°
, March 19, 2024 in
آخر الأخبار
دراسات اجتماعية

نعوم تشومسكي: 10 استراتيجيات تستعملها الدول للتحكم في الشعوب

قام نعوم تشومسكي الفيلسوف الأمريكي والناشط السياسي المشهور، بتقديم 10 استراتيجيات يستخدمها حُكّام الدول من أجل التحكم والسيطرة بالشعوب عن طريق الإعلام.

يقول نعوم تشومسكي أن هذه الاستراتيجيات منظَّمة بشكل مُتقَن لدرجة أن الدول ذات نظام تعليمي جيد تخضع هي أيضا إلى قوة هذه المافيا التي تسيطر على كل شيء. فصحيح أن كل شيء يظهر في الأخبار لكن القليل من هذه الأخبار يتم شرحه وتفسيره للشعب.

” طالما أن عامة الناس لا يعلمون أو غير مبالين أو تم تحويلهم إلى النزعة الاستهلاكية أو الكراهية والإنشغال بإقصاء بعضهم البعض، عندها يمكن للأقوياء أن يفعلوا ما يحلو لهم، وسوف يُترك أولئك الباقون على قيد الحياة للتفكير في نتائج واقعهم ”

نعوم تشومسكي

إن الهدف من الإعلام ليس هو الإبلاغ أو الإفادة كما يقول معناها الحرفي، بل الهدف هو تضليل الشعب بمعلومات خاطئة للتمكن من صرف انتباهه عن القضايا والتغييرات المهمة التي تقررها النخب السياسية والاقتصادية.

فيما يلي 10 استراتيجيات للتحكم في الشعوب ربما لم تكن تخطر على بالك، أو ربما اعتقدت يوما أن هذه هي حقيقة الإعلام ولا يمكن لأحد التحكم به .

1. استراتيجية الإلهاء

تعتبر استراتيجية الإلهاء من أهم الاستراتيجيات في سياسة التحكم، فهي التي تُلهي وتُلفت اهتمام الشعب عن المشاكل والتغييرات المهمة المقترَحة من طرف السياسيين والاقتصاديين النخب، ويتم ذلك باستعمال تقنيات إغمار واكتساح الإعلام بشكل دائم ومستمر بكل ما يصرف الانتباه وبأي معلومات تافهة ومبتذلة، فيصبح العقل نتيجة لذلك أكثر خضوعاً وأقل ميولاً إلى النقد.

يعتبر الإلهاء استراتيجية أساسية في منع الشعب من الاهتمام بالعلوم، الإقتصاد، علم النفس، علم الأعصاب، علم التحكم الآلي. وليس من الغريب أن نرى أن الإعلام اليوم (يتوتيوب وفايسبوك مثلاً ) أصبح منصة كبيرة لنشر الفضائح وفيديوهات الضحك وحقيقة فلان وكذبة فلان …الخ، بينما لا تَلقَى الفيديوهات والمنشورات التعليمية والتثقيفية أية اهتمام أو تفاعل كبير من طرف العامة.

” أُترك الشعب مشغولاً، مشغولاً، مشغولاً، حتى لا يبقى له وقت للتفكير؛ وأعده إلى القطيع مع باقي الحيوانات ”

مقتبسة من ” أسلحة صامتة من أجل خوض حروب هادئة “

2. اختراع المشاكل وتقديم الحلول

تسمى هذه الطريقة أيضا ” اختراع مشكل > استجابة الشعب للمشكل > تقديم حل”. يقومون باختراع مشكلة أو موقف لإحداث بعض ردود الأفعال لدى العامة، فتصبح هذه العادة هي القاعدة التي عليك أن تَقبَل بها.

مثال: دعنا نعزز العنف، وننظم هجمات دامية، كي نجعل الشعب أكثر تقبلاً للقوانين والسياسات التي تضر بحرياتهم. أو: خلق أزمات اقتصادية من أجل أن يتقبل الشعب – كشر لا بد منه – بإلغاء الحقوق الاجتماعية وتجريد الخدمات العامة.

3. استراتيجية التدرجية

تتحكم التدرجية بالشعب عن طريق جعلهم يَقبَلون اجتماعياً القرارات الظالمة والغير عادلة، ويكمن نجاح هذه الاستراتيجية في القيام بذلك بشكل تدريجي، وبطيء على مر السنين.

مثال: لنقل أن الهدف هو طرد 80 % من عمال يعملون في شركة مشهورة ورفيعة المستوى. لتطبيق استراتيجية التدرج، سيقوم الإعلام بنشر أخبار سلبية عن هذه الشركة: مبيعات منخفضة، سقوط قيمة أسهم الشركة … الخ. وبشكل بطيء، سيتم خلق نوع من الوعي لدى الناس تُجاه هذه الشركة، وسيتم إعدادهم للأخبار الكبيرة (أي طرد 80% من العمال).

لو عَلِموا هؤلاء الناس من البداية بالخبر الكبير دون استخدام استراتيجية التدرج ببطء، ستكون هناك ضجة أو مظاهرة، وبالتالي فدور هذه الاستراتيجية في السياسة، يكمن في منع الشعب من خلق نوع من الوعي الذي سيجعهلم غاضبين عن خبر ما، والذي سيؤدي إلى قيام ثورة.

4. استراتيجية التّبجيل أو التعظيم أو الانصياع

استراتيجية أخرى للتحكم في الشعوب عن طريق الإعلام هي تقديم قرارات غير مرغوبة على أنها ”ضرورية“، “من أجل مستقبل رائع” أو “لصالح الشعب”.

يقومون بجعل الناس يؤمنون بصدقٍ أن تضحياتهم ستقود الأمور بشكل أفضل لاحقًا، لأنه من السهل على الشعب أن يتقبّل تضحية مستقبلية على أن يتقبّل تضحية فورية.

أولا، لأن التدابير لا تتم بشكل فوري، وثانياً لأن الشعب وعامة الناس، يملكون رغبة دائمة في أمل أن “كل شيء سيتحسن في المستقبل” وأن التضحيات المطلوبة منهم يمكن أن تُلغى.

تمنح هذه الاستراتيجية مزيداً من الوقت لدى عامة الناس للتعود على فكرة التغيير وتقبّلها، وبالتالي يعتاد الناس على حياة بائسة ذات جودة متدنية، ثم يتحول اعتقادهم إلى أن هذا أمر طبيعي. وفي الأخير، سيتنازل الشعب عن كل شيء وسيتوقف عن المطالبة بما كان يطالب به في السابق.

5. معاملة الشعب كأنهم أطفال

كلما أراد الإعلام التحكم بالشعوب، كلما تعاملوا مع هذه الشعوب على أنهم أطفال.

يستخدمون حججاً ووعودًا بأغلفة مُغرية كأن الناس عاجزين أو غير ناضجين كفاية للتعامل مع الحقيقة، ويكون الهدف من هذه الاستراتيجية هي جعل الشعب مطيعاً ومذلَّلا وخاضعا لهم، ومنعه من التفكير النقدي كما يفعل أي شخص بالغ.

6. اللجوء إلى العواطف أكثر من العقل

تكون النداءَات العاطفية أقوى بكثير من النداءَات العقيمة والموضوعية. يعلم الإعلام هذا الأمر، ولهذا يستخدمون هذه الاستراتيجية للتحكم بعواطف الشعب.

وإضافة إلى ذلك، فإن اللجوء إلى العواطف يفتح بابا للاوعي ويجعل من الأمر سهلاً لزرع الأفكار، الرغبات، المخاوف والشكوك، الإكراهات، والحث على ممارسة سلوكيات معينة … الخ.

وكما في الاستراتيجيات السابقة، يهدف الإعلام في هذه الاستراتيجية إلى إبقاء الناس بعيدين عن التفكير النقدي، والسيطرة على تفكيرهم.

7. إبقاء الشعب جاهلاً

يُفضِّل الإعلام شعبا جاهلا وغير مثقف، فإبقائهم جاهلين يعطي للإعلام قوة للسيطرة عليهم والتحكم بهم، وهي أيضا استراتيجية تنفع في عدم خلق المتمردين والمناضلين.

تقول الاستراتيجية: يجب على جودة التعليم المُقدَّمة للطبقات الاجتماعية الدنيا أن تكون جودة رديئة وضعيفة بقدر المستطاع وذلك من أجل خلق مسافة بعيدة بين الطبقات الدنيا والطبقات العليا فيما يتعلق بالثقافة والتعليم.

وقد انتقد نعوم تشومسكي هذا النوع من التعليم في العديد من كتبه حيث قال أن التعليم هو نظام من الجهل الإجباري.

8. تشجيع الناس على الرضى عن جهلهم

هذه الاستراتيجية تشبه تقريباً الاستراتيجية السابقة، وتعتبر واحدة من أبرز الاستراتيجيات التي يستخدمها الاعلام في التحكم بالشعوب. هل تعتقد أن المسلسلات المعروضة على شاشات التلفزيون هي ما يريده الشعب حقا ؟ أم أنها مفروضة على الشعب بواسطة الإعلام ؟ بعبارات أخرى، هل حقا نشاهد في التلفاز ما نريد، أم ما يريدوننا أن نشاهد ؟

إن النمط الاستهلاكي والأشياء التافهة تنوّمنا، وبالتالي، فنحن لا نهتم بالأمور المحيطة بنا لأننا منوّمون وجهلاء، كما أن هذه الاستراتيجية تجعل من الشعب مؤمنا بأن الجهل والغباء والأمية هي أشياء عادية، بينما هي في نفس الوقت تخنق الثقافة، العلوم والفن.

9. ترسيخ لوم النفس في عقول الشعب

في الوقت الذي يقوم فيه الإعلام بتشجيعنا على المساهمة في الجهل والرضى عن هذا الجهل، يقوم في نفس الوقت بجعل الفرد يؤمن أنه المسؤول والمُذنِب الوحيد عن جهله وعن مصائبه، وتشكيك الشعب في ذكائه ومجهوداته.

وبالتالي، عوض أن يتمرد الأفراد عن النظام الاقتصادي، سيقومون بإلقاء اللوم على أنفسهم والتقليل من قيمتهم، مما يُولّد حالة من الاكتئاب الغرض منها توقيف الاحتجاجات والمطالبات، وبدون الاحتجاجات فلا وجود للثورة !

” حتى تتمكن من السيطرة على الشعب اجعله يعتقد بأنه هو سبب تخلفه “

نعوم تشومسكي

10. معرفة الشعب أكثر ما يعرفه عن نفسه

من أجل أن تسيطر على الشعب، عليك أن تعلم المزيد عنهم.

خلال الخمسين سنة الماضية، أدّى التطور السريع للعلوم إلى تقليص المسافة بين الطبقات الدنيا والطبقات العليا من ناحية الثقافة، فمع تطور البيولوجيا، علم الأعصاب وعلم النفس، والتطور التكنولوجي أصبح “النظام” قادرا على فهمٍ جيد للبشر وسلوكياتهم، ويُمكّنهم ذلك بمعرفة أشياء لا يمكن للفرد أن يعرفها عن نفسه، وهذا يعني أن في معظم الحالات، لدى النظام قدرة كبيرة للتحكم في الأفراد أكثر ما الأفراد يتحكمون في أنفسهم.

المصدر موقع : فكر حر

https://fikr7or.com/%D9%86%D8%B9%D9%88%D9%85-%D8%AA%D8%B4%D9%88%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%8A-10-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84/