21-
بين طريقين
وقف حامد الشلدي أمام مزرعة الرستي طالباً مقابلة الشيخ صالح العلي، الذي غير مكان إقامته بعد تعرضه لعدة محاولات اغتيال بالسم الموضوع في برغل العيد!
دخل محمود العلي إلى حضرة الشيخ قائلاً :
-عمي حامد الشلدي معه تنين رجال برا ميقولو بدن يشوفوك ضروري
يطرق الشيخ صالح مفكراً ثم يقول لمحمود :
-بتطلع بتقلن الشيخ مريض بس رح يشوفكين خمس دقايق، و برجع على غرفته ، فيكن تضلوا قد أبدكين و تناموا هنا، لأنكن جايين من حماة و مشواركين بعيد، بس الشوفة خمس دقايق و السلام من بعيد لبعيد . خرج محمود و نقل كلام الشيخ صالح حرفياً .
-معقولة نجي و ما نبوس ايد الشيخ، كبيرة هاي
– مقلك مريض الشيخ و تعبان، تفضلوا فوتو
دخل الرجال إلى غرفة منزوية و جلسوا على الأرض حيث الفرش و المساند و القعدة العربية ، بينا ذهب محمود لمساعدة الشيخ صالح و هو يلبس فلقد أثرت على قوته محاولات السم المتكررة ! . و عندما انتهى من لبسه خرج إلى ضيوفه مسلماً، و سلم ثلاثتهم عليه بتقبيل يده.
-طمن عنك عمي ، ان شالله بخير
– الحمدلله على كل حال و هو القائل جل و علا : ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير .. صدق الله العظيم .
خبروني عن حال الناس نواحي حماة ؟
-الحمدلله بيدعولك بالسلامة .. قاطعه رفيق طريقه قائلاً :
-ياعمي الشيخ صالح نحنا جايين حاملين رسالة
-من مين ؟
– من هالشعب ؟
– الشعب السوري ؟
– من جماعتنا
– قديش بكره هالعبارة .. دفعنا آلاف الضحايا حتى نصير شعب واحد، و لما اجا الكومندان الفرنسي بدو صير رئيس دولة العلويين رفضت
-عمي الأمور تغيرت
-شو تغير ؟
– يعني الفرنسي طالع من البلد و نحنا خايفين
هنا وقف الشيخ و قال :
– انتهت المقابلة .. فيكن تضلوا هاني تاكلو و تشربو و تنامو
و مشى مغادراً الغرفة و عندما وصل إلى الباب التفت مرة ثانية إليهم و قال:
-قولو للي بعتكين أنا و ابراهيم هنانو و سلطان الأطرش خلطنا الدم، و البيخون الدم بلا شرف، السنة أهلنا و زمان العثماني راح و هوي كان يفتن بين العلوي و السني .. هاد بلد واحد و شعب واحد.
-22-
في مكتب خاص في العاصمة دمشق جلس عدة ضباط فرنسيون متحلقين حول طاولة يتحاورون :
-سيدي خسرنا فرصة في موضوع الساحل، الشيخ صالح و جماعته هم العقبة و لقد ظهر أن الكابتان محمد معيوف من جماعته
– هذا تقصير استخباري كبير، و فشل أنت تتحمل تبعاته، كان عليك انتقاء ضابط آخر للقيام بالمهمة
– أغلب الضباط ولاؤهم للشيخ صالح سيدي
– يا سلام جيش الشرق الطويل العريض جل ضباطه السوريين ولاؤهم للشيخ صالح العلي .. ما الذي نفعله نحن هنا ؟! فشل ذريع .
قال ضابط آخر :
– سيدي أنتم تعلمون أنني استطعت تحقيق نتيجة جيدة مع بعض الشخصيات في الساحل، و الرسالة التي وصلتكم تكفي من أجل تفعيل خطة إقامة الدولة الساحلية بالقوة !
-انت واهم ! لقد نجحت في صنع بعض الحوادث الأمنية التي قوت شوكة المطالبين بالانفصال .. إلا أن دعاة الوحدة السورية أقوى .
– سيدي الجنرال يوجد فلاح علوي سجين متهم بقتل واحد من ملاك الأراضي في حمص … أعتقد أن علينا تصعيد القضية .
– افعلوا كل شيء يوصلنا لدولة الساحل المستقلة، عليكم أن تفهوا أن الساحل الفلسطيني صار حليفاً و الساحل اللبناني أيضاً و نريد اكمال ( البازل) بدولة الساحل السوري العلوية ، هذا سيخلق حاجة دائماً لتدخلنا و سيطرتنا بلا اضطرارنا لدفع فاتورة دم من جنودنا، و اذا لزم قتل صالح العلي اقتلوه .
في اليوم التالي و تنفيذا لأوامر المحتل ، قام أحد الصحفيين المأجورين بنشر خبر مقتل سري بيك في حمص بطرقة تستثير الفتنة بين أبناء الشعب الواحد .
-23-
قرع محمد معيوف باب منزل الرئيس هاشم الأتاسي، و ما إن خرج إليه عامله حتى قال له :
-السلام عليكم .. أنا النقيب محمد معيوف قائد حامية تلكلخ ، أرجو إخبار فخامة الرئيس، أنني مع أفراد الحامية جميعاً جئنا إليه لكي نقدم له السلاح.
بعد دقائق خرج عامل بيت الرئيس و فتح الباب على مصراعيه قائلاً تفضلوا جميعاً ، و دخل الضابط القائد و صف الضباط و الجنود ليقفوا في انتظام بكامل أسلحتهم في حديقة بيت الرئيس هاشم ، الذي خرج إليهم قائلاً :
-أهلا بالرجال الأبطال
تحدث محمد معيوف :
-سيدي الرئيس أنا النقيب محمد معيوف قائد حامية تلكلخ جئت أنا و أفراد الحامية بعد أن تمردنا على أمر الحاكم العسكري الفرنسي لتقسيم البلاد و إعلان دولة الساحل السوري مجدداً ! و معي نص برقية الحاكم العسكري .. و قام بتسليمها للرئيس الأتاسي ، ثم التفت نحو الجند و بصوت جهوري :
-عسكر أفراد الحامية … قدم سلاحك
و قام جميع الأفراد بطقس تقديم السلاح للرئيس ، قم وقف محمد قبالته مؤدياً التحية العسكرية .
قال الرئيس الأتاسي :
-يحق لسورية العظمية أن تفتخر بأبنائها العظماء ، سيكتب التاريخ أسماءكم بماء الذهب يا أبنائي، أنتم أبناء هذه الأرض الطيبة، و أنتم و معنا جميعاً سنقف ضد كل فتنة تحاول شق صف أبناء الشعب الواحد .. لكن لزم أن أقول لكم أنني الآن لست في موقع الرئاسة ، و ما قدمتموه من مجد وصل لكل مواطن سوري إلا أن الحق أن تسافروا إلى الشام لتقديم السلاح للرئيس شكري القوتلي و ساسافر معكم .
يتبع