Issa Ibrahim
5 ديسمبر، الساعة 09:58 ص ·
يبرز في تفاصيل العمل السياسي أو المجتمعي أو التفاوضي المطلوب منه نتيجة .
يبرز الخلل المعرفي لدينا كسوريين في عدم الإنسجام في ذواتنا بين الهويات الفرعية من جنس ومهنة ومنطقة وعشيرة وقبيلة وطائفة وإثنية …. الخ والهوية الإنسانية العامة المُشكَّلة من كل ما تقدم وغيره ،التي نملكها، و التي مساحة فعاليتها المنتجة والمطالبين بها هي الهوية الوطنية .
من حيث هي الهوية الإنسانية المشتركة لنا ، نحن الذين نسكن مكان مشترك هو سوريا وجنسية مُشتركة هي الجنسية السوريّة وما يقتضي ذلك من بناء مصالح مشتركة بسبب الضرورة ومتطلبات العيش المشترك وما تقتضيه الحياة ..
فالطائفة والإثنية مثلاً هي وشائج في نسيج هويتنا الإنسانية الوطنية السورية ، وإحترامها وتفهمها “وليس تجاوزها والتنكر لها ” ، مهم وجوهري في فهم طبيعة الإجتماع البشري وكيفية عمله لبناء مشترك ما على الصعيد الإنساني الخاص والعام ، وكذا على الصعيد الإنساني الوطني ، الإقرار الهاديء واللطيف بهوياتنا الفرعية وتفهمها وتفهم حقها بالخصوصية ومن حيث طبيعة وجود ، هو الخطوة الحاسمة لضرورة بناء المشترك بيني وبين المختلف عني طائفة وإثنية ، محبتي وإحترامي وتفهمي لخصوصيتي كفرد سوري أو طائفة سورية أو إثنية سورية ، هو دافعي لبناء كيان قانوني أخلاقي مشترك لضمان تمتعنا سوية بما نملك من خصوصية وبما يؤسس لمشترك ، ولما نملكه بالضرورة الإنسانية كمشترك ..
تبعاً لما تقدم وفي ظل تخبط الأغلب – الأعم من السوريين ألاحظ من خلال عملي كمحام وسياسي :
– حساسية مفرطة لدى سوريين من استخدام أي تعبير يصدر عن أخر يدل على خصوصية من نوع ما وردة فعل إنسانية عامة مُبالَغ بها ، لا يُقر صحتها واقعهم غير الإنساني وغير الأخلاقي ..
– طغيان الأيديولوجية الدينية والإثنية في فهم العالم وبناءه، فتصبح هذه الأيدلوجية أداة فرض مشترك مزعوم أساسه قهري وبغلبتي على الأخر والإنتصار عليه ،لا به ، وإحلالي نفسي محله ومن ثم إدعائي تحقيق مشتركي معه !
– تحول المطالَب الاثنية والدينية الى كيد بمواجهة الأخر عند كل تفاعل تفاوضي، مثلاً ، مطلوب منه بناء مشترك إنساني سوري ، وبذات الوقت واقعياً عدم تحقق أي فائدة للإثنية أو الطائفة الكائدة بعد إنتصار كيدها … في معادلة صفرية يعلم الله وحده كيف ستنتهي !
– إنتشار ما أسّميه مجازاً ” متلازمة فارس الخوري ” وهي ناتجة عن فهم طفالي للتاريخ السوري ، التي بدورها ناتجة عن طفالة معرفية في التقديس والتدنيس بعيداً عن الفهم الواقعي المصلحي في تشكل القيم والمناقب والمواقف والأحداث والدور التاريخي ، فتبرز نزعة لدى سوريين في التماهي المبالغ به بالأخر المختلف اثنياً وديناً وطائفةً وفرداً ، رغبة منه بالحصول على ” وزارة أوقاف ” لديه … أقول ذلك على سبيل الرمزية والإبتسام لتعميق فهم المعنى المراد لا أكثر .
– يختلط لدى السوريين بالأغلب – الأعم ، العمل السياسي القائم على مفهوم الأكثرية للرأي السياسي المنتصر ، وبين المفهوم العددي ،وبين بناء الدولة بإعتبارها جهاز محايد لتقديم الخدمات للجميع ، وضروري لبناء مشترك إنساني ومن ثم مواطنة …
فينتج خليط غير مُتجانس في تبني أي ” مشترك ” يصدر عن تفاوضهم ، سرعان ما يكشف الواقع العملي زيفه وأن لكل طرف فيه فهمه الخاص ونيته المُبيّتة بمآل فعله، وقد يكون بنيته المسبقة، فهم ينسف كل مشترك وتكون الغلبة على أساس العدد أو المال أو إدعاء المظلومية التاريخية أو إستغلال مظاهر ” الدلال الأقلوي ” و عقلية الحفاظ على ” المكونات ” لدى أبناء ” المكونات ” مما يفرحون بوضعهم في “فاترينة ” العمل الوطني كزينة ، في حين المواطنة هي بمعنى ما تمتعنا بكل المسؤولية التي تُفترض ب” أم الصبي ”
– سايكس – بيكو لم تقسم دولة أي ” قومية ” مُفترضة مزعومة منا ، بل كما غيرها من الاتفاقيات ، تاريخياً والآن ومستقبلاً ،هي نتاج عملية صراع ساهم فيه الجميع بفعلهم أو عدم فعلهم، نتج عنه حدود هذا المكان الذي هو سوريا هنا ، وسوريا هذه هي أرقى من أي مشترك لدينا حتى الآن، وهي الإمكانية الواقعية الوحيدة القابلة للتحقق لمن يريد بناء دولة ، وهي مُعطى لن يستمر بحكم تبدل نتائج الصراع ،ولكن المهم القول أننا مختلفون واقعاً عن كبر شعاراتنا فنحن ذوات فردية قلقة ” القلق العصابي ” ومحشورون في المساحة الممكنة واقعاً ” سوريا “وفي أيدلوجية الوهم الديني والإثني المُفترضة بدون دليل منا .!
– علينا كسوريين أن نقرر أمراً ” في كل ما تقدم “عبر نخبنا المختصة في مجالها ،وأن لا يُترك الأمر لغير مختصين فنكون رعاع يسوق رعاع !