°
, April 19, 2024 in
آخر الأخبار
ثقافة

الشاعر “عماد الجنيدي” آخر الصعاليك – لينا يوسف

صورة ذلك الوجه تأخذ عينيك بعيداً في الجمال والطموح والمستقبل الهادئ، ولا تشي أبداً بطفولة مشردة أو مستقبل متمرد، في حين أن صاحب ذلك الوجه يذهب وجهه بعينيك بعيداً في البؤس والتشرد والاملاق والوحدة والاختلاف، ذلك المتصعلك الضليل، المعجون بالخمرة، وحب الأطفال وكره العقلاء المتبلدين.

تكبير الصورة

 

 

 

 

 

بتاريخ 23/11/2008 كان لموقعنا حديث مع الشاعر “عماد الجنيدي” ذلك الرافض العنيد والخارج على قوانين كل

شيء، من هو “عماد الجنيدي” وأين أصبح.. قال: «لا كلام لي؛ هي ذي مجموعتي “قميص الخراب” تنبئكم بكل شيء».

وتابع: «ولدت في إحدى قرى الساحل السوري في “بيت ياشوط” وفي حارة داخلة عمقاً في الوادي الغربي الجنوبي منها تسمى “حق العنز”، عبّأت في جوفي بئر خمر وعلى مدى ستين عاماً ونيف، وككل أطفال ريفنا البائس نشأت نشأة بائسة، وخرجت إلى الحياة فانتسبت لدار المعلمين وتخرجت منه لأعمل مدرسا في “البوكمال”، ومن بعدها عملت في مجال الصحافة، وندبت إلى جريدة “الثورة” ونشرت فيها مقالات كثيرة وأول قصيدة نشرتها كانت في جريدة “الثورة” بعنوان “الضياع ورحلة الضجر” كتبت فيها: «لو أثمر السفر، لو عادت الأوراق للشجر، وجمّرت مواقد الفجر، وهلّلوا السندباد استقر، ورفرفت على وجوه المرايا أسرار رحلة الضجر، ما كان ينتهي الضجر، لأننا يولد في نفوسنا الضجر».

أما عن حياته المعجونة بالنبيذ والجنون قال: «هذا ما قرّه عقلي، لدي قصيدة عنوانها “شاشة للجنون والنبيذ”، فالجنون مهرب اجتماعي والنبيذ مهرب روحي شخصاني».

كتب “الجنيدي” قصيدة بعنوان “عرق” قال

تكبير الصورة

فيها:

مرّت فتاة الحبّ لابسة فساتين الإثارة

كنت والاصحاب نسكر في طريق البحر

فارتعشت وأزعجها الصخب

قالت: أحبك صاحيا تأتي وتفعل ما تشاء

أراك أريك.. ما يسليك.. ما يحييك.. ما ينسيك

قلت: إذاً سلاماً يا سلافة

فأنا اتحدّت بشقوتي ورؤياي

أصحابي قطيع المفردات وكل قطعان النّوب

أخبرنا “الجنيدي” عن مجموعاته الأدبية قائلاً: «هناك ديوان “صور السهل الأزرق” الصادر عن اتحاد كتاب العرب وفي هذا الديوان نشرت مجموعة قصائد “حزني أعمق بحر في العالم” و”صور السهل الأزرق” و”هناك بروق لها ريش القنافس”، وأجهز حالياً لرواية ما زالت في الأدراج قيد الطباعة بعنوان “قرمادياً” وتتحدث عن قصة جبلية صراعية بين الخير والشر والاستبداد وحلم العدالة».

وتابع: «كما إنني أجهز لرواية رمزية “الهوب هوب” ذلك الباص الذي كان يقل الناس الى “دمشق” وها هو الآن مرمي على شاطىء البحر غادروه ليقودوا سياراتهم الفخمة، كما إنني أكتب مجموعة شعرية لم تنته بعد، ولدي 50 مسرحية شعرية للأطفال وهي عبارة عن قصص تنمّي خيالهم العلمي».

أما عن رأيه بالقصيدة الحديثة وخصوصيته بالشعر فقال: «أكثر ما يتجلى في المنطقة الساحلية في سورية

تكبير الصورة

هو موضوع الابداع، ولكن أتمنى من الجيل الجديد أن يتجاوز موضوع الحداثة، قد يكون التقليد قد سيطر على معظم شعرائنا الجدد، فأنا أرى بالشاعر “أدونيس” ذروة الحداثة».

وأضاف: «وشعري يتقارب مع الشعر العمودي، وباعتقادي أن “بدوي الجبل” لا يقل أهمية عن “أحمد شوقي” و”خليل مطران” و”ونزار قباني” لأنه أهم شاعر من رواد الكلاسيكية الجديدة».

كان يرى المكان بأنه: «فجوات عبر هذا الأزرق أو جبرية الإقامة أو غابة كشفت عن عجيزتها أو بلاد وشعب وأسماء ترهقني».

والمكان الوحيد الذي يحبه هو البحر: «ها هو البحر فلينته ما عداه، والمكان امرأة أفلحها كأرض جرداء، وفي المكان أتدحرج ومعي الأسماء، والمكان زنزانة باردة، سنديان شاهق القامة، آس صعب الانكسار».

ويتساءل “عماد”: «مالي خسرت المكان، لا موطئ قدم لرجلي العارية حتى القبر الكبير الذي يتسع لكم جميعاً يرفض أن يتقبلني».

ويتساءل أيضاً: «ما لهذه الأرض الجميلة لا تنبت إلا الأنصال؟ ما للمقبرة صارت تضيق بعدد القتلى؟ والمكان مصعد غصَّ بالأدعياء ونبض الخبر لأول مرة في قتل شجرة التين».

أما الزمان: «فهو زمنٌ من رجل وقملٍ ولا شيء، والزمان وحش عازل معزول، أو الزمن بيننا مرسى متين».

تكبير الصورة

في مكان كهذا المكان وزمان كهذا الزمان وأشخاص كهؤلاء كما يقول: «كيف الإقامة، وإلى أين الرحيل» ويصرخ: «صب صب ياصاح حتى الغياب».

وهكذا يصبح اختباؤه وراء كأس العرق أمراً محتماً؛ وتنغلق أمامه الحياة وينغلق العالم ويقول: «لا أحد يصغي أو يسمع فمن يعصني إلا كأسي وبرق مخيلتي».

ويقف وحيداً معلقاً في فراغ روحه وأحواله: «أقف بلا اسم أتدحرج ومعي الاسماء».

وبقي لسانه يهذي وذاكرته تسترجع، وقلمه يسيل، وكأسه يشرق وعقله يتشظى، غير عابئ إلا بكأسه وجحيمه الداخلي الأسود البارد والأبيض الحار.

 

المصدر : http://esyria.sy