°
, March 19, 2024 in
آخر الأخبار
عيـســـى ابــراهـيـم

النتائج الكارثية

النتائج الكارثية ليست مدعاة لتمجيد الأسباب ذاتها التي جاءت بها، والدعوة للعيش في ظلّها ، مهما بلغ الحنين بنا ، ومهما بلغت النتائج من الكارثية ، فذلك أمر مُحال بالحياة … فالزمن لا يعود . والسؤال المُلحّ : هل نجعل هذا الحنين مدعاة لجعل هذه النتائج الكارثية ، لتكون بدورها سبباً لكوارث أخرى بحرصنا الدائم على العودة لما سبق بنا وأوصلنا لما نحن فيه !؟
وهو الذي لا يعود ..!


كما فعلنا لعقود وقبلها لقرون هنا في سوريا وسائر المشرق !؟
في سوريا لعلّ مفهوم ” القضاء والقدر ” بتفسيره غير الملائم لطبيعة الحياة يجعلنا تربة خصبة لكل مُستبد وقاتل يتجلبب بعباءة الرب أو الوطن . الفرق كبير و مُهم بين إرادة الله المُسبقة ، وبين معرفة الله المُسبقة لما يجري وسيجري … فباعتباره ” الخالق ” – مهما كانت طبيعة هذا الخالق الذي هو أصل الوجود , سواء أكان طاقة أو قدرة من أي نوع – يقتضي الأمر ، منه وبه ، معرفته ما يؤول منه وبه باعتباره ” العقل” الأول المُنتج لما بعده …
فما يجري لنا الآن نتيجة لسبب كان و أودى بنا الى هنا و الآن ، وليس من الحكمة والعقل العودة للتمسك بالسبب ..
أعتقد أننا كسوريين معنيين بالاجابة الصادقة ” المقصود الصدق باعتباره تعبير مع مصلحة وجودية لا المعنى المُراد به خلق بازار مع الله حول الحسنات والسيئات ” ..
الإجابة الصادقة والواضحة والحاسمة ، عن كيفية تلبيتنا اللائقة لحاجاتنا الأساسية الإنسانية الطبيعة التي تولد معنا كبشر ولا يمكن الاستمرار بدونها : الحق بالأكل والشرب والحق في الصراخ ، وتبعاته من الحق في القول والتعبير بكل تجلياته من ألم وفرح وحاجة… ، والحق بممارسة الجنس ، والحق في الأمان …
وتداعيات كل ذلك في حقنا الفردي بتقرير حياتنا المشتركة وثرواتنا المشتركة وعلاقاتنا المشتركة … الخ , و كيف يمكن لنا الاستمرار بكل ذلك الإنكار لتلك الحاجات – الحقوق التي لا يمكن العيش بدونها ، مهما حمّلنا الدين والوطنية من طرق طوباوية تمنع تلبيتها ، عبر كبتها بالطرق ” المقدسة ” . تحت ذريعة ” الأمان ” والحنين الزائف الى ” رحم أم ” لا يمكن العودة إليه ، بعد أن أُطلقنا منه في هذا الفضاء- الحياة …
وهل فعلا ً كنّا هناك بأمان ؟
وبإجابة صادقة بالمعنى الوجودي للصدق كما ذكرت أنفا ً!؟
أليس من حقنا كسوريين أن نبدأ بتلبية حاجاتنا- حقوقنا تلك ، بطريقة لائقة بالبشر ومحترمة ، ولو بالحدود الدنيا لنرتفع مع الوقت والتجربة لمستويات أكثر نضجاً وعمقاً وتفهماً ،في مسيرة إنسانية طويلة …
هل من الحكمة والعقل ، الإصرار في كل مأزق ناتج عن سبب قبله ، أن نبادر للدعوة العامة للعيش في ظل السبب عينه الذي أودى بنا إليه – هنا !؟
أليست مسيرة الحياة قائمة على التجاوز والاستفادة من التجربة ، وليس على الإختيار بين وضعين سيئين يتناوبان على قتلنا وجلدنا ويباسنا !؟.

7 كانون الأول 2016