لا يهدأ الأديب السوري أحمد إسكندر سليمان على حالة واحدة من الإبداع، ففي دروبه وراء صيد الفكرة، كانت خيارات الصياغة لديه، أن تعددت أكثر من ثلاث مرات؛ فلزمنٍ بدا طويلاً، شغل صاحب «الانقلاب الصيفي» المشهد القصصي السوري، وانشغل به، حتى كان أحد الذين حجزوا مقاعدهم في الصف الأول من مبدعيه، لكنه وبعد عتيٍّ في السرد القصصي، يُفاجئ الساحة الثقافية السورية بنقلة صوب الفن التشكيلي، واختار النحت مجالاً ليخلق جمالياته الموازية لما أبدعه في القصة السورية، وبعد خوضه غمار التشكيل لم ينتظر طويلاً حتى كانت نقلته الثالثة، وهذه المرة صوب الشعر، فقبل أن يحمل وطنه في قلبه، ويذهب في أرض الله الواسعة شأن عشرات المبدعين السوريين؛ يُصدر مجموعته الشعرية «الحبر الضال» التي جاءت مُعادلاً إبداعياً للحرب على سورية، وفي ألمانيا مكان إقامته يُصدر «بلاد مرئية» وبذلك يُقدم أحمد اسكندر سليمان كتابه الثامن، فقد صدر له قبل ذلك كتب في القصة والنقد مثل: موسوعة القصة الجديدة في سورية، أعمى بلا ندم، الكائن في عزلته، والانقلاب الصيفي، وأحمد إسكندر سليمان؛ هو أحد مؤسسي مجلة «ألف للكتابة الجديدة 1991-1993» التي أثارت الكثير من الجدل حينها.
ومن مجموعة «بلاد مرئية» نقرأ:
يوماً ما
سنحاكمُ الأحجار
ونسجنُها
في
الجدار.

كما لو أنّك النّور الكامن في العناقيد
كما لو أنّك كنت ضائعة
في نسغ
الدّالية.

سورية
كيف للنّور الذي تكتنزين
كيف للابن الّذي حقاً قام،
أن يزيح الصخور
عن صدور الممسوخين

أقول أحياناً
بأنّه لم يعد مجدياً
أن نتشارك أسرار النبيذ
لكم دمكم
ولي
نبيذي.

تلك الحرب
ليست نصّاً مسرحيّاً كتبه سعد الله ونّوس
فلماذا يتكاثر الممثلون فيها، ويصعدون الخشبة
ويرتكبون الجرائم كما لو أن الضّحايا
سيعودون إلى الحياة
بعد انتهاء
العرض.

بأصابع مبحوحة
نجدل خصلات شعرك البيضاء
أيّتها الظهيرة الخالصة
في البلاد
العمياء.

نحن الطبول المدوّية
نحن التراتيل
والصلوات
الخاوية
ذاتها.

المصدر :

صحيفة تشرين السوريّة .