إنتصر نظام الأسد الإبن المستمر من الأسد الأب ، إنتصر كفرد من ضمن طاقم عمل كامل يستولي على الحكم في العديد من الدولة الناطقة بالعربية في الشرق الأوسط ، طاقم عمل استلم الحكم في هذه البلاد كبديل عن قوة الإحتلال المباشر ، بديل أقل تكلفة وأكثر مردودية ، من حيث إنتاج وحراسة ” العتمة ” وسرقة ثروات المنطقة تحت فيض من الشعارات الأيدلوجية الحماسية المتعلقة بالوطن والدين ، وإيداع المردود في دول العالم المُتحضّر المسيطر .
بديل ملتبس ، التباسه أساس سر نجاحه، في أن يكون الصيغة الأكثر تطوراً من مفهوم الإحتلال التقليدي ، حيث الالتباس بين هذا النظام من حيث كونه “نظام وطني ” وبين كونه يقوم بكل مفاعيل الإحتلال والهيمنة التي يدعي محاربتهما .
الالتباس الذي ساهم مُرتكزه الداخلي المتمثل في جمهور داخل سوريا وغيرها ، كبحصة داخلية ، جعلت من استمراره أمراً ممكناً بل ومبرراً ، فما بالك أن سياق ومآل الراغبين بتغييره ، جعله يبدو أقل سوءاً بالمقارنة بسوئهم .
الأسد الابن كشخص ونهج بهذا الإعتبار انتصر بشكل فريد على السوريين كل السوريين ، موالين – معارضين.
ومن المُلفت إن انتصاره هذا يعتبره بعض مواليه انتصار لهم أو لسوريا ، غافلين أن واقعهم وواقع سوريا يدحض هذه الفرضية بشكل مُطلق . وهو يشبه إعتبار سوريين معارضين للأسد الإبن بوقت سابق ، إعتبار أن انتصار الفصائل الإرهابية في معارك ضحيتها سوريا وسوريين ، هو انتصار لهم بمواجهة الأسد الإبن ، بل و من أجل دولة قانون .!
ذهاب الأسد الابن اليوم و ليس غداً ، لا ينفي صفة الانتصار تلك ، مع أن ذهابه أمر مُحتّم ، فقد ثبت ( بالأغلب الأعم لفترة طويلة لاحقاً أيضاً ) أن الجهد الذي بُذل لترسيخ هذه الأنظمة إبتداءاً من 1950 هو جهد منظم وقوي وفعال فينا . ولا زال ميثاق تأسيس سوريا في ذلك التاريخ ومثلث بقاء المشروع الغربي ، دمشق ، الرياض ، القاهرة ، مثلث دفاع محيط ومساعد لبؤرة إمتصاصنا إسرائيل ….مستمر لمنع شعوب المنطقة من أي إحتمالية نهوض ، في حال أحد ما فكّر بذلك ، فكيف وأن ثقافة المنطقة خاصة بعمقها الديني خير معين لبقاء هؤلاء الطغاة الى الأبد حتى ولو تغير إسم بعضهم .
مثلث يعتمد فكرتي القومية والدين ، لا كما يتصورهما المضللين بهما ، بل كما يسوقان كشعارين جميلين مخادعين يذهبا ، بحياة المتبنين لتلك الفكرتين ولغيرهم من أبناء المنطقة ، بأفضل السبل وأكثرها تكلفة .
مع غلبة الإحتمال الأول المذكور أنفاً أقول :
علّ قادم الأيام ، وعبر نخبة سورية تتلاقى مع المشروع الدولي المُسيطر ، يسمح أن يكون لسوريا والسوريين ، فرصة لخطوة على درب التمدن الطويل .
مع التنويه أن ” علّ ” كما” لو ” قد تفعل فعل الشيطان .