°
, March 28, 2024 in
آخر الأخبار
ثقافة

موتسارت

موزارت … وُلد عبقريا وعاش فقيرا وانتهى مكتئبا

أسطورة الموسيقى الكلاسيكية فولفغانغ أماديوس موزارت عاش 35 عاما فقط خلّف فيها إرثا موسيقيا لا يُوصف. مسقط رأسه مدينة زالسبورغ تحتفل في العام المقبل بـ”عام موزرات” وتدعوكم لزيارتها.

لوحة يظهر عليها بورتريه النابغة موزارت

إذا قدّر الله لكم في يوم من الأيام زيارة المدينة النمساوية زالسبورغ، فإنه يجب عليكم، شئتم أم أبيتم سماع اسم الموسيقار الألماني النابغة فولفغانغ أماديوس موزارت مئات المرات في اليوم. كما أنه لن يكون باستطاعتكم الامتناع عن التهام ألواح الشوكلاتة التي تحمل اسم الموسيقار العبقري. ولن يفوتكم بالطبع زيارة الشقة المتواضعة التي رأت فيها عينا أقدر الموسيقيين الكلاسيكيين النور وترعرع فيها إلى أن كره زالسبورغ وغادرها بحثا عن الموسيقى والموسيقيين. وإذا كُتب لكم زيارة هذه المدينة في العام المقبل، فإن الفرحة ستكون مزدوجة، إذ أن المدينة الواقعة على الحدود الألمانية النمساوية ستحتفل في عام 2006 بعام موزارت تذكيرا بأكبر عباقرة الموسيقى. ولكن إلى أين توجه الشاب الألماني بعد اتخاذ هذا القرار الذي لم يوافق عليه والده ولم يستوعبه حتى مماته، إلى درجة أن بعض المختصين في سيرة حياة الموسيقار قالوا إن هذا القرار كان وراء هلاك والده وموته هو أيضا مكتئبا عن عمر يناهز 35 عاما فقط ؟

بالطبع إلى فيينا


زالسبورغ في الصيف

…. بالطبع إلى فيينا عاصمة الموسيقى والأوبرا والمسارح، ولكن عاصمة النمسا الحالية كانت آنذاك أيضا عاصمة البلاط والأرستقراطية ومرقد كل من حلّق عاليا في عالم الموسيقى. إذاً توجه موزارت إلى فيينا في النمسا ولم يغادرها حتى مماته، ومن هنا يأتي الخلاف الناشب بين المؤرخين الألمان وزملاءهم النمساويين بخصوص أصل موزارت، ففي حين يقول النمساويون إن الموسيقار نمساوي الأصل لأنه أنجز جميع أعماله في عاصمتها فيينا ولأن زالسبورغ في الوقت الحاضر مدينة نمساوية، يصر المؤرخون الألمان على أن موزارت ولد في مدينة زالسبورغ التي كانت آنذاك أرضا ألمانية وأصر دائما على أن تكون الألمانية لغة جميع قطع الأوبرا التي لحنها. وبالفعل أصر الموسيقار الشاب منذ البداية على أن تكون الألمانية لغة الأوبرات التي لحنها، الأمر الذي لاقى معارضة شديدة من أهل الموسيقى والفن في البلاط النمساوي. يذكر أن جميع موسيقيي البلاط كانوا في حينها من الإيطاليين وإلى أن لغة الأوبرا الرسمية كانت الإيطالية.

أول سيمفونية في السابعة


 

بعض قطع الشوكلاتة التي تحمل اسم الموسيقار

 

وفور وصول النابغة إلى مدينة الموسيقى، شاع خبر وصوله كالنار في الهشيم. لا عجب في ذلك، إذا تذكرنا أن موزارت عزف أول سيمفونية في سن السابعة ولحن أول أوبرا في سن الثانية عشرة. ولم يقتصر حضوره إلى فيينا على شيوع الخبر بين أهل الفن والطرب الموسيقى فحسب، بل أن الامبرطور النمساوي جوزيف الثاني وصله الخبر وبادر بدعوته شخصيا إلى القصر للتعرف عليه. وهنا بدأ الموسيقار الشاب ـ عن قصد أو عن غير قصد ـ بسحب البساط تدريجيا من تحت أقدام موسيقيي القصر وخاصة الإيطاليين منهم. بالطبع لم يعجب هذا جوقة الموسيقيين الذي تجمعوا حول كبيرهم الموسيقار الشهير في حينها وملحن القصر أنطونيو سالييري. أنطونيو سالييري هذا كان إنسانا في زي شيطان ولم يتأخر دقيقة واحدة عن تدبير المكائد والحيل من أجل منع موزارت من احتلال موقعه في البلاط. إلا أن جميع محاولات سالييري باءت في البداية بالفشل وشق موزارت طريقه بنجاح كبير وقام بتقديم أوبرات جلبت انتباه المراقبين مثل “زواج فيغارو” و”دون جوفاني” و”الناي السحري”. ولم يقتصر تراث موزارت الموسيقي على الأوبرات، بل أنه ألّف أكثر من 56 سيمفونية و21 كونشيرتو بيانو وأكثر من 20 سوناتة بيانو و15 أوبرا. تجدر الإشارة إلى أن جميع هذه الأعمال الموسيقية أنجزها موزارت في فترة قصيرة لأنه مات عن عمر يناهز 35 عاما

لكل حصان كبوة


 

طعة يورو نمساوية تحمل صورة موزارت

وبعد هذه الإنجازات الكبيرة، ازدادت فرص الموسيقي الشاب وبدأ في عام 1787 يعمل كملحن رسمي في القصر. ولكنه من المعروف أن موزارت لم يكن على علاقة جيدة مع الطبقة الحاكمة والبلاط، فقد استخف بأهل القصر ولم يكن سلوكه يليق دائما بمقام الامبرطور والعائلة المالكة. علاوة على ذلك، اعتبر الموسيقار أن الأجر الذي تلقاه مقابل عمله لم يكن كافيا لتغطية تكاليف حياة وحياة زوجته وطفله الصغير. وبعد مغادرة القصر، بدأ يعمل لحساب مسارح ودور أوبرا خاصة، مما أوقعه في الديون وبلاه بمرض الاكتئاب. وفي هذه الفترة بالذات صعقه خبر موت أبيه في مسقط رأسه زالسبورغ، ما دفعه إلى البدء بكتابة أوبرا تكريما لروح أبيه الذي عمل هو أيضا كموسيقي محترف وكان له الفضل في اكتشاف موزارت الصغير وتنمية مواهبه. وفي عام 1791 توفي موزارت في شقته المتواضعة في فيينا عن عمر يناهز 35 عاما وقُبر في مقبرة جماعية شأنه شأن أبسط أهل مدينة الموسيقى والموسيقيين.

ناصر جبارة ـ موقع : دويتشه فيلله .