المواطنة والحرية ودولة القانون والحريات العامة وعدم التمييز والسلم الأهلي والعدالة …الخ من مفاهيم علم الإجتماع السياسي والفقه القانوني . التي نحرص كسوريين على المطالبة بها .
هي مفاهيم حداثية غربية مع كل منجزاتها،و ليست ” بالأغلب الأعم ” نتاج ثقافتنا الجمعية العامة السورية …
بهذ المعنى هي نتاج إنساني قابل للتداول والتبنّي بعد ثبوت صلاحيته النسبية ، في خدمة المجتمعات الإنسانية الأخرى .
هذا الحرص المعلن من قبلنا للعيش في ظل منجزات تلك المفاهيم ، يجعلنا معنيين بإستحضار وتبني قيم ومناقب جديدة ملائمة لتلك المفاهيم ، و تفعيلها في حياتنا وثقافتنا.
فلا يمكن منطقياً ولا موضوعياً تبني هذه المفاهيم التي تقدم ذكرها من خلال ثقافتنا الراهنة التي لا تحترم ذلك ولا تؤمن به بل وتحاربه و تؤسس لنقيضه .
أدرك صعوبة تقبل هذا الطرح ، بالأغلب الأعم ، خاصة ممن يعتقد في ظلمة هذا الكون الموحش وتصرفات هذا النظام الديكتاتوري المجرم الذي دفع السوريين الى التطرف وحشرهم بالزواية مستحضراً كل وحوش الأرض بما يخدم بقاءه بسياق ومآل الأمور ..الخ
أدرك صعوبة هذا الطرح الآن ، خاصة أن كثير منا يعتبر المخلفات المعرفية النامية كأشواك غذّاها الإهمال في قبو وجداننا وظلمة عقلنا المُغْفَلْة …
يعتبرها ثقافتنا وديننا وتراثنا …الخ
لذلك يجب التفريق بين الثقافة كفعل واع عاقل متوازن ، نزرعه بعناية في عقلنا ووجداننا ..
وبين معرفة مرمية قسراً عبر قرون بوجداننا وعقلنا ..
أزعم إذا أردنا حياة حديثة تمتد بِنَا نحو الأفق الرحب واللائق بِنَا كبشر ، فإن الأمر يقتضي بالضرورة تبتي مناقب وقيم جديدة تؤمن بهذه المفاهيم لنا ولغيرنا .
وأن نُشكل بديلاً مقبولاً عما نرغب بتغييره من نظام مجرم ، الى حياة تعتمد القانون ، لا صورة من صوره الفجة أو تعبيراً من التعبيرات المتطرفة لسلوكه الجرمي .
ما أُطالب به صعب ومتعب ، نعم صعب ومتعب .وبنفس الوقت لا إمكانية للإنتصار إلا به.!