°
, December 6, 2024 in
آخر الأخبار
الصحة والتطوير الذاتي

الطاقة المستردّة . بيير داكو .

حطّمت رجولة السيد س وشخصيته طفولة سادتها سيطرة أب مستبد . إنه شخص مخنّث ,فاقد الرجولة , مصاب بالحصر , خاضع لكل سلطان , خضوعاً يتصف بالحصر . فهو ” مخصي ” من الناحية النفسية.

يعاني السيد ” س” إذن مشاعر الدونية والإثمية , مشاعر يسقطها على كل سلطان , أياً كان هذا السلطان . فيصبح بالنسبة للسيد س , أباً شديد الخطر ,خصّاء , مُهّدداً , يملك حقّ الحياة والموت .

فلنر السيد س إزاء رئيسه بالمكتب – من المؤكد أن السيد س سيرى هذا الرئيس , وبخاصة إذا كان سلطوياً أو يتظاهر باللطف بصورة شديدة الخطورة , من خلال خوفه العميق . بالتالي , يصبح الرئيس , هو أيضاً , أباً له كل السلطات على طفل أعزل مذعور .

وبما أن السيد س خائف , فإنه يرى رئيسه في المكتب بمظهره الوحيد , مظهر الخطر . إنه يراه بمظهر سلبي يضاف إلى هذا أن السيد س إنما يصلّي لله , طلباً للغفران على وجه الخصوص , لنه يعاني مشاعر الإثمية , وكذلك لـ ” يتكفّل به “, شانه في ذلك دائماً شأن صبي صغير أمام أبيه , أب تم إسقاطه في المطلق . ومن المؤكد أن السيد س لا يثق بالله , ولا بالناس , على حد سواء . . .

لماذا يجمّد الإسقاط على الرئيس بعض الطاقة ؟ لعدة أسباب واضحة جداً . فالسيد س , قبل كل شيء , مصاب بالحصر دائماً . إنه يخاف من رأي رئيسه , ويخشى أدنى نقد , و أوهى تقطيب في الجبين , ويجترّ , خلال ساعات , لوماً يوجّهه رئيسه له .

وما دام السيد س يخاف , فإنه عليه أن يحتمي من خوفه . فهو يحاول أن ينال إعجاب رئيسه , ويبيّن له كم يعمل جيداً , وانه لا يسأم أبداً , ويوافق على كل شيء ( ولو أنه يغتاظ داخلياً ) , إلخ . إن السيد س يحاول إذن أن لا يكون أبداً موضع لوم يوجّهه رئيسه , بما أن لهذا اللوم انعكاسات مغالية تسبّب الحصر , والأرق , والاجترار النفسي , والغضب ” المكظوم ” , واللا أمن , والخوف المبالغ فيه من فقدان مركزه ( ولو أنه ليس ثمة أي خطر ) , الخ .

يضاف إلى هذا أن السيد س يتجنب بأي ثمن أن يكون عدوانياً , ما دام لا يجرؤ أبداً على المعارضة . فإذا ظهرت عدوانيته , بصورة شعورية أو لاشعورية , أحسّ بالذنب . من يقول : إثمية , يقول : حاجة إلى القصاص . والحال أن القصاص لا يأتي أبداً من رئيسه الذي يحب الناس الذين يؤكدون ذاتهم . فعلى السيد س إذن أن يجد قصاصه الخاص : وتلك هي , عندئذ , ضروب التعب المفاجئة , والصداع , وألام المعدة . . .

وثمة , في جميع هذه الآليات , مقدار كبير من الطاقة مجمّد . والواقع أن على السيد س أن يصون واجهته أمام رئيسه وعليه أن يكظم كل شيء , وأن يبدو خلاف ما هو عليه . وأكرّر أن جميع هذا الإسقاطات باهظة الثمن (بالطاقة) .فماذا حدث عندما السيد س احتاز الشعور بما كان يجري في لاشعوره ؟ لقد أدرك السيد س أن كان يعزو بصورة لاشعورية , إلى رئيسه , دوراً مبالغاً فيه , بكل الخوف والمواقف الخاطئة التي كانت تنجم عنه . وأدرك أن رئيسه في المكتب كان رجلاً كغيره من الرجال الآخرين , وليس غير . والسيد س , في هذه الفترة , لم يكن قط بحاجة إلى أن يحتمي عصابياً .وبدلاً من أن يكون كصبي صغير أمام أبيه , أصبح ثانية موظفاً راشداً أمام راشد أخر .

وفي هذه الفترة , تحوّل الوضع المتمثل في ” طفل أمام أبيه ” إلى الوضع المتمثل في ” راشد أمام راشد ” . وزال توتر الشخصية كلها .

وتحرّر جزء من الطاقة فعزّز شخصية السيد س . . . الذي يجرؤ على معارضة رئيسه معارضة طبيعية . وحدث تحرر جديد للطاقة , وتعزيز جديد للشخصية . وكانت الطاقة قد بدأت تنبعث من أعماق اللاشعور لتروي حياة السيد س اليومية , شأنها شأن نبع متجمّع تحت سطح الأرض يشقّ فجأة سطح حقل لا يزال حتى ذلك جافاً , متشقّقاً , ضامراً . وعندئذ ينمو القمح .

مقطع من كتاب ” انتصارات التحليل النفسيلـ بيير داكو ” .” ترجمة وجيه أسعدصادر عن الشركة المتحدة للتوزيع . دمشق سوريا .