°
, October 6, 2024 in
آخر الأخبار
تفاصيل

رسالة إلى صاحبي (في فهم العلوية ) د. محمد عبدالله الأحمد .

السلام عليك يا صاحبي
اعلم يا أخي أنني لا أزال أتامل في ذاك الشاعر الجميل الباحث عن صاحبه سراً لا جهاراً وهو يقول ( قف لي بهبّودِ ) و أنا أنظر في حال هذه الأيام، حيث أغلب الناس يشبهون بحَاراً أضاع البوصلة، يتخبطون ليس من قلة الإخبار بالشيء بل من كثرته ، و لايزال منهم من يجهل (أن الزائد أخو الناقص و أن خير الأمور أوسطها) و قد انقلب عليهم ظهر المجن.
حادثتك بالأمس حيث تجمعنا الهموم الواحدة و صحبة الطريق و سورية الحبيبة في أزمتها الكبرى، حيث يسود في كثير من العقول بكل أسف( التناقض الطائفي ) . ولأننا لا نخون الأرض و لا البيئة التي نبتنا فيها و لا الناس الباحثين عن ضوء نجاة في آخر النفق ، فقد اختص كلانا في بعض عمله بشأن المنهج الاسلامي العلوي الذي يرى نفسه ( طريق الاسلام الصحيح) و يريد البعض أن يجعله ديناً مستقلاً عن محمد عليه الصلاة و السلام ، حيث شكلت هذه المسألة جرحاً قديماً ليس في جسد العلويين وحدهم بل في جسد الشعب السوري كله، و هدف من يغذي هذا التناقض استمرار المآساة الوطنية العظمى .
من الصعب – أيها الصاحب الصدوق – أن ترى كل هذا التيه العام ، و كأنه يتم التحضير لكرَة ثانية و ثالثة لدوران رحى الموت ، و آلات الخراب .. من الصعب أن تصمت! و من الصعب أن تمتلك و لو جزءاً من الحقيقة ، و لا تنير بها للناس، في وقت يتنطح فيه أهل الفتنة لصب الزيت على النار و الكذب على الناس و على الحقيقة منطلقين من الغل و الحقد و الكراهية .
و في جانب آخر من المصيبة ترى التربص و الترصد من عقول عابثة ضد مجتهد يحاول خلق مساحة تنوير و مساحة تفكير ، و مساحة إخلاص ، و محبة .. و ما تربصهم هذا إلا جزءاً من المصيبة أو ( اللعنة ) التي حلت بنا في هذه الحقبة من التاريخ ، لكنني مع محمد عبده حين قال : ( قل كلمتك و امض)!! و لقد قررت أن أفعل .
هذا الأمر ليس محاجة عقلية فقط –يا صاحبي- بل هو غيرة أيضاً ، غيرة على الناس و على الأرواح ، و غيرة على مستقبل البلاد ! حيث الغيرة معيار للغيارى و التربص بهم يعني أن المتربص لا يغار إلا على نفسه ، و على بروز علة النقص فيه .
بالأمس نشرت نصاً صغيراً في فهم العلوية ، أردت منه أن أحفز العقول إلى الأمكنة الصحيحة في فهم ( الطريقة الإسلامية العلوية )، – بعيداً عما دخل عليها من هرطقات عصر الانحطاط – بل من حيث أن جذورها تمتد إلى المشائين المسلمين ( الفلاسفة ) ، الذين رفضوا الاكتفاء ب النقل ، و آمنوا بالعقل ، ووجدوا أن القول بتناقض العلوم العقلية و أداتها المنطقية مع العلوم الإلهية يؤدي بصاحبه لخسران كبير .
الكثيرون اليوم – بسبب الحرب و الفتنة – يتركون أثمن ما في العلوية كمنهج قرآني و سلوك رباني ، و يلحقون الكتب الصفراء التي أنتجتها حقبة الانحطاط ، فجاءت دخيلة على ( الإيمان العقلي الفلسفي) ، و كان مرد ذلك و لازال هو ( الفوضى المشيخية )، فأنت تعلم مثلما أعلم أن أسوأ ما حصل في تاريخ العلويين لا بل و تاريخ الإسلام كله إبان عصور الانحطاط و في عصرنا الحاضر هو ( فوضى رجال الدين ) ، حيث أصبح الأمر إلى عبث لا يعلم إلا الله مداه .
و لأن كثيراً من إخوتنا في المذاهب الإسلامية الأخرى و من أبناء الديانات الأخرى ، لا لايدركون أن المشائين الفلاسفة المسلمون ، تطور أمرهم في القرن التاسع الميلادي، و صار إلى محاولات حثيثة للجمع بين القرآن و المنطق ، حيث عانوا العسف و الاضطهاد مع تغيير الخلفاء العباسيين الذين كان منهم من شجع الأمر ، ثم جاء بعدهم من قطع الرقاب بسبب هذا الأمر، وبدلاً من انتصار العقل و الاجتهاد وصلت الأمور إلى الجبرية و القهرية و ( الصارم المسلول ) .
ثم أن المشائين الفلاسفة انقسموا في الفكر، و لكنهم اختاروا العمل السري و التقية ليس فقط خوفاٌ من الحكام بل و لأن بعض الأفكار ذهب و لا يعطى الذهب لمن لا يعرف قيمته، و من هؤلاء كثر صاروا في المنهج السري الجعفري ( العلوي ) المنادي بالإمامة لعلي عليه السلام و أهل بيته ، فكانت من هؤلاء (الحاضنة الأولى للفكرة العلوية)، التي سجلت أول اختلاف عن المذهب الشيعي المعروف حيث الجمع بين الإيمان و الفلسفة .
لقد كان العالم الإسلامي و خصوصاً في الحواضر القريبة من بغداد عاصمة الخلافة يوماً يعج بالمدارس الفكرية ، حيث بدأ ما يعرف ب ( علم الكلام ) و كان أهل هذا العلم أو أهل هذه المدرسة ، ممن أنصاعوا و تبرعوا بالرد على أهل المنطق و الفلسفة .. فصار الـأمر إلى صراعات فكرية كبرى . لكن الواضح أن عناصر الفعل الرئيسية التي لعبت دوراٌ في دعم المشائين الفلاسفة ، حيث كانوا يستخدمون بعضها في الدفاع عن أفكارهم و مبادئهم كانت قوية .. مثل : التوصية القرآنية بضرورة التفكر و التدبر ، و الانفتاح الفكري على الفلسفة اليونانية بالترجمة ، و نشأة المدارس الصوفية و الأخلاقية . كل هذه العوامل كانت حاضنة خصبة لظهور ( المنهج العلوي ) في تدبر القرآن الكريم، و جمع المنطق إليه، و خصوصاً منطق المعلم الأول ( أرسطو) الذي ترجمه ( الكندي) و منطق المعلم الثاني
( الفارابي ) الذي ما اكتفى بجمع المنطق للدين و الإيمان بل سخر علم بطليموس الفلكي أيضاً لهذا الإيمان و قال بالفيض، فيض الخلق عن الله سبحانه . و لقد صار المشهد في أوله للعقلاء جميلاً أخذ فيه المشاؤون المسلمون ناصية الفلسفة إلى الدين و الإيمان ، و لكن أعداء العقل رؤوا العكس و حاربوهم بالسيف و لا يزالون حتى اللحظة .
لقد كان عجز شراح الدين عن الإجابة على أسئلة رئيسية ، مثل :
مكانة العلماء عند الله سبحانه ، حيث أن العلم لا ينحصر في علوم الدين بل و في العلوم العقلية و المنطقية مثل الطب و العلوم الكيميائية و الفيزيائية و الرياضيات و الهندسة و علوم الفلك ، و علوم الحكمة و تدبر أحوال الناس. وكان شراح الدين يختصرون كل المسألة بدار الإسلام و دار الكفار ! حيث من يسلم وينطق الشهادتين يدخل الجنة و يفوز الفوز العظيم ، و يكون محل الطبيب ( مثلاً) – غير الناطق بالشهادتين – الذي عاش كل حياته يخدم الناس في الصين أو اليونان أو عندنا -من أهل الكتاب- في جهنم !!؟
و مثل هذه الأسئلة الوجودية كانت كثيرة ، ليس أولها و لا آخرها في خلق القرآن ؟ ، و قدم العالم؟ ، و الاستواء على العرش؟ ، و هل يتجلى الله ؟ و حال الجنة ثم حال النار؟ و من هو الإنسان الكامل ؟ … كل هذه كانت و لا زالت حتى هذه الأيام أمور محل جدل و نقاش و اختلاف !
زد على ذاك أن الدولة حينها صارت دولة قهرية عسفية و صار السياف و قطع الرقاب جزاء كل من لا يطيع ال خليفة الجديد ، مخالفاُ حتى من سبقه في الخلافة ، و منكلاً بمن كانوا من حزبه، فكانت المدرسة العلوية مدرسة باطنية سرية ، لا يعلن أصحابها عن أنفسهم.. سواء بسواء مع كل الباطنيات الإسلامية .
——————–
-2-
يبدأ ( المؤمن) إيمانه من فؤاده حيث في في الذكر الحكيم : (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا ۖ إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) .. (وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْـًٔا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلْأَبْصَٰرَ وَٱلْأَفْـِٔدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) .
صدق الله العظيم
فيكون الإيمان من الفؤاد و البحث عن الله في الفؤاد، حيث الإيمان حب و تصديق بالفؤاد ثم تأسيس بالعقل . و ليس العلوي (المؤمن) إلا عاشق لله سبحانه و تعالى، لايصدق فيه و منه إلا عشق الحبيب ، فهو في ثقة منه كثقة ال ( أنا ) ب ( الأنا) و لا يعتريه شك برحمته و عظيم كرمه و مآله ! . و لا يشك ( المؤمن ) للحظة في خالقة .
فإذا بدأ المرء من فؤاده و أسس بعقله أدرك أن العالم كله موجود فيه ، في داخله فلم يبحث عنه في خارج ذاته و هو فيه .
((أوتحسب أنك جرم صغير
وفيك انطوى العالم الأكبر))
بعد الفؤاد يبدأ التأسيس ، و التأسيس يحتاج للعلم و العلوم أنواع ثلاثة :
1-علوم العقل
2-علوم الأحوال
3-علوم الأسرار
فأما علوم العقل فهي علوم البراهين الكونية و منطق التجريب ولابد من احترامها و الأخذ بها ، و يأتي بعدها علم الأحوال و هو الإدراك بحواس الإنسان، مثل إدراك ( الطعام ) بالذوق و غير ذاك من نعم الحواس كلها مثل الشم و اللمس و الجنس و هي ضرورة من ضرورات الحياة الدنيا. ثم علم العلوم و هو للأنبياء و الأولياء و الخاصة و هو علم الأسرار و هو العلم الذي يعجز عنه العلم العقلي و يقف حائراً أمامه حتى الآن .
يؤمن العلويون أن الأنبياء و الأولياء كانوا في عالم المعرفة الربانية قبل أن يولدوا، فكل أنبياء الله و رسله و أوليائه و خاصته و سيدهم هو (محمد بن عبدالله) صلى الله عليه و سلم كانوا في عالم المعرفة الربانية قبل أن يخلقوا. ولقد كان محمد في عالم الغيب قبل (آدم عليه السلام ) و قد أخبره ربه أنه سيكون خاتم الرسل و الأنبياء، و دون ذاك أي دون العلم الذي آتاه إياه الله سبحانه لم يكن ليجهر بهذا للناس فيؤسس بالقول و بالفعل لختم الرسالات، و مع محمد في عالم الغيب كانت عترة محمد و خاصته من آل البيت الأشراف عليهم السلام .
و من البراهين القرآنية على ( علوم الأسرار ) العبد الصالح في سورة الكهف و هو سيدنا الخضر عليه السلام ، الذي طلب منه موسى علماً و هو يعلم من ربه أنه من خاصة الله سبحانه و تعالى و هو ليس بنبي و لا رسول ، و لازالت سنة الخاصة من الأولياء تجري في كون الله و خلقه حتى تقوم الساعة، فإذا انقطع حبل الوحي القرآني بختم نبوة محمد (ص) فلا زال حبل الخاصة من أولياء الله الصالحين، و هؤلاء يعلمون علوم الأسرار بجزء أو بأكثر أو بكل .
——————–
3
نشوء المنهج العلوي
من الأهمية بمكان أن يعلم كل من يقرأ أن المنهج العلوي كما قلنا سابقاً ليس ديانة مستقلة، و هو ليس مذهباً متكاملاً موضوعاً من الجماعة المؤمنة الأولى . أي أن أبي عبدالله الحسين بن حمدان الخصيبي لم يضع مذهباً متكاملاً دعا إليه الناس للسير عليه . بل وضع أسساً رئيسية إن صح القول و منهجية قرآنية عامة يجوز فيها للمتبحرين في المنهج أن يضيفوا إليها عبر رسائل الحكمة و العرفان . و لقد كان هذا هو سر استمرار الكتب المخطوطة باليد ، و هي رسائل في المنهجية العلوية كان منها العظيم القيم و كان منها الهرطقي ، الذي يخرج عن صحيح الطريق .
كانت بدايات نشوء المنهج في القرن التاسع الميلادي، في قلب المذهب الجعفري الإثنى عشري بعد الغيبة الصغرى للإمام المهدي (ع) حيث اختلف عدد من رجال تلك الفترة في مسألة لطالما تكررت في كل الأديان و المذاهب و المدارس الفكرية ، و هي من هو الأحق بحمل الرسالة ؟ و هو ما عرف ما بين القرن التاسع و العاشر الميلاديين ب ( اختلاف الوكلاء ) أو ( اختلاف السفراء) . و خلال ما يقرب من مئة عام من الزمن و بسبب تراكم الاختلاف و أركانه نشأت مدرستان شيعيتان ، كانت إحدهما قوية بسبب دعم دولة البويهيين الشيعية و كانت تدعى ( مدرسة الظاهر) و الثانية كانت تمارس طقوسها سراً و دعيت
( مدرسة الباطن) و كانت أسباب باطنيتها الأولى الخوف من السياف . و قد أطلقت أيضاً صفتان أو إسمان آخران على هاتين الجماعتين فكانت إحداهما ( المقصرة) و اسمها يأتي من التزامها أو اقتصار عملها على تفسير القرآن و الثانية أسميت ( المفوضة ) و اسمها يأتي من الاعتقاد بأن ( الوكيل ) أو ( السفير ) و لاحقاً أطلقت عليه تسمية ( الباب ) مفوض في القول و التوجيه و شرح و تأويل النصوص، و كأن الإمام حاضر بحضوره .
و من التسميات الأخرى لهؤلاء : ( العارفون ) و قد حاربتهم السلطات البويهية و نكلت بهم ، و فرضت تسميات أخرى بدلاً من هذه و هي ( السفراء ) .
و قد كان محمد بن نصير واحداً من أواخر الباقين من ( العارفين ) حيث أطلقت عليه جماعة من المؤمنين ( باب الله ) ليس لأن الإمام ( هو الله ) بل لأنه باب من أبواب الإيمان بالله . و لكن هنا و من أجل أن يأخذ هذا المقال أو هذا البحث صفة المعاصرة و الراهنية، لابد من شرح الواقع العام للناس في ذلك الوقت ، حيث اشتدت الخلافات بين الفرق و الجماعات الإسلامية ، و اشتدت الصراعات السياسية في الفترة الثالثة للدولة العباسية التي كانت تحكم من الجماعة المنتصرة و على مبدأ المغالبة، و تفرض بعدها قناعاتها الدينية و المذهبية على الناس ! الأمر الذي أدى فيما بعد إلى سقوط الخلافة العباسية نفسها على يد المغول و التتار، و لكن السبب الرئيسي كان ( الفتن الداخلية ) .
نقول هذا لكي يدرك القارىء أنه لايمكن الحكم على ما كان يحصل آنذاك ضمن سيرورة الحياة في ظل الإنقسامات و الحروب و الموت و الفقر بعقلية الراهن التاريخي ! و من المهم الإشارة إلى أن مبدأ ( الدفاع الحربي عن النفس ) لم يكن ليساعد أية جماعة في فكفكة الميثولوجيا الطارئة ، بل كان يكرس هذه الأفكار بقصد شد أزر الجماعة و الدفاع عنها ضد الدم القادم و أنصال السيوف ! و لقد عانت كل بلاد المسلمين بعد أن صار السيف هو
( محور الحياة الأول) و غاب أي ( تلاقح فكري عاقل )، فنشأت أفكار أكلت عقول العامة من البشر و جعلتهم أسرى لقانون البقاء .. ( تماماً كما هو الحال اليوم )، و هكذا و بالترافق مع ( العرفان ) الإلهي الجميل ، المرتبط بالمحبة الصوفية و اليقين بالله سبحانه و تعالى نشأت أيضاً أفكار غير مقبولة .
فهل ادعى محمد بن نصير الألوهية كما يقال عنه ؟
بين أيدينا كتاب ( الهداية الكبرى ) للشيخ ابي عبدالله احمد ابن حمدان الخصيبي، و في هذا الكتاب يقول بأن ابن نصير هو باب الإمام الحسن العسكري ( ع ) . و لأن الأئمة الإثنى عشر معصومين عند الشيعة الإثنى عشرية ، و لهم مكانة عليا فإن للباب ما للإمام .. أما
القول ب ( الألوهية ) فهي مقولة تعاني من أمرين :
الأمر الأول : في ضوء الصراعات العسكرية و الفتن و اعتبار كل مخالف ( عدو الله) من أجل قتله برحى السيف و طاحون الحرب الدائمة ، كان من الضروري وضع عقيدة قتال لقتلهم ، و كان التكفير و إدعاء الشرك و التأليه هو التهمة و العقيدة الحربية . و المنهج العلوي يقوم أصلاً على تنزيه الله عن صفاته ، فلا يستوي هذا مع ذاك .
الأمر الثاني : عانت هذه الجماعة مثل كثير من جماعات المسلمين من الهرطقات التي كانت تظهر بين الحين و الآخر –لا نعتقد بتلقائية الأمر و نراها دسائس مقصودة – فدخلت عليها مخطوطات كتبت بخط اليد ما أنزل الله بها من سلطان ، و خلقت حولها الأقاويل و نسجت الحكايا التي أكلت عقول العامة ، مثل كتيب ( الجفر ) و حكايته ، و مسائل أخرى تمت على يد جماعات ( نظن بأنها دخلت في الإسلام بقصد) هدفت تأجيج الفتن و القضاء من الداخل على الدولة العربية الإسلامية و كان لها ذلك .
من الضروري هنا القول أن المنطقة الممتدة من قلب فارس وصولاً إلى العراق و بلاد الشام ووادي النيل كلها و بعض شمالي افريقيا ، كانت في وقت من الأوقات منطقة فوضى منقطعة النظير ، عانت من غياب الاستقرار و السلطة الضامنة في كثير من الأحيان و في مراحل لاحقة عندما كانت تأتي سلطة استقرار ، ما كانت في المنهج الديني تعود إلى الرسالة المحمدية الأولى و تلغي كل المواريث التي أتت بعد محمد ( ص) بل كانت دول غلبة مذهبية .. فمرة يأتي الفاطميون لاغين السنة و مرة يأتي الأيوبيون لاغين الشيعة ! و و غيرها من الدول فعلت ذات الشيء في زمان الملل و النحل .

هذه يا صاحبي رسالتي الأولى إليك و أسلم

من المنفى السياسي

د. محمد الأحمد