الشاديـــان النـــهر والعـــصفور
والروض غصن مائس ونــضير
إن الحيـــاة يفاعها حريــــــــــة
هيهات يـــــنعم بالحريــــة أسير
أنعم بروضتنا وطيب أريـــجها
قد ضاق عن أوصافها التعــبير
فأنظر دموع الطل فوق زهورها
فكأنــــــهن اللـــــــؤلؤ المــــنثور
والسرو مـــــال كأنه ذو لوعــــة
بالمالس وهو المنتقى المــــــأثور
والظـــل مد على العروش رواقه
والنـــــجم طرف للـــــظلام بصير
وبدا لنا وجـــــــه الحبيب فأشرقت
دنيـــــا الـــجمال وأدبر الديـــجور
والماء يجري من الرياض جداولا
ينـــساب في جنباتـــــها ويســــــير
والعيــن ترتــــع والظباء أوانـــس
ترنو فتفتك وهي عـــــــين حـــور
من هدبها زهر البنــــــــفسج أزرق
فتحت به في الأقـــــــحوان ثـــغور
ما بــين مــــــــحمر الشقيق وبـاسم
للياسمــين الـــنضر كــــاد يـــــطير
والخـــــمر تشرق في زمان أبيض
تسعى النــــــدامى حـــولها وتـدور
ماذا أقــــــول بـــــــخمرة قــدسية
الشمس بــــــعض حبابها والــتنور
في كأسها عــكس الصفاء صفاؤها
فرأى بــــــــعين صــفائه البــــلور
وإذا احتسى منها الندامى جــــرعة
فتــضاء أفــئــدة لـــــهم وصـــدور
لله يا عصر الـــسرور بـــها ومــا
قضت الحظوظ فصـــائر مـــقدور
كـــــم وقفة لي أستعيد زمـــانـــها
والــــــصبر عيل وأنني لـــصبور
ولكم نثرت دموع أجـــفاني على
أطــــــلالها وطغى علي زفـــير
وأنــــهل غرب الدمع ينثر عقده
فـــيهيج لاعـــج زفـــرة ويــثير
عهد مضى أفلا لمــــاض عودة
فيــــــعم عيشي نضرة وسرور
مغناي لم أتركك عن رهب وإن
كثر المخاصم لي وقل نصــــير
دافعت عنك وللـــمدافع لـــمعة
يرتد عنها الطرف وهو حســـير
وبــذلت عــنك النفس في يــوم به
برق الرصاص على الكماة مطير
كم هــدم الأعــداء مـــنك منزلا
وانهار في الأبناء منك قــصور
زحفت بنوك عليك مع اعدائهم
زمــرا وعـيرا يــقـتفيهم عـيـر
مالي ومــال الـــخائنين بأمتي
ظل البلاء يسير حيث تســــير
رحــماك يالله كيف حـــياتــــنا
والناس موتى والضلال قبــور
يا رب أرشـــدنا سبيل نـجاحنا
وأتح لنا نــــصرا فأنت قـــدير
فعسى تكون لنا حــياة حــــرة
وعسى يعود العيش وهو نضير
يا خير من يرجى وأكرم مانح
نعــنو لـــعزة وجــهه ونـــشير
يا جابر العظيم الكسير أتح لنا
فرجا فإن الخير منك كــــــثير
ما ضر بؤس مع رضاك ولم يكن
برضاك يا ربي يـــدوم عســـــير
إني بك استمسكت في عز البقا
وبفيض ذات الحب وهي النور
إني بفضلك يا مهيمن صالح
ولفضل ما أولتيتنيه شـــــكور
يا رب هب لي نــعمة وكــرامة
إني لـخيرك يــا غــــني فـــقير
حسبي رضاك وأنت نعم المرتجى
للــــــصالحين وعــــدة ونـــصير
قصيدة الشيخ صالح العلي الكلاسيكية هذه تبدأ بالوصف وفهمه للحياة والحرية لتصل إلى التصوف , و بيان موقفه تجاه وطنه وموقف أخرين من ذلك , ومن ثم دعاؤه لله من أجل خلاص مجتمعه ونفسه . ليختم القصيدة بثقته بأن الله هو المرتجى و العدة والنصير .
المصدر : ديوان الشيخ صالح العلي ” مخطوط ” , يوجد نسخ عنه بين الناس خاصة في الساحل السوري , ومنشور بعض القصائد منه في صحف ومجلات و كتب تتناول حياة الشيخ خاصة كتاب ” صالح العلي ” ثائر و . . . شاعرا . تحقيق الشاعر والباحث حامد حسن .