ورداً على سياسية التتريك التي كانت متبعة في تلك الأوقات، ومن هنا يمكن القول إن أبناء هذا الريف هم من حافظوا على اللغة العربية من الضياع والزوال».

وعن أهم السرامطه أو الخطباء في هذا الوادي قال: «يوجد في القرى المشكلة للوادي الكثير من الأضرحة المقدسة، والتي تضم رفات أبرز الخطباء في المنطقة ومنهم الشيخ “سلمان القلع” والشيخ “حسن سلطاني” والشيخ “عبد الله الدالية” والشيخ “بدر” والشيخ “علي بصرمون” والشيخ “إبراهيم”».

 

 

المصدر : http://www.esyria.sy