°
, March 23, 2025 in
آخر الأخبار
الشــيخ صالح العلي

بعض مما جرى بين سنة 1918 و1943 في الجبل والساحل السوري

دخل الحلفاء مع الجيش العربي – بالأصل هو جيش من مختلف الاثنيات والمذاهب في الهلال الخصيب وشبه الجزيرة العربية – ســــوريــا ولكنهم عمدوا مباشرة الى تنفيذ بنود الاتفاق الخاص بهم حول تقاسم ” تركة الرجل المريض – الدولة العلية العثمانية ” مُخلّين باتفاقهم مع سكان المنطقة في الهلال الخصيب وشبه الجزيرة بقيادة الشريف حسين – شريف مكة . والمعروفة باتفاقيات حسين – مكماهون , خلال أيام تمّ انزال الأعلام الوطنية عن المباني الحكومية ودور السرايا في سوريا من قبل الفرنسيين والإنكليز وعمدت الدولتين الى البدء بتقسيم مناطق النفوذ بينهما ,

بدء الثورة والصراع

قام بعض سكان الساحل السوري بقيادة الشيخ صالح العلي الذي أُنتخب لاحقاً وعبر ” مؤتمر الشيخ بدر ” المنعقد في بلدة الشيخ بدر من 15 إلى 17 كانون ثاني 1918 قائداً عاماً للثورة السورية الأولى ,  وهو الذي كان خلص لتوّه من ثورته الأولى ضد العثمانيين  , و بدأ صراع مسلح ,بالتوازي مع صراع ثقافي بين السوريين في الجبل و الساحل السوري و قوات دولة الانتداب فرنسا , حيث بدأ الصراع الثقافي بقيام دولة الانتداب , باستمالة رجال دين ومراكز ثقل عائلية , وعشائرية , من مختلف الطوائف في الجبل والساحل , كما أنها استحدثت قوى جديدة عبر دعمها لأشخاص غُبّ الطلب , ومن بين وسائل الدعم وقتها التعيين في مواقع المسؤولية ,و في المصالح العامة ودوائر الدولة , دفع مال نقدي , إعطاء رخص إنتاج الفحم , إعطاء رخص قطع أشجار الحراج العامة , وضع رجال دين في موقع الفتوى والأمر الروحي . تقديم خدمات للتعلم داخل سوريا وخارجها , تقديم مساعدات عينية ,  التخصيص ببعض الحرف والصناعات ومجالات العمل الخ … كل ذلك في مجتمع مُنهك لم تبق الدولة العلية العثمانية لديه شيئاً . . .

العامل الديني

في التفاصيل : تتم دعوة رجال الدين من مختلف الطوائف وفي كل طائفة على حدا ,من قبل قادة قوات الانتداب ومن ذلك- على سبيل المثال لا الحصر دعوة الجنرال غورو – بعد قيام الثورة السورية الأولى مباشرة – لرجال الدين المسلمين من الطائفة العلوية في مقره المؤقت في موقع ” جوفين الأرز ” جانب قرية الدالية التابعة لقضاء جبله , حيث تم الحديث – بعد تقديم الطعام – عن الظلم التاريخي الواقع على سكان الجبل والساحل السوري و عن دور فرنسا الانقاذي و أن فرنسا ستكون بمنزلة ” الأم الحنون ” لتأخذهم نحو التطور والحرية . . وتطرق الأمر الى أن تصرّف بعض سكان الجبل والساحل تجاه القوات الفرنسية أمر مستغرب وغير مفهوم . . ,خاصة بما تمثله فرنسا لقيم الحرية والمساواة . . وقد اعتبر الفرنسيون أن الشيخ صالح العلي ومن معه ( كان الفرنسيون قد دعوا الشيخ صالح العلي عقب مؤتمر الشيخ بدر بأيام , الى اجتماع رفض الشيخ حضوره بعد وصول أنباء من قبل عناصر له يستعين بهم في الجاسوسية عن أن اللقاء مكيدة للقبض عليه ) يقومون بأمور تَعُوق حصول سكان الجبل والساحل على الخدمة التي ستقدمها فرنسا للسكان المحليين . . , وقد توصل المجتمعون في نهاية اجتماعهم لعدة توصيات أقسموا على تنفيذها – من ضمنها على سبيل المثال لا الحصر : اعتبار أن الشيخ صالح العلي ” قاطع طريق ” وخارج على ” الدولة ” وعلى ” ولي الأمر ”  و ” عميل للانكليز والعثمانيين “, وأن التعامل معه حرام ومحاربته واجب ديني . . وصدرت فتوى من بعض رجال الدين المجتمعين مع غورو , بضرورة سب الشيخ بالأعياد والمناسبات الدينية والدعاء عليه . كون ذلك واجب ديني . . فهو يزرع الفتنة بين الناس  . . . , وقد استمر أثر هذه الفتوى زمناً ليس بقليل بعد هذا الاجتماع وما زالت  آثاره فاعلة بالوجدان المجتمعي في الجبل والساحل حتى الآن …, وقد عاني الشيخ صالح العلي  كثيراً بإقناع السكان المحليين – الخارجين حديثاً من أربعمائمة سنة ونيف من تحت الاحتلال و الاضطهاد العثماني , والموعودون لتوهم بالحرية والنعيم الإفرانسي لـ فرانسا : ” الأم الحنون “- عاني بإقناعهم بخطورة التحالف أو الإلتحاق بالمشروع الفرنسي و كان يقول في ذلك  ( المستجير بالإفرانسيين للتخلص من العثمانيين كالمستجير من الرمضاء بالنار )  …. جرت اجتماعات أخرى بين الجنرال غورو و رجال دين من الطوائف الأخرى المسلمة والمسيحية تصب في ذات الاتجاه …. على إثر ذلك وغيره ,

الثورة السورية الأولى

استمرت ثورة الشيخ  لثلاث سنوات ونصف السنة وهي أول الثورات السورية وأطولها مدة , تلقّت الدعم من الحكومة الوطنية بدمشق بقيادة الملك فيصل و وزير الدفاع الشهيد يوسف العظمة , ومن دعم ومعونات الداخل السوري والمهجر في الأمريكيتن خاصة العلويين , كما استفادت من تناقض القوى الاستعمارية ” الفرنسية  – التركية  – الانكليزية  “وصراعها على سوريا  , انتهت بعد انفضاض الناس عن الشيخ بسبب حرق القرى والبلدات الموالية له وضربها بالطيران وحرق بيادر المحاصيل ,و رمي المواطنين ممن يُشكُّ بدعمهم أو انخراطهم بالثورة أحياء من أعلى البرج الأبيض في صافيتا…. و الخسائر الكبيرة جرّاء لك , وأصبح استمرار الثورة عبء أكثر منه فرصة للتحرر …وبعد اتفاق القوى الفرنسية والانكليزية والتركية على وأد الثورة , وصدور حكم اعدام بحق الشيخ صالح العلي لينتهي الأمر بتسوية سياسية  قضت بالعفو عن الشيخ  وتسليم نفسه  في مقر الحاكم العسكري في اللاتقية في حزيران  بعد 1922 ووضعه لشبه إقامة جبرية في دراته في الرستي  – الشيخ بدر ,  ليبدأ السوريين في نهاية 1926 بعد انتهاء  الثورة السورية الكبرى والصراع المسلّح, مرحلة الصراع السياسي مع الافرانسيين -على إثر قرار فرنسي يتضمن السماح بتشكيل الأحزاب والجمعيات – وكان الشيخ من ضمنهم فهو من داعمي الكتلة الوطنية السورية  مع شكري بك القوتلي وهاشم بيك الأتاسي الخ , التي كان لها دور  كبير في  اتفاقية 1936  الشهيرة ومن ثم استقلال سوريا …

إنقسام المجتمع

في تلك المرحلة بدأ الانقسام السياسي في مجتمع الجبل والساحل عابر للعائلات والعشائر والطوائف , متمثل بالموقف من الوجود الفرنسي وقد وصل هذا الانقسام لذروته في الموقف من -حكومة اللاذقية – الإنفصالية حيث كان المؤيدون للوحدة السورية موجودون في كل الطوائف والعشائر والعائلات والأسر والمذاهب وكذا المؤيدون للانفصال عن سوريا – , ليصل هذا الانقسام الحاد الى داخل الأسرة الواحدة , فهناك من هو مع دولة الانتداب , وهناك من هو ضدها ومن أنصار الثورة السورية الأولى , يُضاف إليهم عموم الناس هنا ,ممن لا يعتقدون بضرورة القيام بأي فعل لأسباب خاصة بكل منهم  . . ومن المفيد هنا بيان ما ذكره بعض مؤرخي تلك الفترة وهو “محافظ اللاذقية الممتاز”  السيد منير بك الشريف وهو من الطائفة السنية . . .” . .  .وقد جعل الفرنسيون يُمزّقون العلويين , ويُوقعون بين عشيرة وأخرى , وبين عشيرة ورئيسها , فأوجدوا بعض أشخاص في عشيرة ” الخياطين ” يناوئون السيد جابر العباس , وفي ” الحدادين ” ضد رؤسائهم آل الحامد , وفي بني علي قضوا على زعامة آل أبي شلحة , وفي مصياف وقرى المحافظة , خلقوا عشيرة ” النميلاتية ” , مع أنها فرع من ” المتاورة ” والزعامة لآل الهواش , وذلك كي يحدوا من زعامة السيد عزيز الهواش , وفرقوا بين عشائر الكلبية . وخلقوا التنصير في عشيرة الرسالنة (فرع من الكلبية ) في منطقة صافيتا . . . . كما قام الفرنسيون بإدخال مذاهب الكاثوليك الجديدة في الطوائف المسلمة والمسيحية جميعها , وخاصة لدى الطوائف المسيحية الوطنية الشرقية … ” وقد قامت القوى والعائلات من أنصار الثورة السورية الأولى بكل جهد ممكن لمواجهة تلك الحملات من التبشير والشرذمة ( غني عن البيان أن الفرنسيون لم يكونوا يدعون ليسوع المخلص رمز الفداء في التاريخ السوري , وكذا لم يكن السوريون يحاربون يسوع بمحاربتهم التبشير الفرنسي ) فالموضوع برمته سياسي يهدف لتحقيق المصالح  … ” .. ومن هولاء السنيين ، أبناء الطائفة السنية – يقصد ممن حاربوا تفتيت الجبل والساحل والتبشير الفرنسي  وقاموا بالدعوة للوحدة المجتمعية في الجبل والساحل السوري  – … وخاصة آل هارون , وشريتح , ورويحة , والأزهري , والمحمود , وعلي أديب , والدنادشة , وأبوا أن يذعنوا لذلك المستعمر – فرنسا – …. وظلوا هكذا حتى عام 1936 , ثم عام 1939 حتى عام 1943 …… وكان هناك فريق كبير من المسيحيين في كل المناطق بتوجيه من الوطني نيافة المطران اغناطيوس حريكة وخاصة في وادي النصارى ( تلكخ ) بزعامة الدكتور الياس عبيد , ومنهم آل الجرجس , وآل اليازجي , وآل الخوري , وآل بشور , وآل الحلو ( بزعامة السيد جبره ) وآل البيطار , والطيار , وفروع آل جبور , والخوري ( برج صافيتا ) وآل الخوري موسى وابنه المرحوم الأستاذ بولص ديبة , وفي طرطوس الدكتور قيصر محفوظ , ورجال من آل عرنوق , والضيعة , وفي اللاذقية رجال من أسر طيبة معروفة ومنهم السيد حافظ مرقص , والسيد أمين بولص , والسيد عيسى نزهة و . . . . وفي منطقة مصياف الخوري ابراهيم واولاده , وفي بانياس آل ديب . ” … وبين أعوام 1935 – 1939 .. تم العمل – من أجل مكافحة سياسة فرنسا على الصعيد المجتمعي – .. مع السيد جابر العباس , والشيخ صالح العلي , واسماعيل بك الهواش وأولاده , والسيد عبد الحميد الملحم والسيد عبد الحميد عساف , والشيخ منصور العيسى لإعادة كل المتنصرين ……”

….. ” وباعد الفرنسيون بين الشيخ صالح العلي , وبين أصدقائه والعشائر , وأبقوه تحت الرقابة , وصار اجتماعي به سراً وكان همزة الوصل بيننا , آل المحمود – قلعة الخوابي – ولم يكتفوا بما عملوه معه , بل أنهم تدخلوا بمحكمة صلح بانياس وحكموا على الشيخ صالح بالسجن سبعة أيام حكماً غيابياً , بداعي أنه لم يقتلع جذور التبغ ! ! ! . . . ” هذه الحادثة بعد انتهاء الثورة  ودخول السوريين في صراع سياسي مع الافرانسيين بين 1939 – 1943

الشائعات وخرق الثورة

ومن الوسائل التي مارسها الفرنسيون في هذا الصراع نشر الشائعات المتعلقة بمن يستهدفون, ابتداءً من الحياة الخاصة للشخص المستهدف أو العائلة او الجماعة أو الطائفة الخ  . .  الى الموقع العام والدور العام الذي يقوم به المستهدف , ولم يكن هناك حد معين لذلك سواء بمساحة التناول أو بكثرته ونشره , و لا شك أن الشيخ صالح العلي كان هدفاً رئيساً لاشاعات كثيرة  تناولت حياته الشخصية  ودوره  في الشأن العام  . . , فقد كانت حرب ضروس لم تعدم فيها القوات الفرنسية وسيلة من أجل انتصارها , إلا واستخدمتها ومن ذلك قيام جماعات تابعة للفرنسيين بالإغارة على القرى تحت عنوان أنهم مجاهدين تابعين للثورة السورية الأولى ..

فتنة سنية – علوية

ومن ذلك الهجوم على بانياس سنة 1920 ” الهجمة ” والقيام بنهب وقتل في بعض أحياء المدينة وقراها من قبل عناصر تابعة لفرنسا ” السنة بالعموم النسبي بالساحل والجبال كانوا ضد فرانسا وفِي طرطوس وبانياس وقراها كانوا منخرطين بثورة الشيخ صالح العلي ” وهو ما عُرف لاحقاً بـ ” المهاجرة ” فقد تمت عمليات تهجير لكثير من السوريين في تلك المنطقة , وكاد الموضوع يتحول لفتنة طائفية لولا تداركه من قبل العقلاء داخل الطائفتين العلوية والسنية ,من ضمنهم آل المحمود السنة في قلعة الخوابي و آل هارون السنة في اللاذقية وسكان قرى المرقب السنة  ” من الطائفة السنية ” وآل زغيبي قرية قرقفتي , والشيخ صالح العلي وآله وغيرهم ” من الطائفة العلوية  ” و تم شرح الدور الفرنسي وبعض المتحالفين معه من زعامات عشائرية ودينية ,غير أن درء الفتنة لم يمحو آثار تلك الخديعة الفرنسية من النفوس حتى الآن .

فتنة مارونية – سنية

وكذا قام الفرنسيون بمحاولة إحداث فتنة مارونية – سنية في ضهر صفرا وقرى محيطة بها عبر إفتعال خلاف تمّ في موقع ” البيبار ” قرب ضهر صفرا بين مواطنين سوريين أحدهما ماروني متطوع بالجيش الإفرانسي والأخر سني يُدعى محمد عمر مرعي  داعم ومنخرط بثورة الشيخ صالح العلي , وامتد الخلاف ليشمل قرى البساتين والمرقب والبيضة وبالطبع مدينة بانياس  . .,  وهي جميعها قرى من الطائفة السنية داعمة لثورة الشيخ صالح العلي  وأبناؤها منخرطين بكتائب الثورة وعملها العسكري  ،  و تمت المصالحة  بعد جهد من قبل عقلاء الطائفة المارونية والطائفة السنية بوساطة الشيخ صالح العلي  والمجاهد إسبر أغا زغيبي بعد عقد اجتماعات عدة في قرية ” قرقفتي ”  قرية المجاهد إسبر أغا زغيبي ,

فتنة ارثوكسية – سنية

كما أغار مجموعة ممن يدعون الانتماء للثورة السورية التي قادها الزعيم ابراهيم هنانو على قرية “السقيلبية ” المسيحية لإحداث فتنة مسيحية سنية كادت تحصل, لولا تدخل المجاهد ابراهيم هنانو والشيخ صالح العلي شخصياً لحل الموضوع , حيث تبين قيام مجموعة من “العثمانيين ” المبعوثين من تركيا لقتل ” الكفار ” تحت عنوان دعم الثورة السورية – قد تمت معرفتهم بالاسم – وبتواطؤ من الجيش الفرنسي الذي سهّل لهم بشكل خفي دخول السقيلبية  سنة 1920 ونهبها ولصق الأمر بالمجاهدين السوريين أنصار الزعيم إبراهيم هنانو وثورة الشمال  ,

فتنة  اسماعيلية- اسماعيلية , و سنية – اسماعيلية

قام الفرنسيون بنصب بعض مدافعهم داخل قرى اسماعيلية وانطلقت بعض وحداتهم منها  كقرية ” عقر زيتي ” وغيرها لضرب قرى سنية أو علوية  محيطة ” قلعة الخوابي وزمرين السنية  وقرى الشيخ بدر ومحيطها العلوية ” مستفيدة من علاقاتها مع بعض وجهاء تلك القرى  الاسماعيلية ، التابعين للأغا خان مما أدى الى تبادل  إطلاق نار وهجوم بين سكان تلك القرى نتج عنه ضحايا  وحرق وتهجير ..

استحضرت  قضايا  ثأرية لم تمض عليها سنوات,  عندما قدم ” أغا خان  ”  من الهند عبر فارس – ايران  بدعم من حلفائه الانكليز وتنسيق معهم ,ببداية القرن العشرين لدى قرب انهيار السلطنة العثمانية وكذا الحرب العالمية  الأولى وتسارع القوى الفاعلة لتقاسم ” تركة الرجل المريض ” …, موعوداً من الانكليز بإمارة له , تمتد من ” نهر الاسماعيلية” الى البحر عبر طرطوس , حيث بمجرد قدومه بدأ صراعه أنصاره  الجُدد من الاسماعيلية , مع اسماعليون أخرون يقودهم وجهاء الطائفة الاسماعلية التقليديون , الذين راؤوا فيه شخص غريب يريد تسخير ” اسماعيلية “سوريا لمصلحته ,بمعاونة الانكليز ويُشكل خطر على مصالحهم ومصالح ” الاسماعيلية المحلية ” .و كانت غلبة “أغا خان” على الوجهاء بسبب دعم الانكليز  وقوته المالية  الكبيرة في مجتمع  اسماعيلي فقير عاني من الاقطاع  الموجود في المنطقة لتنتهي الفتنه الاسماعيلية – الاسماعيلية ظاهراً – على الأقل – من حيث الصراع المُسلًح .  تعاون الوجهاء الاسماعيليون مع وجهاء سنة وعلويين لمقاومة الوافد الجديد  , حيث يجمع بعض وجهاء الاسماعيلية مع بعض الوجهاء العلويين والسنة الجيرة والموقف السياسي وكذلك النسب لآل البيت عبر الفاطميين .. ومن الحوادث التي أدّت الى فتنة سنية – اسماعيلية  حادثة أولى  يمكن توثيقها  .يُعتقد أنها كانت 1907 ,حيث قام أنصار الأغا خان  ” الأغا خانية ” بالجمهرة الاحتفالية على تخوم قرية “قلعة الخوابي ” سكانها من الطائفة السنية هاتفين باسم ” أغا خان” أميراً للامارة الموعودة ….- وبحادثة لا يُوثّق أحد في حينه إذا كانت عفوية أم مفتعلة – تم احتكاك وتلاسن بين المتجمهرين الاسماعيلية “الأغاخانية ” وسكان قرية  “قلعة الخوابي” السنة ,حول الموقف من الشعارات المُردّدة من قبل أنصار الأغا خان ,خاصة أن الإمارة الموعودة ستضم قرى ومناطق سنية فيما لو نُفّذت …

تلاسن وعياط وصراخ… أدى الى اشتباك بالأيدي والعصي تطور لاستخدام بعض السلاح القليل الموجود بحوزة أنصار الأغاخانية وسنة القرية .. على إثره تم اقتحام” قلعة الخوابي” السنية وحرقها  , مما استدعى طلب سكان القلعة للنجدة من أقربائهم السنة في قرية ” زمرين “- ولدى تدخل هؤلاء ولتركهم قريتهم وهجومهم على بعض القرى التي توالي “أغا  “في طريقهم – تم الهجوم على ” زمرين ” وهي قرية سنية . الهجوم من قِبل أنصار “أغا خان” وحرقها كاملة ،بسبب ذلك بقي سكان قرية ” قلعة الخوابي ” ثلاث أشهر خارج قريتهم ,وسكان قرية  “زمرين “ستة أشهر توزعوا فيها على بيوت الوجهاء السنة والعلويين والاسماعيلية التقليديون المناوئون لـ”أغا خان” ومن ضمن بيوت الوجهاء هؤلاء بيوت أسرة الشيخ صالح العلي … الى أن تمكّن سكان القريتين السنيتينن من العودة الى قريتيهم  بعد إعمارها  بمساعدة من هؤلاء الوجهاء ودعمهم خاصة الشيخ صالح العلي  … وهذا كان سبب التحاق هذه القرى السنية لاحقاً لثورة الشيخ صالح العلي ، بل أصبح ابن قلعة الخوابي عبد الرزاق  بيك المحمود ، وهو شخصية سنية معروفة ،سكرتير ثورة الشيخ صالح العلي  .

فتنة علوية – اسماعيلية

وكذا الأمر تم افتعال فتن بين قرى علوية واسماعيلية ,سقط جرائها قتلى من كلا الطرفين , ومن أشهر تلك الحوادث الهجوم من قبل بعض الأشخاص المُضللين على بلدة قدموس- بعد قصف الافرانسيين للقرى المُحيطة من مرابض المدفعية  التي نصبوها في أعلى القلعة – وهي بلدة خليط من الاسماعيليين والعلويين وبعض ممن تسننوا  , جراؤه تم تهجير قسم من الاسماعيليين الى مدينة سلمية وغيرها ,ولولا تدخل بعض العقلاء من الطائفة العلوية والاسماعيلية من الأمراء الاسماعيليين … و الشيخ صالح العلي وآله وآل حرفوش وآل الهواش العلويين وبيان دور فرانسا الفتنوي  والتضليل الذي تم  . . .لما بقي أحد من الاسماعيليين  أو غيرهم في قدموس وهو تدخل – وإن أطفأ الحرب المذهبية – لكنه لم يصل لدرجة إقناع كلا الطرفين بواقع الأحداث وما زالت آثار ذلك فاعلة حتى الآن . عند تلقي الشيخ الخبر بهجوم بعض المضللين – المدفوعين من قبل الحامية الإفرنسية في قدموس بعث من فوره رسائل إلى وجهاء الطائفة الاسماعيلية الكريمة – بعض الرسائل موجودة حتى تاريخه بحوزة بعض هذه العائلات الاسماعيلية  -من بينها رسالة إلى الأمير تامر العلي – وهو أمر مذكور من قبل ولده الدكتور عارف تامر العلي برسالة إلى النائب عبد اللطيف اليونس – نائب سابق في البرلمان السوري -الذي نشرها بدوره في مذكراته- ( ذَكر الأمير الاسماعيلي  أسماء الأشخاص الذين هجموا على بلدة القدموس  متذرعين أنهم  ” ثوار ” وبدعم وتدبير فرنسي وقد ذكر أسماؤهم الثلاثية من قبله وقال لا علاقة للشيخ صالح العلي بهذا الأمر وأن الأمر كان لاجراء فتنة طائفية بين العلويين والاسماعيليين ) الذي استجاب لدعوة الشيخ  صالح العلي والتقى معه في قرية عين قضيب وطلب الشيخ صالح العلي من المير تامر العلي التعاون مع الوجهاء الأخرين لارجاع من هجر من الاسماعليين فأعتبر الأمير أن ذلك غير ممكن لأن بعضهم أصبح بعيد جداً وبعضهم غير مطمئن إلى العودة واتفق بينهما على حماية المتبقين من الاسماعليين داخل قدموس ( حيث مثلاً هناك عائلات كاملة هُجّر بعض أبناءها جرّاء الهجوم المفتعل  الى مصياف و غيرها وبقي أبناءها الأخرين داخل القدموس عند وقف الفتنة من قبل  وجهاء الطرفين خاصة  الأمير العلي والشيخ صالح العلي ) وفعلا نفذ الأمر وما زال أحفاد هؤلاء إلى الآن في قدموس مع بقية العلويين أبناء مدينة واحدة.

تشكيل فرق للقتل والسلب

وقد قامت فرنسا بتشكيل مجموعات مسلحة من الفقراء ومن المجرمين والمرتزقة  , مجموعات غير نظامية تعمل تحت غطاء أنها قوات تابعة للثورة السورية الأولى , مهمتها زرع الفتنة  الطائفية والمجتمعية وزعزعة ثقة  السوريين بالثورة السورية الأولى ,حيث كانت تُغير على القرى المعزولة او المختلطة أو المتجاورة طائفياً لخلق الفتنة الطائفية , كما تقوم بالقتل والنهب وسرقة المحاصيل  وتدمير الممتلكات  أو سرقتها  …

تغيٌّر في البنى المجتمعية وصراع جديد

كما بدأ صراع فرنسي ـ إنكليزي تجلّى بدعم كل طرف لرجال دين وزعامات عشائرية ورجال فتوى. . . , وتشكّلت جراء هذه الأوضاع الصعبة موجات من الهجرة سواء داخل البلاد أو الى خارجها , وتم استقدام عائلات ووضع النفوذ بيدها كما تم نهب الأثار وسرقة العملة الذهبية السورية , وسرقة محصول الدخان السوري وبيعه لشركات تصنيع فرنسية , ونشوء عائلات جديدة على مذهب ديني مختلف ,و تحول كثير من السوريين في الجبل والساحل السوري الى دين أخر أو طائفة أخرى , تبعاً لعوامل متعددة , الارادة الشخصية ,  الترغيب بالمال , البحث عن مكان أفضل , البحث عن دور أفضل بالحياة  , الخوف , النجاة من الموت .. الخ  فقد تحولت عائلات علوية كاملة ,أو بعض أفراد منها  الى المسيحية ,وبعضها الأخر الى الطائفة السنية وبعضت العائلات إنشقت لنصفين في تبني مذهب أو دين معين  , وكذا الأمر تحولت عائلات إسماعيلية كاملة الى المذهب السني وبعضها الى التشيّع أو إلى الطائفة العلوية إضافة الى الانشقاقات داخل الطائفتين العلوية – نشوء المذهب المرشدي- والاسماعيلية بخاصة ,عبر فتاوى واجتهادات تداخل فيها الداخلي والخارجي ,المتعمد , والحادث بالتداعي …, كما أعلنت بعض الأسر والعائلات – السنية – كاملة أو بعض الأفراد منها أمام المحاكم الفرنسية في طرطوس واللاتقية  اعتناقها للمسيحية بعد أن تحولت إليها , كما أن كثير من السوريين أبناء الطوائف المسحية الشرقية تحولت الى الكاثوليكية عبر المذاهب التي أتى بها الفرنسيون , كما أن بعض الكاثوليك القديم تحول الى هذه المذاهب الجديدة … في عملية تحول اجتماعي ما زالت تداعياته فاعلة حتى الآن . و هذه التحولات لم تكن نهائية سواء على الصعيد الشخصي أو الأسري أو العائلي أو الطائفي بل خاضعة لتقلبات عدة وتبعاً لظروف الشخص والزمان والمكان . فأصبحت سـوريـا حينها ساحة صراع  فرنسي – إنكليزي – تركي  الخ . . ولكل طرف  متحالفين معه من الداخل يختلفون على الحصص ويتفقون على سرقة وتدمير سوريا .

الصراع بين الإقطاع والفلاحين , و القوى القديمة مع القوى الجديدة

 كما جرى انتفاضة من الفلاحين  ضد الإقطاع  المازال قائم ,الحامل أفراده ألقاب إجتماعية  من الدولة العلية العثمانية الراحلة ” بيك , باشا , مير ,  شيخ , أغا ” الخ حيث  كان هؤلاء من مختلف الطوائف وإن كان عددهم  الأكبر في الطائفة السنية  وكان الفلاحين لديهم أيضاً من مختلف الانتماء الطائفي  حسب طبيعية المنطقة الخاصة بالاقطاعي, فقد يكونوا فلاحين علويين أو اسماعيلين أو سنيين أو مسيحيين ,وقد جرت أحداث مدمرة تحت هذه الخلفية في عموم  الساحل والجبل , كما حدثت حوادث كثيرة بين القرى المنتشرة في الجبل والساحل من أصول  كردية  وتوركمانية  ذهب ضحيتها  العشرات  , وكذلك من فلاحين في هذه القرى ضد إقطاعي من خلفية إثنية أخرى وهو بدوره أستعان بأخرين . وكذا بين  جماعات قديمة  مرتبطة بالعثمانيين  وجديدة  قيد التشكّل مدعومة فرنسياً…

مستوى من الصراع

قام الفرنسيون في سبيل تدعيم وجودهم وترغيب الناس بهم  بتأسيس مدراس ودور رعاية الخ … وبالمقابل قام الشيخ صالح العلي و غيره بتشجيع  نظام ” العونة ” وهو نوع من التكافل الاجتماعي الموجود في الجبل , كما قام وبالتعاون مع عائلات من الجبل والساحل خاصة أسر ” الهوّاش ” مصياف وصافيتا و ” حرفوش ” قرية المقرمدة والمنتشرة بسائر الجبل والساحل وآل ” الشيخ علي عيد ” المنتشرة في جبله .. الخ بإنشاء مدارس تعطي دروس في اللغة ومبادىء الحساب والعلوم وتدريس المذهب الاسلامي العلوي الجعفري كما أسس الشيخ صالح العلي مدارس في قرى الشيخ بدر وكاف الجاع و الخ .. وأسس دار للأيتام جمع فيه أيتام الحرب خاصة في دار أيتام بناه وصرف عليه من ماله الخاص حتى وفاته وبنى مسجداً في بلدة الشيخ بدر وشرع بتأسيس مدرسة متوسطة هناك لتدريس المواد العلمية والدينية , و وافاه الأجل قبل إتمام تلك المدرسة ولدى بدئه بالأساس . . .

المصادر ” كتاب ” المسلمون العلويون من هم ؟ وأين هم ؟ ” للسيد محافظ اللاذقية الممتاز منير بك الشريف >صادر عن المطبعة العمومية في دمشق 1960 . وكتاب ” العلويون ودولتهم المستقلة ” للأستاذ محمد الهواش . الناشر : الدكتور غسان الهواش  , وكتاب  ” نار . . وغار ”  ثورة صالح العلي  . وقائع  ووثائق  . الباحث عزت دلاّ الصادر في 1992.ومصادر أخرى وما هو معروف من قبل كثيرين معرفة مباشرة أو بالتداول , سواء في الجبل والساحل السوري أو عموم سوريا . .