°
, March 19, 2024 in
آخر الأخبار
ثقافة

ملك حاج عبيد وحديث الأدب والأدباء ،شادي نصير ـ موقع عالم نوح

 

       

يستضيف موقع عالم نوح إسم من أسماء الرواية والقصة القصيرة في سوريا أسم بارع ولامع له مدرسته الخاصة في النسج الأدبي إنها السيدة الكبيرة ((ملك الحاج عبيد)). الأستاذة ملك لها أعمال منشورة منها ((رواية الخروج من دائرة الانتظار)) ومجموعة من القصص (أنا البحر, الغرباء, حكايات الليل والنهار, غربة ونساء) ومجموعات أخرى اليوم هي في صدد رواية ((الوعي)), سوف نبدأ من النهاية،
حدثينا قليلاً عن الرواية الأخيرة (الوعي) قبل صدورها؟


الرواية تتحدث عن الأحداث التي مر بها الوطن العربي من عدوان الـ1956 على مصر ثورة العراق, الوحدة والانفصال بين سوريا ومصر, وما مرت به القضية الفلسطينية من أطوار.. أيلول الأسود ألخ… وصولاً إلى أحداث أيلول 2002, بنقدٍ بيّنت فيه انعكاسات هذه الأحداث على الواقع الاجتماعي العربي من خلال سيرة ثلاثة أجيال مرت في القصة, جيل الآباء وجيل الأبناء و جيل الأحفاد, وبينت تأثير هذه الأحداث على مصير هذه الشخصيات وكيف تلونت حياتهم بهذه الأحداث أي أقمت التواشج بين ما هو سياسي وما هو اجتماعي.


سيدة ملك عندما نقرأ رواياتك أو قصصك نشعر بالنبض الإنساني فيها, ودائماً اختيارك هو اختيار تخصصي واجتماعي، حدثينا كيف تستقين معلومات عن القصص والروايات التي تكتبينها؟

الواقع: هو أهم مصدر من مصادر إبداعي، وعندما أقول الواقع فأنا لا أقصد الواقع المنسوخ أو صورة فوتوغرافية عن الواقع, أنا آخذ الخطوط الأولى من الواقع ثم أدخلها إلى مختبري الخاص فأعطيها من فكري وأطرح من خلال هذه الشخصيات ما أريد أن أقوله… وهذا لا يعني إنني أمارس ديكتاتورية على شخصياتي بل أترك لهم الحرية المطلقة لكي يتصرفوا كما يريدون ولكن ضمن منظور معين..


سيدة ملك كنت تتحدثين بإحدى رواياتك عن فتاة لها أجنحة الفراشة هذه القصة لا تزال راسخة في ذهني منذ ثمانية سنوات ومجمل كتاباتك بنفس الأسلوب من أين تستقين هذا الشفافية؟

كما قلت الواقع غني جداً وأذكر قول لـ((محمد ديب)) الجزائري: (الزخم الموجود في الواقع أكثر مما هو في الخيال) وأحياناً لكي نقرب الواقع إلى عالم القصة فأننا نحاول أن نخفف منه.. عندما تحدثت عن الفراشة أردت التحدث عن أحلام الفتيات الصغيرات اللواتي ينظرن للحياة بمنظار وردي, أحلام غنى ,أحلام جاه, وأحلام حب….. ولكن هذه الأحلام تنكسر وأنا وجهت هذه القصة إلى الأجيال القادمة الشابة وأقول ((ليس كل ما يلمع ذهب)) وليس كل ما نراه جميلاً يكون جميلاً.. هناك أسس يجب أن تبني الشابات حياتهن عليها, أي العلم والتفكير الصحيح أما الجري وراء المظاهر إنه قد يفتن أحياناً ويقدم صورة زاهية, ولكن هذه الفراشة التي اقتربت كثيراً من النار قد احترقت, حتى ولو اجتازت هذه المحنة لكنها أثرت عليها وجعلتها تترك الجامعة وتحطمت معظم أحلامها وتركت لها بقايا من الأحلام.


نسمع أصوات تنادي بأنه لا يوجد رواية عربية والبعض يقول هناك رواية عربية وهناك من يقول أن الرواية العربية تستنسخ من الأدب الروسي أو الأدب الأوربي, هذه الأصوات المتضادة ضد بعضها بالنسبة لكِ كيف تقيّمين الأدب العربي وهل هناك رواية عربية…؟

بالطبع يوجد رواية عربية و لها بذور قديمة أيضاً, صحيح أننا أخذناها من الغرب ولكن لم يتأثر أي شعب بالشعوب الأخرى, ونحن كباقي الشعوب أخذنا مقومات الرواية الحديثة من الغرب ولكننا أنشئنا رواياتنا العربية الخاصة بنا, مثلاً: (نجيب محفوظ) صوّر الواقع المصري, لا نستطيع أن نقول أنه استنسخ بل صوّر حياتنا وأعاد التراث القديم, في كتابه /التجليات/ نلاحظ أنه قد استلهم التراث القصصي العربي القديم. (إدوارد خراط ) و (حيدر حيدر) لهما أسلوب خاص حيث يشتركان في خاصية أسلوبية هامة جداً, و (هاني الراهب) أيضاً رسّخ قدمه في الرواية ولا ننسى (حنا مينا) والدكتور (عبد السلام العجيلي) هؤلاء الآباء هم المهمين بالنسبة للرواية السورية, لا نستطيع أن نقول أنه لا يوجد رواية عربية بل موجودة وتتطور على يد روائيين شباب.


اليوم نرى بعض الأدباء الشباب يستسهلون الرواية، يكتبون جملاً غير مترابطة ويزجّونها فيها, الرواية هي عالم غني جداً عالم يحتاج إلى موسوعة ثقافية واجتماعية من أجل أن يستطيع الروائي أن يكتب على عكس القصة القصيرة….هل تعتقدين أن الرواية الحديثة لها عالمها الخاص أو أنها يجب أن تكون منطلقة من أساسيات الرواية العربية….؟

أي رواية يجب أن تنطلق من أسس ويجب أن تعتمد خاصة:على الثقافة و الموهبة وعلى تماس مع الوسط الثقافي, حقيقةً لم اطّلع على كتابات هؤلاء الروائيين الذين تتحدث عنهم بهذه المواصفات لذلك أنا لا أستطيع أن أحكم… ولكن الرواية ليست سهلة و الاستسهال هو مقتل للرواية…. فإن استسهلنا هذا يعني أننا ننتج أدباً رديئاً على الشباب يجب أن يبنوا على أسس راسخة أن يتمثلوا بالثقافة العربية والعالمية وبعد ذلك يبدعوا…..


يقولون أن الأدب النسائي هو أدب حديث والبعض الأخر يقول أنه لا يوجد أدب نسائي, هذا الفصل بين الأدب عندما نسمي أن هناك امرأة تكتب ورجل يكتب أليس ظلم للمرأة والرجل أيضاً ألا تعتقدين أن الأدب هو أدب بغض النظر عن من يكتبه..؟

عندما نقرأ أدباً جيداً نحن لا نتساءل هل الكاتب رجل أم امرأة..؟ الجيد يفرض نفسه… وصحيح أن المرأة تأخرت في الكتابة لظروف اجتماعية وسياسية وموْروثات تاريخية قديمة, ولكنها عندما كتبت كتبت بطريقة جيدة، نقرأ مثلاً لـ: (سحر خليفة) .. هل تختلف كتابة سحر من حيث الجودة عن كتابة أي كاتب أخر, نقرأ لـ (إيزابيل اللندي) هل تختلف كتابتها عن كتابة (ماركيز), لا: إنهما يقفان على قدم المساواة, أنا لا أفصل في الكتابة بين أدباً نسوياً كما يقولون وبين أدباً يكتبه رجل…فالأدب الجيد هو الذي ننظر إليه بعين الاعتبار وصحيح أن المرأة أقدر من غيرها على معالجة قضايا المرأة, ولكن إذا بقي تركيزها ضمن نطاق المرأة فأدبها سيبقى محدوداً, و جمالية الأدب أن يكون إنسانياً وأن يكون على تماس مع الواقع الاجتماعي وأن يكون متسع النظرة وأن لا يتخصص بقضية معينة.


منذ فترة قريبة حصلت على تكريم وكنا سعداء جداً بهذا التكريم لكن للأسف كان هناك قلة في التغطية الإعلامية لسبباً أو لأخر, أريد التحدث عن التكريمات لماذا تتأخر لمبدعينا؟

خطوة جيّدة أن يكرم الأديب في حياته, في الماضي كان يكرم الأديب بعد مماته وأذكر قولاً طريفاً للـ أخطل الصغير قال: (عندما أموت أتمنى أن تتركوا تابوتي مفتوحاً عند القدمين لأنني بعد أن أموت سوف يكرمونني وسوف أركل هؤلاء الذين يكرموني لأنهم قد تأخروا كثيراً في التكريم)… الآن أصبح التكريم في حياة الأديب ظاهرة جيدة وجميلة, فيها لمسة وفاء وتقدير للأديب, أننا نقدر ما كتبه وما قدمه وطبعاً هذا يعطي شعوراً بالراحة وأن الدنيا ما تزال بخير وان هناك بعض الأنصاف في انتقاء الأسماء, لأن الساحة الإعلامية مملوءة أو تضج بهؤلاء الذين يدخلون عالم الأدب من باب الوجاهة الاجتماعية ألخ…. يعني الأدب أصبح صنعة من لا صنعة له ففي كل يوم نسمع عن حفل توقيع وعن إصدار جديد، في مرة طُلب مني أن أتحدث عن كتاب صدر، أنا لا مانع لدي ولكن عندما قرأته اعتذرت.

تتابع السيدة ملك عن عدم التغطية الإعلامية قائلة: هذه مسؤولية الإعلام, أحياناً نلاحظ أن هناك أسماء تلمع وهناك أسماء تهمّش, وعن السبب إسأل الإعلام…؟ ربما هناك مجموعة من الأدباء قريبين من الإعلام ولكن الإعلام لكل الأدباء وليس لعدد محدودٍ منه.


أستاذة ملك أنت أستاذة كبيرة في الأدب، عالم نوح سعيدين جداً بهذا اللقاء معك وفخورين بك جداً
آملين لك المزيد من النجاح.

لقاء: شادي نصير

تحرير: رنا ماردينلي

صفحة السيرة الذاتية للأديبة ملك حاج عبيد