°
, April 18, 2024 in
آخر الأخبار
عيـســـى ابــراهـيـم

مكتوب

بسم الله الرحمن الرحيم

إنا لله وإنا إليه راجعون عزيزتي . عزيزي

عزيزي السيد قيس سلام الله عليكم ورحمته ورضوانه وبركاته

 

في أمسية من أمسيات الخريف والشمس تهرب بدفئها من زواحف البرد القارس وذلك لأول مرة من هذا العام والناس متلهفة لمطرٍ يروي آمالهم العطشى وأنا أعتمد الحوض أمام البيت بذراعي اليسرى وعيني تُراقب المارة وخاصة التلاميذ وقد رجعوا من المدرسة زرافات ووحدانا وتلك ” الحقائب ” الأواعي ” بأيمانهم حقائب فيها الغد المختبئ ” وإذا ” بأمل ” تنفرد من بينهم وعلى وجهها بسمة بريئة طهرها الحب الخالص لمن تحمل منه وعنه مظروف منمق الحواشي لا تعلم ما فيه سوى أنه يحمل خبراً عن من تُحب وهو البعيد عن عينيها وبلهفة هذا الوامق ناولتني إياه فبادلتها بسمة ببسمة ولهفة استطلاع بلهفة . . ألقي إلي كتاب كريم . إنه من سليماني ” وإنه بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعرفه عن شاب أديب يبالغ في تجلتي عندما يكتب لي بارك الله في أدبه وعمره وكم سررت والكتاب في يدي لعلمي أنه لا يحمل إلا ما يسرني ( أو لظني ) فما أن وصلت إلى الخط العاشر منه حتى نسيت ما غمرني من سرور وأشتد إنقباطي وتماسكت حتى دخلت البيت فجلست وأكملت قراءة الكتاب بين دموع ليست غزيرة ولكنّها نديّة وبكيئة , حتماً كان ذلك النبأ شديد على أم حسان ومن يعي من أولادها وبالصدفة جاءت أم أحمد عشاء لغرضٍ ما فداورتها حديثاً أخبرتها بعده بالنبأ فتململت وقالت إنني علمت ذلك منذ مدة وكانت ذلك بمثابة صدمةٍ ثانية بالنسبة لي فأسترجعت قولي . لا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون

عظّم الله أجركم يا أحبتي وعوّض الله عليكم ما هو أهله وليس على الله شيء بعزيز ورحم الله طفلتكم الحبيبة التي كنت أتمنى أن أراها بعيني كما أتصورها الآن أمامي طفلة سمراء بدينة واسعة العينين صغيرة الفم طويلة الأنف طاهرة البسمة .

آمل أن تكون لولا عند حسن ظني بها من حسن الصبر وإن كان البعد والغربة يُضفيان على المصيبة ألاماً تتنزى . ومن لم يصبر صبر الكرام يسلو سلوّ البهائم فاصبري يا ابتني صبر الكرام والله يُعوضك خيراً وهو سميع مجيب .

وكم كان عزائي جميلاً عندما ذكرت لي بكتابك عن مواساة السوريين الكُثر وخاصة من خصصت منهم بالذكر الأستاذ عبد الكريم عواد فجزاهم الله خير الجزاء ولا زالت ديارهم تطفح بالمسرات وهو خير مسؤول .

أما ما ذكرت من قلة بركة عامك الجديد وشدة ضيقه وذلك بالنسبة لعامك الفائت وخاصة كثرة الأساتذة , فهذا يا أخي كله ثانوي بالنسبة لما عند الله الرازق , فأحمد الله على كل حال وأذكر ما قيل , ما كل ما فوق البسيطة كافياً وإذا قنعت فكل شيء كاف , وإن بلاداً أبعدتك لهي جديرة أن تضمك بحنوٍ ومادة فيهما كفاف العيش وسر الحال ومن كان رزقه على الله فلا يحزن .

نحن جميعا والحمد لله بخير وعافية وبركة عامنا خير من أعوامنا الثلاث السابقة والمطر عندنا كان حتى قبل وصول كتابكم قليل جداً وإن إخوتك يا لولا فردا فرداً بخير وحزّ في نفوسنا جميعاً فقدان ” سمر ” فاصبري يا بنيتي وما صبرك إلا بالله وعملنا يا ابنتي محصور بالزراعة وما يتفرع عنها . وأخوك ابراهيم دخل الكلية الحربية بحمص منذ أول شهر تشرين ثاني وأخوك لبيد يعاود صفه التاسع ونرجو له النجاح وحسان في تسرعه واندفاع شبابه ونزقه حسنٌ في درسه وإن كان شرساً في أخلاقه وعشرته خاصة ” عائلياً” وأختك ربى منذ شهر عند أختها تباشير لتُعينها وهي في شهرها التاسع وبيت أحمد وعبد الكريم وأم منار وأم وعد وأم ياسر وأم أيمن هم وأولادهم وأصحابهم بألف خير مادياً وصحياً

قبلات على وجنتيك يا لولا وقبِّلي وجنات رنده واسلما لي بخير إنشالله

لك يا أخي قيس عاطر التحايا ووافر السلام ولمن تحب .

أعذروني على تقصيري لقلة مكاتبكم . والكريم من عذر

13 /12/1971 واسلم لعمكم ” التوقيع “

مكتوب من بيي محمد عيسى ابراهيم لخيتي لولا ولزوجها صهري قيس عباس رداً على مكتوبهما له عندما كنا نسكن عند جسر السخابة . جبلة و كانا في مدينة وهران في الجزائر .

موجهاً الآن عزائي للأعزاء علا ومجد وظمياء ولاد خيي المرحوم أحمد بوفاة أمهم مرت خيي السيدة منيرة يوسف أم المجد العزيزة رحمه الله آملاً لها مستوى أخر من الحياة يليق بها .