°
, March 19, 2024 in
آخر الأخبار
عيـســـى ابــراهـيـم

الفكر الظلامي

الفكر ” الظلامي ” المُصنَع والمُعاد إنتاجه هنا منذ قرون لتمكين استقرار الموت وإنعدام التغيير. هو السر الدفين لطغاة المشرق المُحافظ عليه جيلاً بعد جيل ، لبقائهم كزعران في كرسي السلطة ، إنه سُرّهم الدفين الذي يحافظون عليه برموش عيونهم ، ويشجّعون عليه في كل أمر …في مناهج التربية و التعليم والزوايا والتكايا ومعاهد ” الأسد ” للتحفيظ … والأمر عينه في كيفية سرد الأحداث التاريخية والاجتماعية والعوامل المُسببة للقضايا المصيرية الكبرى … وكذا هذا النمط من تأسيس المعرفة : ” قال الاعرابي بأبي أنت َ وأمي ….” و” وامعتصماه… ” و ” أجزل له العطاء …” و” خرّت له الجبابرة صاغرين …” …. إلخ .. تأسيس ” معرفي ” أوصلنا لهذه المفاهيم : ” المكرمات ، المنح ، العطايا ، الأب القائد ، الرمز ، التوريث ، البيعة ، الاجماع، وليس أخيراً هذه ال 99 بالمائة التي لا يحصل عليها الخالق من مخلوقه في خيار حر ، أو يحصل عليها المرء لنفسه في لحظة صفاء معها …” و الدعوة للزهد وتمجيد الفقر وربطه بالفضائل ، والدعوة لكراهية الرفاهية والجمال ، وتكريس الحزن والتفجّع و تشجيع القبح و ربطه بالمُقدّس ، وربط القيم والمناقب والأخلاق بالغيب و الحكايا الخرافية لا بمصالح البشر الواقعية وحاجاتهم المادية ، والدعوة المُزيّفة للفضيلة في ظل الحرمان وعلى كل صعيد ، وفي نوعية الأشعار المُنتقاة في الحكايا و دوائر التربية والتعليم و الجامعات والمعاهد والمدراس … وفي قصص الحب المأساوية ، المُنتقاة كمناخ عاطفي لأغانينا ومشاعرنا وكيفية حبنا ، حلقة مُغلقة لثقافة الموت تُغَلِّف بالدِّين حيناً وبالوطنية حيناً أخر ، تستمر مستنزفة طاقة الحياة ، مانعة هذه الطاقة الكامنة عن فعلها فينا كبشر ، نحن الذين نملك الإمكانية عينها للبشر الأخرين في هذه المعمورة …
آن لسوريا وسائر المشرق أن تكفّ ، ويكفّ ، عن اجترار هذه ” الثقافة ” التي تطحننا كبشر وكمعرفة لمصلحة زعران السياسة ، آن الآوان للخلوص من هذا الجحيم ….

27 تشرين أول 2016