°
, December 8, 2024 in
آخر الأخبار
عيـســـى ابــراهـيـم

هاجس المعرفة

أزعم أن الهاجس الوحيد الذي يَصلح لبناء معرفة هو هاجس المعرفة المُجرّدة دون سواه ، فمن شأن تحصيل المعرفة على غير هذا الهاجس، كهواجس الحب أو الكراهية … الخ المُسبقة ، أن تجعلنا نستخدم الجانب الذي نريد من كل معلومة نُحصّلها بمعزل عن سياقها الموضوعي . بحيث نبني قناعتنا الُمسبقة لتشكيل معرفة لاحقة قائمة على انتقائية تُلائم الهاجس الذي انطلقنا منه لتحصيل معرفتنا، وتُؤيده على الدوام ، انتقائية تُساعدنا بها طبيعة الخلق في كل أمر ، حيث لكل أمر تعددية في مدلوله تبدأ من ثنائية المعنى في الأمر عينه ، وهو أمر خطير يُعمي العقل عن اكتشاف كنه الفعل داخل الوجود ، بحيث يُصبح الوجود إما تدبير مُسبق أو مؤامرة مُسبقة ، ويدعم هذا الزعم : عدم فهم التناغم الوجودي بين المُخْتَلفْ ، الذي يؤدي الى نتائج مهمة تؤثر في الوجود وأحياناً كثيرة تُوْجِد مفاصل تاريخية فيه … فيبدو الأمر ، لدى باني معرفته على غير هاجس المعرفة المُجرّدة ، يبدو كل شيء مُدبر ومُنجز مُسبقاً ومقصوداً لذاته لا بمآلات عمل وجودي أخذ وقت وجهد بعد قرار واعي أو غير واعي … ما ورد أنفاً يَصحُّ في تناول حدث تاريخي أو حدث مُعاصر أو في قراءة حدث مُستقبل ، كما يَصحُّ في قراءة كتاب أو سماع موسيقى أو رؤية فيلم وفي أي أمر حتى هذا البوست …. لذلك ما يُبنى على هاجس المعرفة يستحق مفهوم ” المعرفة ” وهي مفهوم نسبي قابل للخطأ والصواب وأحياناً النقض والبدء من جديد في إنماء معرفة جديدة ، أما ما يُبنى على الهواجس الأخرى كهاجسيّ الحب أو الكره وغيرهما من الهواجس الفئوية ، فهو ” تلفيق معرفي” لا يرقى بأي حال لمرتبة ” المعرفة ” مهما بدا مُنمّقاً ولا يمكن له أن يحظى بمكانة مُعتبرة .
ومن الجوانب المُلتبسة أن صاحب البناء المعرفي يتسم بهدوء التأكيد وتوازنه فيتشاكل الأمر لدى بعضهم فيبدو غير واثق بل وجبان ، في حين يميل صاحب التلفيق المعرفي الى التأكيد الصارخ والجازم فيبدو واثقاً وشجاعاً.?

9 كانون الثاني 2017