°
, March 19, 2024 in
آخر الأخبار
عيـســـى ابــراهـيـم

إعادة الإعمار

في حال تمّ البدء بخطة إعادة الإعمار في سوريا ، دون خريطة طريق لنظام سياسي جديد بالمعنى العلمي للكلمة لا بمستوى تبديل الأسد بأسد أخر ، فذلك يعني بالضرورة وبمعزل عن النوايا الطيبة تكريس لمنظومة سياسية تحكم سوريا والمنطقة تتخذ من البعد الإنساني والشعارات والمساعدة الإنسانية وسائل أساسية لإبقاء  طريقة إدارة سياسية مهمتها الأساس هدر موارد  سوريا والمنطقة في عبث مستمر ومنعها من البدء بدرب التنمية كما بقية البشر ، حيث سيكون مال الإعمار أحد وسائل إنعاش قوى الظلام الحضاري بشقيه الديني والمدني ، فنحن لم نُشَمَّلْ حتى تاريخه بالفضاء المتوسطي ولا بالفضاء الحضاري الأوربي رغم أن سوريا تشترك مع هذين الفَضَائين بكل العوامل الأساسية لنشؤوهما ، وبالتالي لا نستطيع دون ذلك البدء بإعادة إعمار كما ألمانيا بعد الحرب  ، عبر سياسة عاقلة ، تعتمد المُتاح للوصول الى الممكن . 

بل الأرجح سيكون إعادة إعمار على الطريقة اللبنانية حيث مال في يد الأدوات المحلية – أفراد، جماعات، أفكار -لإعادة إنتاج منظومة الادارة السياسية المحلية والإقليمية عينها، التي مهتمها الأساس، منع الحياة الطبيعية لسوريا والمنطقة ، وإبعادها بكل ما أوتي من قوة من أي إقتراب لتجربة عصرية في الحياة ، يُساعد هذا المشروع منظومة السردية الثقافية العامة التي نستلهمها كسوريين وكأبناء لسائر المشرق ، في حياتنا ، وهي سردية مقدسة صُنعت عبر قرون ، هي مَعين الطغاة والإستبداد والتطرف فينا لمصلحة الأخر  ، وأحد أهم وسائل الأخرين التي تجعل دخولنا تجربة حياة عصرية ، بما فيها وعليها ، أمراً مُتعسّراً ، خاصة وأننا نحن متمسكين بأقصى ما يمكن بهذه السردية  بل نعتبرها مقدسة ونهائية و إرثنا بل و ” هويتنا ” .!

التغيير السياسي يجب أن يُقترن بمشروع ثقافي يَهدف بالمدى المنظور و الأبعد الى تأسيس سردية أخرى ، سردية تكون بمنزلة هويتنا التي بنيناها بوعي وإدراك لأنفسنا ، لا هوية بُنيت لنا في ليل وعتم واستبداد وإحتلال ..

وهنا لا ينفع، مهما كانت نيتنا طيبة ونريد الخير ، أن نقول بقراءة جديدة للنص ، لقد أشبع هذا النص قرون من القراءات ولا يوجد فيه قراءة واحدة متفق عليها بين شخصين فما بالك كمشروع لقراءة مشتركة لنص مؤسس لسردية عامة يُمكن التعويل عليها .