°
, April 25, 2024 in
آخر الأخبار
ثقافة

هل أعود – راغده خوري

في رأس كل منا حيّز صغير تتوضع فيه الذاكرة … نحشوه بأحداث مرّت معنا وبأخرى أمامنا ونستعمل في حشوه آذاننا فنضيف إليه ما نسمع به من أخبار , ونزيد عليه ما نسمع من أحاديث لنسترجعه بإرادتنا طائعين …أو غصبا عنا مجبرين.

هذا هو الإنسان العادي والذي يدعى بالطبيعي . ولكن الطبيعة بحد ذاتها تفرد في بعض الأحيان نمازج غريبة ندعوها نحن ” غير الطبيعية ” ونتفنن في تحديدها بأسماء مختلفة : العبقرية … الجنون … القوى الخارقة … الخ .

حالتي تختلف تماماً عن كل التسميات ولو أنها تقع حتماً ضمن تفرد الصفات . فكل حدث يمر أمامي يرميني في نفق الزمان أسبح فيه عائداً إلى ماضٍ لا أدري إن كان قد سبق وعشت فيه … أو شاهدت صوراً أو مصورات عنه . فالمشاهد والشواهد تتوالى في ذاكرتي حية وقوية لدرجة لا أستطيع معها إلا أن أعيش المفارقة , فأقوم رغما عني بالمقارنة .

بدأ الحدث يتوضح ويتفجر لحظة انفجرت تلك الصرخة الاستغرابية وأنا ما زالت في الابتدائية من معلمتي وهي تحمل بيدها أولى محاولاتي في الرسم , وكانت أولى وظائفي المدرسية .

عند هذا الانفجار عرفت بأني شخص غير عادي … وبأن الذي حدث ويحدث غير اعتيادي .

أخذت معلمتي الرسم ونادت زميلاتها … ومن لحظتها بدأ الهمس والغمز .

 

من رواية ” هل أعود ” للروائية السورية راغده خوري .