°
, April 28, 2024 in
آخر الأخبار
ثقافة

المحبة

 

 

جـــــبــران خــــلــيــل جــــبــران

إذا أومت إليكم المحبة فاتبعوها,وان كانت مسالكها منحدره..

إذا ضمتكم بجناحيها فأطيعوها,وان جرحكم السيف المستور بين ريشها..

إذا المحبة خاطبتكم فصدقوها, وان عطل صوتها أحلامكم وبددها كما تجعل الريح الشمالية البستان قاعا صفصفا…

*****

لأنه كما أن المحبة تكللكم,فهي أيضا تصلبكم..

وكما تعمل على نموكم,هكذا تعلمكم وتستأصل الفاسد منكم..

وكما ترتفع إلى أعلى شجرة حياتكم فتعانق أغصانها اللطيفة المرتعشة أمام وجه الشمس,هكذا تنحدر إلى جذورها الملتصقة بالتراب وتهزها في سكينة الليل..

****

المحبة تضمكم إلى قلبها كأغمار حنطه.

المحبة على بيادرها تدرسكم لتظهر عريكم.

المحبة تغربلكم لتحرركم من قشوركم.

المحبة تطحنكم فتجعلكم كالثلج أنقياء.

المحبة تعجنكم بدموعها حتى تلينوا,ثم تعدكم لنارها المقدسة لكي تصيروا خبزا مقدسا يقرب إلى مائدة الرب المقدسة…

كل هذا تصنعه بكم لكي تدركوا أسرار قلوبكم , فتصبحوا بهذا الإدراك جزءا من قلب الحياة..

غير إنكم إذا خفتم وقصرتم سعيكم على الطمأنينة واللذة في المحبة,فالأجدر بكم أن تستروا عريكم وتخرجوا من بيدر المحبة إلى العالم البعيد حيثما تضحكون,ولكن ليس كل ضحككم.. وتبكون ولكن ليس كل ما في مآقيكم من الدموع..

المحبة لا تعطي إلا ذاتها,المحبة لا تأخذ إلا من ذاتها.

لا تملك المحبة شيئا , ولا تريد أن أحد يملكها..

لان المحبة مكتفيه بالمحبة

********

أما أنت إذا أحببت فلا تقل : إن الله في قلبي بل قل بالأحرى أنا في قلب الله

ولا يخطر لك البتة انك تستطيع أن تتسلط على مسالك المحبة ,لان المحبة إن رأت فيك استحقاقا لنعمتها,تتسلط هي على مسالكك..

والمحبة لا رغبة لها إلا في أن تكمل نفسها..

ولكن إذا أحببت,. وكان لابد من أن تكون لك رغبات خاصة بك, فلتكن هذه رغباتك:

أن تذوب وتكون كجدول متدفق يشنق آذان الليل بأنغامه..

أن تخبر الآلام التي في العطف المتناهي..

أن يجرحك إدراكك الحقيقي للمحبة في حبة قلبك, وان تنزف دماؤك وأنت راض مغتبط..

أن تنهض عند الفجر بقلب مجنح خفوق, فتؤدي واجب الشكر ملتمسا يوم محبه أخر..

أن تستريح عند الظهيرة وتناجي نفسك بوجد المحبة..

أن تعود مساء إلى منزلك شاكرا:

فتنام حينئذ والصلاة لأجل من أحببت تتردد في قلبك, وأنشودة الحمد والثناء مرتسمة على شفتيك…

من : سوسن .