°
, March 19, 2024 in
آخر الأخبار
دراسات اجتماعية

الفلسفة الرواقية

الرُّواقيَّة هي مَذهَبٌ فَلسَفيٌّ هِلِنِستِيٌّ أنشأه الفيلسوفُ اليونانيُ زينون السيشومي في أثينا ببدايات القرن الثالث قبل الميلاد. تندرج الرواقية تحت فلسفة الأخلاقيات الشخصية التي تُستَمَدُّ من نظامها المنطقي وتأملاتها على الطبيعة. وفقاً لتعاليمها، فإن الطريق إلى اليودايمونيا (السعادة أو الراحة الدائمة) يكون بتقبل الحاضر، وكبح النفس من الانقياد للذة أو الخوف من الألم، عبر مَشُورَةِ العقلِ لفهم العالم وفِعلِ ما تقتضيه الطبيعة. عُرِفَ الرِّواقِيُّون لتعاليمٍ مِثل «الفضيلة هي الخير الوحيد»، وأنَّ بقيةَ الأشياءِ الخارجيةِ كالصحةِ، الثراءِ، واللذةِ ليست شراً أو خيراً في حدِّ ذاتها، لكنَّها تحملُ قيمةً بصفتها “مادة يسع للفضيلة أن تستعملها”.[1]

تمثال زينون الرواقي الذي أسس المدرسة الرواقيَّة وكان تاجراً فينيقيّاً.

يذكر زينون السيشومي: “إن العالم كلٌّ عضويّ، تتخلله قوة الله الفاعلة، وإن رأس الحكمة معرفة هذا الكل، مع التأكيد أن الإنسان، لا يستطيع أن يلتمس هذه المعرفة، إلاّ إذا كبح جماح عواطفه، وتحرر من الانفعال”. والرواقيون يدعون إلى التناغم مع الطبيعة، والصبر على المشاق، والأخذ بأهداب الفضيلة، لأن الفضيلة هي إرادة الله. بحيث تركز الفلسفة الرواقية على التناغم كإطار لفهم طبيعة الاشياء وكأسلوب للتخلص من الكدر الذي تسببه الاحاسيس. وقد  أطلق عليهم لقب الرواقيون لأنهم عقدوا اجتماعاتهم في الأروقة في مدينة اثينا، حيث نشأت هذه الفلسفة هناك، حوالي عام 300 ق.م. كما أطلق عليهم اسم أصحاب المظلة،[2] وحكماء المظال، وأصحاب الأصطوان.[3]

أعتقد الرواقيون أن المشاعر الهدامة، مثل الخوف والحسد، والحب الملتهب والجنس المتقد، هم بذاتهم، أو ما تنبثق عنهم، هم أحكام خاطئة، وأن الإنسان الحكيم، أو الشخص الذي حقق كمالاً  أخلاقياَ وفكرياً، ليكون قد وصل إلى درجة لا الخضوع بها لهذه المشاعر. وبالتالي، فإن ما يدل على نفسية ودرجة ادراك الفرد هي تصرفاته و أعماله وليس  أقواله.[4] ولكي يحيا المرء حياة صالحة، عليه أن يستوعب قوانين الطبيعة.[5]

ومن أشهر الرواقيين المتأخرين، في عهد الرومان، لوكيوس سنيكا و ماركوس أوريليوس. اللذان أكدا أن الفضيلة هي ضرورة للسعادة، وبالتالي، فأن للمرء الحكيم مناعة ضد النحس والمحن.[6]

وقد انتشرت الرواقية لدى أتباع كثر في اليونان الرومانية وبقية  أنحاء الامبراطورية الرومانية واستمرت حتى اغلاق كل مدارس الفلسفة الملحدة في عام 529 الميلادية بأوامر من الإمبراطور جستينيان الأولالذي اعتبرهم مخالفون للشريعة المسيحية.[7][8] وبتأثر من جوستن لبسيوس، تطورت الرواقية المحدثة بدمج الأفكار بين المسيحية والرواقية التقليدية.

الركائز الأساسية

الرواقية فلسفة طبيعية جبرية تعتقد بوحدة الموجود و ترى عكس الكلبية أن الهدف من الفكر ليس هو الشعور بالسعادة بل إن السعادة ليست إلا شعور عرضي يصاحب الوصول إلى الحقيقة بعد إعمال الفكر,[9] أما قولهم أن الحكيم الرواقي عليه أن يتجاوز الانفعالات كالخوف والحسد.. راجع إلى اعتقادهم الجبري فما دام أن الإنسان في اعتقادهم مجبور على أفعاله ليس عليه أن يهتم بالانفعالات التي تصدر عن شعوره بالمسؤولية، إذ يروى أن زينو الرواقي مؤسس الرواقية كان يضرب عبدا له على خطأ اقترفه فذكره العبد بفلسفته التي تقول أن الإنسان مجبور على أفعاله لكي يعفو عنه فرد زينو قائلا وأنا أيضا مجبور على ضربك,[10] و قد كان العبد الفيلسوف ابكتيتوس رواقيا .

المراحل التاريخية

مرت الرواقية بثلاث مراحل:[11]

  • المرحلة الأولى، في القرن الثالث قبل الميلاد ومن روادها زينون وكليانثس؛
  • المرحلة الثانية وتسمى الرواقية المتوسطة في القرنين الثاني والأول قبل الميلاد: من روادها ديوجين السليوسي، وبانيتيس الروديسي وخريسيبوس؛
  • المرحلة الثالثة وتعرف بالرواقية الرومانية المتأخرة في القرنين الأول والثاني الميلاديين ومن روادها سنيكا وإيبكتيتوس والإمبرطور ماركوس أوريليوس. معظم الكتابات الباقية أتت من هذه المرحلة.

الفلاسفة الرواقيون

الرواقيون هم دعاة مدرسة فلسفية انتشرت في إطار الثقافة اليونانية في القرن الرابع قبل الميلاد، تحت تأثير الأفكار التي تدعو إلى المواطنة العالمية، وتحت تأثير الأفكار ذات النزعة الفردية، وتحت تأثير التطورات التقنية التي فرضها التوسع في المعرفة الرياضية، وكان زينون وكريسيبوس أكبر الدعاة البارزين للمدرسة في القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد وقد تحدد دور العلوم لديهم على النحو التالي:

  • المنطق هو السور، الفيزياء هي التربة الخصبة، الأخلاق هي ثمرتها.

والمهمة الرئيسية للفلسفة تخص الأخلاق، وليست المعرفة أكثر من وسيلة اكتساب الحكمة والمهارة في الحياة، ويذهب الرواقيون إلى أن الحياة يجب أن تعاش وفق الطبيعة، وتقوم السعادة في البلادة أو التحرر الانفعالي، وفي سلام العقل وفي رباطة الجأش، والقدر يحدد كل شيء في الحياة ومن يتقبل هذا يرضيه القدر، ومن يقاوم يرغمه القدر.

وكان الرواقيون ماديين في تصورهم للطبيعة، ويقولون بأن كل ما في العالم أجسام ذات كثافة مختلفة، والحقيقي يجب تمييزه من الحق، ولا شيء سوى الأجسام يوجد حقاً، والحقيقي من جهة أخرى غير متجسد ولا يوجد، والحقيقي ليس سوى عبارة.

وعند الرواقيين تتحد المادية بالمذهب الأسمى، والحواس تفهم الواقع على أنه أشياء جزئية، والعلم يسعى إلى فهم العام، غير أن هذا العام على هذا النحو لا يوجد في العالم، وقد سلم الرواقيون بوجود أربع مقولات وهي:

  • القوام (الموجود)، الكيف، الحالة (أي «الكينونة»)، الحالة النسبية («الوجود إلى يمين شيء ما»)

والرواقيون، على عكس منطق المحمولات، ابدعوا منطقاً للقضايا لا يقوم على الأحكام القطعية بل على الأحكام النسبية، وأنشأ الرواقيون ضروباً من ارتباط الأحكام أشار إليها المنطق الحديث على أنها تضمين مادي.

وأبرز الرواقيون هم :

يعتبر زينون الرواقي (334 ق.م – 262 ق.م) مؤسس الفلسفة الرواقية.

ويليه كليانثس (330 ق.م – 30 ق.م) وخريسيبوس ( 279 ق.م – 206 ق.م) كروَّاد هذه الفلسفة الأوائل.

كتب خريسيبوس بغزارة أكثر من غيره، حيث الف ما يزيد عن 165 عملاً، لكن لم يبقَ من مؤلفاته إلا القليل.

أما الفلاسفة الرواقيين الذين وصلت إلينا أعمالهم الكاملة هم أولئك الذين عاشوا في الحقبة أزمنة الأمبراطورية سينكا الأصغر (4 ق.م – 65 م)، أبكتاتوس ( 55 م – 135 م)، والإمبراطور ماركوس اروليوس (121 م – 180 م).

وفي تاريخ الإسلام مثل هذه الفرقة الملحدون الدياصنة الذين انتشروا في العراق في العصر العباسي وكانت لهم مناظرات مع هشام بن الحكم تلميذ الإمام جعفر الصادق وقد كان هشام بن الحكم ملحدا ديصانيا قبل أن يصير من شيعة الإمام الصادق.[12]

المواضع الفلسفية

الفلسفة والحياة

يعتقد الفلاسفة الرواقيون أن الفلسفة ليست مجرد تسلية أو علم لذاته بل طريقة في الحياة ولهذا نراهم يعرفون الفلسفة كتمرين أو كممارسة حياتية خالصة ويجب أن تكون هكذا.

المصدر : https://ar.m.wikipedia.org/wiki/%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9