°
, December 9, 2024 in
آخر الأخبار
عيـســـى ابــراهـيـم

هناك نقطتين ..

هناك نقطتين مهمتين حدثتا ، و وضعتا موافقة ضمنية على أن ما يجري في سوريا هو حرب أهلية !
حيث تم طرح إصلاح الجيش والأمن من قبل ” اللجنة الدستورية ” في الجولة الأخيرة ، و أكمله ” النظام ” بتعيين مجلس افتاء بدلاً من مفتي ” وهو منصب مستحدث من قبل الدولة العثمانية، فأحد ميزات الاسلام كدين عدم وجود رجال دين فيه ” فتم التناغم معه من ” معارضة ” بتعيين مفتي هو مرشح حزب الإخوان المسلمين ..
بشكل يُوحي بأننا أمام المشهد ذاته في تسوية أحداث الثمانينات ، بالصفقة التي تمت حينها بين الاخوان المسلمين وأسرة الأسد ومجموعة الضباط المساندة لهم ، لذلك يهمني التوضيح هنا ، أن ما يجري في سوريا ليس حرب أهليه وأن استخدم جانبي الصراع أدوات دينية وطائفية في تحقيق مكاسب سياسية ، ونحن هنا لسنا في معرض ازاحة ” نظام علوي” لإحلال ” نظام سني ” أو تسوية بين أمراء حرب “سنة ” و”علويين ” بعد أن تم امتطاء مفهوم “الدولة “ومفهوم” الثورة ” وعبر ذلك تم تدمير سوريا وتشريد أبناءها أو قتلهم ، وتقسيم سوريا لمراكز نفوذ ونهب ثرواتها من قبل قوى ودول تدّعي دعم ” الدولة ” وأخرى تدّعي دعم ” الثورة ” وأصبح يُلعب بنا لعب الكرة ، ونحن نعتبر انتصار من طرفي الاجرام هذين والقوى الداعمة لهما ، هو انتصار لسوريا الدولة والمجتمع الذي هو نحن !
سوريا ليست في حرب أهلية ، ويجب أن لا تكون ، سوريا تدار لعقود بعقلية المزرعة من قبل نظام مافياوي قام باحتلال السلطة وعبرها احتل الدولة وبذلك أستولى على الثروة ، الأمر الذي أدى الى انتفاضة شعبية على طيف واسع متنوع من الفهم والوعي والإدراك والأهداف…الخ. بشكل غير مُتجانس ، تحولت بسرعة لحرب بالوكالة أدواتها محلية طرفاها ” نظام ” يستظل مفهوم ” الدولة ” و” معارضة ” تمتطي مفهوم ” الثورة ” …
الاصرار – تصريحاً أو تلميحاً – خلال عشر سنوات على كون “النظام علوي” و ” الثورة سنية” هو اصرار غير بريء وتتويج ذلك بهذين الاجرائين ، بإدعاء معالجة ملفين مُحقّين ظاهراً، هما اصلاح الجيش والأمن والغاء منصب المفتي وتعيين مفتي … أمر غير بريء .!
فالمطلوب الأساس هو حل سياسي من هيئة حكم انتقالي كامل الصلاحية تُمثِّل السوريين كل السوريين ” بمعزل عن مجرمي الحرب ومن أي طرف كانوا وتحت أية راية مارسوا جرميتهم ” حكم انتقالي يُؤسس لاحقاً لحكم ديموقراطي ينقل سوريا من مفهوم المزرعة في الإدارة الى مفهوم الدولة التي تعتمد القانون ، حيث الدولة جهاز اداري مُحايد حياد ايجابي مهمته تمكين السوريّات والسوريين ، كل السوريات والسوريين ، من القيام بحقوقهم وواجباتهم وتأمين الخدمات والعمل على التنمية والتوزيع العادل للثروة وحماية حق الاعتقاد من عدمه وكذلك الحق بالتدين من عدمه ، كون ذلك من حقوق الانسان ….الخ
ومن تداعيات ذلك يأتي لاحقاً إصلاح ثلاث مؤسسات تخدم هذه المافيا وهي دعامة أساسية لها و هي :
1- مؤسسة الجيش والأمن وحيث نسبة العلويين فيها أعلى من نسبتهم في المجتمع وحيث دورها أصبح دور وظيفي لخدمة عائلة وشركاءها في الحكم وليس لخدمة دولة ومجتمع .
2-إصلاح المؤسسة الدينية التي هي بأغلبها النسبي سني والتي هي الذراع ” المُقدّس ” لهذه المافيا ، وذلك عبر إصلاحات تُحوّل وزارة الأوقاف الى وزارة أديان تعكس طبيعة المجتمع السوري كما الجيش والأمن وتكون بخدمته ومختصة بالشؤون الروحية وليس بالسياسة .
3-إصلاح المؤسسة الاقتصادية بأغلبها النسبي سني وذلك بمنع استئثار عائلة وبضع عائلات ملحقة متنوعة بصيغة وحدة وطنية مزيفة ، استئثارها بالثروة والتنمية … وإجراء إصلاحات جوهرية في الاقتصاد من ضمنها ضمان صحي وضمان اجتماعي وتنمية متوازنة للأطراف والمركز .
إضافة لاحترام الحقوق الثقافية لمكونات الشعب السوري الاثنية والدينية وحقها باقامة الطقوس الخاصة بها بما في ذلك مرجعيتها الروحية، وبما في ذلك تعيين مفتي السنة والجماعة . وحق الجماعات بالتّكلم والتّعلّم بلغاتها الخاصة واستخدامها في الاعلام ، من قبيل الكردية والسوريانية والتركمانية واليونانية والشركسية …الخ واعتبارها لغات رسمية في المناطق ذات الكثافة الى جانب اللغة العربية , اللغة الرسمية للدولة السورية ، ومنع تدخل رجال السياسة بالدين ، ومنع تدخل رجال الدين بالسياسة ، وذلك حفاظاً على الدين والسياسة كمفهومين مختلفين ومجالين مختلفين …