°
, March 28, 2024 in
آخر الأخبار
الصحة والتطوير الذاتي

الاعتناء بالنفس .

ليس من المنطق إهمال النفس عندما نريد معرفة ما حولنا

أفلاطون

منذ القدم , وبرغم كل التأكيدات الديكارتية والمنهجية , يعرف الإنسان أن آلام الجسم مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بآلام الروح .

 

ولكن لا بد من اتخاذ القرارات للتحكم بالأهواء و إيجاد التوازن المطلوب . لذا لا مفر من إعادة بناء وبرمجة الفكر .

إن الاعتناء بالنفس , وبناء علاقة حميمة معها , و احترامها هو واجبنا الأول .

تمنعنا بعض التقاليد ( وخاصة في الغرب , وفي البلدان الغنية ) من إعطاء هذه المفاهيم قيمة إيجابية .إذ يُعدُّ هذا السلوك انطواء على الذات ونرجسية . . . ولكن لدى سقراط ودوجن والمعلم ديكارت وكبار حكماء الهند يُعد الاعتناء بالنفس أمراً إيجابياً , وانطلاقاً من هذه المفاهيم تشكلت أكثر علوم الأخلاق التي عرفها الغرب والشرق زهداً وحزماً ( الأبيقورية , والصوفية , والبوذية والهندوسية . . . ) , بل أكثر علوم الأخلاق انتشاراً في العالم .

الزهد خطوة ضرورية نحو السكينة ومعرفة الذات . إن بذل الجهد بغية التغير يعني قبل كل شيء التحرر . لذا تُعد عدم مطالبة الحياة بالكثير , وتجنب المبالغة , والتواضع قواعد لا بد من الالتزام بها لمن يريد أن يطور نفسه .

يُعد الاهتمام بالنفس في كل الثقافات تجديداً وإصلاحاً مستمراً . إنه يذكرنا أنه لا طائل من الاعتماد على عدد معين من الظواهر مثل الكوارث الطبيعية أو آذى الناس وحماقاتهم . . . بل لا بد من توجيه نحو النظر الأمور العاجلة والمرتبطة بنا ارتباطاً مباشراً .

يمكننا ويجب علينا تحمل مسؤولية أنفسنا , وتطويرها وتحسينها ( تقنيات إنعاش الذاكرة القديمة , ومحاسبة النفس , والتدريب على التضحية والانضباط و ضبط النفس والمحافظة على صحة العقل والجسد . . .) .

لا بد أن تكون النفس الهدف الوحيد الذي لا بد من بلوغه والعمل باستمرار من أجله , وعدم تبديله مع مرور الوقت ووفقاً للظروف . باستطاعتنا أن نتحكم بأنفسنا ونصلحها , ومن ثم بلوغ الكمال .

ولكن يجب أن يكون تدريب النفس متماشياً مع فن الحياة نفسه .

يقول سينيك : ” على المرء أن يحمي نفسه , أن يدافع عنها . ويسلحها ويحترمها ويوقرها ويتمكن منها , ولا يفارقها طرفة عين , وينظم كل حياته حولها .إذ بالاتصال بها يمكنه أن ينعم بالسعادة الأكبر والوحيدة المشروعة والتي تدوم ولا تزول ” .

لقد كتب سينيك إلى لوسيليوس قائلاً : ” إذا كان كل ما أقوم به من عمل يصب في مصلحة شخصي , فذلك لأن ما أعير شخصي من اهتمام يسبق كل شيء ” .

المصدر : كتاب ” فن البساطة “ لـ دومنيك لورو . نقلته إلى العربية د . لينة دعبول . صادر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم .