°
, March 19, 2024 in
آخر الأخبار
عيـســـى ابــراهـيـم

قول قرأته ، إقتضى مني هذا الزّعم :

قرأت منذ قليل صرخة من  إنسان متألم ” سوري سًنّي ” أظنّه ذي نيّة حسنة ، يعتبر أن هناك استهداف للسنة في سوريا، على خلفية كونهم سنة …….

لذلك إقتضى الأمر مني هنا زعماً أخر :

الحق بالتعبير الثقافي – دون السياسي ، عن الهوية الفرعية ، من قبيل الطائفة والدين والإثنية …الخ أمر جيد ويُعبّر عن فرادة كل واحد منا ،ضمن الهوية الانسانية العامة ، التي هي المعيار والفيصل في مقاربة كل منا للواقع الإنساني المشترك  ، خاصة الهوية الإنسانية الوطنية السوريّة ، التي يجب ، للضرورة والمصلحة والجدوى ، أن تكون هي الفيصل في بيان الحق والواجب ، خاصة أيضاً في بُعدها القانوني .

إعتبار السنة ، مُستَهدفين في سوريا لسنّيتهم ، أمر لا يستقيم مع واقع ما يجري في سوريا ، ولا يمكن الركون للعدد من المستَهدفين للقول إنه استهداف للسنة ، بل هو بزعمي استهداف لكل إنسان سوري لا يرتبط بولاء للنظام القائم ” بمن فيهم ابن جيران بيت الأسد الدكتور عبد العزيز الخيًر ” ومن أي إثنية أو دين كان . ولا يُغيّر من طبيعة هذا الاستهداف كون أغلب من يموتون سنة ، بحكم نسبتهم من المجتمع السوري ، إن الإصرار على القول “رغم حسن النية وارتكازها للقياس – الذي هو أداة تأكيد مضللة – من أجل التدليل ” يقود الى التدليل وبخلاف الواقع ، أن هناك حرب أهلية في سوريا ، بين العلويين و السنة ، وهذا إضافة لكونه خطأ واقعي ، فهو تدليل يقود للوقوع في فخ أخر،  وتحويل الصراع من كونه ضد نظام مجرم الى كونه صراع ضد نظام كونه علوي، والمطلوب استبداله بسني كأولوية أولى ومن ثم تأتي جرميته إذا أتت.!

النظام السوري شأن الأنظمة الرعوية القائمة على مفهوم الأب والعائلة، تُقارب الأمور على قاعدة الولاء لها أو البراء منها ، وبالتالي كل من يُوالي فهو موضع ترحيب ، وكل من يُعارض هو موضع اتهام وشك وقتل ، وكلا الجانبين على طيف كامل من الثقة ومستوياتها والاعتبارات ..الخ هنا نحتاج لمزيد من الهدوء لفهم هذا الأمر ، ليس لأنه صعب الفهم ، بل لكونه ملتبس من جهة، ولكون حماسنا المحق تحت وقع الكارثة ،قد يجعل اعتبارنا أن فهمنا بكون السنة مستهدفين ، أمر صائب ..!

اذا كان الأمر كذلك ، فعلينا المُضي قدماً في عدة  أسئلة و مسائل   ..

من ضمنها هل الجيش والنظام علوي !

ما هو عدد العلويين !

ونسبتهم في سوريا حوالي عشرة بالمئة !

أين السنة !

هل يكفي القول للخلوص من هذا السؤال ” أننا – أنهم  مغلوبين على أمرهم ..!”

وكذلك هل هم غالبية الجيش والأمن! 

أم أن نسبتهم في الجيش والأمن أعلى بكثير من نسبتهم في المجتمع السوري ؟

وكذلك هل داعمي النظام داخلاً وخارجاً هم علويون  فقط!

ماذا عن التّنوع “الوطني ” بما فيها السُنّي الموجود في مناطق النظام ، هل يُعتبر وفق هذا المنطق من تناول الأمور أن نظام الأسد الابن : ( نظام وطني عٓلمٓاني ) خاصة أن مناطق سيطرة ( المعارضة ) كلها من السنة فقط !

ويقتل بعضهم بعضاً ..

وكيف يمكن تفسير قتل السنة للسنة في تلك المناطق ..؟

وكيف يُمكن تفسير اتفاق أسد السنة “أردوغان صاحب مقولة مهاجرون وأنصار وقراءة القرآن مع الدموع ” على تسليم مناطق الى نظام الأسد ؟وهل تركيا علوية ! أم أن أردوغان أيضاً مضطر !. ولا علاقة له بالموضوع،  وهناك ضباط علويين أتراك يُجبرون “الطيب أرودغان ” على ذلك ..!

كما تذرع قبلاً بتسيلم أول ضابط سنّي منشق هو حسين هرموش الى الأسد الابن مقابل مطلوبين من حزب العمال الكردستاني لديه !

فقد تم التّذرع حينها بوجود عنصر علوي تركي هو وراء العملية ، الى أن تمّ الكشف عن صفقة أطرافها نظام أردوغان السني إذا اعتبرته كذلك !مع نظام الأسد العلوي اذا اعتبرته كذلك !

وهل نعتبر لا فرق بين اعتبار نظام طائفي ، أو كونه يستخدم الطائفية في سبيل السلطة !؟

أم أن هناك فرق جوهري ….

وكيف نُفّسر وقوف أنظمة الخليج السنية كما مصر السنية والسودان السنية والجزائر السنية ..الخ 

بل حتى ايران الشيعية ، التي تعتبر العلويين مشركين وليسوا مسلمين البتة . وأن هناك فقط خلافات بالفروع ، دون الأصول ، مع السنة المسلمين  ! ( مع بيان موقف الإخوان المسلمين السوريين وحماس وكافة التنظيمات السنية ذات علاقات التحالف معها )….الخ …مع هذا النظام !

والذي قام بعضها مثل قطر بالإتفاق مع ايران على تهجير “السنّة” من البلدات الأربعة على سبيل المثال ! 

لا بد من من مقاربة منا ، صادقة ” ليس المقصود هنا الصدق الذي يُدخلنا الجنة ، بل الصدق الذي يُدخلنا ، حياة واقعية طبيعية بالمستقبل ” مُقاربة صادقة وجادة ، لإجابة واقعية كبشر وكسوريين وكل من موقعه ، حتى نتخطى هذه الطفالة في فهم صراع المصالح والسلطة وألية تحقيق الفوز بالسلطة والمصلحة ..الخ 

ما تقّدم من أسئلة وغيرها ، يجب على البعض من السنة السوريين الذين يعتقدون أن هناك استهداف للسنة على قاعدة كونهم سنة من قبل نظام علوي ، وكذلك يجب على البعض  – بالضرورة  والأسبقية من بقية الطوائف والإثنيات ،خاصة العلويين – التفكرّ ملياً بما يجري الآن وبما جرى سابقاً ، خاصة بظل الاحتلال العثماني بما يخص العلويين وبقية الأقليات ، حيث كانت قاعدة السلطة الذهبية المُرجّحة دوماً ، الولاء أو البراء ، هو معيارها  أيضاً في تعاطيها مع الناس بمعزل عما يعتقدون حول الله ، فلا أحد يستهدفك كإنسان عامة أو كسوري خاصة ، من أجل إلهك !.

ففي الوقت الذي كانت تجري مذابح بحق العلويين بالألاف بالقرن الخامس عشر في حلب ،على خلفية معارضتهم ل”الدولة – المتمثلة بالأسرة العثمانية ” ….كان علويون أخرون ، وعلى قاعدة ولائهم لتلك الأسرة التي تمتلك الدولة ، كانوا  يحصلون على مزايا واقطاعات كثيرة ولقب أغا ومقدّم وأفندي وبيك …الخ

إذا لم نسأل هذه الأسئلة الصعبة ، ونُجيب عليها إجابات واقعية مؤلمة أحياناً ، سنظل بعيدين عن المعرفة، وبالتالي بعيدين عن ممارسة حياة طبيعية كبشر ، بل سنكون جامعي معلومات ” طق حنك “، تلقّاها كل منا بطفولته حيث العقل لديه غير مكتمل حينها ، أثناء حكايا جدّته له ، حول موقدة في ليلة من ليالي الشتاء الباردة ، جدة لديها دموع كثيرة عما ترويه من خلال مُعطيات قليلة ناقصة لديها ، تُلائم أفقها و أفق بيئتها ومحيطها ومستواها العلمي والأخلاقي و اصطفافها ….الخ ، يتناوب معها جدّنا الأخر  المُشارك لها ما تقدّم بما فيها اصطفافه بالمعادلة التي يتحدث عنها  …الجد الجميل المحيّا ، والقليل الثقافة، والمُغدق العاطفة ، الذي يُعوّض ضعف موقفه  المعرفي بالحزن والدموع وادعاء الشجاعة أحياناً ، فنتلقى نحن منهم هذه الحكايا  كمعرفة مقدسة لا تمس ، ولا يأتيها الباطل ، وكتراث واقعي وحقائق ، فكيف بالحري إذا بعض منا ، من أحفادهم ، يساري نزق يتشارك نزقه ، وتصفية حساباته ، مع نزقين أخرين ، عبر نسخ ولصق وتكرار وقياس وتسويق ، أو عبر صورة بهية لُمقّدمة أو مُقدّم برامج  ….

 فيبدو الأخر هو سبب الكارثة ورمز الشر ، ونحن الرائعون الطيبون الملتحقون بالله كرعايا ، والمغلوبين على أمرنا في خُبث مشرقي نمارسه بين بَعضُنَا ، فرادى وجماعات وطوائف ، فينتج هذا الواقع الكارثي ، الذي نستغربه على الدوام ، وهو  نُتاجنا وحصاد أيدينا، الناتج بدوره من بذور غرسناها في أنفسنا وأولادنا وأحفادنا …

لا زلت مؤمن ، أن بيت القصيد المُعًوّل عليه ” إذا كان لا بد من تعويل على مقدس أخر بعد العقل الانساني المقدس لدي” ….في النص الديني المُقدّس هو : 

(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ )

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} 

دون ذلك ، كطريق للمعرفة وبدء حياة طبيعية ، سنظل ندخل في ذات متاهة الموت هذه ، الممتدة منذ قرون في تلك المنطقة ، منطقتنا ، حيث الولادة هناك أشبه بالورطة ، فكيف بالحري مع  أدوات التواصل الاجتماعي والنسخ اللصق وغوغل …الخ ..في فضاء الخراب هذا ، حيث لا أحد يقرأ من طيف كامل مختلف بالمعلومة ، ليوازن معلومته ، بل يعتمد وجبة”  ثقافية “جاهزة من قناة “مُجهزة ” في لعبة تصفية حسابات ” وطنية ” يتواطؤ عليها بَعضُنَا ضد بعض في لعبة خًُبث بينية مستمرة .

آن لها أن تنتهي ، لنحيا !.