المُلفت أن من يرفض ” العَلمَانية ” في سوريا وسائر المشرق , هم مُدّعي التّدين من شقّي الإسلام السني بتفرعاته والشيعي بتفرعاته , رغم أن ” العَلمَانية ” في أغلب مفرداتها في إدراة المجتمعات كـ: تكافؤ الفرص والحق بالتعبير وحرية الإيمان من عدمه و عدم استخدام المُقدّس في السياسة , كونها مفهوم مصلحي وجودي في حين المُقدّس مفهوم مُطلق ما ورائي , فصل السلطات , تداول السلطة , ربط السياسة بمصالح الناس بما يُحقق رفاهيتهم وكل ما هو مُتعلق بقسم المعاملات , الذي يعتبره الفقه الإسلامي بشقّيه السني – الشيعي , قسم يخضع تشريعه للكيفية المُلائمة لتلبية حاجات الناس الحياتية الوجودية ومصالحهم بالطريقة الأفضل خلافاً لقسم العبادات المُقدّس والمُعياري مثل الصلاة والصوم والحج ….. الخ
مما لا تمسّه ” العَلمَانية ” بل تضمنه لجميع المؤمنين كحق مُقونن !
إذاً أين المشكلة !؟
هل يكفي الإدعاء بأن مصدر الحكم من الله أو التّحدّث عن ” الحاكمية ” ! لضرب ” العَلمَانية “! وهي التي تتحدث عن المصدر المباشر للحكم و آلية إنبثاق السلطة وليس عن السبب الأول للوجود أو عن مُسبب الأسباب , الخالق – الله !
وهل الخلافة كمفهوم إلا تطبيق واقعي لدنيوية ووجودية الحكم !
إذاً هل هي توظيف للمُقدّس الديني لمواجهة المُعترض والمختلف بكلمة حق ” الله ” يُراد بها باطل ! أوليس ذلك شبيه بتوظيف المُقدّس المجتمعي ” الوطن ” , عند الديكتاتورية كما الأسد الأب والإبن طيلة عقود من أجل قتل المُختلف والمُعترض !
وهل فعلاً نظام حكم المافيا كان عَلمَانياً !!
اللهم إلا ّإذا إعتبرنا أن عدم تربية الأسد الأب والإبن للحية أو لبس طقم , أو ” طق الحنك ” من قبل هذا الأخير على المحطات العالمية عن : الوطن , العلمانية , الديموقراطية , المؤسسات , مواجهة الإرهاب .. الخ
إذا إعتبرنا تلك هي ” العَلمَانية ” !!!!
لنتمعن في كل ما مرّ معنا كسوريين في ظل هذه الإدارة التي تدّعي ” العَلمَانية ” ونُقارن عدد المعابد والمعاهد الدينية والتسهيلات الدينية والتشجيع على التدين بعدد المدارس والمراكز الثقافية ومعاهد الموسيقا والمسارح والسينما , وكذا زيادة ظاهرة الحجاب والنقاب ومظاهر التدين الأخرى , وقِلّة الاخلاق , مُقارنة بسوريا في الخمسينات عندما كان ” الرجعيون عملاء الإستعمار ” الأباء المزسسون من السنة هم من يقود سوريا ! قبل أن يأتي ” بطل التشرينين ” و إبنه ” قائد مسيرة التحديث والتطوير” المحسوب على العلويين والأقليات !؟
أليس الأقرب للمنطق والعقل القول أنه كان ” نظام ديني ” وليس عَلمَاني بالمُطلق …
مع ميلي في الرأي لإعتباره حكم عائلي همّه السلطة ويستحضر كل أمر لدعم ذلك سواء أكان الامر مُرتبط بالله أو الوطن أو الشيطان أو العدو أو الصديق , فمعياره الدائم مصلحة بقاء الكرسي ..
أليس من المُفيد والمًجدي ومن العقل والحكمة , وكذا الدين وكذا الأخلاق .. أن نقرأ ما هي ” العَلمَانية ” والبحث عن صيغة ” من صيغها المتعددة ” تُلائم حاجاتنا الاساسية الوجودية السورية , لنبني موقف منها بدلاً من الصراخ ضدها ودعم نقيضها المُستبد فينا , دون معرفة ماذا نحارب ولماذا !؟
ألم يحن الوقت لنا كسوريين وكبشر قبل كل أمر, وقبل كل صفة , ألم يحن الوقت للتفريق بين هؤلاء الزعران المُستظلين ظل ” الله ” أو ” الوطن ” للتفريق بينهما وبين الله والوطن !؟
ألم يحن الوقت لندرك هدية الله أو الطبيعة ” حسب إيمان كل منا ”
لندرك أهمية العقل ” الرسول الأول ” هدية الخلق الأجمل .. في تدبير أمورنا والارتقاء بوجودنا الإنساني ..
العقل ” الحاضر ” دوماً معنا ولنا وفي كل وقت ومكان وموقف , وحيث لا يحضرنا فقيه ناطق باسم الله ولا ذو حكمة تاريخية ناطق باسم الوطن !!
يُعجبني مثل يقول :
” الكلب المُلتجئ في ظل العربة يظن ظل العربة ظله ”
25 كانون الثاني 2017